عندما طلب مجلس الأمن وقف «المسيرة « وأجاب الحسن الثاني : لقد أصبحت مسيرة الشعب    وهبي للمحامين: هل تريدونني أن أنبطح أرضا على بطني؟ ادخلوا للأحزاب وشكلوا الأغلبية وقرروا مكاني        ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية    بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    في "أول ظهور برلماني".. زيدان يراهن على جذب وتبسيط استثمارات الجالية    "يوسي بن دافيد" من أصول مغربية يترأس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء            أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    قرض ب400 مليون أورو لزيادة القدرة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط    التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    إسبانيا تواصل عمليات البحث وإزالة الركام بعد أسبوع من فيضانات    أنفوجرافيك | أرقام رسمية.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.6% بالربع الثالث من 2024    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    وزارة الاستثمار تعتزم اكتراء مقر جديد وفتح الباب ل30 منصب جديد    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع المواقع الإخبارية يزهر صحافة إلكترونية متميزة بالمغرب
نشر في تيزبريس يوم 20 - 03 - 2012

يقدم موقع «أليكسا» المتخصص في قياس نسب الولوج إلى المواقع الالكترونية حول العالم أرقاما دقيقة حول المواقع التي يقصدها المغاربة. وبعد خمس مواقع أولى ذات بعد عالمي تابعة إلى "فايس بوك" و"غوغل" و"يوتيوب" و"ويندوز لايف"، يطل أول موقع مغربي (هيسبريس) ليحتل الرتبة السادسة، باعتباره مؤشرا هاما جدا على تطور هذه النوعية من المواقع "الوطنية" وزيادة الإقبال عليها. وبعد نجاح "هيسبريس" أينعت مواقع أخرى شقت طريقها مستغلة توجه العديد من المغاربة نحو "الويب"، ودمقرطة الولوج إلى الانترنيت، وانتشار الصبيب العالي...
ولم يقتصر دخول المغامرة على بعض المدونين والمجهولين والمقلدين بل التحقت بالصحافة الالكترونية مجموعة من الصحافيين ضاق صدرهم بالصحافة الورقية أو ضاق صدرها بهم، فأزهر ربيعا للمواقع الالكترونية موازيا للربيع العربي والحراك الذي يشهده المغرب، لكن هل يمكن للربيع الالكتروني منح صحافة بديلة؟
يعتبر عياد بلال، الباحث المغربي في علم الاجتماع، الجرائد الالكترونية في مستوى التحولات الكبيرة والمتسارعة التي يعرفها المغرب، كما كانت من بين أهم قنوات وعوامل هذه التحولات ذاتها، نظراً لما للصورة والصوت من تأثير كبير في الاتصال الجماهيري (تجربة توظيف الفيديو والتسجيلات الصوتية لعدد من الأحداث والوقائع)، لندخل مرحلة جديدة من الإعلام، نتيجة تحرير الخبر من مقص الرقابة، و التوظيف السياسي، وهي المرحلة التي جعلت وضعية الصحافي المهنية بين قوسين، خاصة مع بروز فاعل إعلامي إلكتروني لم يعد في حاجة إلى دبلوم معاهد الصحافة، ولا اعتماد رسمي بمزاولة المهنة، إذ تحررت الكتابة و"التحليل الصحافي"، نتيجة تحرر عولمي للحق في التعبير، حتى أصبحت الصحافة المكتوبة عاجزة أمام حجم تدفق المعلومات والمعطيات الإعلامية عبر القنوات الالكترونية: المدونات، الجرائد الالكترونية، المواقع الاجتماعية (فايسبوك، تويتر...) التي تم توظيفها أخيرا حاملا وناقلا للمعطيات الإعلامية الخبرية منها والتحليلية. بل الأكثر من ذلك أن هذه القنوات باتت مصدرا من مصادر خبر الصحافة المكتوبة.
كما أن بروز هذا الفاعل الإعلامي الجديد الذي قد يكون أي مواطن عاد، قد ساهم بشكل كبير في تفكيك أساسيات الدولة الإعلامية المبنية على الاحتكار والتوظيف السياسي الذي يخضع لإستراتيجية زمنية وسياقية تخدم مصالح الدولة في تكريس هيمنتها السياسية على المجتمع، طالما أن تحرر المجتمع وتحوله يخضعان بشكل جوهري إلى المعلومة في زمن العولمة، إذ لم يعد احتكار السلطة السياسية يخضع فقط لاحتكار الرأسمال المالي، بعد أن شهد العالم تحولات على مستوى الاقتصاد السياسي من رأسمال المال إلى رأسمال المعرفة، وهنا تعتبر المعلومة جوهر هذا التحول والانتقال.
سؤال الخصوصية
وعن خصوصية هذه الجرائد الالكترونية، من خلال استحضار تجارب متنوعة يرى عياد بلال أن هذه المواقع الخبرية والإعلامية الالكترونية قد نشطت بشكل كبير في ظل المناخ العربي العام نتيجة ميلاد ما سمي بالربيع العربي ابتداء من الثورة التونسية، والمصرية، واليمنية، والليبية.... مروراً بالمغرب، إذ برزت حركة 20 فبراير، حركة دافعة للنقاشات السياسية والحراك الاجتماعي، وهو ما ولد تسارعاً للأحداث والوقائع التي شهدتها عدد من المدن المغربية، صاحبتها بكل تأكيد دينامية سياسية حزبية من جهة، وملكية من جهة أخرى، إذ ارتفع صبيب التداول والتعبير الذي خلق سجالا سياسياً لم يشهده المغرب طيلة تاريخه السياسي، وهو سجال طبع الأحداث بسرعة، وتطور التحليل والتعبير نتيجة تسارع الأحداث بالدرجة الأولى، خاصة مع التعتيم الإعلامي الرسمي الذي مورس في حق الحركة في بداياتها. ولذلك فإن هذه المواقع شكلت الأداة الرئيسية للتواصل الجماهيري بعيدا عن مقص الرقابة والتعتيم، وهو التواصل المبني أساساً على مصداقية الخبر من جهة، وقوته من جهة أخرى لتوظيفه الصوت والصورة، وأخيراً سرعة البث والنشر، و المواكبة الزمنية الدقيقة للأحداث، وهو ما تفتقده الصحافة المكتوبة، المستقلة منها والحزبية. كما انتقلت هذه المواقع وأخرى بطبيعة الحال من قنوات لنقل المعلومة والخبر إلى قنوات تفاعلية تؤسس خصوصيتها على إشراك القارئ الافتراضي نفسه في بناء الخبر وتحليله.
ويضيف بلال أنه في سياق التحليل تجب الإشارة إلى أن بعض المواقع ك"كود"، و"لكم" تركز بالأساس على القصاصات الخبرية، في حين يتوارى التحليل والتفاعل الافتراضي إلى الخلف، عكس مواقع أخرى ك"هيبة بريس"، أو "هسبريس"، و"مغرب بريس"... كما أن الموقعين الأخيرين يتميزان بسرعة التحيين إذ يصل أحياناً إلى كل ساعتين، عكس موقع "لكم" مثلا حيث يتم التحيين بشكل يمنع المواكبة السريعة للأحداث في بعض الأحيان. كما أن إمكانية نشر تحليلات القراء والمتتبعين في ما يخص "هيبة بريس" و"هسبريس" جعل الموقعين في قمة تردد القراء الافتراضي على الإعلام الإلكتروني.
المهنية
يرى الحسين يزي، الذي تعرض موقعه «أكورا» إلى الكثير من الانتقادات أن سؤال المهنية هو سؤال مطروح على الإعلام المغربي عموما، المكتوب والسمعي البصري، والالكتروني أيضا، وحتى الإعلام الغربي الذي يقدم مثالا للمهنية والنزاهة مطروح عليه هذا السؤال. «المؤكد أن هناك هدفين يجب أن تحققهما الرسالة الإعلامية هما، الإفادة والمتعة، لكن يبدو أن طرق تحقيقهما تختلف من مؤسسة إعلامية إلى أخرى، سواء في المغرب أو في الخارج. المهنية في الإعلام بشكل عام رهينة حسابات سياسية وفكرية واقتصادية. «أكورا» ضد القذف والتشهير ونشر الأخبار الزائفة. وتنشر حقائق حول أشخاص شنفوا أسماع المغاربة بالقول إن مشروعهم السياسي والمجتمعي يقوم على الأخلاق، ولا شيء غير الأخلاق. ونشر حقائق بعض المنتمين إلى جماعة العدل والإحسان دعاة هذا المشروع الأخلاقي، يرمي إلى تقريب المواطنين من حقيقة خطاب هؤلاء، والمؤكد أننا نقدر أيما تقدير فضلاء وعقلاء هذه الجماعة، والمؤكد أيضا أن نخبا مزيفة أزالت القناع عن وجهها الحقيقي في الآونة الأخيرة، وهو وجه لا يعتمد على الآليات المشروعة والديمقراطية للعمل السياسي. هذه النخب أصبحت تطرح نفسها بديلا ووصية على الشعب، وفي ذلك ضرب لماضي النخب السياسية الديمقراطية التي عانت الكثير وقدمت تضحيات جساما من أجل ترسيخ قيمة حقوق الإنسان والديمقراطية في بلادنا. فكيف يُعقل أن تسطو النخب المزيفة على رصيد النخب الحقيقية؟ وكيف يحق لهذه النخب المزيفة أن تصبح وصية على الشعب، وتتحدث باسمه دون أن يكون لها ماض نضالي أو مشروعية سياسية تاريخية؟ فهل من حق كل من تدبر أمر 5000 درهم لطبع شعارات فوق قطع من الثوب، ويستغل تجميد القانون منذ 20 فبراير الماضي، أن يقول إن الشعب يريد إسقاط كذا ورحيل فلان وعلان؟ الأكيد أن الحراك الاجتماعي والسياسي فقد مدلوله لأن الفاعلين فيه ينتمون إلى نخب مزيفة».
وبضيف يزي، «مواقفي تجاه الحراك الذي بدأ في المغرب، وتجاه الذين يقدمون أنفسهم على أنهم الفاعلون في هذا الحراك، لم تولد مع ميلاد «أكورا»، فبعد ثورة تونس واندلاع الأحداث في مصر، كتبت مقالات نُشرت في مواقع إلكترونية صديقة، مفادها أننا لا نريد تقليد ثورة أحد، ولا نريد ثورة القرضاوي ولا ثورة «الجزيرة»، وأن المغرب تفاعل مع التغيير والإصلاح منذ أكثر من عشر سنوات، وأنه لا يحق استباحة شوارع المغرب من طرف مكونات تُكن لبعضها البعض كل العداء التاريخي، فكيف يُعقل أن تجتمع العدل والإحسان مع القاعديين والطليعيين، وبين أفكارهم ومبادئهم كل التناقض؟ المؤكد أن الهدف من اجتماع ما لا يجتمع هو تعميم ثقافة الفوضى والعصيان. مرجعية «أكورا» ديمقراطية، وواجبها كشف حقائق الفكر الاستبدادي والفكر الشمولي اللذين يلتقيان كل يوم أحد في علاقة غير شرعية أمام الملأ. «أكورا» تطرح حقائق مشفوعة بتعليق يحمل موقفا واضحا، وتناقش الأفكار بالصرامة العلمية والفكرية المطلوبة».
صحافيون أم معارضون
من جهته يقول أحمد نجيم، «لنا ميثاق شرف مع القراء منشور في الموقع، فنحن كتبنا وكررنا أننا لسنا محايدين في تصورنا للديمقراطية وما يرتبط بها من علمانية وعقلانية ومشاركة واجبة على جميع فئات المجتمع دون تفويض لأحد، ولن نكون محايدين في ترجمة هذا التصور من خلال ما نقترحه عليكم في هذا الموقع. لكننا بالمقابل سنحاول قدر الإمكان أن نكون موضوعيين. سنحاول أن نجعل من التحري والهدوء والجدية قيما للعمل ومنهجية لتأكيد مصداقيتنا، سنحاول قدر الإمكان أيضا احترام أخلاقيات مهنة الصحافة كما هو متعارف عليها وطنيا ودوليا». و"لن ندعي أننا سنكون لسان كل المغاربة، ولن ندغدغ أو نغازل مشاعر القراء ليسكنوا موقعنا، فالأغلبية ليست دائما على حق، وسننحاز إلى القيم التي نؤمن بها وإن تضادت مع قيم الأكثرية"، كما «سيكون موقعنا مدافعا شرسا عن القيم الكونية، وضد الأصوليات كيفما كان لونها، مع الانفتاح والحرية والجرأة والجمال، وضد الانغلاق والمنع والتحريم، دون شعبوية». فجانب المهنية إذن حاضر بقوة، «نتحرى الخبر قبل نشره، نتصل بالأطراف جميعها، لا نحاول تغليب طرف على طرف، وهذا ما جعل «كود» محط انتقادات من قبل البعض لأنهم يريدوننا بوقا، وهذا لا علاقة له بقيمنا، فلسنا معارضين ولا نريد أن نكون كذلك، نحن صحافيون».
عن أي صحافة نتحدث
واقع الصحافة الإلكترونية يدفع حسن حبيبي، الصحافي والأستاذ الجامعي المختص في الإعلام، إلى القول، «أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث اليوم عن الصحافة الإلكترونية بالمغرب بالصيغة التي ينبغي أن نتحدث بها عن أي كيان مكتمل له خصوصياته ومعالمه المميزة. لا يمكن ذلك مادامت هذه الأخيرة تفتقر، في تقديري الشخصي، إلى أبسط المقومات التي يمكن أن تجعل منها قطاعا له نظامه الخاص وإطاره القانوني الذي يضبطه. بصيغة أخرى، يجب إضفاء الطابع المهني على الصحافة الإلكترونية ببلادنا، كما هو الشأن في بلدان أخرى، ووضع الإطار القانوني الذي ينظمها ويحميها من الفوضى وانعدام المهنية التي تميزها أكثر من أي شيء آخر... بعد ذلك يمكن لنا فرز المادة الأساسية التي تخول لنا المرجع الرئيسي لكل محاولة تقييم أو إصدار حكم معين».
ثم يضيف حبيبي، «أكيد أن بعض المحاولات بدأت تعبد طريقها نحو المهنية في مجال الصحافة الإلكترونية، ولن أذكر العناوين حتى لا أنسى أحدها رغم قلتها، لكن التجربة، في اعتقادي الشخصي ما تزال جنينية لم تتضح معالمها بعد، وللأسف فأغلبها يعتمد على أسلوب النسخ واللصق للمواد الصحافية من أخبار وربورتاجات وتحقيقات مأخوذة من جرائد ومجلات ورقية. وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لدينا فعلا صحافة إلكترونية مغربية، أم فقط نسخ إلكترونية لصحافة ورقية؟».
البحث عن الذات
ويتساءل حسن حبيبي، «أين نحن من كل هذا؟ فالحديث عندنا ما زال جاريا حول هل سيتم الاعتراف بالصحافي الإلكتروني أم لا؟ وما هي الضوابط التي تحكم المهنة؟ وما هو الإطار القانوني؟ إلى آخره من الأسئلة المشروعة التي لا يجب أن تظل وراء الباب في انتظار أجوبة قد تأتي أو لا تأتي. وكأننا نتحدث عن كائن غرائبي! يجب فقط إقرار سياسة واضحة المعالم في هذا الشأن يتم من خلالها التعامل مع الصحافة الإلكترونية بشكل مهني لا يقل شأنا عن باقي المؤسسات الإعلامية الأخرى. شريطة أن تتوفر في العاملين في هذا المجال الكفاءة المهنية والتخصص بكل ما تقتضيه الكلمة من مسؤولية وأخلاقيات. فإذا كنا نشترط شهادة الكفاءة بالنسبة إلى الطبيب مثلا، فالأمر نفسه يجب أن نشترطه على الصحافي.علما أن الطبيب لا يمكنه التعامل مع أكثر من زبون واحد في كل عملية.
في حين أن الصحافي «يشرح» عددا يقدر على الأقل بالآلاف في كل عملية تعامل مع خبر أو صناعته».
وأضاف حبيبي، «في فرنسا مثلا، وإذا عدنا إلى القانون المعروف ب"آدوبي" الذي صدر في مرسوم يخول الاستفادة من الإعفاء الضريبي، يشترط على الناشر الإلكتروني حتى يكون معترفا به من قبل اللجنة المشتركة للمنشورات ووكالات الأنباء أن يتقيد بشروط واضحة: أولا أن تكون المادة أصلية، أن تكتب وتنشر وفقا للمقدرات المهنية، وأن تتكون من معلومات راهنة وتتجدد بانتظام، وأن تخضع إلى المعالجة المهنية وتكون مادة بحث وتحقيق ومقارنة..إلخ. ثم ألا تشكل المادة أداة ترويج تابعة لقطاع تجاري أو غيره. أما الأهم في نظري، هو أن ينتجها صحافي مهني، إذا تعلق الأمر بمعلومة سياسية أو ذات صفة عمومية، إذ لا يعقل أن يظل المجال مفتوحا على الدجالين والكتبة الذين ينتجون الأمراض أكثر من المعلومات. يجب التعامل مع هذا بحذر شديد، لكن من غير إقصاء.
لكن مع ذلك، ووفق ما نقرأه على بعض المنابر، إلكترونية كانت أم ورقية، لدي تخوف من نوع خاص، فطبيعة الصحافة الإلكترونية تؤهل «الدجالين والكتبة» لاحتلال مواقع ليست لهم، أما الصحافي فلا يجدر به أن ينساق في سباق غير ذي جدوى، في زمن أصبحنا نصدر فيه للأسف الصحيفة نفسها، بالمواصفات نفسها والمحتوى نفسه والمقاربات نفسها بدافع الحاجة إلى النتائج السريعة، إذ لا يوجد وقت للتقصي أو التحقق من الخبر. وكأننا ندخل حلبة سباق يرتفع فيها الرقم القياسي بشدة. إن كل ما تقدمه الصحافة الإلكترونية من وصفات تؤهل الصحافي، غير الحذر، أن يتحول إلى كائن يملك أقصر ذاكرة، وهنا تكمن الخطورة».
مغامرة سيزيفية
وعن الصعوبات التي واجهته يقول نجيم، "الصعوبات مالية على وجه خاص، إذ نريد الحفاظ على الحرية الموجودة في "كود" لكن جلب إعلانات صعب خاصة بالنسبة إلى أناس، مثلنا، يجهلون هذا العالم. هناك بداية مشجعة في الشهرين الأخيرين".
أما يزي فيؤكد "أن أكبر صعوبة تواجهنا في "أكورا" وأعتقد أنها عامة، هو مسايرة الأحداث، ونحن دائما ملزمون بالتريث وعدم التسرع، وغالبا ما نفضل عدم مسايرة إيقاع الأحداث السريع جدا حتى لا نقع في الأخطاء، ف"أكورا" واضحة في مواقفها، ولا مجال فيها لتأرجح الأحاسيس والقناعات، وكذلك طريقة معالجتها للأحداث والأخبار".
المستقبل في يد من؟
يشير حسن حبيبي إلى أن «الصحافة الإلكترونية في العالم تعرف تحولا خطيرا، وهو تحول يساير منطق السوق، اقتصاديا وسياسيا. ففي فرنسا مثلا، ووفقا لدراسة أجرتها مؤسسة «جي إف كا» هناك أزيد من أربعة قراء للصحافة الورقية من أصل عشرة توجهوا إلى وسائل الإعلام الرقمية.. هذا يفسر أن الرقمي بدأ يدخل في سلوك وعادات المستعملين، ولكن الورق يظل، مع ذلك، دائما دعامة رئيسية للقراءة الصحافية. من هنا يجب أخد الحيطة والحذر من كل محاولة مقارنة بين الصنفين من الصحافة، إذا أجزنا تعبير»الصنف». إذا هناك تحول ملحوظ وواقعي، لكنه تحول غير كلي. ودائما حسب الدراسة نفسها فهناك فقط 11 في المائة من الذين يقومون بتحميل المواد الصحافية على الإنترنت، لم يعودوا يستعملون الصحافة الورقية. هذا يدل على أن هناك تكامل بين الصحافة الإلكترونية ونظيرتها الورقية، ولكنه تكامل غير واضح المعالم».
ويضيف حبيبي، «لكن في الولايات المتحدة مثلا، الهوة بدأت تتسع بين الوسيلتين، الإلكترونية والورقية. فوفقا لتقرير نشرته مؤسسة «ستايت أوف نيو ميديا»، تبين أن عائدات الإعلانات عبر الإنترنيت تجاوزت نظيرتها على الصحافة الورقية مقارنة مع السنة الماضية. وهذا مقياس أساسي لدى الممولين وأصحاب المشاريع الصحافية والإعلامية عموما، وبالتالي سيجر معه تحولا على مستوى سلوكات القراءة، فالاقتصاد محدد أساسي، وموت أو حياة جريدة ما مرتبط أساسا بالعائدات المالية المبنية أساسا على سوق الإعلانات».
ويخلص حبيبي إلى القول بأن النماذج الاقتصادية في العالم آخذة في التغيير.. ولا يمكن للصحافة، أو لصناعة المعلومات وتداولها، أن تظل في منأى عن هذا التغيير. فالأخبار على الإنترنت التي كانت بالأمس مجانية ستصبح تدريجيا بمقابل مالي، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية وتحت ضغط المؤسسات الإعلامية الكبيرة. أما القراء فهم لا يرون هذا التغيير بعين مجردة، بل هو تحول بطيء سينقلنا إلى الضفة الأخرى من غير شعور. «بصيغة أخرى، وفي ما يتعلق بمستقبل هذا النوع من الصحافة. أعتقد أننا سنشهد نهاية المجانية على الإنترنت، كما يحدث الآن في الولايات المتحدة وبريطانيا. فالتايمز اللندنية أصبحت قراءتها الآن على الانترنيت بمقابل مالي. وقد فقدت ستين في المائة من عدد زوارها، لكنها ستكتفي بالأربعين الذين يؤدون مقابل زياراتهم. أما «نيويورك تايمز» فتتهيأ لمنطق الأداء مند ما يزيد عن سنة. ويجري الآن الحديث عن شراكة بينها وبين شركة «آبل» لإصدار حامل إلكتروني بمواصفات حديثة جدا. وهي الصحيفة الإلكترونية التي يزور موقعها أزيد من ستة وعشرين مليون زائر في الشهر».
ويؤكد حبيبي، «انطلاقا من هذا التصور، أعتقد أن ما يجب القيام به أولا هو إضفاء الطابع المهني على هذا المجال وتعزيز مكانة الصحافي ماديا ومعنويا، وضبط مبادئ أخلاقيات المهنة داخله. وهذا لا يتأتى دون رسم سياسة تعتمد أساسا على التدريب والتكوين في مجال الإعلام الإلكتروني عامة، وتطوير الشراكات مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال».


جمال الخنوسي
الصباح : 19 - 03 - 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.