اعتبر علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، منح مشروع قانون النقابات المهنية، الذي كشفت مضامينه جريدة حزب وزير التشغيل والتكوين المهني جمال أغماني، صلاحية إقرار قانونية ملفات النقابات للسلطات الإدارية ردة إلى عهد «أم الوزارات» وتراجعا في مجال دمقرطة المجتمع ومؤسساته. وأوضح لطفي أن من المطالب الأساسية لنقابته خضوع النقابات لقانون ينظم شؤونها في كل المجالات، خاصة على مستوى المراقبة المالية، على اعتبار أن العديد من المركزيات النقابية تتوصل بدعم مالي كبير من الدولة، دون أن تخضع للمراقبة من طرف المجلس الأعلى للحسابات. وشدد المسؤول النقابي على ضرورة أن ينص قانون النقابات المهنية على الديمقراطية الداخلية والتداول على المسؤولية، بالنظر إلى وجود العديد من المركزيات النقابية التي يقودها اليوم مسؤولون نقابيون منذ ما يربو عن 30 سنة، الأمر الذي ينتج عنه تمييع العمل النقابي، وتحويل النقابات إلى مقاولات خاصة لبعض الزعماء، مشيرا في تصريحاته ل«المساء» إلى أن وضع قانون ينظم النقابات أصبح ضرورة مجتمعية في مغرب اليوم. وتنص مسودة القانون في المادة 36 على أن يتولى المجلس الأعلى للحسابات مراقبة نفقة المركزيات النقابية برسم الدعم السنوي لتغطية مصاريف تسييرها وكذا الحساب السنوي للنقابة. ولهذه الغاية ينص القانون على توجيه المركزيات النقابية للمجلس الأعلى للحسابات، في 31 مارس من كل سنة على أبعد تقدير، جردا مرفقا بمستندات إثبات النفقات المنجزة برسم السنة المالية المنصرمة وجميع الوثائق المتعلقة بالحساب السنوي. من جهته، اعتبر محمد هاكش، القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، أن وضع قانون للنقابات دون المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية، وحماية حق التنظيم النقابي، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المتعلق بعرقلة حرية العمل، يروم تكبيل الحريات النقابية. وقال هاكش ل «المساء»: «إذا لم تظهر الحكومة حسن النية من خلال التصديق على الاتفاقية الدولية رقم 87، لا يمكن للفاعل النقابي أن يثق في رغبتها في وضع قانون يضمن الحريات النقابية»، مشيرا إلى أن الحكومة وعدت بالمصادقة على الاتفاقية المذكورة منذ فاتح غشت 1996 إلا أنه ولحدود اليوم لم تتحقق وعودها، مما يدل على عدم وجود إرادة لضمان الحريات النقابية وإنما هناك رغبة من خلال هذا المشروع في مراقبة النقابات. إلى ذلك، أثار نشر مشروع قانون النقابات المهنية، في جريدة «الاتحاد الاشتراكي» في عدد أمس الثلاثاء، حفيظة المركزيات النقابية، ووصف علي لطفي، الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، تسريب مسودة قانون النقابات ب«الأمر غير السوي»، وقال: «لقد فوجئنا كنقابات بنشر مسودة قانون لم نتوصل بها، وإذ تأكد لنا أن وزير التشغيل هو من يقف وراء تسريبه لجريدة حزبه، فإننا نعتبر تصرفاته غير سوية». من جهته، أبدى عبد الله عطاش، عضو المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل ومستشار النقابة في البرلمان، استغرابه من تسريب المشروع، وقال في اتصال مع «المساء: «ما حدث يندرج في سياق التسريبات غير المحمودة التي نبهنا إليها الحكومة منذ بداية الحوار الاجتماعي خاصة في مراحله الأخيرة، وهو دليل على الاستهتار الذي تتعامل به بعض مكونات الحكومة مع النقابات»، مضيفا: «الأمر الذي يثير الاستغراب، بل يثير الكثير من الأسئلة حول الهدف من تسريب المشروع، هو أننا ولحدود الساعة السادسة من مساء أول أمس كنا مجتمعين مع وزير التشغيل ولم يخبرنا بأمر المشروع ولم نتسلم أية وثيقة بخصوصه». ووصف عطاش مشروع قانون النقابات ب»الناقص والمشوه والضعيف»، مضيفا أن قراءة أولية للمشروع تدل على أن واضعيه يحتاجون إلى إعادة التكوين. وفي السياق ذاته، قال عبد القادر الزاير نائب الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن نشر مسودة القانون دون إحاطة النقابات علما به «سلوك لا يمت لمبادئ الحوار الاجتماعي بصلة، ونعتبره وكأنه لم ينشر ولن نصدر رأينا فيه إلا بعد أن نتوصل به من وزارة التشغيل والتكوين المهني». يذكر أن مشروع القانون الذي يروم إعادة تأهيل الحياة النقابية بالمغرب، يضم أربعة أبواب تخص إدارة وتسيير النقابة المهنية، والأنظمة الأساسية للنقابات المهنية وتنظيمها وتسييرها وتأسيسها والتمويل، وقواعد وشروط التفرغ النقابي.