اشتكى القضاة الإيطاليون المعنيون بالتحقيق في مختلف ملفات الفساد المتعلقة بشركات "سايبام" و"أس أن سي لافلان" وسوناطراك تقاعس وعدم تعاون نظرائهم من القضاء الجزائري، خاصة ما تعلق بمعلومات شكلت مضمون مراسلات رسمية، طلبوها منذ مدة ولم يحصلوا عليها لحد الساعة. ونقلت وسائل إعلام إيطالية وفرنسية، منها مجلة "جون أفريك" عن قضاة بميلان الإيطالية انتقادهم لكيفية تعامل القضاء الجزائري مع ملف الفساد في الشركة الإيطالية "سايبام" والأمريكية "أس أن سي لافالان"، وكذا شركة سوناطراك، ووصفت التنسيق بين القضاء الإيطالي ونظيره الجزائري بالناقص جدا. ونقلت مصادر الخبر عن القضاة بميلانو أنهم قدموا طلبا عبر مراسلات وجهوها للعدالة الجزائرية، قصد الحصول على معلومات بخصوص 8 عقود ذهبت إلى الشركة الإيطالية "سايبام" خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2007-2009، وقدرت الجهات القضائية الإيطالية القيمة الإجمالية لهذه العقود ب11 مليار أورو جمعت الشركة الوطنية الجزائرية للمحروقات سوناطراك والشركة الإيطالية "سايبام"، إلا أن المحققين الجزائريين لم يتعاطوا مع هذه المراسلات لا إيجابا ولا سلبا. وعاد القضاء الإيطالي إلى الإنابات القضائية وأعاب عليها أنها حملت أخطاء في الشكل والمضمون، جعلت إيطاليا تلجأ الى إطلاق مناقصة للإستعانة بمترجمين رسميين لترجمة الوثائق التي وفرها المحققون الجزائريون، ومعلوم أن النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر كانت قد أعلنت في الربيع الماضي أن التحقيق في قضية سوناطراك سيعرف وتيرة أسرع عندما يتحصل قاضي التحقيق على نتائج الإنابات القضائية الدولية، التي قال بيان النيابة أنها ستشكل قاعدة استدعاء المتورطين في الفضيحة أو إصدار أوامر قضائية ضدهم، وكشف البيان يومها أن قاضي التحقيق أصدر إنابات قضائية دولية للسلطات القضائية في كل من ايطاليا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة متعلقة بالفساد، كما التمس من السلطات القضائية الايطالية الموافقة على تنقله شخصيا رفقة ضباط من الشرطة القضائية الجزائرية إلى "ميلانو" للقاء القضاة الايطاليين المكلفين بالتحقيق في القضية، لكن النيابة العامة أوضحت بالمقابل انه حتى وإن أًطلع الرأي العام على هوية بعض الأشخاص الجزائريين المتورطين في هذه القضية بما فيهم وزير الطاقة السابق فإن القانون الجزائري لا يسمح للسلطة القضائية بأن تقوم بالتحقيق معهم أو استدعائهم ما لم يتم توجيه الاتهام لهم بشكل رسمي. وأفاد بيان النائب العام يومها أن قاضي التحقيق كلف مصالح الضبطية القضائية من شرطة ودرك بالتحري في جوانب محددة ومدققة من الوقائع المخطر بها، وذلك بموجب إنابات قضائية منها ما أنجز ومنها ما هو في طور التنفيذ. هذا البيان الصادر عن النيابة العامة في الربيع الماضي لم تردفه أي بيانات جديدة، لا بخصوص عودة القضاة المحققين إلى الجزائر ولا بخصوص نتائج التحقيقات وعملية التنسيق مع نظرائهم في إيطاليا، عدا آخر تصريح جاء على لسان وزير العدل حافظ الأختام محمد شرفي، قال فيه أن التحقيقات كشفت وجود شبكة دولية كانت تستنزف خيرات سوناطراك، كما رد على التساؤلات التي تحوم حول نتائج التحقيق، بالإعتماد على طبيعة العمل القضائي والذي يستدعي الكثير من الوقت لتحري الحقائق وكشف الملبسات. تكتم القضاء الجزائري والتزامه بسرية التحقيق في قضية سوناطراك 2 التي تمتد خيوطها إلى شركتي "سايبام" و"إيني" قابله القضاء الإيطالي بلوم صريح وانتقاد بعدم التعاون، الأمر الذي سيحسب على القضاء الجزائري، خاصة عندما تتقاطع انتقادات قضاة إيطاليا مع الإنتقاد الذي أطلقه قاضي التحقيق بسويسرا "أفسان يرتوسا" الذي وقف عند مجموعة من الملاحظات الصريحة صبت في مجملها في ضعف تعاون القضاء الجزائري في ملف الفساد "سايبام" و"أس أن سي لافالان"، هذه الأخيرة شكلت موضوع تحقيق حول تجاوزات خطيرة وعديدة في مشاريعها بليبيا، وتجاوزات أخرى في مشاريعها بكندا.