سأحاول في هذا الورقة مقاربة واقع الصحافة الإلكترونية في العالم العربي من خلال استعراض بعض ما يميز هذه الصحافة وممارسيها مركزا على الأدوار السلبية والإيجابية التي تميزها، ومتطلباتها لكي تلعب الدور المنوط بها بشكل فعال. أولا: مميزات الصحفي الإلكتروني: 1. الصحفي الإلكتروني المنتظر هو الصحفي المتكامل الذي يقدم إنتاجا إبداعيا وتلفزيونيا ومكتوبا، وينشر عبر وسيلة إلكترونية. 2. على الصحفي الإلكتروني أن يتجاوز المفهوم التقليدي للصحافي الورقي. 3. على الصحفي الإلكتروني أن يكتب ما يسمى مفهوم التحرير غير الخطي، أي مراعاة التغييرات الجديدة، مثل اختيار الوصلات الفائقة والمناسبة لخدمة النص، والقدرة على التعامل مع الوسائط الأخرى كالفيديو والتصوير الرقمي والصوت. 4. تحول الصحفي الإلكتروني إلى مخرج سينمائي لأن النص الصحفي أقرب إلى النص السينمائي حيث تتداخل فيه مواد عديدة صوتية وبصرية. 5. أغلب صحفي الانترنت هواة مما يغلب الهواية على الاحتراف. 6. المصداقية، وتتأتى من التيقن من مصدر الخبر، وطريقة تحريره وعرضه. 7. الابتعاد عن أسلوب السب والشتم الموجه لأشخاص لغايات شخصية. ثانيا: خصائص النص الإلكتروني: من المعلوم أن الصحافة الإلكترونية تهتم أساسا بأسلوب العرض أكثر اهتماما بالمضمون، ومع ذلك فالنص الصحفي يتميز بمجموعة من الخصائص: 1. فهو نص نشيط ومتفاعل على عكس النص الصحفي الورقي الذي يتميز بالإنعلاق. 2. يكتب ليدوم، ويمكن الرجوع إليه في أي مكان، وفي أي زمان باستخدام محركات البحث. 3. يستجيب لإمكانيات دعمه بمواد بصرية وسمعية. 4. قابل للاسترجاع وإعادة التوظيف بما يخدم الجانب المعلوماتي التي تسعى تلك المواقع لتوفيره. 5. الخبر الإلكتروني هو مزيج من الكتابة الخبرية الصحفية المكتوبة والخبر المتلفز. ثالثا: المعايير المميزة للصحافة الإلكترونية: 1. الاشتغال على الموضوعات الميدانية، وتغطية المؤتمرات والندوات والتجمعات.. 2. الاحتراف: على الصحفي الإلكتروني أن يكون محترفا وهذا يقتضي: التفرغ. الكفاءة المهنية. الانتماء إلى مؤسسة صحفية. 3. وجود نظام بالموقع للأرشفة والتكثيف. 4. وجود نظام تأمين. 5. وجود سرفر مستقل للموقع. 6. وجود/وضع قانون للمؤسسة يضمن الوفاء بالحقوق المالية والقانونية للعاملين بها. رابعا: وظيفة الصحافة الإلكترونية: يمكن إجمال أهم الوظائف التي تقوم بها الصحافة الإلكترونية فيما يلي: 1. تنمية الوعي السياسي والفكري للإنسان العربي، كما أن لها القدرة والكفاءة لإحداث فجوات في منظومات الأنظمة العربية الشمولية، والتي لا تعترف بالمعرفة الرصينة، بل تسعى إلى تعميم الثقافة البسيطة والسطحية تحت مبررات عدة. 2. يترتب على هذا الأمر توسيع قاعدة المثقفين والمتعلمين والمبدعين، وتشجيع التثقيف الذاتي. 3. تشكيل رأي عام، وهي وظيفة في غاية الأهمية خصوصا بالنسبة لواقع العالم العربي الذي يفتقد إلى رأي عام قادر على التأثير في المؤسسات ذات القرار، وبالتالي تمكين هذا الرأي العام على التأثير في المؤسسات والتوجهات لأي هاز حكومي. 4. المساهمة في بلورة وإقامة مجتمع ديمقراطي من خلال تجاوزها الرقابة التي تخضع لهما الصحافة الورقية. 5. قدرتها على تناول القضايا التي تشغل الأمة بعيدا عن الأيديولوجيات العتيقة التي تخدم أصحاب الجاه والمال والسلطة. 6. تساهم في تحويل المجتمعات العربية التي تتحكم فيها بُنى تقليدية على المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي نحو قيم الحداثة التي تؤمن بالاختلاف وقيم الحداثة وقبوا الآخر. 7. وإجمالا لكل هذا، فقد ظهر في أوربا مؤخرا مصطلح جديد يطلق على نخبة القوى الجديدة التي تفعل وتتعامل مع الإنترنيت وهو مصطلح"النتوقراطية"، وهو حسب واضعي هذا المصطلح السويسريان "الكسندر بيرد، وجان سودير" يعبر عن حقيقة اجتماعية جديدة في تاريخ الإنسانية والديمقراطية، ويشير الباحثان أن انتشار شبكة الاتصال الراهنة لصالح جماعات المصالح أو ما يسمى بالمجتمع المدني،وهذه الجماعات ستتمكن من خلخلة النظام الديمقراطي ويفقده مكانته الشائعة بوصفه حكم الأغلبية، فالإعلام الجماعي سيساهم فيضعف النظام الرأسمالي. خامسا: مشكلات الصحافة الإلكترونية: لا زالت الصحافة النتية تواجه مشاكل متنوعة ترتبط بما هو تقني وقانوني وثقافي..ويمكن أن نجمل هذه المشاكل في النقط التالية: 1. لم تتأهل بعد على الأقل تقنيا لاستخدام أساليب ومميزات النشر الإلكتروني. 2. سيطرة ذهنية النشر الورقي في الصحافة الإلكترونية، فهي تنشر مادتها بصيغة الصورة مما أفقدها ميزة أرشفة المعلومات، وإمكانية قص ولصق المادة لمن يريد. 3. ترتب على هذا إهمال الإمكانيات التفاعلية للانترنيت. 4. عدم تحديث المادة الصحفية على مدار الساعة، بل تبقى هي النسخة الإلكترونية للصحيفة التي صدرت في الصباح. 5. أغلب الصحف الإلكترونية لا تفهم طبيعة نظام النص المشعب الذي يظم عنصري الشكل والمضمون، ومراعاة أنواع قراء الشبكة واستراتيجيات القراءة المعتمدة في الإنترنت. 6. الصعوبات المادية المتمثلة في مصادر التمويل وتسديد المصاريف. 7. غياب التخطيط، وعدم وضوح الرؤيا المتعلقة بمستقبل هذا النوع من الإعلام. 8. عدم وجود عائد مادي للصحافة الإلكترونية يجعل المشتغلين فيها أقل حماسة. 9. هيمنة التقنيين وليس الصحفيين على إدارة الصحف الإلكترونية. 10. صعوبة ممارسة الرقابة على المعلومات. 11. مشكلة توفير الحماية الكافية للمعلومات السرية لعدم وجود معايير تنظم إنشاء مواقع خاصة لحماية الملكية الفكرية التي أصبحت مشكلة كبيرة للمعلومات الإلكترونية. 12. إن الإنترنيت مكتبة كبيرة عالمية، والمعلومات ليست دائما متطابقة للتقاليد وخاصة بالنسبة للمجتمعات العربية الإسلامية، فهذه الغزارة تصاحبها بعض المشاكل التي لا يزال المختصون يبحثون عن حلول مرضية لها. 13. غياب الأنظمة واللوائح والقوانين، وهو ما تحتاجه وتسعى للحصول عليه. 14. غياب دراسات علمية متعلقة بالصحافة الإلكترونية. 15. غالبية قراء الصحف الإلكترونية ذكور شباب مما يتطلب فهم وإدراك لاحتياجاتهم، خصوصا الشباب المغتربين. 16. طريقة جمع ونشر النصوص والمقالات والأخبار والصور يتم بشكل آلي مجرد من كل إبداع وابتكار. 17. الأمية الإلكترونية حيث أن نسبة قليلة في العالم العربي هي من يستعمل الحاسوب، 7 في المائة مقابل65 في المائة في أمريكا. 18. الفقر هوعنصر آخر ينظاف إلى المشاكل التي تعرفها الصحافة الإلكترونية على مستوى الانتشار من تحرير وتصميم وإدارة وإشراف.. 19. المنافسة الشديدة على الإنترنيت. 20. انتهاك حرية الصحافة والاعتداء على الصحفيين بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان. سادسا: إيجابيات الصحافة الإلكترونية: ومع ذلك يبقى أن للصحافة الإلكترونية ايجابيات عديدة يمكن الإشارة إلى جانب منها فيما يلي: 1. قدرتها على تخطي الحدود بيسر وسهولة. 2. وسعت المشهد الإعلامي وأصبح أكثر انفتاحا واتساعا. فكل فرد يمكنه أن يُسمع صوته دونما تعقيدات الصحافة الورقية. 3. وسعت من الحريات الصحافية. 4. تنوع الأخبار وتحديثها في كل وقت. 5. السرعة في تلقي الأخبار العاجلة، وتضمين الصور وأفلام الفيديو مما يدعم مصداقية الخبر. 6. سرعة وسهولة تبادل البيانات على الإنترنيت. 7. التفاعل بين القارئ والكاتب حيث يمكنهما أن يلتقيا في اللحظة وعلى التَّوّ. 8. مشاركة القارئ/المتلقي في عملية التحرير من خلال التعليقات. 9. عدم حاجة الصحافة الإلكترونية لمَقَرٍّ واحد لجميع العاملين، وإنما يمكن إصدار الصحف بفريق عمل متفرق في العالم. 10. تقريب المعرفة العلمية من خلال إمكانية زيارة مراكز الوثائق المختلفة. 11. التجديد المستمر في نشر المعلومات وبسرعة قياسية مما يمكن القارئ من التواصل الدائم مع الجريدة، وفي كل الأوقات. 12. بساطة التصفح، إذ يمكن أن يكون القارئ ملما بأبسط القواعد التقنية حتى يتمكن من الإطلاع على كافة المعلومات. 13. التركيز والاختصار في نقل الحدث. 14. القدرة على التحكم في الأبواب بالتقديم والتأخير أو الإبقاء والإلغاء طبقا لأعداد الزوار. خلاصة: إن الصحافة الإلكترونية تلعب دورا هاما في عصر عرفت فيه وسائل الاتصال تطورا هائلا مما يتطلب معها الإعلاء من قيمة هذا النوع الجديد من الصحافة من خلال: 1. تحديد ضوابط تميز الصحافة الإلكترونية لإمكان التواصل مع المعرفة الرقمية. 2. جسر الهوة بين رجال الأعمال والشركات التجارية للنشر والإعلان على الإنترنيت مما يسمح بتحقيق الموارد والتمويل للصحافة الإلكترونية. 3. مواكبة التشريعات مما يحفظ حقوق النشر من جهة، وحقوق الصحفي الإلكتروني.