يواصل فارس كل الأزمنة الجميلة رحلته في عالم الفكر والأدب، فبعد تكريمه لعميد شعر التفعيلة الشاعر عبد الكريم الطبال، واحتفائه بالناقد القاص حسن اليملاحي يومي 16 و 17 شتمبر 2013 يوجه بوصلته صوب مدينة مراكش للاحتفاء بالقاص أنيس الرافعي، ويستضيفه صحبة نخبة من الأدباء والنقاد بدار الثقافة بمدينة القصر الكبير يوم السبت 30 شتمبر 2013، التي فتحت ذراعيها مرحبة بجمهور مثقفي المدينة ومبدعيها، وعشاق الأدب والمعرفة من التلاميذ والطلبة. افتتح رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير الدكتور عبد الإله المويسي الأمسية بكلمة ترحيب بالأديب القاص أنيس الرفاعي في إطار برنامج احتفاء فرع الاتحاد برموز الأدب المغربي، على امتداد جغرافية الوطن، وتضاريسه الإبداعية في مختلف أجناسه الأدبية من شعر وقصة ورواية ونقد وغيرها من فنون الإبداع الرفيع، مرحبا كذلك بالأديبين: الناقد الدكتور محمد البحراوي، والشاعر الناقد أحمد ازنيبر الذين قدما ورقة تعريفية بالقاص أنيس الرفاعي، ودراسة تحليلية لمجموعته القصصية، كما أشاد بحضور عدد كبير من التلاميذ والطلبة والأدباء وعموم المثقفين، وبمواكبة الإعلام المحلي لجميع أنشطة فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير،( قصر تي في، وقصر فروم، وقصر أنفو)، وبباقي الفعاليات الإعلامية، كما قدم الأستاذ عبد الإله المويسي الشكر الجزيل، والثناء الوفير للمجلس البلدي على وضعه دار الثقافة رهن إشارة الأنشطة الثقافية التي تساهم في تحريك دواليب التنمية بمفهومها الشامل. ومن خلال التسيير الموفق لهذه الأمسية القصصية من طرف الشاعر عبد الرزاق الصمدي، ومداخلة الناقد الدكتور حسن البحراوي، والشاعر أحمد ازنيبر تعرف جمهور الحاضرين أكثر على شخصية أنيس الرفاعي إنسانا محاصرا بأسئلة فلسفية حول الوجود، وأديبا وقاصا مجددا، ومجربا أشكال الكتابة والتعبير في جنس القصة القصيرة، التي فيها اختصر وجوده ومساره، وإليها وهب حياته ومماته، وخارجها رفض التحنيط، والتصنيف، وصرح أنه مجرد قاص ليس إلا. ولنقترب أكثر من مشروع د أنيس الرفاعي القصصي أكثر وجب الاطلاع على خلاصة مداخلة كل من الناقد د حسن البحراوي، ود أحمد ازنيبر، ود عبد الإله المويسي، لنستخلص أن المحتفى به ينتمي إبداعيا إلى الجيل الجديد من كتاب القصة القصيرة، وهو يراهن على الأسلوب السردي التعبيري التجريبي، وهو بذلك يختلف عما ألفناه، فقد قطع مع الأساليب التقليدية المبتذلة، وقامت تجربته على تدمير بنية القصة التقليدية من مقدمة وعرض وخاتمة، كما قامت على تدمير مفهوم الزمان والمكان، كما امتطى صهوة الرمزية، فالرافعي يكتب قصصا قصيرة بأفكار كبيرة، تطرح قضايا وجودية فلسفية، يوظف زخما من الأحداث ذات الأبعاد الدرامية والرمزية، ويفترض قارئا جديدا مستبصرا شريكا يساهم في تشكيل عالمه القصصي، ومتفاعلا مع أحداثه، وليس مجرد قارئ تقليدي سلبي يكتفي بممارسة الفرجة، وفعل التلقي، أما على مستوى تطور الأحداث والشخوص فالرافعي يضع لقصته أرضية تكون مسرحا لحركية شخوصه، وفضاء للمتخيل الذي لا حدود له في الزمان والمكان، يؤطره الكدح السردي، بالضبط كما يفعل الفنان التشكيلي، حيث يضع سندا للوحته، ثم يشرع في ممارسة إبداعه، فهو قد يستبدل قصة قصيرة بتمارين قصيرة، أو مقترحات سردية، يشرك القارئ في الإجابة عنها، أو اقتراح حلول لإشكالياتها، وأنيس الرافعي يركز في قصصه القصيرة على حضور الإنسان الحضور الكارنفالي، ذي الطبيعة الاستعراضية، كما يرقى بالأشياء إلى مستوى الشخوص، تحس وتشعر وتتحاور وتتفاعل تماما كما يفعل باقي شخوص القصة، والرافعي في كتاباته القصصية يمارس نوعا من الكتابة الزخرفية التنميقية، حيث يهتم كثيرا بجرس الحرف والكلمة، وجمال العبارة، فأنيس الرافعي أعاد للقصة المغربية بهاء اللفظ والعبارة، ويسلك تقنية التضاد والمقابلة بين الأشياء، يربط بين ما هو واقعي وغير واقعي، ويستنهض مشاعر وحواس القارئ ويشركه في الاستنتاج. فتجربة أنيس الرافعي آتية من المستقبل، لان معظم قصصه استشرافية رغم أنه يراهن على المراوحة بين القديم والجديد، والرجوع إلى التراث مع معالجته بنظرة نقدية حداثية، فهو يدعو إلى التجديد والحداثة والتجريب بدل الركون في زاوية المألوف، والجمود عند قوالب القصص المستهلكة، وهو في كل عمل يظهر أنيس آخر، دائم التجريب والبحث عن مشاريع قصصية جديدة، وبرؤى جديدة أيضا. وفي ختام هذا المنتدى ارتقى الدكتور القاص أنيس الرفاعي منبر البوح، فاعترف بأنه يكتب حسب قدراته الأدبية، قد تزوج القصة القصيرة، وهو مخلص لهذا الجنس الأدبي الجميل، يدين له بالولاء، لا يرضى عنه بديلا أو تحويلا، وأن الكتابة عنده استشراق واستشفاء، والقصة القصيرة مختبره النفسي، ومصحته التي يتداوى فيها من جميع العلل، ويتخلص من كل الضغوطات والآلام والأحزان، والقصة عنده طراز خاص بكدح سردي مضني، فكتابة القصة بالنسبة إليه كحفر بئر في أرض صلبة، ليس بمعول حاد، ولكن بإبرة، يبتدئ حفره من القعر، والرافعي حسب تصريحه يكتب عما تبحث عنه الظنون، وليس عما تراه العيون، وليس متمردا على ما كتبه السلف، وهو يرفض التصنيف، فإذا كان أغلب النقاد يصنفون قصصه ضمن خانة التجريب، وحيث أن الخرائط وعد بالوصول فأنيس الرافعي يمزق تلك الخرائط لكي لا يصل حسب قوله، فيستمر البحث، ويستمر الإبداع. وفي ختام هذا "الحفل الأدبي الجميل" قدم الأستاذ الدكتور عبد الإله المويسي باسمه وباسم فرع اتحاد كتاب المغرب – فرع القصر الكبير- هدية للقاص الكبير أنيس الرفاعي، وشواهد تقديرللمواقع الإلكترونية : قصر TV، وقصر فروم، وقصر أنفو، ولباقي فعاليات الصحافة والإعلام على حسن المتابعة، وجدية التغطية. ولمن أراد أن يعرف المزيد عن القاص المبدع أنيس الرفاعي على هامش اللقاء نضيف: o أنيس الرفاعي قاص مغربي ازداد بالدار البيضاء سنة 1976 - عضو اتحاد كتاب المغرب - ساهم في التسعينات في تأسيس كل من جمعيتي الغاضبون الجدد، والكوليزيوم القصصي - ترجمت بعض أعماله إلى اللغة الفرنسية، والإسبانية، والإنجليزية، والبرتغالية، والفاريسية، - تم اختياره ضمن سبعة كتاب متميزين للمشاركة في الدورة الثانية لإدارة الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر العربية". o صدر له من الكتب: فضائح فوق كل الشبهات - أشياء تمر دون أن تحدث فعلا - السيد ريباخا - البرشمان - علبة البندورا - ثقل الفراشة فوق سطح الجرس - اعتقال الغابة في زجاجة - هذا الذي سيحدث فيما مضى - الشركة المغربية لنقل الأموات - أريح البستان في تصاريف العميان. o حصل على جائزة غوتنبيرغ الدولية للكتاب - فرع اللغة العربية – برسم سنة 2013. تفرق الجمع على موعد اللقاء في زمن آخر من أزمنة فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير الجميلة، تضيئ أمسيته يوم السبت 7 دجمبر 2013 نجمة الأدب المغربي ربيعة ريحان