تعيش العلاقات المغربية الجزائرية، حالة من "التأهب"، تتعدى الحرب الكلامية عبر الإعلام، الى سباق متواصل نحو التسلح، وإبرام المزيد من العقود مع كبريات الشركات الروسية والأمريكية والفرنسية، المنتجة للسلاح، على الرغم من "هشاشة" الوضع الاقتصادي والإجتماعي للبلدين. واستأنفت حملات التسلح بين البلدين مجددا، حيث أقدمت مؤخرا المؤسسة العسكرية بالمغرب، على تسلم ثلاث مروحيات أمريكية للنقل العسكري، من صنف CH47D، خلال شهر يونيو الماضي، بغية "تعزيز أسطولها، بمروحيات من الحجم الكبير، لاستخدامها في مهمات عسكرية وطنية ودولية". ولم تكشف المصادر العسكرية المغربية التي سربت المعلومات، عن القيمة المالية للصفقة، المبرمة منذ عام 2009. غير أن خبراء عسكريون، قدروا القيمة، في حوالي 134 مليون دولار، (مليار و340 مليون درهم). رد الجزائر، لم يتأخر كثيرا، حيث كشف موقع "البلاد" نقلا عن وكالة الأنباء الروسية الرسمية، غشت الجاري، عن إبرام وزارة الدفاع الروسية، مع الجزائر، إتفاقيتي تسلح، تزود بموجبها روسيا، الجزائر، ب14 طائرة هيلوكبتر، صنف MIL MI 26F2، من الحجم الكبير والمتخصصة في نقل الجنود والعتاد العسكري. وتهم الاتفاقية التكوين والصيانة، إلى حدود 2017. وتؤكد هذه المؤشرات، حالة التحدي والتأهب الحاصل بين قيادة البلدين، ولهثها وراء المزيد من صفقات التسلّح، التي تثقل كاهل ميزانية البلدين سنويا، بملايير الدولارات، الأمر الذي يستوجب التساؤل حول مصير هذا التأهب والتسابق المتواصل للبلدين، صوب المزيد من صفقات التسلح؟ مروحيات أمريكية اقتناها المغرب مؤخرا من أمريكا "ضعف" ميزانية الجيش المغربي النقاش العمومي حول ميزانية مؤسسة "القوات المسلحة الملكية"، في الصحافة المغربية، يكون باردا وينتابه الكثير من الحذر، ويحضر موسميا فقط، عند مناقشة البرلمان، لميزانيتها، عبر لجنة الخارجية والدفاع بمجلس النواب. وسجل لأول المرة البرلمان، خلال مناقشة قانون ميزانية العام الجاري 2015، دفاع نواب برلمانيين من الأغلبية والمعارضة، على الزيادة في ميزانية المؤسسة العسكرية بالبلاد. وكشف عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المغربية، المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عن ضعف ميزانية القوات المسلحة الملكية، مؤكدا بأن المملكة المغربية "ليس لها نفس الإمكانيات المالية التي تملكها الجزائر"، في إشارة واضحة، الى صراع التسلح الخفي والظاهر بين المغرب وجاره الشرقي، الجزائر. وقال المسؤول الحكومي الأمني، في معرض تدخله بالغرفة الأولى بالبرلمان، إن الجزائر "خصصت 104 مليار درهم، في حين ميزانية الجيش المغربي لم تتجاوز سقف 40 مليارا"، معتبرا أن "400 مليون درهم التي أضيفت مقارنة مع سنة 2014 لن توفي بالالتزامات والتهديدات الأمنية التي تواجه المغرب". الجيش الجزائري.. ومخطط عام 2000 تكشف آخر التقارير الرسمية الصادرة عن الحكومة الجزائرية لعام 2014، أنها وزارة الدفاع الجزائرية، تنوي "تنفيذ إجراءات نوعية لتطوير المؤسسة العسكرية وتجهيزها بأعلى التكنولوجيات الحديثة في العالم، لمواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تهدد الجزائر ومنطقة المغرب العربي". وبذلك، رفعت لأول مرة على الإطلاق، ميزانية التسلح ووزارة الدفاع، إلى أزيد من 12 مليار دولار أميركي، بزيادة ب 10 في المائة مقارنة بميزانية عام 2012، والتي بلغت 9.7 مليارات دولار أمريكي، و4.2 مليار دولار أمريكي مقارنة بميزانية عام 2011، التي بلغت 7.4 مليارات دولار أميركي. ميزانية الجيش الجزائري، الأولى في أفريقيا، تأتي في سياق تنفيذ مخطط عسكري إستراتيجي طويل المدى، أعلن عنه الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، عام 2000، والذي يهدف إلى "تحويل الجيش الجزائري إلى جيش احترافي". المغرب والجزائر في ميزان التسلح الدولي فأحدث دراسة صادرة عن المركز الدولي لأبحاث السلام في استوكهولم، قبل أسبوع، أظهرت أن الجزائر تعتبر أول مستورد للسلاح في أفريقيا، متبوعة بالمغرب في المرتبة الثانية، وتمثل مشتريات الجزائر من الأسلحة ما نسبته 30% من حجم المشتريات في افريقيا، بينما تمثل مشتريات المغرب 26%، أي أن الدولتين معا تسيطران على أكثر من نصف مشتريات القارة السمراء من الأسلحة، مع كل ما يتطلبه ذلك من نفقات من المليارات. وطبقا لمصادر متطابقة، تعد الميزانيتان العسكريتان للبلدين من الأضخم في العالم، فقد تجاوزت الميزانية العسكرية للجزائر هذا العام سقف 13 مليار دولار، أما الميزانية العسكرية المغربية فتزيد عن 4 مليارات دولار. وعلى المستوى العالمي، تأتي الجزائر والمغرب في المرتبتين، 11 و13 على التوالي، على قائمة الدول الأكثر استيرادا للأسلحة في العالم. مرحيات روسية اقتنتها الجزائر مؤخرا - أرشيف "عسكرة" المنطقة قال رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، في تصريح خص به موقع "لكم"، إن "الجزائر، تدفع المغرب والمنطقة، إلى العسكرة، من خلال سعيها المتواصل إلى إبرام مجموعة من صفقات التسلح، سنويا". وأثار الباحث المغربي، المهتم بالعلاقات الدولية، الإنتباه إلى طبيعة الأسلحة، التي تقتنيها القيادة العسكرية الجزائرية، موضحا أنها "تندرج ضمن الأسلحة الهجومية، وليست الدفاعية، الأمر الذي يطرح التساؤل حول مساعي الجزائر تجاه المغرب والمنطقة على حد سواء"، يتساءل بنحمو. وعن تسلح المغرب، استرسل بالقول :"إن المغرب، لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي دون تطوير قدراته العسكرية، وترسانة أسلحته، من أجل ضبط موازين القوى أمام الجارة الشرقية، الجزائر، والدفاع عن وحدته الترابية، وأمنه الداخلي من الوضع المضطرب بالمنطقة المجاورة". وعن أفق هذا التسلح بين البلدين، استبعد بنحمو، سيناريو "قيام حرب" بين البلدين، مبررا الأمر بقوله :"مهما تبلغ نسبة التوتر والحرب الكلامية بين البلدين، المغرب لن يسمح لنفسه بخوض الحرب مع الجزائر، بسبب حسن الجوار التاريخي مع الشعب الجزائري، والتزامه بحفظ استقرار المنطقة، أمام المنتظم الدولي". وعموما، تصبح احتمالات تسوية الخلافات المغربية الجزائرية، ووقف سباق التسلح بينهما، وحصول انفراج في العلاقات البينية، مسألة مستبعدة في المستقبل، بل إن الأفق الأكثر احتمالا هو استمرار الوضع الحالي والذي يشبه حالة حرب باردة تستنزف طاقات ومقدرات شعبي البلدين.