صفحات لمواقع إلكترونية وأخرى لأعلام ومشاهير وأخرى للترفيه والضحك وأخرى للإعلانات..، وأشخاص من مختلف أنحاء العالم أحيانا بوجووههم الحقيقية وأخيانا يضعون أقنعة، وضجيج كثيف وفوضى من الصور والكتابات تنتقي منها ما يعجبك. هذه أهم خصائص الفايسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي حيث تجد نفسك قادرا على إسماع صوتك وسماع أصوات الآخرين دون أدنى صعوبة. قبل الثورة المعلوماتية، إذا كان لديك رأي تريد أن تبديه وتسمعه لأكبر قدر ممكن من القراء، فعليك أن تجد صحيفة مناسبة، وتلتزم بحدود معينة أثناء الكتابة، وتنتظر موافقة مدير النشر..، وحتى إذا تخطيت كل تلك المراحل وتم نشر ما كتبته، فلن تتمكن من معرفة انطباعات وتعاليق القراء عكس ما هو متوفر في الجرائد الإلكترونية. لست هنا بصدد مدح الثورة المعلوماتية بقدر ما أصف شيئا أثار انتباهي، أشياء كثيرة تغيرت في العقود الأخيرة وصارت مقولة "العالم قرية صغيرة" تتأكد يوما بعد يوم، ولا شك أن لهذا انعكاسات سلبية وإيجابية في مختلف المجالات، وسأقتصر في حديثي هنا على مجال الصحافة المكتوبة. ألا تشكل الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تهديدا حقيقيا للصحف الورقية؟ لقد صار بإمكان الجميع استعمال الأنترنيت والوصول إلى أخبار ومعلومات يرغب في الوصول إليها دون صعوبة، ويمكن تصفح عشرات الجرائد والتعليق على مئات الأخبار وإعادة نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، بل بإمكان أي واحد منا نشر كتاباته الخاصة كيفما كان جنسها ونوعها بل حتى مضمونها، إلى هنا كل شيء رائع، لكن المشكلة تظهر عندما نبحث عن الصدق والمصداقية، ولنطرح الإشكال كما يلي: ما مدى مصداقية وصدق ما يتم نشره من أخبار؟ يمكن تجاوز هذا المشكل بالقول إن على القارئ أن يختار الجرائد الإلكترونية الأكثر شهرة على اعتبار أنها لن تقوم بنشر أخبار مزيفة خوفا على سمعتها. كل هذا والجرائد الورقية لا تزال مستمرة في الصدور، والإقبال عليها لا زال مستمرا، هذا لايدعو للعجب ما دامت الكتب الورقية لا زالت تلقى رواجا رغم إمكانية إصدارها وقراءتها إلكترونيا، ربما بسبب الأضرار التي قد تسببها القراءة عبر شاشات الحواسيب laptop أو الهواتف الذكيةsmart phone.. لنتجاوز هذا المشكل ما دامت هناك إمكانية لتكبير الصورة والقراءة بشكل مريح. يبدو أن معانقة أوراق حقيقية أفضل بكثير من معانقة أوراق مفترضة، فعندما نمسك جريدة بين أيدينا نشعر أننا نمسك شيئا "حقيقيا" و"طبيعيا" (نعم هو مصطنع لكن بدرجة أقل من الأجهزة المذكورة سلفا). أود أن أورد هنا تشبيها بسيطا بين قراءة الجرائد واللعب لدى الأطفال حتى تتضح الصورة، لنقل إن ألعاب الفيديو تشبه إلى حد كبير الجرائد الإلكتروبية ووجه التشابه بينهما هو أن كليهما نتاج للثورة التكنلوجية، في حين أن الإلعاب الشعبية التي يزاولها الأطفال خارج منازلهم أشبه بتصفح جرائد ورقية. خلاصة القول، الثورة التكنولوجية والمعلوماتية أضافت الشيء الكثير، بإيجابياتها وسلبياتها، لحياة الإنسان وغيرتها، لنقل، بشكل جذري، لكن حنينه إلى الحياة "البسيطة" الخالية، ولو نسبيا، من ضجيج العالم الافتراضي لا زال قائما، ولا نستثني الصحافة المكتوبة من هذا الحكم.