من معاني العقل؛ المنع لأنه يمنع صاحبه من فعل ما يتنافى مع فطرته أو يؤذي إنسانيته. فمن كانت تصرفاته أي؛ أفعاله وأقواله وسلوكاته منسجمة مع الفطرة ومطابقة للمصلحة الإنسانية كما أمر الله وبينت سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو العاقل. ومن انحرفت تصرفاته عن الطريق المستقيم، وعن مراعاة سنن الخير والعدل، فقد انتفى عنه العقل، وحكم على أفعاله وتصرفاته بالفساد. ولما عم الفساد البلاد والعباد، حكاما ومحكومين إلا من رحم الله، غاب العقل وساد الجهل. وفي شرعنا الحنيف أن الإنسان البالغ المكلف إذا فسد أو أفسد، يعزر أو يعاقب. ويتولى هذا الأمر المسؤول المسلم العاقل. لكن أنى للمسلمين بالمسؤولين العقلاء في زمن كزمننا ؛ حيث ضيعت الأمانة، واتسع الخرق على الرقيع، واختلط الحابل بالنابل، وعز العاقل والمعقول، وعم الفساد البلاد والعباد، وأطلقت أسماء على غير مسمياتها؛ كالإنسانية على الحيوانية، والحرية على الإباحية، والإرهاب على الإسلام… وهلم جرا ومسخا. إنها لغربة العقل، بل غربة المسلم ، فطوبى للغرباء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس وفي لفظ يصلحون ما أفسد الناس من سنتي، وفي لفظ: يحيون ما أمات الناس من سنتي." (رواه مسلم في صحيحه).