دفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها اسبانيا الى مراجعة سياسة وزارة الدفاع نحو التقليل من التواجد في العمليات في الخارج ضمن مهام حفظ الأمن، لكنها في المقابل عززت من استراتيجية الردع ضد المغرب في مواجهة أي مغامرة عسكرية فيما يتعلق بالنزاع حول سبتة ومليلية وبعض الجزر. وكشفت جريدة الباييس في عددها الصادر أمس الخميس أن وزارة الدفاع تمر من فترة حرجة بسبب سياسة التقشف الاقتصادية والتي جعلتها تراجع في وثيقتها الخاصة بالسنوات الأربع المقبلة الكثير من مخططاتها العسكرية بما في ذلك عدم التركيز كثيرا على الإرهاب والتقليص من المهام العسكرية في الخارج تحت إشراف الأممالمتحدة أو الحلف الأطلسي. وتبرز أن وثيقة الدفاع الوطني 1/2012 وهي الأولى التي يوقع عليها ماريانو راخوي منذ وصوله الى السلطة في نوفمبر الماضي يتكرر أكثر من مرة مصطلح 'الردع'. وجاءت الإشارة الى هذا التصور الدفاعي على الشكل التالي 'الردع هو نتيجة التوفر على القدرات والاستعداد لاستعمالها إذا دعت الضرورة. أكبر ضمانة للسلام والأمن ليس شيء آخر إلا المصداقية'. وترى الجريدة أن هذا التصور يخضع لمنطق 'إذا أردت السلام، فاستعد للحرب'. واعتبرت جريدة 'الباييس' التي درست وثيقة الدفاع أنها تشير ولكن بدون الإسم الى النزاع مع المغرب المتمثل في النزاع حول سبتة ومليلية المحتلتين، وتستشهد بالجمل التالية 'اسبانيا يجب أن تعبر بشكل واضح الإرادة للتغلب على التهديدات غير المشتركة... ورغم الاقتطاعات في الميزانية يجب أن تتوفر على القدرات لضمان الردع، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار التهديدات الأحادية... ويبقى من الواجب التوفر على مستوى وطني من الردع الواضح والكافي لتفادي أن تتحول سيناريوهات الخطر في محيطنا الجغرافي الى واقع'. وتبرز الجريدة أن استراتيجية الردع مرتبطة بمفهوم المخاطر غير المشتركة أي التي لا تتبناها باقي الدول الغربية، أي سبتة ومليلية بحكم أن ميثاق الحلف الأطلسي لا يشمل المدينتين بالدفاع في حالة اندلاع مواجهة مع المغرب. وتأتي هذه الوثيقة لتبرز أنه رغم الحوار الذي يسود بين الرباطومدريد في عدد من الملفات ورغم أن السلطات المغربية على لسان رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران وكذلك وزير الخارجية سعد الدين العثماني ورئيس مجلس المستشارين الشيخ بيد الله أكدوا في أكثر من مناسبة أن ملف سبتة ومليلية غير مطروحة في الأجندة الحكومية إلا أن مدريد تتخذ كل الاحتياطات في هذا الشأن. ويسود تيار وسط الإدارة الإسبانية يعتقد أن المغرب قد يستغل موقف الضعف الذي تمر منها اسبانيا في الوقت الراهن نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة والتي حتمت التقليص من التسلح وعدد الجنود ليقوم بمغامرة لاستعادة سبتة ومليلية الواقعتين شمال المغرب. ويحضر ملف النزاع حول المدينتين وجزر أخرى بين المغرب واسبانيا بين الحين والآخر، وآخر مرة كان منذ أسبوعين عندما احتج المغرب على قرار مدريد إرسال أعضاء من الحرس المدني (الدرك) الى الجزر الجعفرية شمال شرق المغرب في المتوسط. *تعليق الصورة: المشكل الحدودي لا يزال عالقا بين البلدين