بينما تقف السلطتان الدستورية والتنفيذية في ليبيا على أعتاب فضيحة جديدة تتعلق بابتزاز كبار المسؤولين الرسميين عبر تصويرهم في أوضاع مخلة للآداب، لقي 15 جنديا مصرعهم أمس وأصيب خمسة آخرين في أحدث وأعنف هجوم من نوعه ضد قوات الجيش الليبي. وقالت مصادر ليبية رسمية إن «نقطة تمركز للجيش الوطني التابعة للواء الثاني مشاة بمنطقة وشتاتة على بعد أكثر من 100 كيلو متر جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس قد تعرضت فجر أمس إلى هجوم من قبل مسلحين مجهولين أسفر عن سقوط عشرين جنديا ما بين قتيل وجريح». ونقلت مصادر ليبية عن شهود عيان أن الحادث يحمل بصمة تنظيم أو جماعة متطرفة، لافتة إلى أن الجناة كبروا عقب قتل الجنود وفقا لرواية بعض الجنود الذين نجوا من الحادث الذي يعتبر الأعنف من نوعه ضد قوات عسكرية رسمية. وأكد مدير مستشفى ترهونة العام عبد الوهاب عبد القادر وصول 15 جثة من ضحايا الحادث إلى المستشفى، فيما قالت وكالة الأنباء المحلية إن النيابة العامة حضرت إلى المستشفى وعاينت الجثث وأمرت بإحالتها إلى مركز طرابلس الطبي، كما تم تحويل الحالات الخمس التي أصيبت بجروح متفاوتة إلى مستشفى السبيعة لتلقي العلاج. وإثر الحادث، تم إغلاق الطريق الرابط بين مدينتي ترهونة وبني وليد بالكامل أمام حركة التنقل بين المدينتين. وقال العقيد علي الشيخي، الناطق باسم رئاسة أركان الجيش الليبي، إن خمس سيارات هاجمت بوابة يتولى حمايتها الجيش وأمطروها بالرصاص، مشيرا إلى إرسال وحدات عسكرية وأكثر من طائرة للبحث والاستطلاع ومطاردة الجناة. وأضاف في تصريحات له أمس «إلى الآن لا نستطيع توجيه الاتهام لأي جهة، لكن بالتأكيد الجناة من الذين يحاولون إرسال رسالة للشباب بعدم الالتحاق بالجيش.. هذه عملية إرهابية بحتة لا تريد الخير والاستقرار للبلاد». ولم يذكر مسؤولون من هو المسؤول عن الحادث، علما بأن قبائل متناحرة وكذلك جماعات إسلامية تنشط في غياب حكومة مركزية قوية، والقوات المسلحة الليبية غير قادرة على إرساء الأمن بشكل كامل. وتعهدت رئاسة الأركان العامة للجيش بملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، كما اعتبرت في بيان لها أن هذه الأعمال الجبانة هدفها زعزعة الأمن وإثارة الفتنة. وحث البيان المواطنين الليبيين في المناطق المجاورة لمكان الحادث على مساعدة القوات العسكرية في القبض على المجرمين، ودعت كل مواطن لديه معلومات تفيد في القبض عليهم لأن يتقدم بها إلى الجهات العسكرية في المنطقة. واستنكر المجلسان المحلي والشورى بمدينة بني وليد ما وصفاه بالاعتداء الجبان، وطالبا الدولة بضرورة تحمل مسؤولياتها من خلال تفعيل الجيش والشرطة، والتحقيق في الواقعة لكشف الحقيقة. وقال محمد الدعيكي، منسق الشؤون الأمنية بمجلس بني وليد، إن مديرية الأمن الوطني أعلنت حالة الطوارئ، وأنها في انعقاد دائم مع باقي الأجهزة الأمنية بالمدينة. كما أعلن المجلسان المحلي والعسكري ومجلس الحكماء والشورى بمدينة ترهونة الحداد ثلاثة أيام في المدينة على شهداء الجيش، وطالبوا بإعلان الحداد العام في ليبيا على أرواح الجنود الذين يمثلون كل المدن والمناطق الليبية. وتتعرض قوات الأمن الليبية بانتظام لهجمات خصوصا في شرق البلاد، فيما فشلت السلطات في تأسيس قوات جيش وشرطة محترفة، كما أنها لم تنجح في توقيف المسؤولين عن هذه الهجمات، مما أسهم في إعطاء الميليشيات المسلحة الشعور بأنها تفلت من العقاب، وأنها هي التي تتولى شؤون الأمن في البلاد. وفي بنغازي معقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، اغتيل أمس علي عبد الله المهدوي، رئيس عرفاء متقاعد من الجيش الليبي، بعدما أطلق عليه مسلحون مجهولون النار لدى خروجه من أحد المقاهي. وأوضح العقيد عبد الله الزايدي، الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة، أن المغدور كان من ضمن قوات الصاعقة وقد تقاعد منذ فترة، لكنه لم يفضح عن أي ملابسات أخرى. إلى ذلك، وفي ما بدا أنه بمثابة فضيحة غير مسبوقة على الإطلاق، قال العيضة التواتي، عضو المؤتمر الوطني والرئيس السابق للجنة الأمن القومي، إن عصابات وميليشيات تسيطر على العاصمة طرابلس. وأضاف في تصريحات لقناة «ليبيا أولا» مساء أول من أمس «هناك ناس مسؤولة في الدولة من أعضاء المؤتمر والحكومة وغيرهم فعل فيهم كما فعل في سجن أبو غريب من العراق، تمت تعريتهم وتصويرهم وإهانتهم من قبل الميليشيات». ولم يتسن على الفور الاتصال بالنائب الليبي الذي تردد أنه يزور العاصمة المصرية حاليا، فيما قال مقربون منه ل«الشرق الأوسط»، إنه يخشى تعرضه لعملية اغتيال أو تصفية جسدية عقب تصريحاته المفاجئة والمثيرة للجدل.