هوية بريس – حاوره: إبراهيم الوزني قامت إدارة نادي الرجاء الرياضي قبل شهرين بالتعاقد مع المستشهر العالمي "1XBET" بعقد قيمته 3,3 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات، لكن المثير في الأمر هو أن شركة "1XBET" للمراهنات الراعي الرسمي لمجموعة من الأندية الإسبانية والفرنسية، بالإضافة للاتحادات الدولية والقارية، على رأسها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، هي شركة للقمار والمراهنات الرياضية. وبعد تسليط الضوء على هذا الأمر من جديد توجهنا بهذه الأسئلة الثلاث إلى الأستاذ نور الدين درواش*، لمزيد تنوير ونصح وتوجيه. 1- ما تعليقكم على إقدام فريق من حجم الرجاء على الترويج لشركة قمار؟ معلوم ابتداء أننا ضد الاستلاب الرياضي الذي يجعل الشباب مغيب الشعور ومخدرا ومهووسا بحب كرة القدم لدرجة إهدار الوقت وتغييب المصالح الشخصية والمجتمعية واختزال الحياة في المنافسات الكروية الوطنية والقارية والدولية وتحريف مفاهيم النصر والهزيمة والتقدم والتأخر… ومع ذلك فهذا لا يمنعنا من أن نقر بأن فريق الرجاء الرياضي البيضاوي يعد أحد الفرق المغربية العريقة ذات التاريخ المشرف (كرويا) والتي تتوفر على قاعدة جماهيرية واسعة ولعلها الأوسع على الصعيد المغربي، وطالما كانت هذه القاعدة الجماهيرية تعبر عن نبض الشارع المغربي وتتناغم مع همومه وتتجاوب مع معاناته، وتتفاعل مع قضايا الأمة الإسلامية وبخاصة قضية فلسطين والمسجد الأقصى. وكان المفروض في القائمين على تسيير هذا الفريق أن يراعوا الحكم الشرعي للميسر والقمار والدعاية له وترويجه وإشهاره، ما دمنا في دولة دينها الرسمي هو الإسلام، وكان المفروض أن تراعي هوية اللاعبين الذين نجزم أن كثيرا منهم ليس راضيا على الترويج للميسر والقمار الذي حرمه الشرع بالقرآن والسنة وإجماع العلماء من مختلف المذاهب والتوجهات الإسلامية… وتراعي أيضا إحساس الجماهير التي باليقين لن ترضى عن هذا الفعل والتي باليقين ستكون لها ردود أفعال قد تصل لمقاطعة المباريات إلى حين تطهير العقود الإشهارية من كل ما هو حرام. وإذا كان الشباب المسلم يعبر عن إعجابه بمواقف ساديو ماني وإدريس غاي المناهضة للحرام والممتنعة عن الترويج للخمر والمثلية فالمنتظر من لاعبي الفرق في الدول الإسلامية أن يكونوا أكثر حزما وشجاعة في الدفاع عن القيم الإسلامية ومنع طوفان الفساد والإفساد. 2- لماذا صار الناس يقبلون هذه المخالفات دون أدنى حرج؟ لذلك أسباب كثيرة منها ضعف الوازع الديني عند كثير من الناس ولاسيما المستثمرون في مثل هذه النوادي الرياضية. ومنها البعد عن الثقافة الدينية الشرعية الإسلامية التي تجعل المسلم عارفا بمحارم الله وحدوده… فإضعاف الثقافة الإسلامية وإضعاف التربية الإسلامية أحد الأسباب المباشرة لهذا الأمر. ومنها السعي للمدخول المادي الكبير بغض النظر عن الوسيلة. ومنها الطمع والجشع الذي أضحى ميزة لأكثر المستثمرين في هذا الزمان. ومنها تقليد الغرب واتباعه في كل أمر فما دامت النوادي الغربية تتعاقد مع مستشهري الخمور والقمار فنوادينا تسير على نفس المنوال شبرا بشبر. ومنها تفريط كثير من الدعاة في بيان الأحكام الشرعية لعموم الناس حتى صارت المحرمات المعلوم حرمتها بالضرورة من الأمور التي تخفى على كثير من المسلمين. اقرأ أيضا: في خطوة مثيرة.. لاعبو فريق الرجاء يروجون للقمار في أقمصتهم بعد عقد استشهاري ضخم!! 3- ما تأثير القمار على الأفراد والمجتمعات.. لأنه قد يقول قائل: وما ضرر ذلك؟ من المتقرر في الشريعة الإسلامية أن أحكامها ليست أحكاما عقابية لهذه الأمة وإنما هي أحكام إصلاحية تبيح لهذه الأمة الصالح والطيب والخير، وتحرم الفاسد والخبيث والشر وهذا أمر قرره القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف:157). ولهذا قرر العلماء أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها. وهذه المقدمة وحدها كافية لترسيخ قناعة لدى كل مسلم يؤمن بالله ويعظم القرآن وهي أن القمار شر كله، ولو كان خيرا لما حرمه الإسلام. هذا على سبيل الإجمال أما بالتفصيل فيمكن أن نستحضر على سبيل التمثيل المفاسد التالية بإيجاز: – القمار من أسباب إيغار الصدور والإفساد بين الناس. القمار من أساب الصد عن العبادة وعن الذكر والقرآن. ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾. القمار يسبب الاكتئاب والانعزال لصاحبه وطغيان المشاعر السلبية التي قد تؤدي إلى الإجرام أو الجنون أو الانتحار. القمار يؤدي بصاحبه إلى الإقبال على الخمر والمسكرات والمخدرات لتناسي الخسارة. القمار من أسباب تعطيل القدرات البشرية على العمل والابتكار والإبداع والركون إلى الربح السريع والمصادفة والحظ والأماني الكاذبة. القمار سبيل لإفساد البيوت وهدمها بسبب إفلاس المقامر وتضييعه لحقوق زوجته وأسرته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يَقُوت". فالمستثمر الحريص على صلاحه في نفسه وإسهامه في صلاح المجتمع والحريص على سلامته ونجاته يوم القيامة لا يمكن أن يعقد مثل هذه الصفقات الخاسرة بكل الموازين. والله ولي التوفيق والتسديد. * الأستاذ نور الدين درواش: داعية وباحث في العلوم الشرعية.