أجريت في الجمهورية الموريتانية الإسلامية يوم الجمعة 7 نوفمبر انتخابات رئاسية هي الثالثة من نوعها منذ اعتماد موريتانيا التعددية الحزبية عام 1992 وإجراء أولى انتخاباتها بعد الانقلاب الذي قام به الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع عام .1984 تعد موريتانيا خامس دولة عضو في اتحاد المغرب العربي وأصغر بلدان المنطقة، وقد تميز تاريخ نشأتها وتطورها السياسي بعدة تقلبات شكلت الانقلابات العسكرية بين أجنحة الجيش والجنرالات أبرز ملامحها، وعاشت في السنوات الأخيرة الماضية فترات مواجهة داخلية وخارجية وضعتها تحت دائرة الضوء في العالم العربي بشكل لافت، خصوصا بعد الخطوات المثيرة التي أقدم عليها نظام ولد الطايع للتطبيع مع الكيان العبري، وتقليص مجال حضور اللغة العربية في التعليم لفائدة اللغة الفرنسية، والاتهامات التي وجهت إلى نظام ولد الطايع بشن مجازر عرقية في الداخل، كل ذلك جعل البلاد تبرز إلى الواجهة في السنوات الماضية، لتشغل هذه البلاد الصغيرة حيزا أكبر مما تعطيه لها نشرات الأخبار ووكالات الأنباء. في هذا الملف الذي تخصصه جريدة جريدة التجديد للحدث قراءة لهذه الانتخابات ونتائجها من زاوية العلاقات المغربية الموريتانية، والمصالح المتداخلة بين البلدين، ومقال تحليلي عن الانتخابات والظروف التي أجريت فيها والتي كانت مطبوعة بالأجواء التي خلفتها المحاولة الانقلابية العسكرية التي استهدفت ولد الطايع في يوليوز الماضي، وتصريح لمحمد جميل ولد منصور رئيس المنبر الموريتاني للإصلاح والديمقراطية الإسلامي المعارض لذي اتصلت به التجديد في مقره ببلجيكا، ثم جرد كرونولوجي للمسار السياسي لدولة موريتانيا. موريتانيا: كرونولوجيا لمسار دولة مليء بالتقلبات السياسية 1957: أصدر الجنرال الفرنسي شارل دوغول ما عرف باسم القانون الإطار، الذي أعطى المستعمرات مزيدا من الحرية ضمن السيادة الفرنسية، من خلال تشكيل جمعية محلية في كل مستعمرة ومجلس حكومة، وقد فاز الاتحاد التقدمي الموريتاني ب 23 مقعدا من أصل .24 1958: انعقد مؤتمر في مطلع ماي بحضور جميع الفعاليات السياسية الموريتانية. وتولد عنه إنشاء حزب التجمع الموريتاني برئاسة المختار ولد داداه، وفكرة تأسيس عاصمة جديدة لموريتانيا غير مدينة سان لويس السنغالية. 1960: في 28 نونبر تأسس الاتحاد الاشتراكي لمسلمي موريتانيا، وتم الإعلان من الجانب الموريتاني عن استقلال موريتانيا. 1961: تمت المصادقة على أول دستور للبلاد في ماي، وفي أكتوبر من العام نفسه انضمت موريتانيا إلى منظمة الأممالمتحدة، كما تم إنشاء حزب الشعب الموريتاني، وشغل المختار ولد داداه رئيس الدولة منصب أمينه العام. 1962: في يناير أعلن حزب الشعب الموريتاني حزبا وحيدا في البلاد. 1966: في غشت أعيد انتخاب المختار ولد داداه رئيسا للمرة الثانية. 1973: في دجنبر أصبحت موريتانيا عضوا بالجامعة العربية. 1976: في غشت انتخب المختار ولد داداه رئيسا للمرة الرابعة. 1978: في يوليوز أطاح انقلاب عسكري أبيض بالرئيس المختار ولد داداه، وتولى العقيد المصطفى بن محمد السالك الرئاسة. 1979: عين المقدم أحمد ولد بوسيف وزيرا أول، قبل أن يعوضه محمد خونا ولد هيدالة بعد أن لقي مصرعه في ماي من نفس العام، بسقوط طائرته أثناء توجهه إلى السنغال. 1980: في يناير أزاح المقدم محمد خونا ولد هيداله محمد محمود ولد أحمد لولي من رئاسة اللجنة العسكرية، وتشكلت أول حكومة مدنية في دجنبر بعد الانقلاب العسكري على المختار ولد داداه برئاسة سيد أحمد ولد ابنيجاره. 1984: في 12 دجنبر أطاح انقلاب عسكري أبيض بمحمد خونا ولد هيداله ليحل مكانه معاوية ولد سيد أحمد الطايع. 1986: في 19 دجنبر نظمت أول انتخابات بلدية وشملت عواصمالولايات الثلاث عشرة. 1991: في 15 أبريل أعلن الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع عن تنظيم استفتاء لإقرار دستور جديد للبلاد. وفي 12 يوليوز وافق أكثر من 90% من الموريتانيين على إقرار دستور تعددي للبلاد، يقر الثنائية البرلمانية. كما تمت المصادقة على قانون إنشاء الأحزاب السياسية، في 25 يوليوز، الذي ينص على استثناء الأحزاب ذات الطابع الديني. 1992: في يناير فاز معاوية ولد الطايع في أول انتخابات رئاسية، ونجح حسب الأرقام الرسمية بنسبة 65,62%. 1995: وقعت اضطرابات ومظاهرات شعبية بعد ارتفاع سعر الخبز في 22 يناير، واستجوبت الشرطة بعض زعماء المعارضة. 1996: أجريت انتخابات تشريعية في 11 أكتوبر، وقد حصل الحزب الجمهوري الحاكم على 70 مقعدا من أصل .79 كما بدأ في نفس العام تطبيع العلاقات بين موريتانيا والكيان الصهيوني، وذلك بتعيين غابيرل أزولاي مكلفا بالأعمال في المكتب الصهيوني الموجود في سفارة إسبانيابنواكشوط. 1997: في دجنبر أجريت ثاني انتخابات رئاسية قاطعتها أحزاب المعارضة، وفاز فيها للمرة الثانية معاوية ولد سيد أحمد الطايع بنسبة 25,90%. 1998: اعتقل أحمد ولد داداه واثنان من مقربيه إثر اتهامهم النظام بالتستر على دفن نفايات نووية صهيونية في الصحراء المورتيانية. 1999: في 4 نونبر تم قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق، وتم حل حزب الطليعة ذي التوجه البعثي بعد ذلك بيوم واحد. 2001: ظهرت أحزاب سياسية جديدة في 9 أبريل وهي: حزب الليبراليين الديمقراطيين الموريتانيين، وحزب الجيل الثالث، والوئام الموريتاني، وحزب العمال الموريتانيين، والحزب الموريتاني للتجديد، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية. 2002: أعلن الرئيس معاوية ولد الطايع في 28 نونبر وجود احتياطات هامة من النفط والغاز في موريتانيا. 2003: جرت موجة اعتقالات بصفوف الإسلاميين في 4 ماي، وشملت الأطر والأئمة والدعاة، من أبرزهم الفقيه محمد لحسن ولد الددو، والناشط الإسلامي المعارض محمد جميل ولد منصور. كما جرت في نفس المدة محاولة انقلابية فاشلة، للإطاحة بنظام معاوية ولد الطايع في 8 و9 يونيو، مات خلالها قائد أركان الجيش محمد الأمين ولد انجيان. وقد قادها الرائد صالح ولد حننا خريج أكاديمية الملك فيصل الجوية بالرياض عام 1986 والذي نحي عن الجيش عام 2000 بسبب مواقفه الناقدة للنظام. وتذكر الإحصائيات الرسمية أن حصيلة المحاولة الانقلابية كانت 15 قتيلا و60 جريحا. وتم الإفراج بعد ذلك عن الإسلاميين المعتقلين بحرية مؤقتة في 25 غشت. شهران بعد ذلك، سيتوفى الرئيس السابق المختار ولد داداه في 14 أكتوبر. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تقدم خلال شهر أكتوبر ذاته، ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية ليوم 7 نونبر 2003 وهم: محمد خونا ولد هيداله، وأحمد ولد داداه، ومعاوية ولد سيد أحمد الطايع، ومسعود ولد بلخير، ومولاي الحسن ولد الجيد، وعائشة بنت جدانة. وأعلنت وزارة الداخلية بموريتانيا أن معاوية ولد سيدي أحمد الطايع فاز بأكثر من 60% من الأصوات، موضحة أنه حصل على نسبة تتراوح بين 40 و50% في ثمان مقاطعات نواكشوط التسع وفي نواذيبو، وأنه أحرز الأغلبية المطلقة من الأصوات في مناطق وسط البلاد. نتائج الانتخابات تلك، دفعت بقيادات المعارضة إلى التصريح بأن التزوير كان سيد الموقف، وهو ما جعل السلطات الأمنية تعتقل محمد خونا ولد هيدالة، بسبب تلك التصريحات التي اعتبرتها خرقا لقوانين البلاد. إعداد: لحبيب الجرادي