ربيع المواقع الإخبارية يزهر صحافة موازية: في الحاجة إلى الصحافة الإلكترونية لماذا الانتقال إلى الصحافة الالكترونية؟ بين العام والخاص الحكومة تكتشف "خطورة" المواقع الإلكترونية مواقع متشابهة وأهداف متباينة من يمول؟ من يكتب؟ المعلومة جوهر التحول والانتقال سؤال الخصوصية صحافيون أم معارضون عن أي صحافة نتحدث البحث عن الذات المستقبل في يد من؟ يقدم موقع «أليكسا» المتخصص في قياس نسب الولوج إلى المواقع الالكترونية حول العالم أرقاما دقيقة حول المواقع التي يقصدها المغاربة. وبعد خمس مواقع أولى ذات بعد عالمي تابعة إلى "فايس بوك" و"غوغل" و"يوتيوب" و"ويندوز لايف"، يطل أول موقع مغربي (هيسبريس) ليحتل الرتبة السادسة، باعتباره مؤشرا هاما جدا على تطور هذه النوعية من المواقع "الوطنية" وزيادة الإقبال عليها. وبعد نجاح "هيسبريس" أينعت مواقع أخرى شقت طريقها مستغلة توجه العديد من المغاربة نحو "الويب"، ودمقرطة الولوج إلى الانترنيت، وانتشار الصبيب العالي. ولم يقتصر دخول المغامرة على بعض المدونين والمجهولين والمقلدين بل التحقت بالصحافة الالكترونية مجموعة من الصحافيين ضاق صدرهم بالصحافة الورقية أو ضاق صدرها بهم، فأزهر ربيعا للمواقع الالكترونية موازيا للربيع العربي والحراك الذي يشهده المغرب، لكن هل يمكن للربيع الالكتروني منح صحافة بديلة؟ يطرح الحديث عن الصحافة الالكترونية إشكالا مفاهيميا حول ما يعنيه المصطلح ودلالاته. ويرى حسن حبيبي، الصحافي والأستاذ الجامعي المختص في الإعلام، ضرورة ضبط مفهوم الصحافة الإلكترونية أولا قبل الخوض في خباياها وإشكالاتها وتفرعاتها فيتساءل، "ماذا نعني بالصحافة الإلكترونية؟ هل هي مؤسسات أم مجرد مواقع تابعة؟ أم هي فقط صفحات شخصية تروج من خلالها أخبار ومواد لا تصلح لا للنشر ولا للغسيل؟". وينبه حبيبي، بقوله "صرنا نلاحظ انخراط مجموعة من الصحافيين المحسوبين على الصحافة الورقية في تجربة صحافة الويب، وهذا جميل في حد ذاته، لكنها تجارب فردية أكثر منها تجارب مؤسساتية لها رساميل تجعل منها مقاولة لها بنياتها التحتية والفوقية، وبالتالي لا يمكن التعامل معها على هذا الأساس". في الحاجة إلى الصحافة الإلكترونية في السياق نفسه يقول عياد بلال، الباحث المغربي في علم الاجتماع، إنه الحديث عن الصحافة الإلكترونية شكلا من أشكال عولمة الإعلام والمعلومة، يستدعي استحضار السياق الذي برزت فيه كحاجة ملحة في ظل احتكار الدولة بكل مؤسساتها للرأسمال المعلوماتي، ذلك أن مفهوم الدولة الوطنية في ظل العولمة قد تراجع لصالح انتفاء حدود المؤسسات واحتكار المعلومات. إذن في ظل هذا المناخ السياسي بالدرجة الأولى، وقبل ميلاد الإعلام الإلكتروني برزت في الساحة المغربية كما هو الحال بالنسبة إلى عدد من الدول العربية ما سمي الصحافة المستقلة، كتجل حقيقي لموت الصحافة الحزبية من جهة، وتلبية الحاجة إلى المعلومة اجتماعيا وسياسيا، في ظل التحولات المجتمعية التي عرفها المغرب، إذ ملأت هذه الصحافة الفراغ الذي تركته الصحافة الحزبية. ولأن مفهوم الاستقلالية في مجال الإعلام والمعلومة هو مفهوم نسبي، يخضع إلى اشتراطات وأولويات ترتبط بالدرجة الأولى بطبيعة النظام السياسي، فإن الصحافة المستقلة نفسها أصبحت عاجزة عن تلبية حاجة المواطن إلى المعلومة في زمن بقيت فيه وزارة الداخلية المحتكر الرسمي والناظم المركزي لتداولية الخطاب الإعلامي. ويضيف بلال أن أمر الكتابة حول لوبيات الفساد الإداري والمالي والقضائي، وفشل سياسات الدولة في عدد من الأوراش التي أبت أن تكتمل، بات يقتضي الحصول على المعطيات والوثائق لكي يستقيم التحليل الصحافي، وهو ما كانت تقوم به الصحافة المستقلة التي وفقت إلى حد لا بأس به، لكنها بقيت عاجزة عن الحصول على المعلومة الحساسة الكفيلة بتنوير الرأي العام في القضايا الجوهرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وأمام تعطش الرأي العام وعدد كبير من الأقلام التي باتت تشعر بحيف كبير في حقها في الخبر والمعلومة، بدأ عدد من المدونات الإلكترونية في الظهور، حيث تنتفي الإكراهات القانونية والجنائية التي تخنق الصحافة المكتوبة في التعبير والنقد، وهكذا كانت البداية رد فعل موضوعيا ناتجا عن تقلص مساحة حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة، خاصة أمام فشل الصحافة الحزبية والإعلام الرسمي في تلبية حاجة المواطن إلى المعلومة، وفشل المشهد السياسي في تكريس الخيار الديمقراطي، وظهرت تدريجياً جرائد إلكترونية ضمنت حداً كبيراً من التفاعل الجماهيري، خاصة في ظل غياب الرقيب الرسمي. لماذا الانتقال إلى الصحافة الالكترونية؟ وتدفع مصاعب الإصدار الورقي أو فشل تجربة سابقة إلى الانتقال إلى «الويب». وعن أسباب التحول من الورقي إلى الالكتروني ودلالاته، يقول أحمد نجيم، مدير موقع «كود»، «كان التفكير في إطلاق جريدة أسبوعية «كود» وحصلنا، نحن الصحافيين العاملين في مجلة «نيشان» الورقية في وقت سابق، على الترخيص، لكن واجهتنا مشاكل مالية. نحن نعي أن إطلاق أسبوعية يحتاج إلى تمويل لا قبل لنا به. فأتت فكرة إطلاق «كود» بعد فشل هذه المحاولة. واتفقنا أن نطلق موقعا إخباريا يعبر عن خطنا التحريري المدافع عن قيم الحرية والديمقراطية وينبذ الإقصاء. كما أشرنا في قسم «من نحن»، وافتتاحية الموقع الإخباري، فالانترنيت كميديا جديدة، أصبح جزءا من حياتنا، ومن الصعب تخيل أي إنسان في العالم يعيش بدونه». من جهته يرى الحسين يزي، مدير موقع «أكورا» أنه بعد جولة شبه كاملة على الجرائد الوطنية الورقية، «أعني اشتغالي بيوميات: العلم، ورسالة الأمة، والصباح، والمساء، وماروك سوار ومجلة مغرب اليوم، كان لابد من التفكير في الخروج من جلباب الصحافي الأجير لأسباب مهنية بالدرجة الأولى. فقد يأتي يوم على الصحافي يجد نفسه قد نفد زاده مهنيا، في غياب برامج التكوين المستمر والبرامج المجددة لدماء الصحافي، وأيضا البرامج التي تتعامل مع الصحافي من حيث الأقدمية وقيمة عطائه طيلة سنوات. والمؤكد أن أغلب المؤسسات الصحافية لا تتوفر على مثل هذه البرامج، فقط تحاول أن توفر الحد الأدنى من الجانب المادي والمعنوي لصحافييها، وتطلب منهم العمل والمبادرة اليومية، وحين يمل الصحافيون أو يشعروا أن عطاءهم نفد، لا تتعامل هذه المؤسسات بالإيجاب مع مثل هذه الحالات، والذي يحدث هو أن الصحافي يختار الاستقالة بهدف تجديد دمائه». ثم يضيف، «شخصيا حسمت في أمر الابتعاد عن الصحافة الورقية لأنني اقتنعت بضرورة البحث عن فضاء آخر، قد يكون مناسبا لتجديد الدماء المهنية ولم لا محاولة الابتكار والاستفادة من تجربة الصحافة الورقية. ووقع الاختيار على الإبحار في عالم الصحافة الالكترونية، أولا لأنها غير مكلفة، وثانيا لأنها ممتعة حقا، لأنك تتفاعل مع عشر مواطني المغرب، فكما تعلم ثلاثة ملايين مغربي يعيشون وراء الحاسوب، وهذا رأي عام لا يُستهان به على الإطلاق». بين العام والخاص وتتوزع المواقع الإلكترونية المغربية بين صنف ذي بعد محلي محدد جغرافيا، وآخر يحاول تغطية الأحداث الوطنية والدولية أيضا من خلال نظرة شاملة وكلية للأحداث. ويقول عياد بلال بهذا الخصوص، «بكل تأكيد شهد المغرب أخيرا تناسلا كبيرا لمواقع إلكترونية ومدونات خبرية عديدة، وهي مواقع يمكن تصنيفها ترابيا وجغرافيا كمواقع محلية جهوية، إذا أصبح لكل مدينة مغربية موقع إخباري، كما عرفت عدد من الجهات مواقع جهوية مثلما هو الحال بالنسبة إلى منطقة الريف. بشكل يجعلنا نتكلم عن مفهوم النسخ. فهي مواقع تكاد تكون متشابهة على مستوى الشكل، والتبويب والخلفية التوضيبية، كما تتشابه على مستوى الإستراتيجية التدبيرية للموقع، إذ أن أغلبها شخصي، وتفتقر إلى فريق عمل أو أعضاء تحرير، مثلها في ذلك مثل بعض الجرائد الجهوية والمحلية الورقية، لكن بشكل عام فإن بروز فاعلين محليين مرتبطين بفعاليات المجتمع المدني كحتمية فرضها زمن العولمة، وانحسار حقل الفعل الاجتماعي والسياسي والثقافي في زمن ما تزال الدولة المحتكر الرسمي للفعل الاجتماعي بتعبير بارسونز، جعل عددا من هؤلاء يعمدون لبناء مواقع خبرية إلكترونية، وهو البناء الذي يشكل بعدا إيجابيا يدخل في ما أسميه بدينامية الإعلام المدني، لكن يحمل في طياته سلبياته، أقلها شخصنة هذه المواقع، وانحرافها عن أخلاقيات الصحافة والإعلام، وهي أخلاقيات مدنية بالدرجة الأولى، ففي غياب تقنين للصحافة الالكترونية، وفي غياب مداخيل تضمن استقلالية هذه المواقع، إذا استثنينا بعض مداخيل الإشهار التي تضمنها شركة غوغل مثلاً والمرتبطة بنقرات التردد الافتراضي، فإن أصحاب هذه المواقع يدخلون في إطار مساومات لوبيات توظف هذه المواقع لصالحها، وقد يكون هذا التوظيف سياسياً أو اقتصادياً، مما يشكك في مصداقية هذه الصحافة الناشئة، وهي الاستقلالية التي لا تهددها فقط لوبيات الفساد والمال والأعمال والسياسة، فقط، بل حتى الدولة من جهة ثانية، إذ لا يخفى توظيف الدولة نفسها ووزارة الداخلية والسلطات المحلية لعدد من هذه المواقع، أو استعمالها في عدد من القضايا، من خلال منح أو دعم مباشر، كما من خلال استفادتها من مشاريع التنمية البشرية، وهو توظيف استراتيجي يجب أن يندرج في إطار سياسة إعلامية ديمقراطية واضحة تنطلق أساسا من تقنين الإعلام الالكتروني في إطار دولة الحق والديمقراطية، حتى لا تتحول هذه المواقع إلى دكاكين تجارية افتراضية لجني المال وعرقلة المسلسل الديمقراطي باسم حرية التعبير وتحرير الإعلام والحق في الخبر،ما دام هذه الإعلام أصبح واقعاً لا يمكن تجاوزه أو تجاهله، إذ أن الدارس لبعض هذه المواقع يكتشف أن استقلالية هذه المواقع مجرد شعار يكتب في بداية الصفحة الرئيسية. إن إستراتيجية الدولة في إطار تحرير الإعلام وتقنينه وتكريس الحق في الخبر والمعلومة يجب أن تشتغل على تقوية الإعلام المكتوب، والسمعي البصري، كما لا يجب أن يترك الإعلام الإلكتروني مهمشاً وبعيدا عن تجليات هذه الإستراتيجية، ما دام أنه، كما قلت أصبح واقعاً يجب توظيفه بشكل يقوي واجهة البلاد الإعلامية، وإلا فإن القارئ المغربي الافتراضي سوف يبقى ضحية مواقع الخصوم، مثال على ذلك موقع ريشة بريس الذي لا يحترم أبسط أساسيات وأخلاقيات الإعلام والصحافة، فتوظيفه للأخبار الزائفة، والانتقادات اللاإنسانية واللاأخلاقية لرموز البلاد والوطن يجعل الدولة أمام مسؤولية كبيرة، وعليها التفكير في تقوية الإعلام المغربي بكل تصنيفاته». الحكومة تكتشف "خطورة" المواقع الإلكترونية بعد الأحداث التي عرفتها مدينة تازة أخيرا، اكتشفت حكومة بنكيران عدوا جديدا اسمه المواقع الإلكترونية التي يمكن أن تلعب دورا خطيرا في "التزييف" والتأجيج" و"المناورة"و"نشر الفتنة". وبعد رد فعل عنيف تجاه «تجاوزها» الحدود، هدأت الحكومة من روعها و"بردت أعصابها" لتنتقل إلى مستوى آخر من النقاش إذ أكد وزير الاتصال، مصطفى الخلفي أن الوزارة تعتزم «إعداد برامج لإدماج الصحافة الإلكترونية في إستراتيجية المغرب الرقمي». وقال إنه عقد سلسلة لقاءات مع ممثلي هذه المنابر قصد دراسة الإشكاليات المرتبطة بهذا القطاع والبحث عن الحلول الملائمة لها. وتستند استراتيجية المغرب الرقمي على جعل التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال قاطرة للتنمية وتمكين المغرب من ولوج الاقتصاد الرقمي العالمي، سيما من خلال تمكين المواطنين من الولوج إلى الإنترنت ذي الصبيب العالي وتشجيع الولوج إلى المعرفة. مواقع متشابهة وأهداف متباينة تختلف أهداف إنشاء المواقع الإلكترونية حسب توجهات أصحابها وحساسياتهم الثقافية والسياسية وقناعاتهم الفكرية. وحول الهدف من إنشاء «كود» يقول نجيم، «نحن جريدة إخبارية تدافع عن خط تحريري واضح، ندافع عن قيم العلمانية والقيم الحديثة، إذ يظهر هذا في مقالات الرأي المنشورة في الموقع، ولا نسمح بنشر ما يعارض خطنا التحريري. ف"كود" جريدة إلكترونية لا تنافس اليوميات، لأننا نعتمد على الأخبار القصيرة وعلى نشر مقالات على مدار اليوم». من جهته، يرى يزي أن الإفادة والمتعة، والانفتاح والتفاعل مع الجمهور وخدمته وتنويره بهدف إقناعه، وأنه مستعد للمثول أمام القضاء من أجل ما ينشره ويعبر عنه من مواقف، وأنه مع كشف الحقيقة مهما كانت صادمة لأنها فعلا حقيقة، وضد القذف والتشهير ونشر الأخبار الزائفة. من يمول؟ من يكتب؟ حول سؤال مصادر تمويل بعض المواقع الالكترونية يقول أحمد نجيم، «المسؤولية تقتضي أن نعرف من يقف وراء الموقع، فقد أنشأت شركة «كود ميديا» الشركة الناشرة ل"كود". ولا نريد أن نختبئ وراء الفراغ القانوني، وقد انضممنا إلى فيدرالية الناشرين المغاربة، بعد ذلك. لقد اقترضت 100 ألف درهم من صديق، كما ساعدتني زوجتي في الأمر. كان هذا المبلغ لإطلاق الموقع وأداء رواتب 4 أشخاص 3 صحافيين وتقني. أما مدخول الإشهار الذي بدأ الموقع يستقبله أخيرا، فيسمح بتغطية المصاريف القليلة جدا والتي لا تتجاوز شهريا 25 ألف درهم. وهذا راجع إلى نجاح «كود» في الوصول إلى أكثر من ستة ملايين صفحة مقروءة شهريا». أما الحسين يزي فيقول إن مسألة التمويل غير مكلفة بالنسبة إلى الجريدة الالكترونية، "بدأت هذا المشروع بإمكانيات مادية بسيطة جدا. لم نرق بعد إلى مستوى التمويل الإشهاري كما هو الواقع بالنسبة إلى بعض المواقع الإلكترونية الصديقة، وحتى الزملاء الذين يتعاملون مع "أكورا" لهم وضعية مادية قارة مع مؤسسات إعلامية أخرى فهم متطوعون وأشكرهم بهذه المناسبة. وحتى بالنسبة إلي تعلمون أنني أشتغل مستشارا إعلاميا لدى مؤسسة إعلامية. هذا مشروع المستقبل يتطلب التضحية والجهد الكبير، والأكيد أن للصحافة الإلكترونية مستقبلا زاهرا وواعدا". وتولد الحالة المادية داخل العديد من المواقع الالكترونية إلى غياب تام لهيأة تحرير قارة ومعروفة حتى غدت أمرا شائعا ومتداولا داخل معظم المواقع الالكترونية التي تملؤها الضبابية والغموض، وفي كثير من الأحيان توقع المقالات بأسماء وهمية أو لأشخاص مجهولين. موقع هبة بريس مثلا الذي يحتل الرتبة 18 حسب تصنيف "أليكسا"، يضع خانة لفريق العمل فارغة ولا تتضمن حرفا واحدا. بدوره يورد موقع "لكم" الذي يحتل الرتبة 30 حسب التصنيف ذاته اسم صحافي وحيد، إضافة إلى مدير الموقع ومدير التحرير. المعلومة جوهر التحول والانتقال يعتبر عياد بلال، الباحث المغربي في علم الاجتماع، الجرائد الالكترونية في مستوى التحولات الكبيرة والمتسارعة التي يعرفها المغرب، كما كانت من بين أهم قنوات وعوامل هذه التحولات ذاتها، نظراً لما للصورة والصوت من تأثير كبير في الاتصال الجماهيري (تجربة توظيف الفيديو والتسجيلات الصوتية لعدد من الأحداث والوقائع)، لندخل مرحلة جديدة من الإعلام، نتيجة تحرير الخبر من مقص الرقابة، و التوظيف السياسي، وهي المرحلة التي جعلت وضعية الصحافي المهنية بين قوسين، خاصة مع بروز فاعل إعلامي إلكتروني لم يعد في حاجة إلى دبلوم معاهد الصحافة، ولا اعتماد رسمي بمزاولة المهنة، إذ تحررت الكتابة و"التحليل الصحافي"، نتيجة تحرر عولمي للحق في التعبير، حتى أصبحت الصحافة المكتوبة عاجزة أمام حجم تدفق المعلومات والمعطيات الإعلامية عبر القنوات الالكترونية: المدونات، الجرائد الالكترونية، المواقع الاجتماعية (فايسبوك، تويتر...) التي تم توظيفها أخيرا حاملا وناقلا للمعطيات الإعلامية الخبرية منها والتحليلية. بل الأكثر من ذلك أن هذه القنوات باتت مصدرا من مصادر خبر الصحافة المكتوبة. كما أن بروز هذا الفاعل الإعلامي الجديد الذي قد يكون أي مواطن عاد، قد ساهم بشكل كبير في تفكيك أساسيات الدولة الإعلامية المبنية على الاحتكار والتوظيف السياسي الذي يخضع لإستراتيجية زمنية وسياقية تخدم مصالح الدولة في تكريس هيمنتها السياسية على المجتمع، طالما أن تحرر المجتمع وتحوله يخضعان بشكل جوهري إلى المعلومة في زمن العولمة، إذ لم يعد احتكار السلطة السياسية يخضع فقط لاحتكار الرأسمال المالي، بعد أن شهد العالم تحولات على مستوى الاقتصاد السياسي من رأسمال المال إلى رأسمال المعرفة، وهنا تعتبر المعلومة جوهر هذا التحول والانتقال. سؤال الخصوصية وعن خصوصية هذه الجرائد الالكترونية، من خلال استحضار تجارب متنوعة يرى عياد بلال أن هذه المواقع الخبرية والإعلامية الالكترونية قد نشطت بشكل كبير في ظل المناخ العربي العام نتيجة ميلاد ما سمي بالربيع العربي ابتداء من الثورة التونسية، والمصرية، واليمنية، والليبية.... مروراً بالمغرب، إذ برزت حركة 20 فبراير، حركة دافعة للنقاشات السياسية والحراك الاجتماعي، وهو ما ولد تسارعاً للأحداث والوقائع التي شهدتها عدد من المدن المغربية، صاحبتها بكل تأكيد دينامية سياسية حزبية من جهة، وملكية من جهة أخرى، إذ ارتفع صبيب التداول والتعبير الذي خلق سجالا سياسياً لم يشهده المغرب طيلة تاريخه السياسي، وهو سجال طبع الأحداث بسرعة، وتطور التحليل والتعبير نتيجة تسارع الأحداث بالدرجة الأولى، خاصة مع التعتيم الإعلامي الرسمي الذي مورس في حق الحركة في بداياتها. ولذلك فإن هذه المواقع شكلت الأداة الرئيسية للتواصل الجماهيري بعيدا عن مقص الرقابة والتعتيم، وهو التواصل المبني أساساً على مصداقية الخبر من جهة، وقوته من جهة أخرى لتوظيفه الصوت والصورة، وأخيراً سرعة البث والنشر، و المواكبة الزمنية الدقيقة للأحداث، وهو ما تفتقده الصحافة المكتوبة، المستقلة منها والحزبية. كما انتقلت هذه المواقع وأخرى بطبيعة الحال من قنوات لنقل المعلومة والخبر إلى قنوات تفاعلية تؤسس خصوصيتها على إشراك القارئ الافتراضي نفسه في بناء الخبر وتحليله. ويضيف بلال أنه في سياق التحليل تجب الإشارة إلى أن بعض المواقع ك"كود"، و"لكم" تركز بالأساس على القصاصات الخبرية، في حين يتوارى التحليل والتفاعل الافتراضي إلى الخلف، عكس مواقع أخرى ك"هيبة بريس"، أو "هسبريس"، و"مغرب بريس"... كما أن الموقعين الأخيرين يتميزان بسرعة التحيين إذ يصل أحياناً إلى كل ساعتين، عكس موقع "لكم" مثلا حيث يتم التحيين بشكل يمنع المواكبة السريعة للأحداث في بعض الأحيان. كما أن إمكانية نشر تحليلات القراء والمتتبعين في ما يخص "هيبة بريس" و"هسبريس" جعل الموقعين في قمة تردد القراء الافتراضي على الإعلام الإلكتروني. المهنية يرى الحسين يزي، الذي تعرض موقعه «أكورا» إلى الكثير من الانتقادات أن سؤال المهنية هو سؤال مطروح على الإعلام المغربي عموما، المكتوب والسمعي البصري، والالكتروني أيضا، وحتى الإعلام الغربي الذي يقدم مثالا للمهنية والنزاهة مطروح عليه هذا السؤال. «المؤكد أن هناك هدفين يجب أن تحققهما الرسالة الإعلامية هما، الإفادة والمتعة، لكن يبدو أن طرق تحقيقهما تختلف من مؤسسة إعلامية إلى أخرى، سواء في المغرب أو في الخارج. المهنية في الإعلام بشكل عام رهينة حسابات سياسية وفكرية واقتصادية. «أكورا» ضد القذف والتشهير ونشر الأخبار الزائفة. وتنشر حقائق حول أشخاص شنفوا أسماع المغاربة بالقول إن مشروعهم السياسي والمجتمعي يقوم على الأخلاق، ولا شيء غير الأخلاق. ونشر حقائق بعض المنتمين إلى جماعة العدل والإحسان دعاة هذا المشروع الأخلاقي، يرمي إلى تقريب المواطنين من حقيقة خطاب هؤلاء، والمؤكد أننا نقدر أيما تقدير فضلاء وعقلاء هذه الجماعة، والمؤكد أيضا أن نخبا مزيفة أزالت القناع عن وجهها الحقيقي في الآونة الأخيرة، وهو وجه لا يعتمد على الآليات المشروعة والديمقراطية للعمل السياسي. هذه النخب أصبحت تطرح نفسها بديلا ووصية على الشعب، وفي ذلك ضرب لماضي النخب السياسية الديمقراطية التي عانت الكثير وقدمت تضحيات جساما من أجل ترسيخ قيمة حقوق الإنسان والديمقراطية في بلادنا. فكيف يُعقل أن تسطو النخب المزيفة على رصيد النخب الحقيقية؟ وكيف يحق لهذه النخب المزيفة أن تصبح وصية على الشعب، وتتحدث باسمه دون أن يكون لها ماض نضالي أو مشروعية سياسية تاريخية؟ فهل من حق كل من تدبر أمر 5000 درهم لطبع شعارات فوق قطع من الثوب، ويستغل تجميد القانون منذ 20 فبراير الماضي، أن يقول إن الشعب يريد إسقاط كذا ورحيل فلان وعلان؟ الأكيد أن الحراك الاجتماعي والسياسي فقد مدلوله لأن الفاعلين فيه ينتمون إلى نخب مزيفة». وبضيف يزي، «مواقفي تجاه الحراك الذي بدأ في المغرب، وتجاه الذين يقدمون أنفسهم على أنهم الفاعلون في هذا الحراك، لم تولد مع ميلاد «أكورا»، فبعد ثورة تونس واندلاع الأحداث في مصر، كتبت مقالات نُشرت في مواقع إلكترونية صديقة، مفادها أننا لا نريد تقليد ثورة أحد، ولا نريد ثورة القرضاوي ولا ثورة «الجزيرة»، وأن المغرب تفاعل مع التغيير والإصلاح منذ أكثر من عشر سنوات، وأنه لا يحق استباحة شوارع المغرب من طرف مكونات تُكن لبعضها البعض كل العداء التاريخي، فكيف يُعقل أن تجتمع العدل والإحسان مع القاعديين والطليعيين، وبين أفكارهم ومبادئهم كل التناقض؟ المؤكد أن الهدف من اجتماع ما لا يجتمع هو تعميم ثقافة الفوضى والعصيان. مرجعية «أكورا» ديمقراطية، وواجبها كشف حقائق الفكر الاستبدادي والفكر الشمولي اللذين يلتقيان كل يوم أحد في علاقة غير شرعية أمام الملأ. «أكورا» تطرح حقائق مشفوعة بتعليق يحمل موقفا واضحا، وتناقش الأفكار بالصرامة العلمية والفكرية المطلوبة». صحافيون أم معارضون من جهته يقول أحمد نجيم، «لنا ميثاق شرف مع القراء منشور في الموقع، فنحن كتبنا وكررنا أننا لسنا محايدين في تصورنا للديمقراطية وما يرتبط بها من علمانية وعقلانية ومشاركة واجبة على جميع فئات المجتمع دون تفويض لأحد، ولن نكون محايدين في ترجمة هذا التصور من خلال ما نقترحه عليكم في هذا الموقع. لكننا بالمقابل سنحاول قدر الإمكان أن نكون موضوعيين. سنحاول أن نجعل من التحري والهدوء والجدية قيما للعمل ومنهجية لتأكيد مصداقيتنا، سنحاول قدر الإمكان أيضا احترام أخلاقيات مهنة الصحافة كما هو متعارف عليها وطنيا ودوليا». و"لن ندعي أننا سنكون لسان كل المغاربة، ولن ندغدغ أو نغازل مشاعر القراء ليسكنوا موقعنا، فالأغلبية ليست دائما على حق، وسننحاز إلى القيم التي نؤمن بها وإن تضادت مع قيم الأكثرية"، كما «سيكون موقعنا مدافعا شرسا عن القيم الكونية، وضد الأصوليات كيفما كان لونها، مع الانفتاح والحرية والجرأة والجمال، وضد الانغلاق والمنع والتحريم، دون شعبوية». فجانب المهنية إذن حاضر بقوة، «نتحرى الخبر قبل نشره، نتصل بالأطراف جميعها، لا نحاول تغليب طرف على طرف، وهذا ما جعل «كود» محط انتقادات من قبل البعض لأنهم يريدوننا بوقا، وهذا لا علاقة له بقيمنا، فلسنا معارضين ولا نريد أن نكون كذلك، نحن صحافيون». عن أي صحافة نتحدث واقع الصحافة الإلكترونية يدفع حسن حبيبي، الصحافي والأستاذ الجامعي المختص في الإعلام، إلى القول، «أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث اليوم عن الصحافة الإلكترونية بالمغرب بالصيغة التي ينبغي أن نتحدث بها عن أي كيان مكتمل له خصوصياته ومعالمه المميزة. لا يمكن ذلك مادامت هذه الأخيرة تفتقر، في تقديري الشخصي، إلى أبسط المقومات التي يمكن أن تجعل منها قطاعا له نظامه الخاص وإطاره القانوني الذي يضبطه. بصيغة أخرى، يجب إضفاء الطابع المهني على الصحافة الإلكترونية ببلادنا، كما هو الشأن في بلدان أخرى، ووضع الإطار القانوني الذي ينظمها ويحميها من الفوضى وانعدام المهنية التي تميزها أكثر من أي شيء آخر... بعد ذلك يمكن لنا فرز المادة الأساسية التي تخول لنا المرجع الرئيسي لكل محاولة تقييم أو إصدار حكم معين». ثم يضيف حبيبي، «أكيد أن بعض المحاولات بدأت تعبد طريقها نحو المهنية في مجال الصحافة الإلكترونية، ولن أذكر العناوين حتى لا أنسى أحدها رغم قلتها، لكن التجربة، في اعتقادي الشخصي ما تزال جنينية لم تتضح معالمها بعد، وللأسف فأغلبها يعتمد على أسلوب النسخ واللصق للمواد الصحافية من أخبار وربورتاجات وتحقيقات مأخوذة من جرائد ومجلات ورقية. وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لدينا فعلا صحافة إلكترونية مغربية، أم فقط نسخ إلكترونية لصحافة ورقية؟». البحث عن الذات ويتساءل حسن حبيبي، «أين نحن من كل هذا؟ فالحديث عندنا ما زال جاريا حول هل سيتم الاعتراف بالصحافي الإلكتروني أم لا؟ وما هي الضوابط التي تحكم المهنة؟ وما هو الإطار القانوني؟ إلى آخره من الأسئلة المشروعة التي لا يجب أن تظل وراء الباب في انتظار أجوبة قد تأتي أو لا تأتي. وكأننا نتحدث عن كائن غرائبي! يجب فقط إقرار سياسة واضحة المعالم في هذا الشأن يتم من خلالها التعامل مع الصحافة الإلكترونية بشكل مهني لا يقل شأنا عن باقي المؤسسات الإعلامية الأخرى. شريطة أن تتوفر في العاملين في هذا المجال الكفاءة المهنية والتخصص بكل ما تقتضيه الكلمة من مسؤولية وأخلاقيات. فإذا كنا نشترط شهادة الكفاءة بالنسبة إلى الطبيب مثلا، فالأمر نفسه يجب أن نشترطه على الصحافي.علما أن الطبيب لا يمكنه التعامل مع أكثر من زبون واحد في كل عملية. في حين أن الصحافي «يشرح» عددا يقدر على الأقل بالآلاف في كل عملية تعامل مع خبر أو صناعته». وأضاف حبيبي، «في فرنسا مثلا، وإذا عدنا إلى القانون المعروف ب"آدوبي" الذي صدر في مرسوم يخول الاستفادة من الإعفاء الضريبي، يشترط على الناشر الإلكتروني حتى يكون معترفا به من قبل اللجنة المشتركة للمنشورات ووكالات الأنباء أن يتقيد بشروط واضحة: أولا أن تكون المادة أصلية، أن تكتب وتنشر وفقا للمقدرات المهنية، وأن تتكون من معلومات راهنة وتتجدد بانتظام، وأن تخضع إلى المعالجة المهنية وتكون مادة بحث وتحقيق ومقارنة..إلخ. ثم ألا تشكل المادة أداة ترويج تابعة لقطاع تجاري أو غيره. أما الأهم في نظري، هو أن ينتجها صحافي مهني، إذا تعلق الأمر بمعلومة سياسية أو ذات صفة عمومية، إذ لا يعقل أن يظل المجال مفتوحا على الدجالين والكتبة الذين ينتجون الأمراض أكثر من المعلومات. يجب التعامل مع هذا بحذر شديد، لكن من غير إقصاء. لكن مع ذلك، ووفق ما نقرأه على بعض المنابر، إلكترونية كانت أم ورقية، لدي تخوف من نوع خاص، فطبيعة الصحافة الإلكترونية تؤهل «الدجالين والكتبة» لاحتلال مواقع ليست لهم، أما الصحافي فلا يجدر به أن ينساق في سباق غير ذي جدوى، في زمن أصبحنا نصدر فيه للأسف الصحيفة نفسها، بالمواصفات نفسها والمحتوى نفسه والمقاربات نفسها بدافع الحاجة إلى النتائج السريعة، إذ لا يوجد وقت للتقصي أو التحقق من الخبر. وكأننا ندخل حلبة سباق يرتفع فيها الرقم القياسي بشدة. إن كل ما تقدمه الصحافة الإلكترونية من وصفات تؤهل الصحافي، غير الحذر، أن يتحول إلى كائن يملك أقصر ذاكرة، وهنا تكمن الخطورة». مغامرة سيزيفية وعن الصعوبات التي واجهته يقول نجيم، "الصعوبات مالية على وجه خاص، إذ نريد الحفاظ على الحرية الموجودة في "كود" لكن جلب إعلانات صعب خاصة بالنسبة إلى أناس، مثلنا، يجهلون هذا العالم. هناك بداية مشجعة في الشهرين الأخيرين". أما يزي فيؤكد "أن أكبر صعوبة تواجهنا في "أكورا" وأعتقد أنها عامة، هو مسايرة الأحداث، ونحن دائما ملزمون بالتريث وعدم التسرع، وغالبا ما نفضل عدم مسايرة إيقاع الأحداث السريع جدا حتى لا نقع في الأخطاء، ف"أكورا" واضحة في مواقفها، ولا مجال فيها لتأرجح الأحاسيس والقناعات، وكذلك طريقة معالجتها للأحداث والأخبار". المستقبل في يد من؟ يشير حسن حبيبي إلى أن «الصحافة الإلكترونية في العالم تعرف تحولا خطيرا، وهو تحول يساير منطق السوق، اقتصاديا وسياسيا. ففي فرنسا مثلا، ووفقا لدراسة أجرتها مؤسسة «جي إف كا» هناك أزيد من أربعة قراء للصحافة الورقية من أصل عشرة توجهوا إلى وسائل الإعلام الرقمية.. هذا يفسر أن الرقمي بدأ يدخل في سلوك وعادات المستعملين، ولكن الورق يظل، مع ذلك، دائما دعامة رئيسية للقراءة الصحافية. من هنا يجب أخد الحيطة والحذر من كل محاولة مقارنة بين الصنفين من الصحافة، إذا أجزنا تعبير»الصنف». إذا هناك تحول ملحوظ وواقعي، لكنه تحول غير كلي. ودائما حسب الدراسة نفسها فهناك فقط 11 في المائة من الذين يقومون بتحميل المواد الصحافية على الإنترنت، لم يعودوا يستعملون الصحافة الورقية. هذا يدل على أن هناك تكامل بين الصحافة الإلكترونية ونظيرتها الورقية، ولكنه تكامل غير واضح المعالم». ويضيف حبيبي، «لكن في الولاياتالمتحدة مثلا، الهوة بدأت تتسع بين الوسيلتين، الإلكترونية والورقية. فوفقا لتقرير نشرته مؤسسة «ستايت أوف نيو ميديا»، تبين أن عائدات الإعلانات عبر الإنترنيت تجاوزت نظيرتها على الصحافة الورقية مقارنة مع السنة الماضية. وهذا مقياس أساسي لدى الممولين وأصحاب المشاريع الصحافية والإعلامية عموما، وبالتالي سيجر معه تحولا على مستوى سلوكات القراءة، فالاقتصاد محدد أساسي، وموت أو حياة جريدة ما مرتبط أساسا بالعائدات المالية المبنية أساسا على سوق الإعلانات». ويخلص حبيبي إلى القول بأن النماذج الاقتصادية في العالم آخذة في التغيير.. ولا يمكن للصحافة، أو لصناعة المعلومات وتداولها، أن تظل في منأى عن هذا التغيير. فالأخبار على الإنترنت التي كانت بالأمس مجانية ستصبح تدريجيا بمقابل مالي، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية وتحت ضغط المؤسسات الإعلامية الكبيرة. أما القراء فهم لا يرون هذا التغيير بعين مجردة، بل هو تحول بطيء سينقلنا إلى الضفة الأخرى من غير شعور. «بصيغة أخرى، وفي ما يتعلق بمستقبل هذا النوع من الصحافة. أعتقد أننا سنشهد نهاية المجانية على الإنترنت، كما يحدث الآن في الولاياتالمتحدة وبريطانيا. فالتايمز اللندنية أصبحت قراءتها الآن على الانترنيت بمقابل مالي. وقد فقدت ستين في المائة من عدد زوارها، لكنها ستكتفي بالأربعين الذين يؤدون مقابل زياراتهم. أما «نيويورك تايمز» فتتهيأ لمنطق الأداء مند ما يزيد عن سنة. ويجري الآن الحديث عن شراكة بينها وبين شركة «آبل» لإصدار حامل إلكتروني بمواصفات حديثة جدا. وهي الصحيفة الإلكترونية التي يزور موقعها أزيد من ستة وعشرين مليون زائر في الشهر». ويؤكد حبيبي، «انطلاقا من هذا التصور، أعتقد أن ما يجب القيام به أولا هو إضفاء الطابع المهني على هذا المجال وتعزيز مكانة الصحافي ماديا ومعنويا، وضبط مبادئ أخلاقيات المهنة داخله. وهذا لا يتأتى دون رسم سياسة تعتمد أساسا على التدريب والتكوين في مجال الإعلام الإلكتروني عامة، وتطوير الشراكات مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال».