تقديم : تدعو الحكاية انطلاقا من أخلاقيتها الساذجة إلى تنظيم سلوك الإنسان ،فتدعو إلى فعل الخير و تجعل الشر سببا للهلاك . الحكاية كان حتى كان ، فيما مضى من الزمان ، حتى كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان عليه الصلاة و السلام .. يحكى أن امرأة كانت تستأجر رجلا ليرعى لها الغنم ، وقد صلحت لها الأغنام وزاد عددها حتى صار عندها قطيع كبير ، فزاد مدخولها و حسن حالها، و كان ذلك بفضل ذلك الراعي الأمين الذي كان يتفانى في عمله. و في يوم من الأيام قال لها: أريد أن أذهب في حالي . فقالت في نفسها: هذا الرجل سيذهب للعمل في مكان آخر و هو راع جيد صلح معه حالي. فحاولت ثنيه عن عزمه بكل الوسائل، و قدمت له كل إغراء فكان مصمما على الذهاب. و قال لها: أريد أن أعود إلى بلادي ، فقد جئت و شعري أسود وأسناني سليمة ، و أقربائي في الحياة ، وها أنا أذهب الآن و قد ابيض شعري وسقطت أسناني ، أنا لا أعلم إن كنت سأجد أحبابي أحياء . فلما تعبت من المحاولة ، عملت له خبزة ووضعت له فيها السم و أعطتها له و قالت له: خذ هذه الخبزة واستعن بها على سفرك. وودعته . وكان الراعي يسمى مصيبو و كل من يكلمه كان يقول له: كل من عمل شيئا يصيبه . فلما خرج من عندها و وضع الخبزة في قب جلبابه، وما أن ابتعد قليلا حتى التقى أولاد المرأة الأربعة قادمين من سفر كانوا فيه، فلما رأوه قالوا له: أهلا يا مصيبو كيف حالك و حال أمنا ؟ قال لهما : أمكما في بيتها. قالوا له: و إلى أين أنت ذاهب؟ قال لهم: لقد اشتقت إلى أهلي و أحبابي، و أردت أن أذهب إليهم. فقالوا له : احك لنا قصة و أعطنا ما معك من طعام ،لأننا متعبين و نريد أن نستريح، و جوعى لم يتبق لنا طعام. قال لهم: الذي جئت به لم أرجعه و الذي تركته لن أجده. قالوا له: كيف ذلك اشرح لنا فنحن لم نفهم ؟ قال لهم : جئت بشعري أسود فلم أعد حتى ابيض، و جئت بسمعي قويا فلم أعد حتى ذهب، و جئت بأسناني سليمة فلم أعد حتى سقطت، وكل شيء أتيت به تركته عندكم ،و الذي تركته في بلادي لن أجده ،لن أجد أبي، لن أجد أمي، لن أجد مالي . فقالوا له: هل عندك طعام نقتسمه بيننا؟ . قال لهم: ليس عندي غير هذه الخبزة التي أعطتها لي أمكم. فأعطاها لهم فاقتسموها هم الأربعة. فلما طعموها بينهم ماتوا لحينهم، فجاء الناس وسألوه: ما هذا يا مصيبو؟ قال لهم: الذي فعل شيئا يصيبه. فأرسلوا لأم الأولاد فسألوها: ماذا فعلت لهم ؟ قالت: لم أفعل شيئا. قال لهم مصيبو: أنا أعطتني خبزة فاقتسمها أولادها فلما طعموها ماتوا. فبدأت تصرخ و تستغفر الله عل فعلتها، و تقول: يا ويلي قتلت أولادي. فقال الناس : احك لنا الحكاية. قالت لهم : كان هذا الرجل راعيا عندي و صلح معه القطيع، و أراد إن يذهب فحاولت أن أستبقيه فلم يرد فأعطيته الخبزة ووضعت له فيها السم. هكذا قتلت المرأة أولادها الأربعة، و عاد الشر الذي أضمرته للراعي إليها ، و نجا الراعي المسكين و عاد إلى بلاده و عاش ما تبقى من أيامه في سعادة وراحة بال و صدق من قال : لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. و سيلي يا حكايتي من واد إلى واد و أنا أبقى مع الناس الأجواد المصدر : الدكتور محمد فخرالدين كتاب موسوعة الحكاية الشعبية الحكاية 94. انتظروا معنا غذا حكاية أخرى عن الذي يحتال على زوجته بكون عنده ضيوف كل ليلة