نظم، اليوم الثلاثاء بالرباط، لقاء وطني تشاوري تمحورت أشغاله حول الاختيارات الاستراتيجية لسن سياسة عمومية مندمجة للأشخاص المسنين، والمحاور والأهداف المقترحة لهذه السياسة. ويروم هذا اللقاء الوطني التشاوري، المنظم من قبل وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بمشاركة ممثلات وممثلي القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وصناديق التقاعد والتأمينات وأعضاء المرصد الوطني للأشخاص المسنين، تقاسم مضامين المسودة الأولية للسياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين مع مختلف المتدخلين والفاعلين في المجال، ومناقشة المحاور المقترحة لهذه السياسة العمومية، وإثراء التدابير والإجراءات المتعلقة بهذه المحاور، بالإضافة إلى تحديد مؤشرات التتبع والتقييم، ومسؤولية كل قطاع.
ويتضمن برنامج هذا اللقاء، الذي يأتي تتويجا لعدة محطات ولقاءات ومشاورات تم استثمار مخرجاتها لإعداد مشروع السياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين، خمس ورشات عمل تتمحور حول الرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، وتمكين بيئة داعمة للأشخاص المسنين، وتعزيز المشاركة الاجتماعية والثقافية للأشخاص المسنين، وتطوير المعرفة والبحث العلمي والنهوض بالمجال التشريعي. وأبرزت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، أن هذا اللقاء المخصص لعرض التصور الأولي لمشروع السياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين ينعقد في ظرفية تتسم بدينامية متميزة تحظى فيها قضايا الأشخاص المسنين باهتمام بالغ، سواء من طرف الفاعلين الحكوميين أو المؤسسات العمومية أو المجتمع المدني والخبراء في المجال، مشيرة إلى أن هذه الدينامية والاهتمام المشترك من شأنهما أن يجعلا من هذا اللقاء التشاوري قوة اقتراحية لإنضاج المشروع . وأكدت الحقاوي، أن اعداد سياسة عمومية للأشخاص المسنين يعتبر خيارا استراتيجيا، تطمح من خلاله الوزارة إلى تشكيل إطار تنظيمي ينسق مختلف المبادرات والبرامج، سواء تلك المتوفرة أو المستقبلية، في مجال حماية الأشخاص المسنين، ويعمل على تحقيق الأهداف التالية وهي الالتقائية بين البرامج والاستراتيجيات الوطنية على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي في مجال حماية الأشخاص المسنين؛ و إعداد وتنفيذ التدابير والبرامج والأنشطة الهادفة إلى منع كافة أشكال التهميش والإقصاء وسوء المعاملة للأشخاص المسنين؛ وإحداث وتفعيل آليات التنسيق لضمان الولوج لمختلف الخدمات، وتحقيق التغطية الترابية، ومعايرة الخدمات وعقلنة وترشيد الموارد. وذكرت بأن الوزارة عملت على إطلاق هذا الورش الوطني، منذ سنة 2017، لإعداد سياسة عمومية مندمجة للأشخاص المسنين، تروم النهوض بوضعيتهم وتلبية انتظاراتهم واحتياجاتهم وفق مقاربة حقوقية تنص عليها الالتزامات الوطنية والدولية، على اعتبار أن المغرب كباقي دول العالم، يعرف تغيرا في الهرم السكاني وتحولا ديمغرافيا متناميا يتجه نحو الشيخوخة، خصوصا مع تراجع معدلات الخصوبة، وارتفاع أمد الحياة الذي بلغ عند الرجال 73سنة، وعند النساء 74 سنة. وأشارت الوزيرة إلى أن المجتمع المغربي شهد تغيرات ديمغرافية صاحبتها تحولات سوسيو اقتصادية؛ حيث سيعرف عدد الأشخاص البالغين 60 سنة فما فوق ما بين 2014 و2050 تزايدا بوتيرة 3.3 في المائة كل سنة في المتوسط، بحيث ستتضاعف هذه الفئة بأكثر من ثلاث مرات لتنتقل من 3.2 مليون إلى 10.1 مليون، وأن 33.7 في المائة منهم يعانون من وضعية إعاقة، في الوقت الذي لا يستفيد منهم من التأمين الصحي سوى حوالي 12 في المئة مقابل 12 في المائة منهم يستفيدون من “الراميد” . وسجلت أن هذا الواقع يفرض ضرورة تكثيف الجهود من أجل بلورة سياسة عمومية تحقق الالتقائية بين مختلف الفاعلين والمتدخلين، وفق مقاربة تشاركية وفي مختلف المجالات، سواء تلك المتعلقة بالجانب الصحي أو السوسيو اقتصادي أو البيئي من أجل تشيخ سليم، يمك ن المسنات والمسنين من الاستقلالية الذاتية والمشاركة الفعالة. كما لفتت الحقاوي النظر إلى أنه بالرغم من الجهود المبذولة في مجال رعاية وحماية الأشخاص المسنين، “لا زالت هناك تحديات لابد من مواجهتها ؛كتطوير جيل جديد من الخدمات الموجهة للمسنين، وتعزيز بنيات التكفل بالأشخاص المسنين بالموارد البشرية الكافية والمتخصصة في طب الشيخوخة والخدمات المنزلية، وكذا توفير التكنولوجيات الداعمة”. واعتبرت أن هذا الورش الوطني يعد آلية لتنزيل الالتزامات المعبر عنها في دستور المملكة، الذي نص في ديباجته على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب السن، وفي فصله 34 على وضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الفئات الهشة، ومن ضمنهم الأشخاص المسنين. كما يعتبر آلية لتفعيل مضامين البرنامج الحكومي2017-2021، الذي أكد، في محوره الرابع المتعلق بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، على وضع سياسة وطنية للأشخاص المسنين، واعتماد إطار تنظيمي لتدخل الدولة والمجتمع المدني لضمان كرامتهم وحقوقهم. ومن جانبه، استعرض ديوري محمد خليل مدير حماية الطفولة والأسرة والمسنين بالوزارة، المحاور الرئيسية لمسودة المشروع والمتمثلة في تشخيص أوضاع الأشخاص المسنين، والتحليل الرباعي ( عناصر القوة:المبادرات المنجزة في مجال الحماية والرعاية الاجتماعية للأشخاص المسنين، والمعيقات، والتحديات والفرص)، والتوصيات الداعمة لإعداد سياسة عمومية للأشخاص المسنين، وهيكلة السياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين. وأوضح ديوري أن هذا اللقاء يأتي من أجل بناء سياسة عمومية مندمجة لحماية الأشخاص المسنين، بعد سنوات من العمل والمشاورات مع جميع المتدخلين، وكذا من أجل تقاسم مضامين المشروع مع ممثلي القطاعات الحكومية ل “تثبيت المحاور الأساسية والأهداف الاستراتيجية ولم لا التدابير أيضا” . وأشار مدير حماية الطفولة والأسرة والمسنين في عرضه إلى أن نسبة الأشخاص المسنين سجلت تزايدا ب 35 في المائة ما بين سنة 2004 (8.1 في المائة ) وسنة 2014 ( 9.6 في المائة) ، وأن البنية الأسرية عرفت تحولا حيث أن أكثر من ثلث المسنين ( 35 في المائة) يعيشون في أسر نووية، في حين أن 7.3 في المائة من المسنين الذين تناهز أعمارهم 60 سنة فما فوق (حوالي 234 ألف) يعانون من الإقصاء الاجتماعي وسوء المعاملة، فضلا عن تزايد نسبة المراضة لدى هذه الفئة حيث إن 64.4 في المائة مصابون بمرض واحد على الاقل من الأمراض المزمنة، وأن 10.6 منهم هم ضحايا العنف. مشيرا إلى أن 50,67 في المائة هن نساء (51,05 في المائة بالوسط القروي و50,58 في المائة بالوسط الحضري). وستشكل مخرجات هذا اللقاء التشاوري روافد مهمة لتنقيح وإغناء مشروع السياسة العمومية للأشخاص المسنين في انتظار عرضها ومناقشتها على الصعيد الجهوي، ومع باقي المتدخلين والفاعلين في المجال في أفق تحديد الاختيارات الاستراتيجية لسن سياسة عمومية للمسنين، وتدقيق المحاور المقترحة للسياسة العمومية