أعلنت الحكومة الجزائرية، بقرار من رئيس الدولة عبد العزيز بوتفليقة، رفع الميزانية المخصصة للدفاع برسم السنة المقبلة 2009 بما يعادل 383 مليار دينار، أي حوالي 6.25 مليار دولار، وكشفت الميزانية القطاعية برسم العام القادم أن ميزانية وزارة الدفاع تضاعفت ثلاث مرات مقارنة مع العام الجاري، حيث لم تكن تتجاوز 2.5 مليار دولار. وأكد هذا القرار، الذي اتخذه بوتفليقة شخصيا، التوجه الذي اختارت الجزائر السير فيه خلال السنوات القليلة الماضية، بمضاعفة الميزانية المخصصة للجيش وللنفقات العسكرية، وتوقيع اتفاقيات مع بلدان مختلفة للتزود بالسلاح، وتنويع أسواق التسلح. ومعروف أن ميزانية وزارة الدفاع في الجزائر تحتل المرتبة الأولى من حيث الميزانيات القطاعية، وتتجاوز بكثير ميزانية مصالح رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة من حيث الاعتمادات المالية الموجهة لها، وتليها ميزانية وزارة التربية ووزارة الداخلية، في المرتبة الثانية. وسيتم تخصيص جزء من الميزانية الجديدة، الموجهة إلى وزارة الدفاع، لتنفيذ المرسوم الرئاسي الذي أصدره بوتفليقة في شهر أبريل الماضي، والقاضي بالسماح لوزارة الدفاع بإنشاء وحدات للصناعات الحربية تضطلع بمهمة تلبية احتياجات الجيش من العتاد العسكري والأسلحة والذخيرة، ونقل التكنولوجيا العسكرية لتخفيض واردات وزارة الدفاع في هذا الميدان. وتبرر السلطات الجزائرية سياستها الجديدة في اقتناء الأسلحة وتحديث ترسانتها العسكرية ورفع ميزانية الدفاع، بضرورة رفع قدرات الجيش الجزائري في ملاحقة الجماعات المسلحة والقضاء على الخطر الإرهابي، على الرغم من أن المسؤولين الجزائريين لا يترددون في التصريح بين الحين والآخر بأن خطر الجماعات الإرهابية لم يعد كما كان في السابق، وبأن سياسة المصالحة والوئام المدني التي أطلقها بوتفليقة في ولايته الأولى قد أعطت ثمارها. إلا أن النقيب علي نجاب، الطيار المغربي الذي اعتقل في حرب الصحراء عام 1981 وظل في سجون البوليساريو إلى عام 2003، يرى أن ذلك المبرر الذي تقدمه السلطات الجزائرية غير صحيح، ويتساءل:»من هو العدو المفترض بالنسبة إلى الجزائر في المنطقة؟»، قبل أن يجيب:«إنه المغرب بلا جدال». ورأى نجاب أن الجزائر، وفي حال «خرجت الصحراء من يدها بعد المفاوضات التي يجريها المغرب مع جبهة البوليساريو»، فإنها قد تلجأ إلى افتعال أي مواجهة عسكرية مع المغرب لمدة قصيرة، من أجل دفعه إلى الجلوس على طاولة المفاوضات معها وفرض شروطها ومطالبها، وأضاف نجاب، في تصريحات ل«المساء»، أن هدف النظام الجزائري هو «تكسير المغرب وبناء مغرب عربي جديد على مزاجها ووفق تصورها بحيث تكون فيه هي صاحبة المبادرة». النفط في خدمة «التنمية» الدفاعية بالجزائر تسعى الجزائر إلى استغلال تحسن وضعها المالي وارتفاع عائدات النفط التي ستبلغ 80 مليار دولار أمريكي مع نهاية السنة الجارية، لتطوير الجيش الجزائري وتحقيق احترافيته، وهو البرنامج الذي سطر في عام 2000 وشرع في تنفيذه في عام 2001. وقد شهدت السنوات الماضية عدة تغييرات من خلال تعديل نظام الخدمة الوطنية والاعتماد على الكفاءات البشرية المنخرطة في الجيش، وكذا تطوير المعدات والتجهيزات الحربية للجيش عبر صفقات التسليح، أهمها صفقة وقعتها الجزائر مع روسيا، والتي تصل قيمتها إلى 7.5 مليار دولار أمريكي، تخص تزويد الجيش بطائرات عسكرية مقاتلة من نوع «ميغ29» بقيمة 3.5 مليار دولار. وسبق للجزائر أن وقعت مع روسيا ما سمي ب»صفقة القرن» في مجال التسلح عام 2006، خلال زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين للجزائر، تهم تزويد الجيش الجزائري بطائرات من نوع ميغ29، تسلمت الجزائر حتى الآن العشرات منها، على أن تستلم دفعة منها في وقت لاحق، و300 دبابة حربية من نوع «تي90 إس»، وصواريخ من نوع «إس300»، كما تهم الصفقة تحديث بعض الدبابات التي يتوفر عليها الجيش الجزائري أصلا وتطويرها.