اعتبر التقرير الوطني، الذي قدمه المغرب بمناسبة الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل والذي من المنتظر أن يتم مناقشته يوم الثلاثاء اللمقبل، إدماج حقوق الإنسان في السياسات العمومية وإطلاق مؤشرات لقياسها وتأهيل الموارد البشرية من أبرز التحديات التي تواجه المغرب في مجال حقوق الإنسان. كما ذكر بضرورة تحيين وتعزيز الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان التي وضعها المغرب سنة 2010. وجاء هذا التقرير، الذي تم إعداده بناء على المبادئ التوجيهية التي حددها مجلس حقوق الإنسان والتي ينبغي على الدول مراعاتها أثناء إعداد التقارير المقدمة برسم آلية الاستعراض الدوري الشامل، في 21 صفحة مقسما إلى أربعة أجزاء رئيسية : أولا المنهجية وعملية التشاور المتبعتان لإعداد التقرير، وثانيا المستجدات التي طرأت منذ الاستعراض السابق، وثالثا تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على أرض الواقع ونتائج متابعة الاستعراض السابق، ورابعا الممارسات الفضلى والتحديات والصعوبات. ويبرز التقرير البعد التشاركي الذي تخلل مسار الإعداد، وذلك بإشراك كل الفاعلين المعنيين بقضايا حقوق الإنسان في المغرب من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وبرلمان ومجتمع مدني. وقد تولت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان مهمة تنسيق هذه العملية التشاورية وعملت، في هذا الإطار، على تنظيم العديد من اللقاءات التشاورية والأيام الدراسية لفائدة البرلمانين ووسائل الإعلام. إضافة إلى أنها طورت نظاما معلوماتيا لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان. كما يستعرض التقرير أهم المنجزات التي طرأت منذ الاستعراض السابق على جميع المستويات : الممارسة الاتفاقية، والبناء المؤسساتي والتحصين القانوني للحقوق. فعلى مستوى الممارسة الاتفاقية، عزز المغرب تفاعله مع آليات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بالانضمام إلى البرتوكولين الاختياريين لاتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعرفت الفترة موضوع التقرير كذلك اعتماد العديد من القوانين المتعلقة بالمؤسسات المنصوص عليها في الدستور، أبرزها القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والقانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والقانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، ومشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومحاربة التمييز. بالإضافة إلى إدخال إصلاحات على الإطار القانوني المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وتعزيز اختصاصات ومجال عمل مجلس المنافسة، وصياغة المشروع الجديد المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتم أيضا اعتماد قوانين تنظيمية لضمان استقلال السلطة القضائية، وترسيخ المساواة بين الجنسيين في السياسات العامة، وتعزيز مشاركة المواطنين في إدارة الشأن العام، حيث تم سن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، إضافة إلى إصلاح القانون التنظيمي للمالية، وإنشاء مركز الامتياز لميزانية النوع الاجتماعي واعتماد قوانين تنظيمية تهم تقديم الملتمسات والعرائض. كما قام المغرب بتعزيز إدماج بعد حقوق الإنسان في السياسات القطاعية، كما هو الشأن بالنسبة للخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة 2012-2016، والسياسة الحكومية المندمجة لحماية الطفولة، والسياسة العمومية المندمجة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، والاستراتيجية الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء. إضافة إلى العناية للأبعاد التنموية والبيئية من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية للماء، والمخطط الوطني للماء، واستراتيجية المخطط الأخضر، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2015-2020، إضافة إلى القيام بالعديد من الإجراءات لتعزيز الحماية الاجتماعية. أما في مجال التربية، فقد جرى تأهيل 390 كتابا مدرسيا من خلال مراجعة المضامين التي تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة وتخصيص برامج تدريبية لفائدة مختلف قوات حفظ النظام المسؤولة عن تطبيق القانون ورجال القضاء والقوات المسلحة الملكية. وقد عمل المغرب كذلك إبان هذه الفترة على حماية وتعزيز الحقوق المدنية والسياسية، عبر مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وذلك من خلال تقليص عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، ومنع ومكافحة جميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة، والنهوض بأحوال السجناء، وحماية حرية الرأي والتعبير، وضمان حرية التجمع وتكوين الجمعيات. وتم كذلك النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية من خلال مكافحة الفقر والضعف والتفاوتات وتبني برامج قطاعية تهدف إلى ضمان الحق في العمل، والحق في الصحة، والحق في التعليم، والحق في الحصول على المياه والحق في الحصول على سكن لائق. وقد أولت الحكومة عناية للنهوض بالحقوق الثقافية من خلال إعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتنفيذ الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ومشروع القانون التنظيمي المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، واعتماد القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية. وبذلت مجهودات هامة في المجال البيئي من خلال الاهتمام بمجال الصرف الصحي، ومعالجة المياه المستعملة، وإدارة النفايات واستغلالها. وتم كذلك إدخال تعديلات على القانون الجنائي لحماية المرأة من العنف والاتجار، إضافة إلى اعتماد مشروع قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والرفع من التمثيلية النسوية داخل هياكل مجلس النواب. كما تم إطلاق البرنامج الوطني لتنفيذ السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة (2016-2020)، واتخذت إجراءات تشريعية وتدابير تجرم أفعال سوء المعاملة والعنف والاعتداء الجنسي ضد الأطفال، ودعم إدماج وتمدرس وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة. وتم كذلك تفعيل العمل بالسياسة العمومية المندمجة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وتمويل استحقاقات الأشخاص ذوي الإعاقة في إطار صندوق دعم التماسك الاجتماعي. كما تم الاهتمام بحقوق المهاجرين من خلال تبني استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء والتسوية الاستثنائية لأوضاع المهاجرين غير النظاميين في شتنبر 2013.