albiبعيدًا عن محاولة تضليل الرأي العام والتهرب من مواجهة الحقيقة المرة، وعن فشل الحكومة الحالية في تدبير الشأن العام، فإنها تُسجِّل غياب رؤية استراتيجية قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمار. مشروع قانون المالية يعتمد على إجراءات سطحية تعالج الأعراض بدل الأسباب الجذرية للأزمات الاقتصادية، مع ضعف التوجه نحو القطاعات المنتجة مثل الصناعة والفلاحة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. كما يُسجَّل الارتفاع المستمر في نسبة المديونية بسبب اعتماد الحكومة، بشكل كبير، على الاقتراض لتمويل الميزانية بدل البحث عن حلول مبتكرة لتعزيز الموارد الداخلية. إضافة إلى ذلك، لا توجد خطة واضحة لتقليص العجز المالي بطريقة تراعي العدالة الاجتماعية، مما يُفاقم الوضع الاقتصادي ويزيد العبء على المواطنين. الضغط الضريبي لا يزال يتركز بشكل كبير على الفئات المتوسطة والهشة، بينما تُمنَح امتيازات غير مبررة لبعض القطاعات الكبرى والشركات العملاقة. هذه السياسات تُضعف الشعور بالعدالة وتزيد من الفجوة الاقتصادية بين الفئات المجتمعية. أما على المستوى الاجتماعي، فإن البرامج المعلنة، مثل الحماية الاجتماعية والدعم المباشر، تفتقر إلى الوضوح والتمويل الكافي، وتظل بعيدة عن تلبية الاحتياجات الملحة للفئات الفقيرة والمتوسطة، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف المعيشة. من جهة أخرى، تجاهل المشروع بشكل كبير قضايا المرأة والشباب، فلم يتم تخصيص برامج فعالة لدعم تشغيل الشباب أو تعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد. هذا الإهمال يعكس غياب اهتمام الحكومة بالفئات التي تمثل مستقبل البلاد وعمودها الفقري. إلى جانب ذلك، لوحظت محاولات لتحويل النقاش العمومي نحو قضايا هامشية بهدف التهرب من المساءلة القانونية والنقد الذاتي، مما يعطِّل المحاسبة الديمقراطية التي تُعد إحدى ركائز الدستور. هذه التصرفات تُضعف ثقة المواطنين في المؤسسات وتُبرز الحاجة الملحة إلى إعادة ترتيب الأولويات. إن الدستور وُجد ليكون صمام أمان للإنسان والوطن وثوابت البلد، والحكومات مهما كانت يجب أن تظل تحت سقف الدستور الذي يضمن المساءلة والشفافية واحترام القانون.