تمهيد : ليس من السهل الخروج من مشاكل وضع الإنسان نفسه فيها، فدخول الحمام ليس مثل الخروج منه، و ما من مرة تسلم الجرة بمثل هذه الحكمة تنصحنا الحكاية و فكها يا من وحلتيها ... الحكاية كان حتى كان ، فيما مضى من الزمان ، حتى كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان عليه الصلاة و السلام .. يحكى أن رجلا فقيرا كان يسكن قرب قصر الحاكم و كانت يشتغل كحطاب في الغابة ، و كان اسمه برطال و زوجته تسمى جرادة ،و كانت جرادة تشتغل عند زوجة الحاكم و في يوم من الأيام رأت العجل قد ابتلع قلادة الجوهر الثمينة التي تملكها بنت الحاكم ، فلما بحثوا عنها في كل مكان و لم يعثروا لها على أثر حاروا في أمرهم و لم يعرفوا سبب اختفائها .. ذهبت جرادة عند الحاكم وقالت له : سيدي إن زوجي منجم و عراف ، و هو الذي سيخبرك عن الذي سرق القلادة . ذهبت جرادة عند زوجها وأخبرته بما رأته و ما قالته للحاكم . فذهب برطال عند الحاكم و قال له : إن قلادة مولاتي الأميرة توجد في معدة العجل . فاندهش الحاكم من قول برطال ، و ذبح العجل المقصود و بحث في معدته فوجد القلادة ، فأعجب بعلم وسعة معرفته ووهبه الكثير من المال، فرجع إلى زوجته جرادة فرحا مسرورا . في يوم من الأيام قام اللصوص بسرقة بيت المال فخاف برطال أن يرسل الحاكم في طلبه كي يفسر له ما حدث و يكشف له عن اللصوص ، فاشتكى لزوجته سبب قلقه فقالت له : قل له عندما يسألك أن يمهلك أربعين يوما بأربعين طاجنا . فلما أرسل الحاكم في طلبه و سأله أن يخبره بمن سرق بيت المال ، قال له ما قالت له زوجته جرادة : أمهلني أربعين يوما بأربعين طاجنا . و كان أحد اللصوص يسمع، فلما قال برطال للحاكم: أربعين يوما بأربعين طاجنا . اعتقد أنه كشف أمرهم لأنهم كانوا أربعين نفرا، فاعترفوا للحاكم بما قاموا به ، و أرجعوا ما سرقوه إلى بيت المال . فاندهش الحاكم من علمه و وهبه مالا كثيرا فعاد به إلى جرادة ، لكنه كان خائفا أن يكشف الحاكم حيلته فما كل مرة تسلم الجرة ، و فقد الطمأنينة التي كان يشعر بها عندما كان حطابا فقيرا، و لم يعد يهنأ بنومه كعادته و علم أن ذلك كان بسبب جرادة زوجته التي كانت تبحث عن المال بأية طريقة . أصبح الحاكم يخشى من الحطاب لأنه يعلم ما خفي من أسرار ، و الحطاب خاف أن يعرف السلطان كذبه. و في يوم من الأيام أراد الحاكم أن يختبره إن كان منجما حقيقيا كما يقول فقبض على جرادة في يد وعلى برطال نوع صغير من العصافير في يد أخرى،و قال له : إذا لم تقل لي ما يوجد بيدي قطعت رأسك ؟ قال له برطال متحسرا و هو يعتقد أن الحاكم قد كشف أمره : لو ما كانت جرادة ما حصل برطال ؟ فصدقه الحاكم و اعتقد أنه منجم عظيم و أعطاه الكثير من المال .. و عاد برطال إلى البيت و كان أول ما قام به أنه طلق زوجته جرادة ورحل من البلاد كلها ،و ذهب إلى مكان لا يعرفه فيه أحد و استعاد حياته البسيطة و اشتغل حطابا كما كان ، و عاش في سعادة حتى آخر عمره إلى أن أتاه هازم اللذات و مفرق الجماعات ، و تركتهم هناك وجئت إلى هنا . سيلي يا حكايتي من واد إلى واد و أنا أبقى مع الناس الأجواد المصدر : الدكتور محمد فخرالدين كتاب موسوعة الحكاية الشعبية الحكاية 34 الرسم للكاتب انتظروا غدا حكاية أخرى عن أول ظهور لآلة للتحكم عن بعد في الحكاية