بقلم : عبدالنبي التليدي بالنظر إلى تجارب المسلسل الانتخابي الذي امتد لعشرات السنين يجب التساؤل أولا في هذا الموضوع عن الجدوى من الانتخابات في المغرب ، فهل تحققت الأهداف من وراء هذا المسلسل في الميادين الاجتماعية والاقتصادية من رفاه اجتماعي ونماء اقتصادي إلى حكامة جيدة في الميدان السياسي واحترام حقوق الإنسان؟ام أن العكس هو الصحيح تشهد عليه الأوضاع الاجتماعية المتازمة في كل قطاع وجهة لان المستفيدة من هذه الانتخابات هي فئة من الناس لا هم بالسياسيين حقا لان السياسة أخلاق ولا هم حزبيون حقا لان الأحزاب تعمل على تأطير المواطنين وتلتزم بتنفيذ برامج انتخابية وضعتها حسبما أقره الدستور وتحاسب عليها داخل البرلمان واثناء الانتخابات الشفافة، وتضع نفسها رهن اشارة الناخبين بعد فوزها فيها وخدمة قضاياهم عامة والسهر على شؤونهم ، ولا هم غيورون على مصالح المغاربة ولا على حاضر ومستقبل المغرب مثلما تفرضه الغيرة الوطنية ؛ لان التجارب الانتخابية عندنا أثبتت بالملموس أن جل المنتخبين يوثرون أنفسهم ومصالحهم ويبحثون عن كل الوسائل المتاحة للاثراء وعلى حساب الشعب الذي تزداد غالبيته فقرأ وعلى حساب وطن يزداد تخلفا ، من خلال الاجور الضخمة المتحصل عليها أثناء الانتداب الانتخابي وخاصة في البرلمان وفي الجهات بعد أن تتضاعف التعويضات ومن دون مردودية وبفضل الريع والامتيازات والمشاريع الخاصة ما يخلق فوارق اجتماعية بين الناس ما فتئت تتقوى ناهيك عن الرشاوي وعن الريع المتاتي من الفساد الذي أثبتته تقارير التفتيش . وهذا كله بتم مع الأسف بفضل الاموال الطائلة المرصودة من الميزانية العامة لكل انتخابات مثل المبلغ الذي رصدته هذه السنة للانتخابات المقرر إجراؤها العام الجاري حكومة سعد الدين العثماني بلغ ما مجموعه 36 مليار سنتيم لتمويل الحملات الانتخابية للأحزاب، والنقابات ، ومثلما رصدت حكومات سابقة قبلها مبالغ اختلفت من دورة انتخابية إلى أخرى عرفها المغرب منذ سنوات عديدة خلت تستفيد منها الأحزاب والنقابات وغيرهما ممن على اتصال بهذه العملية السياسية دون أن تستفيد منها غالبية المغاربة . لهذا الم يكن على المسؤولين في الدولة تقييم هذه العملية واطلاع المواطنين على جدواها وتقديم الحساب عن هذه الأموال الطائلة التي تؤخذ من الميزانية العاملة يمولها دافعو الضرائب التي لا يستفيد منها في الاخير الا المستفيدون من الانتخابات من داخل الأحزاب والنقابات وغيرهم من الساسة وأشباه الساسة دون أن تعود بالجدوى والربح على عموم الشعب او تحقق النتائج المرجوة حسبما تؤكده أوضاعه العامة القطاعية والمجالية التي لم تزدها السنوات العجاف الا ازمات اجتماعية تتوالى و تتحول إلى أزمات خطيرة يشهد عليها الواقع المزري المعاش في البر والبحر تكاد تمس بالاستقرار وبالامن العام للوطن لولا صبر الناس وتحملهم وتعلق آمالهم على المستقبل الذي قد يأتي بجديد في السياسة المتبعة وبالاصلاح المنشود ؟. وهي مبالغ تنضاف إلى مبالغ تصرف من دون روية أو تخطيط الى حد التبذير في أشكال مختلفة ولأسباب لا مبرر لها من الميزانية العامة أحوج ما يكون إليه واليها المغاربة لتصرف على كثير من القطاعات التي تعرف الهشاشة والتخلف لا داعي لذكرها في مجال ضيق كهذا فهي كثيرة ؛ وتغطي كل مناحي حياة الناس التي ضاقت بهم السبل إلى حد اللجوء إلى الانتحار بكل وسيلة سانحة كالحرق والغرق وقتل الذات بكثير من وسائل القتل وإلى امتهان الإجرام جراء التفشي الخطير للبطالة وانتشار المخدرات بعد أن رفعت الدولة يدها عن الإنفاق على القطاعات الأساسية لحياة الناس من صحة وتعليم وشغل . وهذا واقع موجود لا يعبر عن نظرة تشاؤمية للامور يراه المسؤولون راي العين دون أن يعملوا على تغيير سياستهم التي سادت منذ عقود ومنها سياسة "الانتخابات " التي أكدت التجارب إنها فاشلة ومضيعة للزمن والمال ومع ذلك ما زالوا متشبتين بشكلها رغم فشلها في موضوع تحقيق الغايات الأساسية لاية انتخابات التي من شأنها تحسين شروط حياة المواطنين في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ؛ لانها غايات لن تتحقق إلا بعد توفر إرادة سياسية جادة ونزيهة تعمل على القضاء على الفساد السياسي ومن أجل سيادة القانون وتنزيل الحقوق و حكم رشيد وتوزيع عادل للثروة بعد ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب .. وتأتي بعد ذلك الاننخابات النزيهة..! اما من غير هذا فالأمر لن يعدو الا عبثا يتلوه عبث لربح الوقت من أجل مزيد من التحكم ومزيد من التخلف والكثير من المشاكل نتيجة تكريس السياسة السائدة وهو ما ليس في صالح المغرب أن عاجلا أو آجلا .