عرف مستشفى 20 غشت بمدينة گلميمة حركة غير عادية طيلة أيام 28، 29 و30 أبريل 2011 فيما يشبه حلما صعب التحقيق في ظل أوضاع هذا المستشفى الذي يظل عاجزا عن تلبية حاجات سكان المدينة والمناطق المجاورة لها.
حركية المستشفى خلال هذه الأيام لم يكن وراءها غير مكونات المجتمع المدني ممثلة في جمعية النور للرعاية الصحية التي نظمت قافلة طبية بتنسيق مع جمعية الأطباء المقيمين بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، بمشاركة 22 طبيا لتلبية حاجات سكان المنطقة مقسمين حسب التخصصات التالية:
القافلة الطبية التي امتدت لثلاثة أيام عرفت أربع محطات، من خلال الفحوص الطبية التي أجراها الأطباء المتطوعون في كل من أملاگو، تيزگاغين، ملاعب، ومستشفى 20 غشت بگلميمة الذي أصبح خلال هذه الأيام ورشا حقيقيا مفتوحا على مصراعيه ل: 3166 مستفيد استفادوا من مختلف الفحوص الطبية في كل التخصصات التي وفرتها قافلة الأطباء الرباطيين والإقليميين والمحليين، الذين أبانوا عن روح التضحية والعطاء في كل مراحل القافلة التي تحدوا فيها مشقة السفر، والتنقل عبر محطات القافلة، وتحدوا نقص التجهيزات وظروف الاشتغال التي تجعل من مهامهم مهاما شبه انتحارية لإنقاذ أجساد هدها المرض وأنهكها الفقر والحاجة.
القافلة الطبية التي جاءت استجابة لطلب جمعية النور للرعاية الصحية بمدينة گلميمة، كانت تهدف بالأساس إلى تقريب التخصصات الطبية إلى مواطني المناطق النائية، لكنها أيضا جاءت استجابة لحاجة مواطني هذه المناطق الصحية بل وحتى المادية التي غالبا ما تكون سببا في عدم الاستفادة من الخدمات الطبية التي تفوق عادة قدرة سكان هذه المناطق المادية، مما جعل منظمي القافلة يرفقون أغلب الفحوص بصرف أدوية مجانية للمستفيدين من هذه المبادرة الإنسانية.
وكعادة المبادرات التي تعرفها مدينتنا گلميمة لم تخل هذه القافلة من بعض الطرف، من قبيل محاولة بعض المتسلقين الركوب على هذه المبادرة ونسبها إليهم وإلى بعض المقربين إليهم لاستغلالها في أغراضهم الشخصية التي لم تعد خافية على أحد خصوصا أمام اقتراب المواعيد الانتخابية التي يبدو أنها لن تتأخر كثيرا في ظل انخراط المغرب في المسلسل الإصلاحي الذي قد يغير الخارطة السياسية لبلادنا قبل الموعد المحدد بكثير.
وفي تصريح أدلى به لنا البروفيسور يونس البقالي رئيس جمعية الأطباء المقيمين بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط حول هذه القافلة قال: "جرت العادة خلال كل سنة أن تقوم جمعية الأطباء المقيمين بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط بحملات تواصلية مع كافة أقاليم المملكة في إطار الرفع من المستوى الطبي وتقديم المساعدة وكذا كسب الخبرات والتواصل مع إخواننا المغربة في شتى مناطق المغرب، وقد أتيحت لنا الفرصة للقدوم إلى منطقة گلميمة بتنسيق مع السيد مولاي المهدي العلوي رئيس جمعية النور للرعاية الصحية والدكتور بوبكر بوسلامي الذين كانا وراء هذه المبادرة التي لبيناها دون أدنى تردد رغم أن فترة التحضير لها لم تتعد 25 يوما. وقد حضرنا إلى المدينة بتخصصات متعددة على رأسها الجراحة التجميلية التي تعتبر من التخصصات القليلة ببلادنا والتي لا يمارسها على صعيد المملكة إلا 16 جراحا تجميليا، إضافة إلى تخصصات أخرى كجراحة الأطفال وطب النساء وغيرها، والحقيقة أننا سعداء بهذه القافلة ونحيي الأطر الطبية والشبه الطبية المحلية التي تتميز بكفاءة عالية وإصرارها على الاشتغال في ظروف صعبة مع الحفاظ على الابتسامة التي لا تفارق محياهم وهذا ما أحببته شخصيا في أبناء هذه المنطقة".
أما السيد مولاي المهدي العلوي رئيس جمعية النور للرعاية الصحية فقد أكد على أهمية هذه القافلة التي تأتي رغبة من منظميها في تقريب التخصصات النادرة بالمدينة إلى مرضاها الذين يعانون من المرض وقلة ذات اليد، مؤكدا على إصرار جمعيته على الاستمرار في هذا النهج بموازاة مع مساعيها لتوفير هذه التخصصات بشكل دائم بمستشفى 20 غشت بگلميمة الذي يعتبر من بين أكبر مستشفيات المغرب مساحة ولا بد من التفكير جديا في استغلال هذه الجوهرة لتغطية حاجات سكان المنطقة الصحية، للمساهمة أيضا في رفع الضغط الذي يعرفه المستشفى الإقليمي مولاي علي الشريف بالرشيدية. وبخصوص سؤالنا حول رغبة البعض في الركوب على هذه القافلة أجابنا السيد مولاي المهدي العلوي قائلا: "ليس لدينا وقت لنضيعه في سفاسف الأمور فنحن منشغلون بما هو أهم فحاجة المواطنين إلى ضروريات الحياة يشغلنا عن الاهتمام بشكليات الظهور والشهرة أو مصارعة منتهزي الفرص وعلى كل حال فهذا أسلوب الانتهازيين ضعافي النفوس ونحن نترفع عن السقوط إلى مستوياتهم".
لا يسعنا حقيقة إلا أن نشد بحرارة على أيدي كل الغيورين على هذه المدينة التي لم ينصفها التاريخ ولا الجغرافيا، وكل مبادرة ترمي إلى الرفع من وتيرة التنمية بها لا يمكننا إلى أن نحييها ونتجند لخدمتها وخدمة المبادرين إليها، ونتأسف لبعض ضعاف النفوس الناعقين خارج السرب المصرين على إدخالنا في دواماتهم الدون كيشوتية ضدا على كل مصلحة قد تعم علينا وعلى مدينتنا وساكنتها.
وعلى كل حال فالزمن كشاف وكل مبادرة تنموية لمدينتنا.. وأنتم بألف ألف خير!!!