محمد الهاكش: مشروع قانون المالية أجوف وشحيح بالنسبة لنا في الاتحاد المغربي للشغل نعتبر مشروع قانون المالية مشروعا أجوفا وشحيحا في الشق الاجتماعي. وهو مشروع مثقل بالديون، ويأتي في مرحلة توقف الحوار الاجتماعي وتعليق الاستجابة للمطالب المشروعة للعاملات والعمال. إن قانون المالية لم يأت بشيء يذكر. ونحن نرفضه بشكل صارخ، لأنه يهمش النقابات ولا يعيرها أي أهمية خلال المراحل الحاسمة لصياغة قانون المالية، ويأتي هذا في سياق مرحلة تميزت بتهميش الحوار الاجتماعي وتغييبه. إننا في الاتحاد المغربي للشغل لا نفهم السر وراء فتح أبواب النقاش مع الباطرونا بخصوص مضامين هامة من مشروع قانون المالية يتم خلاله (أي النقاش) الإصغاء بانتباه كبير، لمقترحات أرباب العمل والحرص على الأخذ بعين الاعتبار، بمطالبهم وتعديلاتهم، فيما يتم إقصاء النقابات بل يتم احتقارها مثلما حدث في وقت سابق لما ألغي لقاء شتنبر الخاص بالحوار الاجتماعي. نعم، إن سياق مشروع القانون المالي لا علاقة له بمأسسة الحوار الاجتماعي. سياق يهمش ممثلي الطبقة العاملة ويعطي الأهمية لأرباب العمل. وقد لاحظنا أن خطاب الأزمة الذي رافق الإعداد للمشروع لا يستهدف إلا الشغيلة، في حين ستحظى الباطرونا بمزيد من الإعفاءات الضريبية وبمزيد من المنح كما هو الحال مثلا بالنسبة لقطاع النسيج. أما الأجراء فلا إشارة واحدة تذكر لمستوى أجورهم الذي سيظل على حاله. إن رفضنا لمشروع قانون المالية تبرره العديد من المعطيات، منها استشراء أزمة البطالة. فقد خصص المشروع 18 ألف منصب شغل سيمتص الدفاع والأمن أغلبها، في حين سنعيش سيناريوهات مماثلة للسنوات الماضية. شباب حامل للشهادات يتسكع في الشوارع وفيلق جديد ينضاف لجيش العاطلين. إن أسئلة كثيرة تتناسل بهذا الخصوص، عن دور القطاع الخاص وعن تبذير المالية العمومية وعن المديونية التي أضيف لها رقم جديد بعد اقتراض صلاح الدين مزوار لمليار دولار من مؤسسات دولية خاصة. ونؤكد في هذا السياق، أن الاقتراض الذي تم اللجوء إليه، يجب أن تسهر الحكومة على حسن تدبيره وتوظيفه التوظيف الأمثل، أي استثماره في القطاعات الاقتصادية القطاعات التي توفر مناصب الشغل وتدر على الخزينة العامة للمملكة موارد إضافية. كما نشدد على ضرورة القطع مع ممارسات سابقة كانت تعبث بالمديونية بشكل غير عقلاني، ما أدى إلى الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي شهدها المغرب على مر السنين الماضية. إن الحكومة التي تقدم اليوم، مشروع قانونها المالي مطالبة بالبحث عن موارد مالية إضافية لحل الأزمة الاجتماعية وتحسين عيش الأجير المغربي، عن طريق محاربة الرشوة الكبيرة والتملص والتهرب الضريبيين، ومحاربة الاحتكار، ومساءلة مساهمة الأغنياء بدل الاقتصار على البحث عن منافذ جديدة في أوساط الفئات المتوسطة والفقيرة. عموما، نتوقع مناقشة ساخنة لمشروع ميزانية هذه السنة في ظل الغائب الأكبر المتمثل في الدخول الاجتماعي، وفي ظل استمرار الفشل في إقرار سياسة اجتماعية واضحة، ووجود أزمة يقتضي حلها مجهودا وطنيا جماعيا. خالد الهوير العلمي: القانون المالي غيب المطالب الاجتماعية هناك مصطلحات كثيرة لازمت قانون المالية لسنة 2011. فهناك من يعتبرها ميزانية الأزمة. وهنالك من يلقبها بميزانية التقشف. وهناك من يسمونها ميزانية المتناقضات. بعيدا عن الأرقام الماكرو اقتصادية، من قبيل معدل النمو الذي من المتوقع أن يصل إلى 5 بالمائة، ومعدل التضخم الذي تم حصره في 2 بالمائة، وعجز الميزانية الذي لن يتجاوز حسب واضعي مشروع الميزانية 3.5 بالمائة، نرى في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن السؤال المركزي الذي يجب توجيهه عند القراءة المتأنية لكل فصول المشروع هو : هل تستطيع الحكومة أن تترجم فعلا انتظارات الشعب المغربي المعروفة، والتي طالما نادت الكونفدرالية بالاستجابة لها كأولى الأولويات؟. نعم، هناك مطالب أساسية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل. هل رصدت الحكومة ما يكفي من ميزانيات للنهوض بالتربية والتعليم ولتوفير أبسط الاحتياجات في مجال التطبيب والأدوية؟ وهل وفرت مناصب شغل كافية للتقليص من البطالة؟ . بخصوص الموضوع الأخير، لا نعتقد أن 18 ألف منصب المرصودة في ميزانية 2011، كافية لحصر جيش العاطلين في أرقام مقبولة. بل نعتقد أن الرقم المذكور، فيه تراجع كبير عن ميزانية السنة الماضية. إن أولى الملاحظات التي يمكن التعبير عنها عند قراءة ميزانية 2011، تتمثل في وجود خصاص كبير في الجانب الاجتماعي. وهو أمر خطير يجب التنبيه إليه. ففي غياب تحسين للأوضاع الاجتماعية، مقرون بسياسة لتحصين الجانب الاقتصادي، سنسير بالتأكيد، نحو عجز كبير ناتج عن ضعف في تنافسية المنتوج الوطني وستتقلص صادراتنا، وبالتالي سنؤدي فواتير باهظة على وارداتنا. إن قانون المالية، في اعتقادنا داخل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ليس مسألة تقنية أو لحظية. بل هو قانون يهم كل المغاربة. وعليه، فإننا نرى أن النقاش لا يجب أن ينحصر في البرلمان وحده، بل يجب توسيع المجال ليشمل فعاليات أخرى تستطيع الدلو بدلوها في قضايا الضريبة والمديونية وتوزيع الثروة وغيرها من الملفات. إن دراسة متأنية لمشروع قانون المالية كما أعده وقدمه صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية، تؤكد غياب إجراءات أساسية طالما نادينا بها، والتي من شأن أخذها بعين الاعتبار، المساهمة الفعلية في تحسين القدرة الشرائية للمأجورين، ودعم الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد التوازن الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. إننا لا نبغي المعارضة من أجل المعارضة فقط. فالمشروع ناطق بهفواته الكبيرة، ويؤكد على عدم وجود إرادة سياسية لدى الحكومة لمحاربة نظام الامتيازات والريع ومحاربة التهرب الضريبي، والوقوف الجدي على الملفات الكبرى بعد فشل الحوار الاجتماعي الذي عرف مجموعة من التعثرات بفعل غياب الجدية لدى الحكومة في التعاطي مع المطالب الأساسية للطبقة العاملة. صحيح أنه تم تأجيل ملف التقاعد. وهذا في نظرنا أمر هام على اعتبار أن هناك لجنة وطنية يجب انتظار خلاصاتها. لكن هناك أيضا قضايا لا يجب أن تمر مرور الكرام، لأنها تستدعي نقاشا هادئا ومسؤولا، ومنها العدالة الضريبية والعدالة الأجرية وتقليص ميزانيات تسيير الوزارات والإدارات العامة بنسبة 10 بالمائة. ونعتقد صادقين في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن تعطيل آليات الحوار الاجتماعي ستصعب من النقاش، لأن التعطيل لا يعني إلا شيئا واحدا: الدولة لا تلتزم بالمواعيد التي تضربها لباقي أطراف الحوار. حميد شباط: الحكومة توظف معطيات الظرفية العالمية للتنكر لالتزاماتها مشروع قانون المالية لم يقدم جوابا ملموسا على انتظارات الشغيلة، في الوقت الذي تدل كل المؤشرات على تصاعد موجة الغلاء والتقلص المتواصل للقدرة الشرائية للمواطنين، وتوجه الحكومة إلى توظيف معطيات الظرفية الاقتصادية والمالية العالمية الحالية وآثارها على الاقتصاد الوطني من أجل تبرير التنكر للالتزامات الاجتماعية واستحقاقات الحوار الاجتماعي. في هذا الإطار يأتي قرار النقابات خوض إضراب وطني، كرد على لجوء وزير المالية صلاح الدين مزوار إلى عرقلة مجموعة من الاتفاقات القطاعية، مما زاد من الاحتقان والتوتر. إن الأمور ستزداد سوءا، لأن مشروع قانون المالية لا يتضمن بنودا في مصلحة الشغيلة المغربية، وبالتالي، اتخذنا في المجلس الوطني للاتحاد العام للشغالين بالمغرب قرار التصويت ضد القانون المالي في انتظار الإعلان عن خوض إضراب عام شامل سيحدد تاريخه لاحقا. الإضراب العام في الوظيفة العمومية ليوم ثالث نونبر، كان الهدف منه الرفع من الأجور ومراجعة منظومة الترقية بما فيها إقرار ترقية استثنائية، وعدم تقديم أجوبة ومعطيات ملموسة حول القضايا المشار إليها بدعوى أنها لا تتوفر على كل المعطيات المرتبطة بالتحضير لمشروع قانون المالية برسم سنة 2011، والاكتفاء في لجنة القطاع الخاص بمجرد مناقشة مشروع التعويض عن فقدان الشغل ومناقشة قضية المفاوضة الجماعية في القطاع الخاص، وعدم مواكبة الحوار بمختلف القطاعات للحوار المركزي وتصاعد الاحتقانات في عدد كبير من القطاعات العمومية، واستمرار استهداف الحريات النقابية في القطاع الخاص وفي بعض المؤسسات العمومية والوظيفة العمومية واستمرار عدم مصادقة الحكومة على اتفاقية 87، وعدم إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي. إننا نلاحظ توجها حكوميا متزايدا نحو التنصل من عدد من الالتزامات والشراكة في تدبير عدد من الملفات خصوصا مبادرة الحكومة بالمصادقة على مراسيم بمثابة أنظمة أساسية لبعض إطارات الوظيفة العمومية دون التشاور مع النقابات بشأنها، في حين أنها مدرجة في جدول عمل الحوار الاجتماعي. كما نندد بمحاولة الحكومة الإجهاز على صناديق العمل من خلال عزمها تفويتها إلى الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين في إطار قانون المالية 2011، دون مراعاة مصير المستخدمين والمستخدمات بهذه الصناديق التي تمول من طرف المشغلين لفائدة العمال ضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، ونطالب بتوقيف هذا التفويت وإلحاقه بصندوق الضمان الاجتماعي.