كنا قد تحدثنا عن أجواء رمضان في الشرفة الأطلسية الآن سأنتقل للحديث عن مكانة السوق الصغير في قلوب العرائشيين فتاريخ تعاقب حضارة المدينة مبصوم ومنقوش في كل زاوية أو حجر من هذه السوق، إنه يعبر عن هوية الأجداد للعرائشيين. فموقعه قرب البحر جعله يلعب دورا مهما سواء منه التجاري أو الديني أو الإجتماعي أي في التقارب والتواصل بين الأسر العرائشية. العرائشي لابد أن يطل على البحر لذلك فهو يحبذ إما اللجوء إليه عن طريق الشرفة الأطلسية أو من البوابة التاريخية لسوق الصغير حيث يتجول عبر مآثره فيربط حاضره بماضيه وكأنه يقول إن جذوري هنا وأنا متشبث بها وأعتز بها. يا سلام على رائحة البحر تجول في كل زقاق من زقاق سوق الصغير تتسلل عبر شقاق كل بيت توقظ بنسيمها البحري كل بحري عرائشي له علاقة فريدة مع البحر إنها ثنائية منقطعة النظير زواج وميثاق لا إنفصال فيه بين البحر والمدينة القديمة. سوق الصغير يلبس حلة جديدة في رمضان حيث تكثر الحركة التجارية فيه خاصة البضائع التي يكثر فيها الرواج في هذا الشهر والتي تختلف عن نوعية البضائع المتداولة في باقي الشهور، فرمضان يفرض عليهم إيقاعه فمثلا الأشرطة التي تباع في السوق أغلبيتها دينية، الملابس والأحذية تقليدية، الحلويات الرمضانية رائحتها منتشرة تدفعك دفعا لشرائها، الفطائر المتنوعة اللذيذة الطعم والتي تصنع فقط في رمضان من أياد نسائية من المنطقة...وهلم جرا العرائشي يحب الذهاب إلى السوق خاصة قبل صلاة العصر حيث أنه يؤدي فريضته في المعلمة الدينية العرائشية المسجد الكبير وبعد إنتهائه يقوم بجولة فيه يتمتع ببضائعه يصغي إلى أصوات الباعة الذين يتفنون في كلماتهم كي يجلبوا زبائنهم يرمي بعينيه تارة بين أطراف السوق المختلفة حيث الناس منهمكون في التبضع وتارة أخرى يستمتع بالتحفة الهندسية المبهرة للعين لهذا السوق من أقواس هلالية جميلة وأبواب صغيرة وكبيرة ونقوش فنية رائعة وكل هذه الأشياء تحمل طابع الحضارة الإسلامية العرائشية الراقية.