الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان - 10 دجنبر 2011- تحت شعار: » الاستمرار في تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من أجل فرض احترام حقوق الإنسان« 1. تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتزامن هذه السنة مع الذكرى 63 لمصادقة الأممالمتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي الذكرى التي تتزامن مع مرور سنة على اندلاع أولى الثورات في المنطقة المغاربية وبلدان العالم العربي بصفة عامة والتي كان إحراق الشهيد البوعزيزي بتونس لنفسه يوم 17 دجنبر 2010، الشرارة التي أطلقتها. وإذا كان سقوط أي دكتاتورية في أي جزء من العالم مكسبا ديمقراطيا وانتصارا لحقوق الإنسان، فإن ما يهدد الشعوب المعنية من اعتداء على حقها في تقرير مصيرها من طرف الإمبريالية العالمية والقوى المعادية لحقوق الإنسان بشكل عام ومن تراجعات على مكاسبها الحقوقية التي حققتها بتضحياتها، يشكل مصدر قلق وانشغال كبيرين لكل المدافعين عن حقوق الإنسان ، مما يستوجب الحيطة والحذر وتصعيد النضال من طرف الحركة الحقوقية والديمقراطية ضد كل أشكال الأمبرياليات التي تنتهك حقوق الشعوب في تقرير المصير وفي التنمية، وضد القوى المعادية لحقوق الإنسان. وهي الحقوق التي تتهددها أيضا السياسات المنتهكة لحقوق الإنسان المتبعة من طرف الحكومات لتخليص البنوك والمؤسسات المالية من الإفلاس بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن العولمة اللبرالية المتوحشة التي تجتاح معظم بلدان العالم. إذ اعتمدت هذه السياسات على المزيد من خرق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وخاصة منهم الفئات الأكثر هشاشة. ولا يحد من هذه الغطرسة سوى الحركة الملحوظة للشعوب وقواها الديمقراطية التحررية التي عقدت العزم على مواجهة هذه السياسات التي أنتجت الحروب والعدوان الاستعماري والاحتلال والهجوم على المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان بمختلف أبعادها، وانتفضت ضد هيمنة المؤسسات المالية وتبعية حكوماتها لها وشكلت حركة عالمية للغاضبين نظمت العديد من المظاهرات ووجهت بالقمع في العديد من الأحيان. أما على مستوى وطني، فقد انطلقت حركة 20 فبراير للمطالبة بدستور ديمقراطي ودولة الحق والقانون وإسقاط الاستبداد و الفساد ، في مناخ يعرف استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وانتهاك الحريات الفردية والجماعية والتراجع على بعض المكتسبات التي تحققت في هذا المجال. ورغم ما تم الإعلان عنه من تعديلات دستورية استمرت الحركة في نزولها للشارع متشبتة بمطالبها، ومستنكرة التزوير المفضوح لنتائج التصويت على الدستور وما واكب ذلك من اعتداءات على الداعين لمقاطعته، وعلى الداعين لمقاطعة الانتخابات التي عرفت العديد من الخروقات والتدخلات لأعوان السلطة في التأثير على المواطنين والمواطنات بمحتلف الوسائل. مما يؤكد أن بلادنا وبعد أزيد من نصف قرن من الإعلان عن استقلال المغرب لم تتمكن بعد من بناء النظام الديمقراطي المنشود، المستند إلى معايير دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق. كما يؤكد أن الحفاظ على المكتسبات وتطويرها يستوجب مأسستها بدءا بإقرار دستور ديمقراطي. 2. وتخلد الجمعية اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة تحت شعار " الاستمرار في تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من أجل فرض احترام حقوق الإنسان ". ويعكس هذا الشعار تأكيد الجمعية دعمها لحركة 20 فبراير في نضالها لتخليص بلادنا من العلاقات المخزنية المعيقة لأي تطور ديمقراطي حقيقي يجعل حدا لعهد الاستبداد والقهر والظلم والفساد، ويمكن من بزوغ عهد الحرية والكرامة والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. كما يعكس الشعار طموح الجمعية إلى المساهمة في تطوير الحركة اتجاه تقوية وتعميق بعدها الشعبي والوحدوي وربط النضال من أجل الديمقراطية بالنضال ضد الهيمنة الأمبريالية وإعطاء مكانة أكبر في برنامجها لحقوق الإنسان بدءا بالمساواة في كافة المجالات بين المرأة والرجل واحترام حرية العقيدة وسائر الحريات الفردية والجماعية. 3. إن إقرار دستور ديمقراطي يتطلب احترام الديمقراطية عند صياغة المشروع التي يجب أن تكون من صلاحية ممثلي مختلف القوى الحية بالبلاد، أو من حيث المصادقة عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، أو من حيث المضمون الديمقراطي الذي يجب أن يؤكد بالخصوص على السيادة الشعبية، وعلى الشعب كمصدر لكل السلطات، ويقر بشكل واضح بقيم ومعايير حقوق الإنسان الكونية من ضمنها المساواة وعلى رأسها المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، ويقر بالحكومة كجهاز يتوفر على كافة الصلاحيات التنفيذية، وبالبرلمان كمؤسسة تتوفر على كافة الصلاحيات التشريعية والرقابية، وعلى القضاء كسلطة، وعلى الفصل بين السلط الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى الفصل بين الدين والدولة ، وأن يقر بكافة الحريات بما فيها حرية العقيدة، وباللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية دون تأجيل أو مفاضلة. وإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي كبوابة لبناء دولة الحق والقانون، تعتبر أن التعديل الدستوري لفاتح يوليوز 2011، قد حافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور رغم تنصيصه على عدد من الحقوق والحريات واعترافه بالهوية الأمازيغية لأول مرة . 4. وبالنسبة للالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان، تعتبر الجمعية أن التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا يفرض عليه المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، ورفع التحفظات عن الاتفاقيات المصادق عليها، وإقرار الدستور لسمو المواثيق الدولية بالنسبة للقوانين المغربية، وملاءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات المصادق عليها وتنفيذ توصيات اللجن الأممية، واحترام حقوق الإنسان في الواقع. 5. وبشأن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبطة بالقمع السياسي، والتي شكلت طيلة سنتي 2004 و2005 موضوع اهتمام بالغ للحركة الحقوقية المغربية وللرأي العام ببلادنا ولهيئة الإنصاف والمصالحة التي أنهت أشغالها بالتقرير الختامي الذي قدم للملك في 30 نونبر 2005، لازالت الجمعية تطالب بإعمالها وتطبيقها كاملة دون تماطل، مذكرة بموقفها بشأن الطابع الإيجابي لكن الجزئي لنتائج أشغال الهيئة التي لم ترق حتى لمستوى الحد الأدنى المشترك لمطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية المتضمن في توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة المنعقدة في نونبر2001، ومعبرة عن استيائها بسبب مرور ست سنوات كاملة على إنجاز تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، وحل الهيئة وتكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (قبل حله بدوره وتعويضه بالمجلس الوطني)، والسلطة التنفيذية بتطبيق قرارات وتوصيات الهيئة، دون تطبيق النتائج التي تم التوصل إليها. تجلى ذلك في عدم الكشف عن مصير سائر المختطفين وفي مقدمتهم المهدي بنبركة والحسين المانوزي، وعدم تحديد هوية الرفات وتسليمها للأسر الراغبة في ذلك، وعدم استكمال الحقيقة بالنسبة لمجمل الانتهاكات، وضعف الغلاف المالي المخصص لجبر الأضرار، وعدم وضوح المعايير المعتمدة لذلك، وعدم احترام متطلبات الحفاظ على الذاكرة وعدم اعتذار الدولة الرسمي والعلني للضحايا وللمجتمع، وعدم إطلاق سراح ما تبقى من معتقلين سياسيين بل تم إضافة معتقلين سياسيين جدد، والتماطل في أجرأة التوصيات المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية الكفيلة بتفادي تكرار الانتهاكات الجسيمة مستقبلا ومنها توصيات لا تتطلب مجهودا ماليا أو تقنيا أو مسطريا مثل الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وإلغاء عقوبة الإعدام التي لا تتطلب سوى الإرادة السياسية. واعتبارا لما سبق، فإن الجمعية تطالب بالتطبيق الفوري ودون تماطل إضافي لقرارات وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة مثمنة نجاح المسيرة الوطنية الرمزية ل30 أكتوبر 2011 المطالبة بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ووضع حد للإفلات من العقاب للمتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مختلف المجالات. وتؤكد الجمعية مرة أخرى أن ملف الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالقمع السياسي لن يجد حله إلا على أساس الحل الديمقراطي والمبدئي المرتكز على الحقيقة الشاملة، وعدم الإفلات من العقاب والإنصاف بمختلف جوانبه (جبر الضرر الفردي والجماعي، حفظ الذاكرة واعتذار الدولة)، وتشييد متطلبات بناء دولة الحق والقانون كأساس لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة مستقبلا، ومعالجة الانتهاكات الجسيمة في مجال الحقوق السياسية والمدنية بموازاة مع تلك الناتجة عن الجرائم الاقتصادية. كما تسجل الجمعية مجددا التناقض الحاصل عند الدولة المغربية بين حديثها عن طي ملف الانتهاكات الجسيمة وواقع تجدد الانتهاكات من اختطاف وتعذيب ومحاكمات غير عادلة، ومس بحرمة المنازل من خلال المداهمات التعسفية، مما يوضح أن الحديث عن وضع حد لتلك الانتهامات لازال كلاما موجها بالأساس للاستهلاك الخارجي. 6. وبالنسبة للانتهاكات المرتبطة بملف مناهضة الإرهاب، فإن الجمعية تؤكد مجددا على إدانة كل أشكال الإرهاب المستهدف لسلامة وأرواح المواطنات والمواطنين الأبرياء، والمنتهك للحق في الحياة وفي الأمان الشخصي والسلامة البدنية وتطالب باحترام حقوق الإنسان وحقوق الدفاع عند المواجهة الأمنية والقضائية لظاهرة الإرهاب وعدم اللجوء إلى أحكام الإعدام. وتنادي إلى معالجة هذه الظاهرة بالرجوع إلى الجذور بما يستوجبه ذلك من توفير شروط احترام كافة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعموم المواطنات والمواطنين ومن إشاعة واسعة وعميقة لثقافة حقوق الإنسان وللفكر العقلاني ومن فك للارتباط بالمصالح الإمبريالية والصهيونية. ومن هذا المنطلق تتابع الجمعية أوضاع معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية بمختلف السجون المغربية وما تعرفه من ترد كبير وانتهاك مستمر لحقوقهم الأساسية من ضمنها التعذيب والعقاب الجماعي خاصة بعد أحداث سجن سلا يومي 16 و17 ماي 2011. كما سبق للجمعية غير ما مرة وانطلاقا من تقديرها لعدم تمتيعهم إجمالا بمحاكمات عادلة أن طالبت بإعادة محاكمتهم أو إطلاق سراحهم. وعلى إثر الإضرابات عن الطعام المتعددة لهؤلاء المعتقلين فقد راسلت الجمعية باستمرار وزارة العدل و المندوب العام للسجون لفتح الحوار معهم والنظر في مطالبهم واحترام الإدارة للقواعد الدنيا لمعاملة السجناء. كما أن الجمعية وقد سبق وانتقدت التعاون المخابراتي المغربي الأمريكي في ملفات الإرهاب وما خلفه من انتهاك سافر لحقوق الإنسان واستنكرت احتجاز وتعذيب المعتقلين في أحداث 11 شتنبر 2001 وما تلاها، حسب العديد من التقارير الدولية تطالب بوضع حد للإفلات من العقاب للسلطات الأمريكية على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها بمعتقل كوانطانامو السيئ الذكر، مطالبة بمحاكمة دولية للمسؤولين الأمريكيين المتورطين في تعذيب واحتجاز المئات من الأشخاص لعدة سنوات هناك. 7. وبالنسبة للانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء، تذكر الجمعية بموقفها العام المتجسد في المطالبة بالحل الديمقراطي للنزاع وبالمعالجة الشاملة لكافة الانتهاكات الجسيمة، مهما كان مصدرها، المرتبطة بهذا الملف بما يخدم حق شعوب المنطقة في السلم والتنمية والديمقراطية. وخلال هذه السنة، تتبعت الجمعية القضايا الأساسية التالية : وضعية المعتقلين الصحراويين بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي وكذا الاعتقالات الجديدة في صفوفهم والإفراج عن النشطاء السبعة المعتقلين في شهر أكتوبر 2009، واعتصام العسكريين المغاربة الأسرى سابقا لدى البوليزاريو، ونتائج لجان التقصي حول الأحداث التي عرفتها مدينة العيون خلال اعتصام سكانها في مخيم "كديم إزيك" وخلال فكه وما تلاه من خروقات لحقوق الإنسان، من ضمنها العديد من الاعتقالات التعسفية والتعذيب لازال ضحاياه من المعتقلين المحالين على المحكمة العسكرية في خرق سافر لحقهم في المحاكمة العادلة مسجونون دون محاكمة وهم يخوضون إضرابا عن الطعام منذ أكثر من شهر. 8. وبالنسبة للحق في الحياة، فقد تتبعت الجمعية عددا من الممارسات السلطوية التي أدت إلى انتهاك الحق في الحياة سواء في ضيافة السلطة أو في الشارع العمومي – وفي مقدمتهم شهداء حركة 20 فبراير الذين لازالت الجمعية تطالب بالحقيقة التامة بشأن وفاتهم ومعاقبة المتورطين في ما تعرضوا له من اعتداء مفضي إلى الموت – كما تتبعت الجمعية حالات الوفاة في السجون بسبب الإهمال والظروف اللاإنسانية للاعتقال، و في المستشفيات بسبب انتهاك الحق في العلاج ، كما عبرت الجمعية عن استيائها لاستمرار إصدار عقوبات الإعدام في حين ما فتئت الجمعية تطالب، بمفردها أو في إطار الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بإلغاء هذه العقوبة القاسية واللاإنسانية، مذكرة بتوصية إلغاء عقوبة الإعدام الصادرة ضمن التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة والتي لا زالت تنتظر التنفيذ. 9. وبشأن استمرار جرائم التعذيب، فرغم النشر بالجريدة الرسمية منذ ما يناهز خمس سنوات للقانون القاضي بتجريمه، فلازال التعذيب يمارس مع إفلات المسؤولين عنه من العقاب في أغلب الحالات. وتطالب الجمعية الدولة المغربية بتنفيذ التوصيات الصادرة في تقرير خبراء اللجنة الأممية المعنية بالحماية من التعذيب، ونشير بصفة خاصة للتعذيب الذي تعرض له عبد الجليل أكاديل مناضل بجمعية أطاك بآسفي، ومحمد غلوض الطالب المعتقل بفاس في يونيو 2011 والعديد من الطلبة الآخرين، والتعذيب الوحشي والمتكرر الذي يمارس ضد سجناء ما يعرف بالسلفية الجهادية والمعتقلين الآخرين المحكومين في إطار مكافحة الإرهاب، والعنف الذي تتعرض له العديد من الوقفات السلمية للمواطنين في مختلف المناطق مع التذكير بالتعذيب الذي تعرض له سكان سيدي إفني أيام 7 يونيو و18 و19 غشت 2008- والتعذيب الذي تعرض له معتقلو اكديم إزيك في نونبر 2010، والذين لم تحرك بشأنهما الدولة أي تحقيق أو متابعة لحد الآن، رغم جسامة الجرائم المرتكبة من طرف الأجهزة الأمنية ضد السكان والتي وقفت عليها العديد من الجمعيات التي قامت بتحقيق في المدينتين. 10. بخصوص ملف الاعتقال السياسي تستنكر الجمعية استمرار تواجد العديد من المعتقلين السياسيين في السجون المغربية وفي مقدمتهم عدد من النشطاء الحقوقيين، والطلبة مناضلو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعدد كبير من المعتقلين في إطار ما يعرف بملف "مناهضة الإرهاب" والمعتقلين الصحراويين، ونشطاء حركة 20 فبراير. كما تابعت الجمعية بهذا الصدد العديد من الاعتقالات والمحاكمات لأسباب سياسية كمحاكمة النشطاء الحقوقيين من ضمنهم مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومحاكمة مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعدد من الصحافيين، ومناضلي الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب والمجموعات الأخرى للأطر المعطلة، والنقابيين، والمواطنين الذين يعتقلون ويحاكمون في إطار الحركات الاجتماعية التي عرفتها عدد من المناطق وعلى رأسهم معتقلو آسفي وضحايا الفيضانات. 11. كما عرفت هذه السنة هجوما مكثفا ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من طرف الدولة منتهكة بذلك الإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 دجنبر 1998، وذلك من خلال مضايقة وتعنيف ومحاكمة واعتقال العديد من النشطاء الحقوقيين في مقدمتهم المناضل الصديق كبوري نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة والفنان معاد بلغوات المعروف بالحاقد والمعتقل بالدار البيضاء، والعديد من مناضلي حركة 20 فبراير وعدد من النشطاء الحقوقيين الصحراويين، كما تعرض للمحاكمة نائب رئيس فرع اليوسفية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومسؤولو الجمعية بفروع آسفي والصويرة وبوعرفة. وكانت الجمعية باستمرار هدفا لمضايقات السلطة واستهدف مناضلوها ومسؤولوها من طرف القوات العمومية بالاعتداء الجسدي والتعنيف في العديد من المناسبات. 12. بالنسبة للحق في التنظيم، لازالت السلطات تحرم عددا من الهيآت من حقها في التنظيم خاصة عبر الامتناع عن تسليمها وصول الإيداع القانونية. وفي مقدمتها فروع الجمعية بكل من طانطان والسمارة، كما نذكر على سبيل المثال لا الحصر: الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، مجموعة العمل حول التنمية والهجرة الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، والبديل الحضاري الذي تم حله تعسفا وحزب الأمة، والعديد من المكاتب النقابية والجمعيات المحلية. ولازالت المسطرة لوضع الملفات القانونية للجمعيات والنقابات والأحزاب تتميز بالعبث البيروقراطي وبالتماطل في تسليم وصول الإيداع، كما تساهم بعض مضامين قانون الجمعيات إضافة إلى التأويل السلبي لها في التضييق على الحق في التنظيم. 13. بالنسبة لحرية الرأي والتعبير فقد سجلت الجمعية بشكل خاص القمع الممنهج الذي مارسته الدولة ضد الداعين لمقاطعة استفتاء فاتح يوليوز، وبشكل أشد بالنسبة للداعين لمقاطعة الاتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011، من أحزاب وحركة 20 فبراير الذين ووجهوا بالاعتقالات والتعنيف والمنع من الإعلام العمومي في تراجع عن الانتخابات السابقة، ولمصادرة الأوراق ووسائل الدعاية والمنع من القاعات العمومية وتهديد المطابع التي تتعامل معهم، ... وغيرها. كما التجأت السلطات إلى خدمات البلطجية التي استعملت في الاعتداءات والتضييق على مناضلي حركة 20 فبراير في إفلات تام من العقاب وصل حد القتل بالنسبة للشهيد كمال الحساني بأيت بوعياش. 14. أما بالنسبة لحرية الصحافة، فإن الجمعية قد تتبعت عددا من الانتهاكات في هذا المجال، منددة بالخصوص باستعمال القضاء لتصفية حسابات السلطات مع المنابر الصحفية المستقلة وتميزت هذه السنة باعتقال ومحاكمة مدير جريدة المساء رشيد نيني الذي لازال معتقلا دون أن يتمتع بحقه في المحاكمة العادلة، ومحاكمة مسؤولي أسبوعية المشعل التي لازالت سارية، ومحاكمة عدد من المدونين والهجوم البلطجي على جريدة "أخبار اليوم" بإيعاز من السلطة والاعتداء الجسدي على الصحافيين أثناء أداء مهامهم خاصة أثناء الهجمات القمعية ضد مسيرات حركة 20 فبراير. وقد سبق للجمعية أن نددت بمضايقة الصحافة المستقلة وتوظيف القضاء واستصدار أحكام جائرة وقاسية ضدها. وطالبت بالمراجعة الشاملة لقانون الصحافة في اتجاه إلغاء المقتضيات المعرقلة لحرية التعبير وإلغاء العقوبات السالبة للحرية وجعل حد للغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى القضاء على الصحافة، كما طالبت باستعجالية سن قانون ينظم حق الوصول للمعلومة. واهتمت الجمعية كذلك بأوضاع الإعلام السمعي البصري العمومي والذي مازال يتميز بالاحتكار من طرف البعض والإقصاء للبعض الآخر، وهيمنة الدولة عليه وتوظيفه في الدعاية السياسية بعيدا عن الخدمة العمومية وعن الدور المفروض فيه في التثقيف والترفيه والإخبار والتوعية بحقوق الإنسان وإشاعة قيمها، وقد انخرطت الجمعية في منتدى الدفاع عن الخدمة العمومية في الإعلام الرسمي الذي شكل بمبادرة من النقابة الوطنية للصحافة المغربية. 15. وبالنسبة للحق في التجمع والتظاهر، فقد تم خلال هذه السنة منع العديد من المسيرات وقمع العديد من الوقفات باللجوء إلى العنف الشديد أحيانا خاصة ضد المشاركين في مسيرات حركة 20 فبراير التي عمت جل المدن أيام 15 و22 و29 ماي 2011، ومست بعض المدن في العديد من الأيام الأخرى، كما تعرضت للقمع وقفة الأطباء والطبيبات في ماي 2011، والعديد من فئات نساء ورجال التعليم، وفئات نقابية أخرى، ووقفات المعطلين، والوقفات التضامنية مع المعتقلين، ووقفات بعض فروع الجمعية في مناسبات مختلفة، ... 16. وبشأن الحق في الإضراب لازالت السلطات وكذا المشغلون يواصلون الإجهاز على هذا الحق، في القطاع الخاص أساسا، عبر استعمال الفصل 288 من القانون الجنائي لاعتقال ومحاكمة وإدانة المضربين. وقد عرفت هذه السنة عدة حالات لمتابعات بسبب ممارسة الحق في الإضراب أو لأسباب نقابية بشكل عام في مناطق متعددة من المغرب منها على الخصوص وسط العاملات والعمال الزراعيين، عاملات النسيج بعدد من المدن...إلخ 14. فيما يخص ملف القضاء، لا بد من تسجيل المنع التعسفي في غشت 2011 الذي تعرض له القضاة الذين قرروا تأسيس جمعية مستقلة في إطار المقتضيات الدستور المعدل. كما يجب الوقوف عند تصرف عدد من الهيئات القضائية في عدد من الملفات، كملفات الفساد الاقتصادي، والمعتقلين السياسيين ومحاكمات المدافعين عن حقوق الإنسان وملفات ما يعرف بمحاربة الإرهاب والمس بالمقدسات، وقضايا حرية الصحافة، والحق في الإضراب والتظاهر، ونزاعات الأسرة، مما يظهر بجلاء أن العاهات المزمنة للقضاء المغربي، المتجسدة في عدم الاستقلالية وغياب النزاهة والكفاءة، مازالت قائمة وأنها تشكل عرقلة أساسية أمام احترام حقوق الإنسان وتشييد دولة الحق والقانون كما تفضح الهوة الكبيرة بين الخطابات الرسمية حول إصلاح القضاء وواقع هذا الأخير. ينضاف إلى ذلك عدم مساواة المواطنين أمام القضاء بسبب استعمال النفوذ وتبعية القضاء الذي تجلى بشكل خاص في استمرار الإفلات من العقاب بالنسبة للمتهمين في قضايا نهب المال العام، وتجميد شكايات المواطنين ضد الدولة أوذوي النفوذ. وتتجلى الوضعية المتردية للقضاء أيضا في عدم تنفيذ الأحكام القضائية خاصة تلك الصادرة ضد بعض ذوي النفوذ والصادرة لصالح العمال ضد مشغليهم، واستمرار التماطل وبطء مساطر ملفات النفقة والطلاق في تناقض مع ما نصت عليه مدونة الأسرة بهذا الصدد. كما لازال التوقيف التعسفي والمتابعة ضد القاضي جعفر حسون المعروف بمواقفه وأعماله من أجل إصلاح القضاء واستقلاله سائر المفعول ولم يتم التراجع عنه. 15. وبالنسبة لأوضاع السجون، تسجل الجمعية تدهورا في أوضاع السجناء بشكل عام واستمرار التعذيب والاعتداءات الجسدية على المعتقلين، وتدهور أوضاع المعتقلين في إطار قضايا ذات طابع سياسي، بشكل خاص، والتي أدت إلى عدد من الإضرابات عن الطعام من ضمنها إضراب المعتقلين المحكومين بقانون الإرهاب، والمعتقلين السياسيين الصحراويين المطالبين بالإسراع بمحاكمتهم أو إطلاق سراحهم، وعادة ما تواجه بالتجاهل مما يشكل تهديدا للحق في الحياة والسلامة البدنية للمضربين. وتسجل الجمعية كذلك التراجع على مستوى التجاوب والتعامل مع الهيآت الحقوقية في مجال وضعية السجناء منذ إحالة قطاع السجون على المندوبية العامة للسجون وتكليف رجل أمن سابق بها الذي رفض مرارا استقبال تلك الهيآت، وأنهى عمل اللجان الإقليمية لمراقبة السجون، واستمرار رفضه زيارة الجمعيات الحقوقية للسجون وخاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تمييز صارخ بين الجمعيات وفي محاولة لإخفاء المزيد من التدهور الذي عرفته السجون منذ خلق المندوبية. وقد سبق للجمعية أن عبرت عن رفضها لاختيار الدولة للمقاربة الأمنية في التعاطي مع ملف أوضاع السجناء . أما عن إجراءات العفو المتخذة في عدد من المناسبات، تعتبر الجمعية أنه رغم إيجابيتها بالنسبة للمعنيين بالأمر فإنها تتسم بضعف الشفافية بشأن معايير اختيار المستفيدين وعدم استفادة المعتقلين السياسيين منها، ومن جانب آخر فإن مفعولها يظل محدودا في مواجهة إشكالية اكتظاظ السجون مما يستوجب التفعيل المنتظم لكافة الإجراءات البديلة عن سلب الحرية خاصة في حالات المعتقلين في إطار الحراسة النظرية، وعلاقة بنفس الموضوع، تسجل الجمعية الظروف اللاإنسانية لهذه الفئة من السجناء وهم في انتظار أن تبث المحكمة في ملفاتهم. 16. وبالنسبة لحقوق المرأة تسجل الجمعية أن بلادنا مازالت بعيدة عن إعمال مبدأ المساواة التامة وفي كل المجالات بين الرجل والمرأة وهو ما أدى بالجمعية إلى الاستمرار في المطالبة بإلغاء التفسيرات، المتعلقة ببنود اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي أعربت عنها الدولة بعد رفعها للتحفظات في أبريل 2011. وبالنسبة لمدونة الأسرة تسجل الجمعية مجددا ضعف تطبيق مقتضياتها الإيجابية رغم أنها لا ترقى لمستوى المعايير الكونية في مجال حقوق النساء داخل الأسرة نظرا لبعض مضامين هذا القانون نفسه غير القابلة للتطبيق وللعراقيل المتعددة في هذا المجال ونظرا بالخصوص لطبيعة قضاء الأسرة المتسم بالعقلية المحافظة إلى جانب العاهات الأخرى التي تطبع القضاء المغربي وهو ما أدى إلى المساهمة في انتهاك حقوق النساء داخل الأسرة وأبرزها العدد الكبير من حالات زواج القاصرات. كما تسجل الجمعية أن ظاهرة العنف ضد المرأة ما تزال تعم المجتمع المغربي، وأن التحرش الجنسي التي تشكل إهانة وتبخيسا لكرامة المرأة مازال مستشريا في ظل تساهل القضاء مع جرائم العنف اتجاه النساء وتماطل الدولة في إخراج قانون لحماية النساء من العنف الذي يجب أن يتم بالتنسيق مع كل الجهات المعنية وبإشراك الحركة الحقوقية والنسائية في بلورة مضامينه ومراسيم تطبيقه. وتسجل الجمعية ضعف أداء الدولة بشأن الإجراءات التربوية والتثقيفية وبرامج التربية على المساواة الكفيلة بتغيير النظرة النمطية لأوار كل من الجنسين داخل المجتمع كما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة. كما تعتبر الجمعية أن التدهور الذي تعرفه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يمس النساء بشكل أكثر وتتعمق أوضاع الفقر وسطهن بشكل أسرع. 17. فيما يخص حقوق الطفل، تسجل الجمعية بقلق كبير التزايد الملفت لجرائم اغتصاب الأطفال مع تساهل بعض القضاة مع المتورطين فيها. كما أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في أجساد الأطفال . كما أن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت- قد تفاقم هو الآخر بالرغم من الرفع قانونا للحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال إلى 15 سنة في مدونة الشغل. وقد عرفت هذه السنة بشكل خاص قضية الخادمة الصغيرة خديجة بالجديدة التي كانت ضحية استغلال بشع من طرف مشغليها وتعرضت لتعذيب أدى إلى وفاتها. ولازال الأطفال يعانون من العنف في مختلف الفضاءات الخاصة منها والعامة. يضاف لكل هذا تأثير الفقر على تغذية وصحة وتعليم الأطفال والهدر المدرسي وتهميش المدرسة العمومية حيث مئات الآلاف من الأطفال دون تمدرس. وساهمت هذه الظروف في تفاقم ما يسمى بظاهرة أطفال الشوارع وأيضا هجرة القاصرين غير النظامية. 18. وبشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تسجل الجمعية استمرار وتعمق الانتهاكات في هذا المجال، نتيجة النظام الاقتصادي السائد، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة – خاصة بالنسبة لميزانية الدولة التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل – والخوصصة، والانخراط الكامل في العولمة من موقع الضعف، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية مع استمرار الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية كما هو الشأن بالنسبة للانتهاكات المرتبطة بالقمع السياسي. ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى استفحال ظاهرة الرشوة وضعف الآلية الوطنية للوقاية من الرشوة وعدم ملاءمتها مع ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد مما جعل رتبة المغرب في سلم الشفافية العالمية يتدهور إلى 80. وبشأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي انطلقت منذ أزيد من ست سنوات ونصف والتي قدمت كوصفة لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، تسجل الجمعية نتائجها الضعيفة لحد الآن خاصة بعد تدهور رتبة المغرب إلى 130 في سلم التنمية البشرية الذي يعده برنامج الأممالمتحدة للتنمية، مما يوضح أن ملف التنمية البشرية بالمغرب لازال يراوح مكانه مما يبرز بأن بلادنا لازالت في حاجة إلى سياسة جديدة في مجال التنمية ترتكز على المقاربة الحقوقية وتنسجم مع المادة الأولى من العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها الاقتصادي والتحكم في ثرواتها. ومن جانب آخر فإنه قد آن الأوان لتقديم تقييم لما تطلبته هذه المبادرة من ميزانية وافتحاص للمشاريع التي مولتها والنتائج المحصل عليها في ظل تدهور المؤشرات في هذا المجال. 19. وبالنسبة للحق في الشغل، تسجل الجمعية استمرار الانتهاك الخطير لهذا الحق، وهو ما يتجسد بالخصوص في البطالة المكشوفة أو المقنعة لملايين المواطنين والمواطنات بمن فيهم مئات الآلاف من حاملي الشهادات العليا. وتسجل الجمعية كذلك أن التعامل السلبي للسلطات مع مطلب الحق في الشغل عبر ضعف الإجراءات الجادة لخلق فرص الشغل أو عبر قمع الاحتجاجات السلمية وكذا تراجع الدولة والمجالس المنتخبة عن وعودها وعن الاتفاقات المبرمة معهم في العديد من الأحيان، هو مصدر الإضرابات الطويلة والقاسية التي خاضها بعضهم. وقد تابعت الجمعية خلال هذه السنة الاعتداءات المستمرة ضد احتجاجات الأطر العليا المعطلة وأعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين الذين تم اعتقال و محاكمة بعضهم، وعلى رأسها الاعتداء الذي أدى غلى استشهاد الشاب محمد بودروة بآسفي. 20. وفيما يخص حقوق العمال والحقوق النقابية، إن الجمعية تسجل استفحال الانتهاكات الخطيرة التي تطالها، فرغم أن مدونة الشغل بعيدة عن أن تترجم ما التزم به المغرب في مجال الحقوق الشغلية على المستوى الدولي بما تتضمنه من سلبيات جوهرية متعلقة بمرونة التشغيل ومرونة الأجور وتهميش دور النقابة على مستوى المقاولة، فإنها عرضة للخرق بشكل كبير ومستمر. وهذا ما يتجسد بالخصوص في إغلاق المعامل والتسريحات الجماعية التعسفية وعدم احترام الحد الأدنى للأجور ومدة العمل والضمان الاجتماعي ومختلف العطل في قطاعات وازنة مثل الفلاحة والنسيج والسياحة والبناء والأشغال العمومية والصناعات الغذائية ناهيك عن القطاعات غير المنظمة. ويحصل كل هذا بدراية تامة من كافة السلطات التي لم تقم بأي إجراء جدي لردع المسؤولين عن انتهاك قوانين الشغل. أما بالنسبة للحريات النقابية فقد أصبحت عرضة للانتهاك أكثر من أي وقت مضى على مستوى المقاولة مما أدى إلى ترهيب فئات واسعة من عمال القطاع الخاص وابتعادهم عن العمل النقابي ولازالت الدولة تتملص من التصديق على الاتفاقية 87 للمنظمة الدولية للشغل. ولا شك أن القانون التنظيمي للإضراب إذا ما تمت المصادقة على المشروع في صيغته الحالية سيكبل لا محالة الحق في الإضراب باعتباره حقا إنسانيا ودستوريا في نفس الوقت. وقد عرفت هذه السنة سلسلة من انتهاكات الحقوق النقابية، بدءا بالتراجع الكبير عنها في الدستور المعدل، ثم من خلال إغلاق المعامل وطرد العمال والعاملات بسبب الانتماء والنشاط النقابيين وتدخل السلطات ضدهم وتعنيفهم خلال النزاعات الشغلية، ويتجلى ذلك بالخصوص في استمرار معاناة العمال الزراعيين في العديد من المناطق خاصة مع تنامي التشغيل بالمناولة وتملص أرباب العمل من أية مسؤوليات اتجاه تطبيق قانون الشغل لفائدة عمالهم . 21. أما الحقوق الاجتماعية الأخرى، والتي تشكل ركائز أساسية للحق في العيش الكريم، فلم تعرف هي الأخرى تحسنا ملموسا وقد تتبعت الجمعية بالخصوص: * الحق في التعليم بارتباط مع معاناة التعليم العمومي وما يعرفه من مشاكل نتيجة الاكتظاظ وقلة الأساتذة والإمكانيات ناهيك عن ضعف مردوديته بالنسبة للتشغيل،. * الحق في الصحة بارتباط مع مشاكل الصحة العمومية وضعف نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO ) والعراقيل أمام تطبيقه بينما لازال نظام التأمين عن المرض للمعوزين (RAMED ) لم يدخل حيز التطبيق. وقد عرفت هذه السنة حالات متعددة لنساء وضعن في شروط مهينة ووفيات كثيرة بسبب الإهمال، وانتشار أمراض خطيرة في العديد من المناطق. * الحق في السكن تسجل الجمعية أن هناك محنة حقيقية لفئات واسعة من المواطنين في مجال السكن وتعرف بعض المدن إجراءات هدم المساكن بشكل تعسفي ودون توفير البديل لضحايا هذه الإجراءات كما لا زال ضحايا فيضانات السنة الماضية لم تتم تسوية أوضاعهم وانضافت إليهم الأسر المتضررة من الفيضانات بعد التلف الذي تعرضت له المنازل ومازال الضحايا في أوضاع متدهورة في غياب توفير السكن اللائق للأسر التي فقدته. كما تسجل الجمعية التدهور الذي تعرفه البيئة والانتهاكات السافرة للحق في لبيئة السليمة ومن ضمنها نهب الثروات الطبيعية الذي يهدد التوازن البيئي في البلاد ككل. 22. وبالنسبة للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية فإن المكتب المركزي يسجل أهمية الاعتراف لأول مرة بالهوية الأمازيغية وبالحديث عن اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي، فإنه يؤكد أيضا وباستنكار استمرار الارتجال في سياسة الدولة المتعلقة بإدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة. كما يطالب بتطبيق الدولة للتوصيات والخلاصات الصادرة عن اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية الدولية بشأن القضاء على الميز العنصري والصادرة على إثر تقديم الحكومة المغربية لتقريريها الأخيرين حول تطبيق هذه الاتفاقية وتقديم الجمعيات المعنية لتقاريرها الموازية من ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وتطالب الجمعية بشكل خاص بإقرار الدستور للغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية دون تراتبية بين اللغتين ودون تمييز أو تسويف. 23. بالنسبة لقضايا الهجرة واللجوء، تسجل الجمعية أن مآسي المهاجرين من أصل مغربي بالبلدان الغربية خاصة تتفاقم نتيجة العطالة والاضطهاد العنصري والربط التعسفي بين الهجرة والتطرف الديني والإرهاب وقد تعمقت هذه الأوضاع بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية على أوضاع المهاجرين بشكل عام من ضمنهم المغاربيين، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بأوربا. وقد استنكرت الجمعية بصفة خاصة التراجعات الحاصلة على المستوى التشريعي في مجال الهجرة على صعيد أوربا مما زاد في تضييق الخناق على المهاجرين وضاعف التمييز ضدهم. كما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تصادق على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم. وقد تتبعت الجمعية انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بترحيل المهاجرين المغاربة وإرجاعهم للمغرب من ضمنهم القاصرين غير المرافقين في خرق سافر للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ومازالت الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو الخارج تؤدي إلى مآسي حقيقية، من بينها وفاة العديد من المواطنين في قوارب الموت، ناهيك عن الشروط اللاإنسانية للعمل والإقامة عند وصولهم لبلدان المهجر. وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية للأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء لبلادنا بنِيَة العبور نحو أروبا، فلازالت المعالجة القمعية هي السائدة ببلادنا ضدا على معايير حقوق الإنسان. وما زالت الجمعية تطالب بالكشف عن الحقيقة في الأحداث الأليمة والدامية التي تمت على مشارف سبتة ومليلية في خريف 2005 والتي ذهب ضحيتها أكثر من 10 مهاجرين تحت رصاص الجيش الأسباني والجيش المغربي. 24. وبالنسبة لبعض القضايا الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فإن الجمعية: - تسجل خطورة الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد الشعوب المنتفضة من طرف الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية وقلقها بشأن التدخل الأجنبي بها في انتهاك لحق شعوبها في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي. وتعبر عن تضامنها مع ضحايا القمع في اليمن والبحرين وسوريا والسعودية والأردن ومع نضالات شعوبها ضد الاستبداد زالقهر والفساد ومن أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. - تطالب بجعل حد لاحتلال فلسطين وتدين استمرار الحصار الإجرامي ضد الفلسطينيين في غزة وسكوت المجتمع الدولي عنه واستمرار الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب الإسرائيليين في ظل إمعان الدولة المغربية في سياستها المطبعة مع الكيان الصهيوني اقتصاديا وثقافيا وأكاديميا، وتعبر الجمعية عن دعمها لحركة مناهضة التطبيع المغربية والعالمية. . كما تطالب الجمعية المنتظم الدولي بالعمل على فتح تحقيق حول ما نشره موقع ويكيليكس من جرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوى الكبرى ضد الشعوب وتعبر عن تضامنها مع كافة الحركات الاجتماعية المناهضة للحرب وللعولمة الليبرالية المتوحشة ومع انتفاضة شعوب أمريكا واليونان وإسبانيا والبرتغال وغيرها من دول الشمال ضد هيمنة المؤسسات المالية والشركات المتعددة الجنسية على شعوب العالم. تحيي الجمعية بشكل خاص نضالات القوى الديمقراطية المغاربية وفي مقدمتها مكونات الحركة الحقوقية المنضوية في التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان المناضلة من أجل إقرار حقوق الإنسان والديمقراطية في هذه المنطقة. 25. وأخيرا إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار » الاستمرار في تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من أجل فرض احترام حقوق الإنسان« ، - توجه تحية عالية لحركة 20 فبراير ولشبابها وشاباتها بالخصوص على الدور الذي لعبته الحركة في تحريك مطالب حقوقية أساسية ومواجهتهم لمختلف أنواع الاعتداءات المعنوية منها والجسدية ، وتجدد تضامنها مع كل ضحايا القمع من مناضلي ومناضلات الحركة وتضامنها مع عائلات الشهداء مؤكدة تشبتها التام بمطلب الحقيقة والمساءلة لكل المتورطين في الجرائم التي أدت إلى استشهادهم. - تؤكد تشبثها بمواصلة النضال وبذل كل التضحيات من أجل إقرار دستور ديمقراطي من حيث منهجية صياغته من طرف ممثلي القوى الحية بالبلاد ومن حيث مضمونه الديمقراطي وأسلوب المصادقة النهائية عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، مع التأكيد على مطالبتها بملاءمة الدستور المغربي مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان واعتبار ذلك من أولويات المطالب الحقوقية والديمقراطية نظرا لما يشكله الدستور غير الديمقراطي الحالي من عرقلة بل ومن حاجز أمام تشييد دولة الحق والقانون وبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية. كما تؤكد الجمعية على ضرورة بناء أسس دولة الحق والقانون المتجسدة بالخصوص في انتخابات حرة ونزيهة وفي قضاء مستقل ونزيه وكفء وتشييد مجتمع الكرامة والمواطنة. وانطلاقا من قناعتها المبدئية بأهمية العمل المشترك، تعبر الجمعية عن تشبثها بشعار "وحدة العمل للدفاع عن حقوق الإنسان" وتحيي تشكيل الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان كشبكة من الجمعيات تضم 18 هيئة معنية بحقوق الإنسان، مؤكدا على شعار المؤتمر الأخير للجمعية: "حركة حقوقية وديمقراطية قوية من أجل دستور ديمقراطي، دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة" الذي يعكس استعدادها للعمل مع كافة مكونات الحركة الحقوقية وسائر القوى الديمقراطية ببلادنا من أجل بناء دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق. المكتب المركزي 9 دجنبر 2011