إن المؤتمر الوطني التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنعقد من 20 إلى 23 ماي 2010 ببوزنيقة تحت شعار "حركة حقوقية وديمقراطية قوية من أجل دستور ديمقراطي، دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة"، بعد مصادقته على التقريرين الأدبي والمالي، وبعد مصادقته على القانون الأساسي المعدل وعلى عدد من المقررات والتوصيات، وبعد مناقشته للأوضاع الدولية والجهوية والوطنية في ارتباطها بأوضاع حقوق الإنسان على ضوء الوثيقة التحضيرية للمؤتمر وتقارير الندوات الداخلية والعمومية المنظمة في إطار الإعداد للمؤتمر، وبعد تدارس المتطلبات الضرورية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها يعلن ما يلي: 1. على المستوى الدولي، تتميز الأوضاع التي ينعقد فيها المؤتمر ومن حيث الجوهر بتوسع وتعمق العولمة الليبرالية المتوحشة، في ظل مواصلة الطغيان الإمبريالي، وما نتج عنه من أزمة مالية تحولت إلى أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة نتج عنها انتهاك سافر لحقوق الإنسان من جراء فقدان مئات الملايين من المواطنين لعملهم ولمساكنهم وتدهور عام للأوضاع المعيشية. كما استمرت القوى الإمبريالية في انتهاك حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتكثيف الاستغلال لخيراتها، والتراجع عن عدد من المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويتم كل هذا بالموازاة مع تهميش دور الأممالمتحدة أو توظيفها لخدمة مصالح الإدارة الأمريكية وتحت غطاء ما سمي بمحاربة الإرهاب مع بروز تخوفات من تقويض مجلس حقوق الإنسان وتسييد منطق التوافقات السياسية في عمله. ومع ذلك، هناك وعي متنامي لدى الشعوب وقواها الديمقراطية، بأهمية حقوق الإنسان بمفهومها الكوني، تتجسد بعض بوادره في الدور الإيجابي للمنظمات الحقوقية عبر العالم، وفي دور حركة مناهضة العولمة الليبرالية المتوحشة، ودور الحركة المناهضة للاحتلال والحروب والحركة العالمية المناضلة من أجل الحق في البيئة السليمة، ،. 2. على المستوى المتوسطي: وما زالت العديد من الدول المتوسطية تنتهك حق شعوبها في تقرير المصير ويتعرض مواطنوها لانتهاك حقوقهم خاصة في دول الجنوب وغرب المتوسط. حيث لازالت الديمقراطية مطلبا لشعوبها وتتزايد محنة المهاجرين ببلدان الضفة الشمالية وبشكل أشد في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وتؤدي السياسات الأوربية المتشددة إلى المزيد من ضحايا الهجرة غير النظامية. 3. وعلى المستوى الوطني، تتميز الأوضاع، في الجوهر كذلك، باستمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتملص الدولة من تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة تجلى في مضامين التقرير النهائي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، مما يؤكد أن بلادنا وبعد أزيد من نصف قرن من الإعلان عن استقلال المغرب لم تتمكن بعد من بناء النظام الديمقراطي المنشود المستند إلى معايير دولة الحق والقانون وتحقيق مجتمع المواطنة والكرامة . وتعرف أوضاع حقوق الإنسان عموما منحى تراجعيا منذ 11 شتنبر 2001. وأن اختيار شعار المؤتمر يتجاوب مع متطلبات تجاوز هذا الوضع عبر ضرورة: تضافر جهود الحركة الحقوقية والحركة الديموقراطية ككل وتقوية صفوفها وتعزيز التضامن في ما بينها من أجل إقرار دستور ديمقراطي، من حيث منهجية صياغته من طرف ممثلي القوى الحية بالبلاد، ومضمونه الديمقراطي، وأسلوب المصادقة النهائية عليه بواسطة استفتاء ديمقراطي حر ونزيه.ومن أجل تشييد دولة الحق والقانون، التي تعتبر العلمانية إحدى مواصفاتها، ومجتمع الكرامة والمواطنة الذي يقر بالكرامة كقيمة عليا كرامة الوطن وكرامة الشعب وكرامة الإنسان ويضمن لجميع مواطناته ومواطنيه التمتع بكافة حقوق الإنسان وأيضا الاحترام التام لحقوق المواطنة وما تستوجبه من مساواة فعلية بين كافة المواطنين وبين النساء والرجال في كافة المجالات ودون تحفظات وتطهير كل التشريعات من مفهوم المقدس والتراتبية الاجتماعية وتعزيز القيم الإنسانية الكبرى وفي مقدمتها: الكرامة والحرية والمساواة والتضامن وقدسية الحياة. 4. إن الدستور الديمقراطي المنشود يجب أن يرسخ قيم ومعايير حقوق الإنسان الكونية، ومن ضمنها المساواة، وفي مقدمتها المساواة في كافة المجالات بين الرجل والمرأة، ومبدأ سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الوطنية، والسيادة الشعبية التي تجعل من الشعب أساس ومصدر كل السلطات، وتوفر الحكومة على كافة السلطات التنفيذية والبرلمان على كافة الصلاحيات التشريعية، والقضاء كسلطة وليس مجرد جهاز، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفصل الدين عن الدولة. كما يجب أن يؤسس الدستور الديمقراطي المنشود للجهوية الديمقراطية وللحماية والنهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين والإقرار الدستوري لللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. وإن المؤتمر وهو يؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي كبوابة لبناء دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق، يعرب عن تخوفه من أي محاولة جديدة لإجهاض هذا المطلب الديمقراطي الأصيل باللجوء إلى تعديلات جزئية وظرفية تحافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور الحالي. ويؤكد المؤتمر أن احترام حق الشعب المغربي في تقرير مصيره يتطلب كذلك دمقرطة مدونة الانتخابات واتخاذ سائر الإجراءات التنظيمية والإدارية والعملية لضمان انتخابات حرة ونزيهة تعبر نتائجها عن الإرادة الشعبية. وقد عرفت الثلاث سنوات الماضية عددا من الاستحقاقات تميزت في مجملها بغياب الديمقراطية الحقة واستمرار تدخل الدولة وطغيان المال مما جعل بلادنا بعد 54 سنة من الاستقلال لم تخط بعد خطوات نحو الديمقراطية بل عرفت الانتخابات الجماعية لسنة 2009 عودة ظاهرة حزب الدولة الذي تمكن من الاستيلاء على المرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد وهو حزب لم يستكمل سنة من التأسيس. كما عرفت الانتخابات النيابية والمحلية نسبة ضعيفة للمشاركة أفقدت الهيآت المنبثقة عنها المشروعية والتمثيلية. وعرفت سنة 2009 أيضا تراجعا واضحا على مستوى حرية الرأي والتعبير والصحافة حيث تابعت الجمعية عددا كبيرا من المحاكمات غير العادلة والقرارات الإدارية التعسفية التي تنتهك هذه الحريات. 5. وبالنسبة للنزاع حول الصحراء، إن المؤتمر يعبر عن استيائه لاستمرار هذا النزاع منذ عشرات السنين مع ما نتج عنه من ضحايا ومن إهدار للطاقات الاقتصادية ومن عرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة. ويؤكد المؤتمر موقف الجمعية بشأن الحل الديمقراطي للنزاع حول الصحراء وبشأن التصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها. 6. وبالنسبة لسبتة ومليلية والجزر الشمالية المحتلة من طرف إسبانيا، يؤكد المؤتمر ضرورة العمل على تحريرها وإرجاعها للمغرب. 7. وبالنسبة لعلاقة المغرب، من موقع الضعف والتبعية، مع القوى الإمبريالية، باعتبارها عدوا أساسيا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، إن المؤتمر يندد بالإجراءات المؤدية إلى دمج المغرب أكثر فأكثر في إطار استراتيجية الإدارة الأمريكية، مما تجلى بالخصوص في تعميق التعاون الأمني والمخابراتي المباشر مع الأجهزة الأمريكية، مع ما ينجم عن ذلك من انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان. وفي تعزيز التواجد العسكري للولايات المتحدةالأمريكية بالمغرب وتنظيم مناورات عسكرية على التراب المغربي. وإن المؤتمر يدعو الدولة المغربية إلى التراجع عن اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة، وعن إقحام بلادنا في المخططات الأمريكية والصهيونية والأطلسية، باعتبار أنها تهدد السلم وكذا حق شعوب ما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا في تقرير المصير والغد الأفضل. ومن هذا المنطلق، إن المؤتمر ينادي كافة القوى الديمقراطية ببلادنا والغيورة على حق الشعوب في تقرير مصيرها إلى مناهضة العدوان الإمبريالي ضد الشعوب وكذا التطبيع مع الكيان الصهيوني. 8. إن المؤتمر يؤكد بأن التزام المغرب الدستوري بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وبالتعهدات المقدمة كشرط للالتحاق بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبالتوصيات الصادرة عن هذا الأخير بمناسبة مناقشة التقرير الدوري للمغرب، تفرض عليه المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية في هذا المجال ورفع التحفظات وملاءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات المصادق عليها واحترام حقوق الإنسان في الواقع. وهذا ما يستوجب بالخصوص المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي حول الحقوق السياسية والمدنية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة على اتفاقية روما بشأن الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتوقيع على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ; والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية بشأن مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية رقم 87 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمتعلقة بالحريات النقابية، ورفع التحفظات بدءا برفعها عن اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما أن الالتزامات المذكورة تفرض ملاءمة التشريعات المغربية مع معايير حقوق الإنسان الكونية، بدءا بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، ودمقرطة قوانين الحريات العامة، ومدونة الشغل، وإلغاء المقتضيات القانونية الماسة بالحريات النقابية. إضافة إلى ما سبق، إن التزامات المغرب تفرض عليه كذلك: تطبيق توصيات لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. احترام سيادة القانون في الممارسة وعلى كافة المستويات، ونهج أسلوب المساءلة وعدم الإفلات من العقاب للمنتهكين كيفما كان مركزهم ونفوذهم أو مبرراتهم. والتعاون مع المقررين الخاصين. مراجعة الإطار القانوني للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ليصبح مؤسسة ديمقراطية من حيث تكوينها وآليات اشتغالها، مستقلة عن السلطة ومؤهلة للمساهمة في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها على غرار المؤسسات الوطنية المماثلة في البلدان الديمقراطية. دمقرطة الإطار القانوني لما سمي بديوان المظالم الذي ظل لحد الآن بدون دور إيجابي ملموس وظل بعيدا عن تجسيد مؤسسة الوسيط (أومبودسمان) التي طالبت بها الحركة الحقوقية. إعمال "الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان" تحت مسؤولية الوزارة الأولى، ووضع خطة وطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، تكون منسجمة مع المرجعية الحقوقية الكونية ومع معايير الأممالمتحدة في هذا المجال. وضع آلية مؤسساتية مكلفة بحقوق الإنسان حماية ونهوضا أو تحديد المؤسسة الرسمية المخول لها ذلك والتي تشكل المخاطب الرسمي الأساسي للحركة الحقوقية المغربية ولكل الأطراف المعنية بحقوق الإنسان في الداخل والخارج. القطع مع سياسة التعتيم على أوضاع حقوق الإنسان سواء في الإعلام الرسمي أو على مستوى المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان. 9. بالنسبة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبطة بالقمع السياسي، يؤكد المؤتمر أن هذا الملف لا زال مفتوحا ولن يجد حله إلا على أساس إعمال المعايير الدولية ذات الصلة والمرتكزة على الحقيقة الشاملة بشأن الكشف عن كافة الانتهاكات وبشأن تحديد المسؤوليات عنها وعدم الإفلات من العقاب، والإنصاف بمختلف جوانبه (جبر الضرر الفردي والجماعي، حفظ الذاكرة، الاعتذار الرسمي والعلني للدولة)، وتشييد متطلبات بناء دولة الحق والقانون كأساس لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة مستقبلا وفي مقدمتها الإصلاحات السياسية والدستورية والتشريعية والقانونية والتربوية ووضع استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب، وكذا على أساس معالجة الانتهاكات الجسيمة في مجال الحقوق السياسية والمدنية بموازاة مع معالجة الانتهاكات الجسيمة الناتجة عن الجرائم الاقتصادية كسبب أساسي لانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنات والمواطنين. ويعتبر المؤتمر أن التقرير النهائي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة الصادر في بداية السنة يشكل تراجعا عن التوصيات نفسها ويؤكد تخلي الدولة بشكل رسمي عن تلك التوصيات بعد 4 سنوات من التماطل والتعتيم. ويجدد المؤتمر مطالبته الدولة المغربية بتحمل مسؤوليتها في تنفيذ تلك التوصيات رغم ضعفها حتى بالمقارنة مع المطالب الدنيا للحركة الحقوقية المتجسدة في توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنعقدة في نونبر 2001. كما ينادي إلى مواصلة الحركة الحقوقية لعملها الوحدوي بشأن ملف الانتهاكات الجسيمة وتحسين أداء هيئة المتابعة المنبثقة عن المناظرة الوطنية، من جهة لفرض تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ومن جهة أخرى للعمل على تفعيل توصيات المناظرة الوطنية مما يستوجب الإسراع بتنظيم المناظرة الوطنية الثانية. وفي نفس الوقت يوصي المؤتمر الأجهزة القيادية للجمعية بالاستمرار في النضال في إطار مقاربة الجمعية الخاصة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مع العمل على تحيين لائحة المتورطين في تلك الانتهاكات. 10. بالنسبة لقضايا الإرهاب ومكافحة الإرهاب ببلادنا، إن المؤتمر يؤكد موقف الجمعية الثابت من الإرهاب والمتجسد في الإدانة المطلقة لأي عمل إرهابي وفي التضامن والتعاطف مع الضحايا وفي عدم الاقتصار على المعالجة الأمنية والقضائية لهذه الظاهرة، بل وضع المخططات واتخاذ الإجراءات الكفيلة باجتثاث جذور الإرهاب وهي نفس الإجراءات التي مافتئت الجمعية تناضل من أجلها قبل الإرهاب وبعده: احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها ومناهضة الإمبريالية وإقرار الديمقراطية وضمان الكرامة وحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع، وإقرار سياسة تعليمية وثقافية وإعلامية تعيد الاعتبار للعقل وللفكر العلمي على أنقاض الفكر الخرافي ونزعات اللاتسامح الديني والتطرف والتكفير والتي كان للدولة نفسها في فترة معينة دور كبير في إذكائها. مهما يكن من أمر، إن المؤتمر يؤكد ضرورة احترام حقوق الإنسان عند المعالجة الأمنية والقضائية لملف الإرهاب ويطالب بإطلاق سراح ما تبقى من معتقلين سياسيين وبالإفراج أو إعادة المحاكمة لمعتقلي ما سمي بالسلفية الجهادية الذين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات غير العادلة، ويعبر عن إدانته الثابتة لاستمرار جرائم الاختطاف والتعذيب والمحاكمات غير العادلة التي تواكب عموما الاعتقالات في إطار ما يعرف بمكافحة الإرهاب. 11. وبخصوص الاعتقال السياسي فإن المؤتمر يجدد مطالبته بوضع حد للاعتقال السياسي ويطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من مسؤولين سياسيين ونشطاء حقوقيين ونشطاء صحراويين وصحافيين وطلبة وعدد كبير من المعتقلين في إطار ما يسمى بالسلفية الجهادية. 12. فيما يخص الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمان الشخصي، إن المؤتمر إذ يدين الانتهاكات المتواصلة في هذا المجال، ويستنكر الاستمرار في إصدار المحاكم لعقوبات جديدة بالإعدام، وعدم تصويت المغرب لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها، يؤكد مطالبة الجمعية الدولة المغربية ب: • التصويت الإيجابي في الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة على التوصية المتعلقة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام. • تمشيط المناطق المزروعة بالألغام التي تؤدي بحياة العديد من الضحايا وتنتهك حقهم في السلامة البدنية مع جبر أضرار الضحايا وعائلاتهم. • جعل حد للتعذيب والعنف الممارس خاصة من طرف قوات الأمن والدرك وحراس السجون ومختلف أجهزة السلطة الأخرى في خرق سافر لقانون زجر التعذيب. ووضع الآلية المستقلة لمراقبة أماكن الاحتجاز التي تنص عليها الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وكافة الممارسات المهينة أو الحاطة بالكرامة مع تثمين المؤتمر لمبادرة تأسيس اللجنة المغربية لمناهضة التعذيب معبرا عن دعوته لتفعيلها وتقوية عملها. • تعديل قانون المسطرة الجنائية قصد مراجعة ظروف الحراسة النظرية لضمان سلامة الخاضعين لها (بدءا بتمكينهم منذ البداية من زيارة المحامي) ولضمان مراقبة حقيقية لأماكن الحراسة النظرية وتقليص مدتها. • كشف الحقيقة عن كل الوفيات التي تمت في مراكز السلطة ومتابعة المسؤولين عنها قضائيا. • فتح تحقيق حول الانتهاكات التي عرفها مقر مديرية مراقبة التراب الوطني بتمارة وتمكين الحكومة والبرلمان من مراقبة ومحاسبة كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة للأمن الوطني والدرك والجيش الملكي مع توضيح مهامها وصلاحياتها. 13. بالنسبة لاحترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية، فإن المؤتمر إذ يستنكر الانتهاكات اليومية التي تطالها ، يطالب باحترامها و ورفع القيود القانونية والعملية التي تكبلها وخاصة منها الحقوق المتعلقة بحرية الرأي والتعبير والتنقل والصحافة والتجمع والتظاهر وتأسيس الأحزاب والجمعيات وحرية العقيدة والوجدان والضمير وكافة الحريات الفردية الأخرى المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، وإن المؤتمر يطالب بشكل خاص ب: • تسهيل مسطرة تسليم جوازات السفر لجميع المواطنين والمواطنات وجعل حد للمراقبة التعسفية في الحدود والعمل على تسهيل مسطرة تسليم تأشيرات السفر (الفيزا). • جعل حد لسياسة الخطوط الحمراء المضادة لحرية الرأي والتعبير والعقيدة والتي تفضي إلى إشهار سيف المس بالمقدسات في وجه عدد من الممارسين لحقهم في هذا المجال. • رفع العراقيل القانونية والعملية أمام ممارسة الحق في التنظيم والنشاط السياسي والجمعوي عبر التراجع عن الحل التعسفي لحزب البديل الحضاري وعبر تمكين عدد من الهيئات (مثل الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، الحركة من أجل الأمة، الشبكة الأمازيغية للمواطنة، الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، ائتلاف المدافعين عن حقوق الإنسان بالصحراء والجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء وفرعي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالسمارة وطانطان ) من وصول الإيداع القانونية، وجعل حد لسياسة التماطل في تسليم وصول الإيداع القانونية بصفة عامة. وفي مجال الحق في التنظيم كذلك، إن المؤتمر يطالب بالمراجعة الشاملة لقانون الأحزاب في اتجاه دمقرطته مع تقوية الدور المنوط بالأحزاب على مستوى الدستور. • جعل حد لانتهاك الحق في التجمع والتظاهر السلمي ورفع الحصار عن الجامعات المغربية وخلق الشروط لتسترجع الجامعة دورها التنويري والديموقراطي بعيدا عن العنف والتعصب الفكري والعقائدي. • رفع الحواجز القانونية والعملية أمام ممارسة الحق في الإعلام وحرية الصحافة بدءا بإلغاء العقوبات السالبة للحرية من قانون الصحافة ونهج سياسة إعلامية عمومية ديموقراطية أساسها "الإعلام العمومي للجميع" مع تسخير وسائل الإعلام الرسمية لخدمة حقوق الإنسان وضمان حق الاختلاف والتعبير الحر للأشخاص والتنظيمات وكافة فعاليات المجتمع المدني وتوقيف المضايقات والمتابعات التعسفية ضد الصحفيين وإطلاق سراح الصحافيين إدريس شحتان مدير أسبوعية المشعل وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار والكف عن توظيف القضاء في استصدار أحكام جائرة وقاسية بغرامات خيالية الهدف منها توقيف الصحف عبر الدفع إلى إفلاسها. كما يطالب المؤتمر بجعل حد للتمييز الممارس من طرف الدولة في توزيع جزء من المالية العامة على بعض الصحف واستثناء غيرها من هذا الدعم بوضع معايير شفافة واحترامها. 14. بالنسبة لملف القضاء، إن المؤتمر يعبر عن عميق استيائه لاستمرار مظاهر الفساد الذي ينخر هذا الجسم كما اتضح ذلك مرة أخرى من خلال دوره في تصفية حسابات السلطة مع عدد من المنابر الصحافية وفي مقدمتها أسبوعية "لوجورنال" ومن خلال الحكم المفجع ب3 سنوات سجنا نافذا على الشيخ المقعد والمريض نفسيا الفقيد أحمد ناصر وسنه 95 سنة ثم وفاته في السجن التي شكلت إدانة للطبيعة المتردية سواء للقضاء أو لأوضاع السجون في المغرب، وأيضا من خلال الإفلات التام من العقاب للسيد حسن اليعقوبي الذي أطلق النار على الشرطي طارق محب دون أن يتعرض لأية مساءلة ومن خلال الملفات العديدة التي لم يتم تحريكها لفائدة مواطنين وضعوا شكايات ضد حفصة أمحزون بخنيفرة وأفراد من عائلتها رغم مراسلة الجمعية لوزير العدل في الموضوع. ويطالب المؤتمر باتخاذ التدابير الدستورية والتشريعية والإجرائية لإقرار القضاء كسلطة مستقلة ولتطهيره من الفساد وضمان استقلاليته ونزاهته وكفاءته وتنفيذ جميع أحكامه بما فيها تلك الصادرة ضد الدولة والإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية وضد ذوي النفوذ، وضمان حق المواطن (ة) في التقاضي والمحاكمة العادلة والمساواة أمام القضاء، مما يفرض بالخصوص إلغاء المحاكم الاستثنائية المتبقية وتوحيد القضاء وملاءمة التشريع المحلي مع التزامات المغرب الدولية. ويعبر المؤتمر عن تثمينه للجهود الناتجة عن العمل الوحدوي للحركة الحقوقية المغربية المتجسدة في مذكرة الجمعيات العشرة حول إصلاح القضاء التي تتضمن الحد الأدنى للمطالب المشتركة، ويدعو إلى التحرك النضالي من أجل فرض الاستجابة لها من طرف الدولة. كما يطالب المؤتمر بتمكين القضاة من الحق في التنظيم المستقل ومن الحق النقابي – بما يعزز الدفاع عن مبدأ استقلالية القضاء انسجاما مع مقتضيات اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية. 15. بالنسبة لأوضاع السجون، يسجل المؤتمر تدهورا في أوضاع السجناء وخصوصا المضايقات والتعسفات التي يعاني منها المعتقلون في إطار قضايا ذات طابع سياسي والتي أدت إلى عدد من الإضرابات عن الطعام. ويسجل المؤتمر باستنكار شديد سيادة المقاربة الأمنية في تدبير ملف السجون، وهو ما تم تأكيده من خلال تعيين أحد المسؤولين الأمنيين السابقين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على رأس المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج وما تلا ذلك من تدهور خطير لأوضاع السجون والسجناء. ويسجل المؤتمر كذلك ، عدم تجاوب المندوبية العامة مع مطالب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لزيارة السجون وعدم تفعيل عمال الأقاليم للجان الإقليمية لمراقبة السجون. أما عن إجراءات العفو المتخذة في عدد من المناسبات، فيعتبر المؤتمر أنه رغم إيجابيتها بالنسبة للمعنيين بالأمر، فإنها تتسم بضعف الشفافية بشأن معايير اختيار المستفيدين وأن مفعولها يظل محدودا في مواجهة إشكالية اكتظاظ السجون مما يستوجب التفعيل المنتظم لكافة الإجراءات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية، مع العلم أن إجراءات العفو خلال السنوات الثلاثة الماضية لم تمس العديد من المعتقلين السياسيين الذين طالما طالبت الجمعية بإطلاق سراحهم جميعا، ولم تمس معتقلي "السلفية الجهادية" الذين عانوا من المحاكمات غير العادلة. وعلاقة بنفس الموضوع، يسجل المؤتمر استمرار الظروف اللاإنسانية للحراسة النظرية، التي يشكل المعتقلون في إطارها ما يناهز نصف عدد السجناء وهو ما يتطلب إعادة النظر في السياسة الجنائية ووضع عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية. .