– د.يوسف فاوزي (أستاذ بكلية الشريعة جامعة ابن زهر أكادير) بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن مواسم الخيرات يزاحمها أهل الباطل بالمنكرات، فلما كانت مناسبة عاشوراء في شهر الله المحرم مناسبة لنيل الأجر بصيامه، استغلها بعض أهل الغي والضلالة لترويج بضاعتهم الفاسدة، ومن هؤلاء السحرة بترويجهم لسحرهم وشعوذتهم في هذه الايام المباركات، فوجب على أهل العلم والدعاة وطلبة العلم تحذير العامة من هذا قياما بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، قال تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وحكم السحر أنه كفر بالله، وعلى هذا إجماع أهل العلم، قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر – وتعليمه فحرام "، فإذا كان تعلم السحر حرام فما بالكم باستخدامه في إذاية الناس ؟!. واستدل العلماء على كفر الساحر بقوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)، وذهب السادة المالكية إلى أن الساحر كافر خارج من الملة بسبب سحره. ويتفرع عن هذا أن الساحر لا تجوز الصلاة خلفه، وأن صلاة من صلى خلفه وهو يعلم أنه ساحر أنها باطلة. وجاءت النصوص الشرعية في تحريم الذهاب عند السحرة والمشعوذين، وأن الذهاب عندهم سبب في بطلان العمل، ومن ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، رواه أبو داود. وللأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما عن أبي هريرة: (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).، ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفا. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له؛ ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)؛ رواه البزار بإسناد جيد. ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: ومن أتى إلى آخره. وليعلم العبد المؤمن أن تحصين نفسه بالأذكار الشرعية وأذكار الصباح والمساء وغيرها كفيل بإذن الله في الوقاية من كيد السحرة، وجعل كيدهم ضعيفا، قال تعالى مخاطبا نبيه موسى عليه السلام ( وألق مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ). وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره ( أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في إذهاب ذلك وهما المعوذتان، وفي الحديث : ( لم يتعوذ المتعوذون بمثلهما )، وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان) . كما يجب تحذير العامة لا سيما النساء من شر هؤلاء، وتبين الحكم الشرعي لهم ليكونوا على بينة منهم، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، رزقنا الله وإياكم السلامة في الدارين، وكفانا شر المجرمين المفسدين في الأرض، آمين آمين والحمد لله رب العالمين.