تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تم التقاطها خلال حملة تنظيف بإحدى المقابر، توثق لأعمال سحر وشعوذة. حيث تفاجأ المتطوعون بالكم الهائل لأعمال السحر والشعوذة داخل المقبرة. وفي سؤال توجهت به "هوية بريس" للدكتور يوسف فاوزي، أستاذ الشريعة بجامعة ابن زهر بأكادير، حول حكم الشرع في مثل هاته الأعمال، أجاب بقوله: "من ثمار عقيدة الإسلام المباركة أنها عقيدة تحفظ للمسلم دينه ودنياه؛ فهي تحفظ له دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله؛ ولذلك جاءت كل أصول هذه العقيدة الربانية في تحريم الشرك بالله المفضي إلى وقوع الظلم بين العباد؛ كما أن التوحيد ضامن للعدل بينهم. ومن هنا جاء تحريم كل ما يؤدي للوقوع في هذا المحظور -أي الشرك والظلم- كالسحر مثلا؛ فهو شرك بالله يظلم العبد فيه ربه ونفسه وغيره؛ يظلم الساحر فيه ربه لأن في السحر كفر بالله من جهة الاستعانة بالشياطين والكفر بالله لتحقيق سحره؛ وظلم لنفسه من جهة حرمانها من رضوان الله؛ وظلم لغيره بسبب الضرر العظيم الذي يلحقه بالناس بسبب سحره. ولقد جاءت النصوص الشرعية صريحة في تحريم السحر وتجريم فاعله؛ قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) الآية [البقرة:102]. – وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حرَّمَ اللَّه إلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذفُ المُحْصنَات المُؤمِناتِ الْغَافِلات) متفق عليه". وكشف د.فاوزي أن "مقاصد الإسلام في السحر واضحة لا تحتاج لبيان أكثر؛ وخير بيان لها أن ينظر المسلم في أضرار السحر على الفرد والمجتمع من تشريد للأسر وتفريق لشمل المتزوجين وإفلاس التجار وذهاب عقول الشباب وضياع أعمارهم والحرمان من نعمة الصحة والأبناء وغيرها كثير نسأل الله السلامة والعافية". واعتبر أستاذ الشريعة أنه "من الخزي والعار أن تصبح مقابر المسلمين وهي مستقر موتانا إلى يوم الدين ساحة لغرس الأعمال الشركية من تمائم وملابس داخلية ورؤس للحيوانات وغيرها من أعمال الإجرام التي تدنس قداسة المقابر؛ فبدل أن تكون زيارتها لتذكر الآخرة أصبح الناس ينفرون منها بسبب هذا الاعتداء والله المستعان. ونصيحتي لهؤلاء السحرة بالتوبة من هذا الجرم الشنيع؛ قبل فوات الأوان والوقوف بين يدي رب العباد؛ فيحاسبون عليه أشد الحساب؛ متحملين النتائج الكارثية التي ألحقوها بضحاياهم بسبب سحرهم؛ وخسرانهم -السحرة- لدينهم ودنياهم. كما يجب على المصلحين في هذا المجتمع كل من موقعه وحسب طاقته أن يقوموا بتوعية المجتمع بخطورة هذه الآفة؛ كما يجب على السلطات العمومية القيام بحملات تمشيطية لتطهير المجتمع من أوكار السحر والسحرة وتطبيق القانون الجنائي المجرم لهذه السلوكيات المنحرفة التي تسيء لأمتنا وتعيقها عن البناء الحضاري المنشود".