أوردت صحيفة «نيزافيسيمويه فوينويه أوبوزرينيه» الروسية، أن الجزائر تنوي شراء مجموعة كبيرة من الأسلحة الروسية تشتمل على منظومات «أس- 400» للدفاع الجوي، وقاذفات القنابل «سو- 34»، ومروحيات «مي-28 ودبابات «تي- 90 أس أم». كما تتطلع للحصول على طائرات «ياك- 130» وآليات «ترميناتور» المدرعة. فرغم نفيها أن يكونهذا التسلح من قبيل تحقيق التفوق الاستراتيجي في المنطقة في إشارة إلى توتر العلاقات مع المغرب، فإن الجزائر كانت قد بدأت منذ العام 2011 دفعة من المقاتلات الحديثة من مجموع 16 طائرة حربية من طراز «سوخوي 30 أم كا إي»، وذلك تنفيذا لاتفاق مسبق أبرم بين البلدين عام 2006، يتضمن تزويد الجيش الجزائري ب 28 طائرة مقاتلة. كما تم إخضاع الغواصات الجزائرية التي تم استيرادها خلال الحقبة السوفييتية، ثم من روسيا، للصيانة والتطوير في المصانع الروسية على غرار الغواصات التي تشتغل بال «ديزل الكهربائي» من صنف «فارشافيانكا»، وهي غواصات يبلغ طول جسم الواحدة منها 72 مترا، وتصل سرعتها تحت الماء إلى 17 عقدة، ويصل عمق غوصها إلى 300 متر، بينما يتكون طاقمها من 52 فردا. وكان وفد عسكري بقيادة نائب وزير الدفاع الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، قد زار موسكو نهاية الشهر الماضي، وكانت له عدة لقاءات بكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في روسيا. وبالرغم من الانتقادات الداخلية والإقليمية لما تراه تسلحا غير مبرر للجزائر، وهناك من الأوساط الداخلية من يعتبر صفقات التسلح التي ترصد لها ميزانيات ضخمة، تأتي على حساب التنمية الداخلية وتحسين الخدمات وظروف المعيشة للفرد الجزائري، فإن السلطات الجزائرية تدرج المسألة في تطوير المؤسسة العسكرية، والتجند للأخطار الأمنية التي تهدد البلاد، في ظل عدم الاستقرار والانتشار الكبير للسلاح، وكذا تنامي نشاط القاعدة في دول الجوار ومنطقة الساحل. اتجاه الجزائر مجددا إلى السوق الروسية للتزود بكميات جديدة من مختلف أنواع العتاد العسكري لتطوير منظومتها الدفاعية، في ظل تنامي الأخطار الأمنية التي تهدد حدودها البرية، وفي هذا الوقت بالذات الذي يشهد تقاربا غير مسبوق بين الرباط وواشنطن، يعتبره مراقبون ردا دفاعيا ورسالة مشفرة إلى البانتاغون. فيما اعتبر معارضون جزائريون هذه الصفقة تهدف إلى التغطية على الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد في ظل الصراع على السلطة، والوضع الاجتماعي المحتقن. وبالرغم من أن الصفقة المبرمة بين الطرفين في عام 2007 والتي قدرت بنحو سبعة مليارات دولار، كادت أن تتعثر بسبب اكتشاف الخبراء لعيوب تقنية في بعض القطع الموردة من طرف موسكو للجزائر، إلا أن الأخيرة تتجه إلى التزود بأسلحة جديدة من روسيا، ستثير المزيد من الجدل حول خلفيات وأبعاد التسلح الجزائري. وذكرت تقارير إعلامية في موسكو، بأن الجزائر على وشك توقيع صفقة جديدة لاقتناء أسلحة من روسيا، وصفتها ب «المهمة» لكنها لم تكشف عن قدرها، واكتفت بالقول إن «قيمتها تقدر بمليارات الدولارات». وتنفي أن يكون من قبيل تحقيق التفوق الاستراتيجي في المنطقة في إشارة إلى توتر العلاقات مع المغرب. وكانت مجموعة من الدول الغربية، وعلى رأسها فرنساوأمريكا، قد أشارت إلى حمى التسلح التي انتابت، في الأونة الأخيرة، التي اعترت رؤوس جينرالات الجزائر، حيث تصر الجزائر على أن »الجري نحو السلاح« يدخل ضمن مخطط عصرنة الجيش الجزائري، وأن هدف المؤسسة العسكرية هو تحديث الترسانة التي تعود لفترة الاتحاد السوفياتي والتعاطي مع مخاطر الإرهاب. الجواب الجزائري لم يقنع دول غربية التي تعمل، في الأونة الأخيرة، على إثارة ملف التسلح في شمال القارة الإفريقية، من زاوية التسابق، خاصة بعد تقرير الذي أصدره المعهد الدولي لأبحاث السلام، الذي صنف الجزائر ضمن أكبر الدول المستوردة للأسلحة القتالية والهجومية في إفريقيا. وأفادت مراجع بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية الساعية لدعم تسلح المغرب بحكم الصفقات المعلن عنها مؤخرا، ركزت اهتمامها على ما تسميه دوافع التسابق ولاسيما من قبل الجزائر، وردت الأخيرة أن الأمر واضح ويتعلق بعصرنة الجيش الجزائري، وجاء في توضيحات جزائرية أن العصرنة تدخل عامها الخامس وتهدف إلى استخلاف الترسانة السوفياتية بأخرى متطورة. وتأخذ الحسابات الغربية على الجزائر تلقيها 180 دبابة من نوع ??90-T و18 قطعة من نوع ??30 MK-SU وهي طائرات مقاتلة من صنع روسي. غير أن ما أضفى طابع السواد على »اللوحة«- حسب مراقبين جزائريين- هو الكشف عن قرب تموين المصانع الروسية للجيش الجزائري بغواصتين بحريتين وعدد معتبر من القطع الحربية وأنظمة الدفاع الجوي، وربما قريبا فرقاطات بحرية فرنسية الصنع هي الأحدث في مصانع السلاح الفرنسية. ويرى ملاحظون أن واردات الجزائر من السلاح كانت سببا في دخول المغرب في سباق للتسلح مع جارته، وتقدمه العام الماضي بطلب شراء 24 قطعة من طائرات 16-F من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وثلاث فرقاطات من أمريكا وهولندا، وبارجة بحرية من صنع فرنسي، وكذلك دفعة أولى من صفقة الدبابات أمريكية الصنع إم 60 إي التي توقفت أمريكا عن إنتاجها سابقا، وتضم ما مجموعه 140 دبابة. ومن جانب آخر تسلمت القوات المغربية 102 مدرعة من صنع بلجيكي في إطار صفقة عسكرية سرية أبرمت بين البلدين سنة 2008، ويطالب المغرب راهنا بالحصول على مدرعات روسية من نوع بي إم بي3، وهي من أحدث المدرعات الروسية التي سبق وأن اقتنتها الجزائر. ولا يعتبر النقاش حول التسلح في الجزائر والمغرب حديثا، لكن مراقبين يعتقدون بأن دخول أوروبا وأمريكا على الخط، لا يعكس سوى محاولات للضغط من أجل الفوز بصفقات التسليح، ولاسيما على الجزائر التي تستورد من روسيا أساسا، وحاليا من الصين وجنوب إفريقيا وبعض دول أمريكا الجنوبية.. وتجدر الإشارة إلى تقرير المعهد الدولي للبحث حول السلام الخاص بالفترة الممتدة من 2005 إلى 2009 ، والذي أكد أن الجزائرأصبحت ضمن قائمة الدول العشرة الأكثر تسلحا عبر العالم، تحتل المرتبة التاسعة، لتتحول بذلك لأكثر دولة مسلحة في منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا، مع العلم أن تقرير عام 2008 أدرج الجزائر ضمن الدول العربية الأكثر تسلحا، حيث احتلت المرتبة الثالثة بعد كل من قطر والعربية السعودية . ويشير تقرير المعهد الدولي للبحث حول السلام، الكائن مقره في استوكهولم ، إلى أن الجزائر أكثر دولة ضاعفت من نفقاتها العسكرية في العقد الأخير، كما أشار نفس التقرير إلى أن الميزانية المخصصة لقطاع »الدفاع الوطني« هي الأكبر بين ميزانيات باقي القطاعات، حتى على قطاع الصحة. وحسب عدد من الخبراء ، فإن وتيرة التسلح في الجزائر ستستمر في التصاعد، خصوصا مع توفر السيولة المالية بعد ارتفاع أسعار البترول والغاز في السنوات الأخيرة ، دون أن ننسى هيمنة الجيش على المجال السياسي في الجزائر، وهو ما أكدته عددا من التقارير المتعلقة بسباق التسلح في المنطقة ، التي أوضحت أنه منذ استقلال الجزائرتلعب النخبة العسكرية دورا هاما في دائرة القرار السياسي في الجزائر، وأنها هي التي تقرر في القضايا ذات البعد الاستراتيجي ، بحيث لا تشكل النخبة السياسية سوى ديكورا وواجهة لتمرير مخططاتها ، التي تنهل من نزوع هيمني واستقوائي في المنطقة ، وهو ما يفسر عداءها المتواصل للمغرب ودعمها لانفصاليي البوليساريو، حتى تجد قدما لها على الساحل الأطلسي ، ذلك الحلم الجزائري القديم الجديد . وقد ندد المعهد الدولي للبحث حول السلام بهذا السباق المحموم نحو التسلح، محذرا من مغبة التهديد الذي يشكله على الأمن الإقليمي . والأرقام في هذا المجال واضحة ، وهي تؤكد أن الجزائر ماضية في سياستها هذه ، وهنا تكفي الإشارة إلى ما سجله معهد استوكهولم بخصوصو النفقات العسكرية الجزائرية في السنوات الأخيرة ، حيث أشار إلى أنها بلغت 5,2 مليار دولار خلال سنة 2008، مسجلة ارتفاعا بنسبة 18 بالمائة مقارنة بسنة 2007، أما في السنة التي ودعناها ، 2009 ، فقد بلغت ، حسب ذات المصادر ، إلى 6,2 مليار دولار ، وهو مبلغ مرشح للارتفاع في السنة الحالية والسنوات القادمة . وكانت الجزائر قد أبرمت في سنة 2006 أكبر صفقة لمشتريات السلاح مع روسيا بلغت 7,5مليار دولار جعلتها تقفز إلى المرتبة الأولى ضمن قائمة زبناء السلاح الروسي بعد الهندوالصين، وتضمنت هذه الصفقة الضخمة 70 طائرة من نوع ميغ 29 و 300 دبابة من نوع T 90S وصفقة لتحديث 250 دبابة من نوع ت 72 التي يتوفر عليها الجيش الجزائري. وإذا كانت روسيا هي المزود الرئيسي للجزائر من حيث السلاح ، فقد بدأت الجزائر أيضا تبحث عن موردين آخرين ، وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة ، وفي هذا الإطار ذكرت تقارير صحفية جزائرية أن الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية توصلتا مؤخرا إلى تفاهم حول صفقة تسلح تتراوح قيمتها بين مليارين وثلاثة ملايير دولار. وفي هذا الإطار أوضحت جريدة » الخبر « الجزائرية المقربة من دوائر القرار بالجيش ، أن ضباطا سامين »اتفقوا مع مسؤولين أمريكيين عن الصناعات العسكرية خلال لقاءات عقدت في دولة خليجية ، على تفاصيل صفقة سلاح بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية، تعد الأهم والأضخم في تاريخ العلاقات العسكرية بين البلدين«. وربطت مصادر اليومية الجزائرية بين هذه الصفقة وأخرى تهم اقتناء الخطوط الجوية الجزائرية لعدد من طائرات »البوينغ« للنقل المدني. ونقلت »الخبر« عن مصادرها أن » قائمة الأسلحة المراد شراؤها من الولاياتالمتحدة هي طائرات نقل عسكرية من شركة بوينغ وطائرات استطلاع مأهولة وطائرات استطلاع دون طيار، وأنظمة إلكترونية متخصصة في التجسس وصواريخ جو أرض مضادة للتحصينات دقيقة التوجيه وأنظمة توجيه إلكتروني للمدفعية. وتجري? حاليا المفاوضات بشأن اقتناء الأسلحة من شركات »بوينغ« و«لوكهيد مارتن« وشركة »جنرال داينامكس« وشركة »ثري كومينيكيشن«. أما الأسباب التي جعلت الجزائر تنفق كل هذه المليارات من أجل التسلح ، فتؤكدها تصريحات قيادة الجيش الجزائري التي تعتبر أن دعم البوليساريو والنزوع نحو الهيمنة في المنطقة مبررا للسباق نحو التسلح . وبهذا الخصوص ذكرت افتتاحية لمجلة الجيش الجزائري أن» قيادة الجيش تطرح إشكالية التسابق نحو التسلح والتوازنات في ظل عودة العالم إلى سباق الحرب الباردة« ، مضيفة أن الطريق بات مفتوحا أمام التحالفات ومن ثم سباق جامع نحو التسلح باستخدام أسلحة جديدة تستخدم تكنولوجيا فريدة تعطيها درجة عالية من الدقة ، مجددة ما سمته »وقوفها الدائم مع القضايا العادلة في العالم« في إشارة واضحة إلى دعمها للإنفصاليين . فجنرالات الجزائر ، ومنذ استقلالها ، يعتبرون المغرب عقبة أمام طموحاتهم التوسعية ، وجاء استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية ليثير سعار قيادة الجيش الجزائري التي سلحت ودعمت انفصاليي البوليساريو وأنشأت لهم قاعدة خلفية لشن حرب على المغرب ، وبعد أن استطاع المغرب ردع هذه الهجومات وتمكن من تحصين حدوده الجنوبية ، إزداد هذا السعار حدة ، وأصبح هم الجزائر هو إعاقة أي إمكانية للتوصل إلى حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ، بهدف إطالة أمد هذا النزاع وإنهاك المغرب وثنيه عن خوض معركة الاستقرار والتنمية التي جعلته يتفوق على الجزائر ، على مختلف الأصعدة بالرغم من امتلاكها للبترول والغاز . وللتأكيد على ذلك ، فقد استفاق الجزائريون بعد سنوات من التضليل على الواقع المعيشي الحقيقي في المغرب ، بعد عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح الحدود بين البلدين سنة 1987 ، وجعلهم يقارنون ما يتوفر للمغاربة مع ما يحرم منه الجزائريون ، ولعل إصرار الجزائر على إبقاء الحدود مغلقة ، منذ 1994 ، يرجع بالأساس إلى خوف حكام الجزائر من سخط الشارع الجزائري إذار ما وقفوا على حقيقة المغرب وما أنجزه في ظروف صعبة وبإمكانيات بسيطة ، مقارنة مع الحرمان الذي يعانونه في دولة بترولية ، همها الأكبر هو السباق نحو التسلح وإهدار ثروة الجزائر بسبب أوهام توسعية لن يكتب لها النجاح أبدا .