سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مولاي عمر بنحماد، النائب الأول لرئيس حركة التوحيد والإصلاح : على الوعاظ والخطباء استثمار معطيات الدراسات في خطابهم الدعوي للتحذير من خطورة القمار وآثارها الاجتماعية الكارثية
تكمن أهمية الدراسات التي تتطرق إلى الآثار السلبية على الصحة والمجتمع التي تسببها آفة القمار في كونها تؤكد المقاربة الشرعية للموضوع، فما جاءت به دراسات مختلفة يؤكد ما دل عليه الشرع ونصوص القرآن التي تجعل الميسر مقرونا بالخمر، ففي آيتين ذكر الخمر مقترنا بالميسر بما يفيد بأن هذه المفاسد متداخل بعضها ببعض، حيث إن بعضها يحيل على الآخر وإن كانت الخمر هي أم الخبائث. ثم إن مثل هذه الدراسات تؤكد أنه لا غنى للمقاربة الشرعية من اعتماد البحث الاجتماعي كما أنه لا غنى للدراسات الاجتماعية من استحضار البعد الشرعي في الموضوع. فكم جريمة قتل، وجريمة سرقة وسطو، وجريمة تزوير، إن نحن تتبعنا خيوطها نجد سببها الرئيس هو القمار والبحث عن مبلغ مالي للقمار به. ولذلك، أعتقد أن على الوعاظ والخطباء اليوم، أن يستثمروا المعطيات التي تتيحها مثل هذه الدراسات في خطابهم الدعوي للتحذير من خطورة القمار وآثارها الاجتماعية الكارثية. ثم إن هذه الدراسات جاءت لتؤكد المرتكزات التي انطلق منها مناهضو الكازينوهات، فهي تؤكد أن هؤلاء لا ينطلقون من فراغ، وإنما يؤسسون حركتهم على الآثار الكارثية التي تهدد النسيج المجتمعي لاسيما في هذا العصر الذي تعاظمت فيه دور القمار، وتوسعت بفعل العولمة، إذ تحولت بعض الكازيونهات إلى بؤر لربط المغرب بمؤسسات القمار العالمي. ثم، إنه ومن المعلوم أن الله سبحانه و تعالى حرم القمار في آيته الكريمة }يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون{، هذه الآية صريحة في تحريم الميسر، وهو المعبر عنه بالقمار، وجاء هنا مقرونا بالخمر الذي يعتبر أم الخبائث، وجاء في آية ثانية “إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون"، فمن حيث الحكم الشرعي هو التحريم بدون شك في ذلك، لكن الذي وقع هو التدليس في الاسم، بحيث لا أحد يسمي الربا ، ربا، ولا أحد يسمي القمار باسمه، بل يتداول بأسماء أخرى مثل اليانصيب، الطوطوفوت، اللوطو.. وهو نوع من التحايل على الذي يتعاطى الميسر، ولو ذكر باسمه لتذكر المتعاطي له الآية القرآنية، وابتعد عنه. وينبغي أن نذكر فقط أن تغيير الاسم لا يغير معه المسمى، والشيء ذاته حدث مع الخمر الذي صار يسمى بالمشروبات الروحية. من جهة أخرى، فالقمار نوع من المفاسد الاجتماعية، يتسبب في تشتيت الأسر، ونهب الأموال، ولا يزال العديد من البؤساء يحلمون باليوم الذي يربحون فيه شيئا لم يبذلوا فيه جهدا معينا، عبر أرقام قد تجلب له الحظ السعيد، و الربح السريع. فالأصل أن الإنسان يجتهد ويضحي ليحصل على المال، إنما في القمار يزين الشيطان للمتعاطين إليه أنه بدرهم أو دراهم قد يربح الملايين، ويحدث هذا الأمر خصومات وعداوات بين الأصدقاء، من خلال الانتقام من الرابح، والايقاع به لاسترداد ماله الذي ضاع منهم. وللأسف؛ صارت وسائل الإعلام الرسمية وسيلة للدعاية للقمار، وصارت الدولة تعمل على إنشاء كازينوهات جديدة، وتشغل كازينوهات كانت معطلة، وهي انحرافات واضحة، والأصل أن نحاول محاصرة هذه الآفات، وأن نحاول معالجتها والتضييق عليها؛ حتى يتخلص منها المجتمع الذي صار يتطبع مع عدد كثير منها ومن صور القمار؛ ما ارتبط بالرياضة، ويعتبر هذا مفسدة أخرى، فكيف للرياضة التي ليست إلا بناء للأجسام و تهذيبا للأذواق، وإشعاعا لقيم التعاون والمحبة الإيجابية، أن تصير وسيلة للقمار تتوجه للشباب بشكل مباشر، حيث استغلت الرياضة لتشجيع القمار، فقد صارت شركات التبغ هي التي تنظم وتشرف على بعض الرياضات، لتصير مرتعا ووسيلة للتعاطي للقمار وإشاعته . ونذكر بهذا الصدد أن اختيار المغرب قبلة لمثل هذه التظاهرات هو عولمة لقيم معينة وعولمة للفساد، داعيا جميع المسؤولين والعلماء والمجتمع المدني إلى الوقوف في وجه هذه التظاهرات، فلا أحد يرضى لبلده أن يكون مثالا لاستقبال مثل تظاهرات القمار ‘التي مفاسدها أكثر من مصالحها الواهمة، والكوارث الاجتماعية التي تخلفها أكبر من أرباحها الوهمية، ويجب أن لا تنطلي علينا الحيلة فنحن نريد لبلدنا إشعاعا دوليا، لكن ليس على حساب قيمنا وهويتنا".