من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص المسنين في المغرب (أي البالغين 60 سنة فما فوق) بثلاث مرات، إذ سيعرف عددهم تزايدا ما بين 2014 و2050، وذلك بوتيرة 3.3 في المائة كل سنة في المتوسط، لينتقل بذلك من 3.2 مليون إلى 10.1 مليون نسمة. ووفق تقديرات المندوبية السامية للتخطيط، شهدت بنية الأسر المغربية الكثير من التحول، حيث إن ما يقارب ستة مسنين من بين عشرة يعيشون في أسر مركبة تجمع أجيال متعددة، فيما أكثر من ثلث المسنين (35 في المائة) يعيشون في أسر نووية، مقابل نسبة 7.3 من المسنين الذين تناهز أعمارهم 60 سنة فما فوق يعانون الإقصاء الاجتماعي وسوء المعاملة. استنادا إلى أرقام المندوبية، وفي مبادرة لتدارك الخصاص المهول الذي يطبع مقاربة قضايا وانتظارات المسنين، والاستعداد لمواجهة تغير الهرم السكاني الذي يعرفه المغرب كباقي بلدان العالم والتحول الديمغرافي المتنامي الذي يتجه نحو الشيخوخة، شهدت الرباط، صباح أمس الثلاثاء، تنظيم لقاء تشاوري وطني خصص لعرض التصور الأولي لمشروع السياسة العمومية المندمجة لفائدة هذه الفئة المواطنات والمواطنين. ومن المنتظر أن يشكل هذا المشروع إطارا تنظيميا لتدخل الدولة والمجتمع المدني، تتوفر فيه كل العناصر التي تمكن من التنسيق بين مختلف المبادرات والبرامج، سواء تلك المتوفرة أو المستقبلية، في مجال حماية الأشخاص المسنين وتضمن كرامتهم وحقوقهم، بل ومن المنتظر أن يؤدي إلى إحداث آلية للتنسيق بين مختلف المتدخلين جهويا وإقليميا ومحليا لتمكين هذه الفئة من المواطنين من الولوج لمختلف الخدمات. وقالت بسيمة حقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، في افتتاح هذا اللقاء الوطني التشاوري، إن “هناك مجموعة من التحديات ينبغي رفعها، ترتبط أساسا بتطوير جيل جديد من الخدمات الموجهة للمسنين، وتعزيز بنيات التكفل بالأشخاص المسنين بالموارد البشرية الكافية والمتخصصة في طب الشيخوخة والخدمات المنزلية، وكذا توفير التكنولوجيات الداعمة”. وأفادت أن الوزارة تعمل، في هذا الصدد، على إعداد سياسة عمومية للأشخاص المسنين، والتي تعد خيارا استراتيجيا، تطمح من خلاله إلى تشكيل إطار تنظيمي ينسق مختلف المبادرات والبرامج، سواء تلك المتوفرة أو المستقبلية، في مجال حماية الأشخاص المسنين. وكشفت الوزيرة أن هذا اللقاء الوطني التشاوري مرحلة أخرى في مسار مواصلة الإعداد لهذا المشروع الذي مر بعدة مراحل، بل يعد تتويجا لعدة محطات ولقاءات ومشاورات، تم استثمار مخرجاتها لإعداد المشروع الأولي للسياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين. وبالنسبة للأهداف المتوخى تحقيقها عبر هذا الإطار التنظيمي فهي تتمحور أساسا حول الالتقائية بين البرامج والاستراتيجيات الوطنية على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي في مجال حماية الأشخاص المسنين، وإعداد وتنفيذ التدابير والبرامج والأنشطة الهادفة إلى منع كافة أشكال التهميش والإقصاء وسوء المعاملة للأشخاص المسنين، وكذا الطموح نحو إحداث وتفعيل آليات التنسيق لضمان الولوج لمختلف الخدمات، وتحقيق التغطية الترابية، ومعايرة الخدمات وعقلنة وترشيد الموارد. وشددت في هذا اللقاء الذي حضره عدد من ممثلات وممثلين عن القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية، وصناديق التقاعد والتأمين الصحي، فضلا عن أعضاء المرصد الوطني للأشخاص المسنين وجمعيات المجتمع المدني، على استغلال الدينامية المتميزة التي تطبع الظرفية، والتي تحظى فيها قضايا الأشخاص المسنين باهتمام بالغ، من طرف مختلف الفاعلين والمؤسسات العمومية أو المنظمات غير الحكومية و المجتمع المدني والخبراء وجعل هذا اللقاء الوطني بمثابة قوة اقتراحية لإنضاج مشروع السياسة العمومية المندمجة للأشخاص المسنين.