Tweet صناع الدرامة القصرية - الجزء 2 - في موقف تقشعر له الأبدان، وتقف مذهولة أمامه الجبال، و تهتز به الأرض على من فيها، موقف هز كياني و أيقظ ضميري، وفجر بركان ألمي. داخل إدارة عمومية محترمة لها حرمتها و سلطتها، تغتصب حقوق الطفولة بأبشع وأقصى الطرق التي يمكن تخيلها أمام أنظار الجميع . رضيع في أول خطوة له اتجاه الحياة ، لا يستطع النطق بعد لكن القدر ينطقه بدل الكلمات عويل. طفل يعاني في صمت رهيب أمام أنظار قلوب متحجرة لا تعرف للإنسانية معنى، معاناة أقل ما يمكن أن يقال عنها كارثية، لا تحترم فيها أبسط حق من حقوق الإنسان. لعل كل ساكنة القصر الكبير يعرفون جيدا قصة "ثريا" المرأة المختلة عقليا، التي أصبحت حكايتها و ابنها الصغير حديث كل لسان ومحل جدل شعبي واسع . يمكن تلخيص معاناتها في كلمات بسيطة لا تتطلب الشرح والتفسير، امرأة تفترش الأرض وتلتحف السماء ، تقتات من بقايا الأزبال، وتعيش من التسول و الصدقات _كثيرات هن أمثال السيدة ثريا في بلادنا _ ثريا التي لا تتوفر فيها أدنى صفات الأهلية وحق الرعاية ، تحمل طفلها من قدم واحدة تارة، وتارة تعنفه بضربات أمام الجميع، وتصب عليه ما تبقى من قارورات الخمر الرخيصة، أو ترميه ببقايا السجائر الساخنة، ويظل طول النهار تحت أشعة الشمس الحارقة، أو الأمطار الغزيرة، تلبسه الملابس بعض الأحيان ، لكن أحيان كثيرا لا تتاح له فرصة ارتداء قطعة قماش تستر بدنه الفتي وتقيه قساوة و برودة الجو . ورغم كل هاته الظروف يبقي هذا الطفل مصدر عيش أمه الوحيد التي تستعطف الناس من خلاله، ويبقى هذا الطفل الوحيد الذي يحضى بفرصة الاستحمام بمياه مرحاض "إدارة قصر البلدية " الباردة ، حيث يضطر المسكين لتحمل الاستحمام كل يوم تحت صنبور البلدية الصدئ المتصدع ، فلا يشفع له صراخه ولا عويله ولم يهز بكائه شعرة واحدة من رأس المسؤولين داخل هذه المؤسسة العمومية. هنا أطرح أسئلة طويلة عريضة لا حدود لها. أين هي الدولة من كل هذا، أين هو المجتمع المدني الذي يهتم بحقوق الطفل والمرأة وحقوق الإنسان ؟ أين هو كل ذلك الزخر والضجة حول حقوق الطفولة؟ أين احترام المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة المغربية لحماية الطفولة؟ بل أين هي كل قيم الإنسانية من كل هذا؟؟؟؟