هل المرأة في حاجة إلى الزواج بفطرتها؟ هل الزواج جنة فقط في عيون غير المتزوجات؟ هل للرجل دور في حياة المرأة، أم أنها تستطيع الاستقلالية المطلقة والاستغناء عنه بالكلية؟ هل المرأة القوية الناجحة؛ ذات الشخصية المتميزة، والانشغالات المتعددة، في غنى عن زوج يؤنسها، ويعينها على مسؤولياتها، ويحمل عنها ومعها هموم الحياة؟ مسامرات 1– حدثتني صديقة حميمة لم تتزوج بعد؛ عن لقاء دوري لصديقاتها المتزوجات يتسامرن فيه بذكر مشاكلهن مع أزواجهن، تلك المشاكل التي لا يخلو منها بيت. يطول حديثهن عن موضوع لا تحسن صديقتي الخوض فيه، ولا يمت لحالتها الاجتماعية بصلة، حتى إذا انتبهن إلى وجودها، كررن على مسامعها :" أنت محظوظة وتعيشين نعيما تحسدين عليه بعدم زواجك." أخبرتني أنها كانت تبتسم؛ وحشرجة في أحشائها تسرق منها الحياة. قالت صديقتي: "ليتهن يعلمن أن جنتي التي يحسدونني عليها نار أتلظى فيها، وليتهن يعلمن أن ما يدعين أنه جحيمهن؛ جنة تشتاق إلى لظاها من حرمت الزواج. على الأقل لديهن مع من يفتعلن النقاش والنكد والمشاكل". ذكرت صديقتي بالرضا بالأقدار الذي لم تكن غافلة عنه ولم أعقب، وتركت لها المجال لمزيد زفرات وتأوهات. 2– سألتها: "ما دامت العشرة قد استحالت بينكما، فلم لم تفترقا عوض أن يعيش كل واحد منكما في غرفة كما الزملاء؟" فردت بكل عفوية: "ومن يؤدي الفواتير ويغير المصابيح ويحمل قارورة الغاز؟ 3– مثقفتان غير متزوجتين التقتا، فطال بينهما حديث شائق عن الكتب والكتابة والأفكار والطبخ والملابس والسفر، وانتقلا من حديث إلى حديث في انسياب، تبادلا فيه الكثير من المعلومات التي تصاحبها مشاعر الاحترام والتقدير المتبادل، إلى أن وصلا للحديث عن الأسرة ومشاكل الزواج، فعرجا على مفهوم القوامة وسبب التأخر في الزواج، فقالت إحداهما: جلسة مثل هذه أشتري صاحبها بقلبي وعيني وكل ما أملك، يقدرني ويحترمني ويتبادل معي أطراف الحديث، ويرتاح لمسامرتي، ويحس بوجودي ويعينني على رسالتي. تظنين أنني مخطئة إذ لم أستطع القبول بغير من يقدر فِيَّ اختلافي عن الكثير من النساء؟ 4– نائبة مدير شركة معروفة، ذات مال وجاه وسلطان، حينما التقينا أول مرة، لم يكن حديثها سوى عن العمل وعما حققته من إنجازات وما اكتسبته من أموال، وما دللت به نفسها خلال فترة عزوبيتها. لكن نبرة أسى وألم كانت تنبعث من حديثها. سألت عن أحوالها، وقد ظهرت عليها أمارات السعادة بعد أن كانت مسحة حزن وألم تقرأ على وجهها ذي الأربعين خيبة، وبعد أن صارت أجمل مما كانت عليه من قبل، وأكثر أنوثة ورقة، فإذا بها تخبرني بأنها تزوجت من رجل وسيم طيب خلوق، من سنها ، عمله مجرد مراسل للشركة التي يعمل بها والشركة التي تعمل بها هي، لكنه استطاع، رغم الفارق الاجتماعي والمادي بينهما، ورغم مراكزهما المتفاوتة، أن يستخرج منها جانب أنوثتها الذي غيبه الركض والاندحار في العمل، وعلمها معنى أن تكون مسؤولة منه رغم قلة ذات يده، فلا يبخل عليها بالقليل الذي معه، ولا يمد عينه لما معها. أول هدية لها كانت فستانا أنثويا مبهجا، يذكرها بذكاء بأنها أنثى، ففهمت بذكائها ما عليها فعله، فغير منها بفطنته وذكائه واحتوائه واحترامه، وساعدها على أن تُبقي على نجاحها، وأن تكلله بنجاحها معه.