من الأشياء المصادمة للشرع والمخالفة لأعلى المؤسسات الرسمية في البلاد والمضرة بمصلحة المجتمع وجود لوحات إشهارية كبيرة للقمار وهي تصادف المواطن في الطرقات بعدة مدن مغربية؛ لوحات إشهارية مرخص لها تزين للمشاهد لعب القمار أو الميسر وتغريه بعبارات خادعة تخاطب اللاشعور فيه حتى يقع في فخها. ولك أن تتساءل أيها المواطن المغربي كيف يسمح المسؤولون الموقعون على الرخص التي تمنح أصحابها بوضعها في الأماكن العامة بإشهار شيء يصادم الشرع؛ فتحريم القمار أو الميسر مجمع عليه في الإسلام، فجميع المذاهب الإسلامية -بما فيها المذهب المالكي الذي يتشرف بلدنا باتباعه- تحرم تعاطي القمار أو الميسر وتمنع جميع السبل المفضية إليه، والنصوص الشرعية صريحة في ذلك، ومن بينها : قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، فالآية وصفت الميسر أي القمار بأنه رجس، والرجس هو وصف لكل الأعيان الخبيثة خبثا معنويا أو ماديا، والقمار خبثه معنوي، وتأكيدا لخبثه أضافته الآية إلى الشيطان؛ (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)، مما يدل على تحريمه وأنه من الكبائر. فلا جرم أن تكون تلك اللوحات الإشهارية للقمار حبائل من عمل الشيطان، إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه كيف يتأتى لمسؤول يفترض أنه مسلم ويوقع على رخص حقيقتها أنها حبائل من عمل الشيطان. كذلك لك أن تتساءل أيها المواطن المغربي كيف يسمح هؤلاء المسوؤلون بإشهار شيء يخالف أعلى مؤسسة رسمية في البلاد، والمتمثلة في المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه ملك البلاد بصفته أمير المؤمنين، فقد صدرت عن هذا المجلس فتوى تقضي بتحريم القمار، فوجود لوحات إشهارية في الطرقات تدعو المواطنين إلى لعب القمار تحدي صارخ لهذه المؤسسة الرسمية وتعريضها للاحتقار من طرف المواطنين، فما معنى أن تفتي تلك المؤسسة الرسمية العليا بتحريم القمار وغيرها من مؤسسات الدولة تدعو إليه وتشجع انتشاره وتوسعه في البلاد، أي تناقض هذا!؟ وأي رسالة ستصل إلى المواطن!؟ ولك أيضا أن تتساءل أيها المواطن المغربي كيف يسمح هؤلاء المسوؤلون بإشهار شيء ضرره يقيني ومتفق عليه بين الناس، ومفاسده لا تخفى على أحد، فالإسلام لا يحرم شيئا إلا إذا كانت مفاسده ظاهرة وراجحة على مصالحه؛ فكم من الأسر التي شردت بسبب لعب رب الأسرة القمار، وكم من شاب ضاع مستقبله بسبب تعاطي هذا الرجس؛ فالقمار يجعل الإنسان يعتمد على الحظ والأحلام الفارغة لتأمين مستقبله، لا على العمل الجاد واتخاذ الأسباب التي وضعها الله وأمر بسلوكها، فتضيع زهرة عمره في البحث عن السراب. وما ذكر من المفاسد لا يعد إلا القليل أمام المفاسد الموجودة بسبب القمار، فالله المستعان على مصير أبناء هذا الشعب بوجود أمثال هؤلاء مسؤولين الذين يسعون في الأرض فسادا ولا يصلحون. * مدير معهد غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات.