أعلنت أحزاب وقوى الأغلبية الحاكمة في موريتانيا عن تشكيل إطار جديد يسمى ائتلاف قوى الأغلبية الموريتانية، وطالبت بإجراء مراجعة لدستور البلاد تضمن توازنا أكبر بين المؤسسات الدستورية ومختلف السلطات. ويضم الائتلاف الجديد عشرات الأحزاب السياسية الموريتانية، لكن أغلبها غير ممثل في البرلمان ولا يعرف له حضور سياسي أو انتخابي قوي. ويأتي تشكل الأغلبية في إطار جديد بعد انتهاء الأيام التشاورية التي نظمها الحزب الحاكم بالتنسيق مع الأغلبية وبمقاطعة المعارضة باستثناء حزبي التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي، وحزب حركة التجديد الذي يرأسه الزعيم الزنجي مختار إبراهيما صار. وأوصت هذه الأغلبية في وثيقة قرأت مقتطفات منها في ختام أيامها التشاورية بمراجعة الدستور بما يضمن "دولة قوية وتوازنا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية". كما أوصت "بتعزيز مكانة الأحزاب السياسية، وتحريم الترشحات المستقلة، واتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة التشرذم السياسي، فضلا عن المطالبة بتعديل قانون الانتخابات، ومراجعة رموز الدولة (العلم، النشيد، الشعار ..إلخ)". وفي المجال الإعلامي دعت الوثيقة إلى تحرير المجال السمعي البصري بما يلغي احتكار الدولة لهذا المجال، والسماح بإنشاء قنوات تلفزيونية مستقلة، وضمان نفاذ كل الفرقاء السياسيين لوسائل الإعلام العمومية، وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر وإطلاق سراح الصحفي حنفي ولد دهاه، وهذه تعتبر من أهم مطالب نقابة الصحفيين الموريتانيين. تعهد وتعهد رئيس الوزراء الموريتاني مولاي محمد لغظف في كلمة له في ختام هذه الأيام التشاورية بأخذ كل هذه التوصيات بعين الاعتبار، وقال إن حكومته لن تألو جهدا في سبيل وضع توصيات أغلبيتها موضع التنفيذ، مبديا أسفه لغياب بعض أحزاب المعارضة وتفويتها لما وصفها بفرصة مهمة ونادرة. وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد تعهد هو أيضا لدى افتتاحه قبل أربعة أيام لفعاليات هذه الأيام بأخذ توصياتها ومقترحاتها بعين الاعتبار من لدن حكومته. ورغم أن أحزاب الأغلبية لم تكشف عن كل تفاصيل التغييرات الدستورية التي اقترحتها، فإن مصادر موثوقة أكدت للجزيرة نت أن من هذه التعديلات إلغاء بعض المؤسسات الدستورية القائمة مثل مؤسسة وسيط الجمهورية، ومؤسسة المجلس الإسلامي الأعلى، مع دمج غرفتي البرلمان في غرفة واحدة. ولم ينف المتحدث باسم الائتلاف الجديد عمر ولد معط الله في مؤتمره الصحفي مساء الخميس اقتراح أحزاب الأغلبية هذه التعديلات، واكتفى بالقول ردا على سؤال للجزيرة نت إن الدستور وكل القوانين ستخضع للمراجعة لمعرفة ما إذا كانت تلبي احتياجات الشعب الموريتاني ورغباته في الإصلاح والتنمية. أهداف ويقول المحلل السياسي إسلم ولد المصطفى إن كل المعطيات تدل على أن إعلان أحزاب وقوى الأغلبية تشكيل إطار جديد يأتي تمهيدا لتشكيل حكومة أغلبية موسعة من الراجح أنها ستضم الحزبين المعارضين اللذين حضرا التشاور وهما "تواصل" الإسلامي وحزب حركة التجديد. وأوضح ولد المصطفى في تصريح للجزيرة نت أن من أهدافها أيضا التهيئة لاستحقاقات انتخابية قادمة ينوي النظام الحاكم خوضها في المرحلة القادمة، سيكون من أولها الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي اقترحتها أحزاب الأغلبية، وهو الاستفتاء الذي قد ينظم قريبا جدا. وأضاف أن الخطوة الجديدة لا تخلو من استعراضية، وتأتي أيضا -من بين أهداف أخرى- ردا على أحزاب المعارضة التي أعلنت هي الأخرى قبل أسابيع عن تشكيلها تنسيقية سياسية جديدة توحد جهودها وتنسق تحركاتها. وكانت تنسيقية أحزاب المعارضة قد رفضت المشاركة في هذه الأيام التشاورية، واعتبرت أنه ليس من احترام المعارضة ولا من الجدية في الحوار أن تدعى إلى نشاط داخلي للأغلبية لم تشرك في التحضير له ولا في وضع برنامجه وجدول أعماله. كما أن حزب تواصل الذي شارك في التشاور أوضح أنه لا يعتبره حوارا سياسيا، ولكنه يشجع أي تواصل مهما كان نوعه بين الفرقاء السياسيين. المصدر: الجزيرة