"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة في حين هددت الحكومة التجار بإجراءات رادعة، جرت مصادمات في الجزائر أمس، بين متظاهرين وقوات الأمن، بسبب ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، وخرج المئات من الأشخاص إلى الشوارع وهم في حالة غضب كبيرة، حاملين الحجارة والعصي، ودخلوا في مناوشات مع قوات مكافحة الشغب التي انتشرت بكثافة منذ الساعات الأولى من الصباح. وهدد وزير التجارة مصطفى بن بادة أول من أمس، في مؤتمر صحافي، ب«اتخاذ إجراءات رادعة في حق من تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني»، وقال إن الأسعار ارتفعت في الأسواق الدولية «لكن ليس إلى الحد الذي يريده بعض المتعاملين الاقتصاديين». وكانت اندلعت مجددا احتجاجات حادة في الضاحيتين الجنوبية والشرقية للعاصمة الجزائرية أمس، حيث خرج المئات من الأشخاص إلى الشوارع، تعبيرا عن استيائهم من «غلاء المعيشة». وهددت الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة ضد متعاملين اقتصاديين تعمدوا، حسب قولها، رفع أسعار أبرز المواد الغذائية وهو ما تسبب في مظاهرات واسعة في العاصمة وبعض المدن. ورفع المتظاهرون الذين كانوا شبابا في معظمهم، شعارات معادية للحكومة المتهمة ب«التسبب في سوء المعيشة واتساع رقعة الفقر والبطالة». وحاول رجال الأمن تجنب الاحتكاك بموجة الغاضبين تفاديا للمواجهة المباشرة. وقال مصدر من أمن ولاية الجزائر العاصمة ل«الشرق الأوسط» إن السلطات أعطت أوامر لضباط الأمن المكلفين التعامل مع الاحتجاجات، بعدم الدخول في مواجهة مع الشباب إلا في الحالات القصوى، كما تلقوا تعليمات بضرورة التصدي لأية محاولة للسير في اتجاه الهيئات والمؤسسات الرسمية. وتظاهر المئات في أحياء الحميز، وباش جراح، وبوروبة، والقبة، أمس، وهي أحياء شعبية محسوبة على التيار الإسلامي ويوجد في أجزاء منها أحياء من الصفيح عششت فيها البطالة. وتقول السلطات إن هذه الأحياء مأوى لانتحاريين فجروا أنفسهم في مواقع أمنية ومبان حكومية بين عامي 2007 و2008 من بينها تفجير قصر الحكومة في 11 أبريل (نيسان) 2007، الذي نفذه شاب ينحدر من حي عشوائي في باش جراح. وعاش حي باب الوادي بالعاصمة الليلة قبل الماضية اضطرابات خطيرة، عندما خرب المئات من الأشخاص واجهات مرافق عمومية، وحطموا أملاكا خاصة تابعة لشركات محلية وأجنبية. وأضرم شبان ملثمون النيران في معرضين لبيع السيارات؛ أحدهما تابع لفرع يمثل منتج سيارات فرنسي، وآخر كوري جنوبي. وتكبد أصحاب المعرضين خسائر مادية كبيرة. ووقفت «الشرق الأوسط» صباح أمس على مخلفات التخريب الذي أحدثته المظاهرات. وقال شخص في الخمسين بحي باب الوادي يسكن بالقرب من شركة التبغ المملوكة للدولة: «لا أحد يوافق على هذا التخريب، صحيح أن ارتفاع أسعار الزيت والسكر وبقية المواد ذات الاستهلاك الواسع يثير فينا الاستياء والغضب ويدفعنا إلى الاحتجاج ضد الحكومة، لكن لا يمكن أن يكون ذلك مبررا لاستهداف أملاك المواطنين ومرافق الدولة التي إذا تم تخريبها فسنكون أول المتضررين». وأفاد شهود بأن أجزاء من مشروع إنجاز قطار الدفع الذاتي، تعرضت للتخريب بمنطقة باب الزوار شرقي العاصمة. ودعا أئمة مساجد الأحياء التي عاشت الأحداث، الشباب إلى الهدوء والتعقل. وقالت مصادر غير رسمية إن وزارة الشؤون الدينية دعت الأئمة إلى تهدئة الغاضبين في إطار دروس يلقونها على المصلين بعد الصلوات الخمس. إلى ذلك، قال عبد الحميد، شقيق علي بن حاج، القيادي في «جبهة الإنقاذ» المحظورة في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن قوات الأمن اعتقلت شقيقه عندما نزل ليلا إلى حي باب الوادي. وأوضح، نقلا عن ضابط شرطة بمحافظة الشرطة المركزية، أنه سيتم تقديم علي بن حاج إلى قاضي التحقيق. ويعني ذلك أن السلطات تتهم قيادي «الإنقاذ» بالتحريض على العنف. وقضى بن حاج الليلة قبل الماضية في مركز الأمن، بحسب شقيقه الذي انتقل إلى مكان اعتقاله حاملا إليه غذاء. وشهدت أحياء مدينة وهران، كبرى مدن الغرب الجزائري أول من أمس، مظاهرات ضخمة إثر خروج الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج على «ضربة قاضية تلقتها القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأشعار»، بحسب تعبير مواطنين غاضبين. وسألت «الشرق الأوسط» وزير السكن، نور الدين موسى، في لقاء بالبرلمان أمس، عن تفسيره للأحداث فرفض الخوض في الموضوع.