يعد الفقيد عبد الحميد مهري الذي وافته المنية صباح الإثنين بالمستشفى العسكري لعين النعجة (محمد الصغير نقاش) بالجزائر العاصمة أحد رموز الثورة الجزائرية ووجوهها البارزة حيث كان مجاهدا وسياسيا ودبلوماسيا ترك بصماته قبل وبعد الإستقلال. ستشيع جنازة الفقيد اليوم الثلاثاء بمقبرة سيدي يحي بالجزائر العاصمة بعد صلاة العصر. و المرحوم من مواليد 3 أفريل 1926 بالحروش (ولاية سكيكدة). زاول دراسته بالمدارس الحرة الجزائرية لينتقل بعدها إلى تونس حيث درس اللغة و الأدب العربيين بجامعة الزيتونة. انخرط الفقيد في صفوف حزب الشعب الجزائري حيث شغل منصب عضو باللجنة المركزية للحزب من 1951 إلى غاية 1953 . اعتقل في نوفمبر 1954 و بقي في السجن إلى غاية 1955 ليلتحق بعدها بالقاهرة أين تم إرساله إلى دمشق بصفته الممثل الدائم لجبهة التحرير الوطني. كما شارك أيضا في مؤتمر طنجة الذي ضم مسؤولي أهم الأحزاب المغاربية. شغل الفقيد العديد من المناصب في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حيث تولى منصب وزير شؤون شمال افريقيا من 1958 إلى 1959 ثم وزير الشؤون الإجتماعية و الثقافية (1959 إلى غاية 1961). تولى المرحوم منصب الأمانة العامة للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني ثم منصب الأمين العام للحزب. مهنيا شغل مناصب أخرى من بينها مدير المدرسة العادية لبوزريعة (1964 إلى 1970) و الأمين العام لوزارة التعليم (1970 إلى 1977) ثم مدير المدرسة الوطنية لبوزريعة (1978 إلى 1979). في المجال الدبلوماسي عين الفقيد سفيرا للجزائر بباريس سنة 1984 ثم سفيرا للجزائر بالرباط سنة 1988. كما شغل الفقيد منصب المندوب الدائم للجمهورية الجزائرية لدى منظمة اليونسكو. و يعد المرحوم أيضا أحد المبادرين بعقد مؤتمر سانت إيجيديو (يناير 1994) و أحد الموقعين على النداء من أجل السلم (1996). يذكر ان الراحل ابتعد عن الحياة السياسية في السنوات الأخيرة لكنه ظل مدافعا عن إشاعة السلم والوئام الوطني بين الجزائريين . وفي هذا السياق دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى إجراء تقييم شامل لمنظومة الحكم في الجزائر في أفق الانتقال إلى دولة المؤسسات وترسيخ النظام الديمقراطي, ترك الراحل صداقات واسعة في العالم العربي ، بما عرف عنه من دماثة الخلق والثقافة الواسعة والتجربة السياسية المديدة ، كما كان خطيبا فصيحا يجيد اللغة العربية إجادة تامة ، تأتت له من دراسته التقليدية في تونس ومن أقامته في المشرق العربي وتحديدا في القاهرةودمشق. ومن المفارقات أن القدر لم يمهل هذا الاسم الكبير في تاريخ الثورة الجزائرية وأحد رجالات السياسة الكبار فيها ، ليشارك في احتفالات مرور نصف قرن على الاستقلال.