فئة كبيرة من مجتمعنا لا ينتبه لمشاكلها ولإحساسها أحد , وكأن حياتهن انتهت بعد أن أصبحن أرامل. يعشن أسيرات الحفاظ على ذكرى الزوج , وحماية الابناء وحماية صورتهن من أحكام مجتمع يفترس شرف الأرامل , مجتمع لم يتخلص بعد من رواسبه التقليدية في تقييم الأشخاص والأشياء ، يتمادى في إصدار أحكامه الجاهزة ضدا على القانون وحتى التعاليم الإسلامية ، ويحاصر حق الأرملة في أن تعيش حياتها بشكل طبيعي. الباحثة الإجتماعية سمية نعمان جسوس، دخلت هذه الحياة المحاصرة ، وطرقت، في هذا المقال، جوانب محظورة منها. شرع الإسلام الزواج للرجل كما للمرأة دون تمييز ، فإذا فقدت المرأة زوجها انتظرت انتهاء فترة عدتها للزواج ثانية، كما تنتظرها المطلقة أيضا لتعيد بناء حياة أخرى، وهكذا شاء الله أن تستمر الحياة. تحترم الأرملة الأشهر الأربعة و 10 أيام دون اقامة أي علاقة جنسية كي تتأكد بأنها ليست حاملا، أو بأن الذي في بطنها ابن الفقيد. أما المطلقة فتنتظر هي أيضا ثلاثة أشهر وعشرة أيام للغاية نفسها وأيضا لفسح متسع من الوقت قادر بتلطيف الأجواء واستعادة أواصر الحياة الزوجية، إذا ما تأكد أنها حامل في فترة عدتها. بإمكان الطب الحديث اليوم أن يقصر المسافة ويستطيع التعرف إن كانت المرأة حاملا أو لا قبل انتهاء العدة، لكن تشريعات القرآن تبقى مقدسة. الإسلام بهذا لم يضع حدودا ولا حواجز لزواج المطلقة أو الأرملة بعد انتهاء العدة، لكن المجتمع تأسلم بغير ما ينص عليه الإسلام الحقيقي ويرى في الأمر غير ذلك.حيث يعتبر المرأة المطلقة كامرأة «مستعملة» من طرف زوج أول، بل إنه يحملها مسؤولية فشل الزواج وحدها دون الرجل «لأنه ليس هناك رجل يهرب من بيت يوفر له السعادة» فالسعادة إذن مسؤولية المرأة بالأساس ويجب أن توفرها للرجل لكي لايغيرها بأخرى. ربما من الأنسب أن نتحدث عن المرأة المرفوضة وليس المطلقة، لأن أغلبية أسباب الفراق تأتي نتيجة رفض الرجل للعيش معها، ويبقى له وحده هذا الامتياز . فإذا كان من السهل على الرجل أن يستأنف حياته مع امرأة أخرى ، فإن الأمر يختلف بالنسبة للأرملة والمطلقة ،خاصة إذا كان لها أطفال، فإن حظوظ زواجها ثانية تقل وقد تنعدم» من من الرجال يقبل أن يتكفل بامرأة وأطفال من رجل آخر» نفس الخطاب يظل قائما حتى وإن كانت الأرملة أوالمطلقة تشتغل وتتحمل مصاريف أطفالها، خاصة وأن قانون مدونة الأسرة أعطى للأم الحق في الحضانة حتى بعد زواجها ثانية، وهو الأمر الذي لم يكن ساريا به المفعول من قبل ،غير أن الزوج، رغم زواجه من أخرى، يحاول أن يمنع زواج طليقته حفاظا على أبنائه، الذي لا يتورع في تركهم . «يجب عليها أن تهتم برعاية أبنائها ولاتأتي بغريب يسيء معاملتهم» بينما يعيد هو ترتيب عشه الزوجي من جديد دونما أدنى حرج، وكأن التضحية هي قدر نسائي فقط، لذا نجد نساء عديدات رهنن حياتهن للعزوبية في انتظار أن يبلغ أبناؤهم سن الرشد، غير أنهن يظلن كذلك. بالاضافة إلى هذا الحاجز التعجيزي الذي يمس جانب الأمومة لدى المرأة هناك الحاجز النفسي الذي يكرسه المجتمع، فغالبا ما تقف أسرة الرجل في وجه ابنها إذا هو اختار المطلقة أو الأرملة، لأنها متهمة بكونها (ديال راسها) لاتعيش تحت حماية رجل «إنهن لسن عذارى، لقد تذوقن المعاشرة الجنسية وقد يقعن في أية لحظة فريسة سهلة للرجال» حتى الأوساط العصرية، المثقفة، تقف بالمرصاد في وجه ابنها إن هو رغب في الزواج بمطلقة أو أرملة وتعمل ما يستحيل من حيل وأساليب لإفشال هذا المشروع الذي تعتبره مأساة. عندما يصيب الموت الرجل، تدخل الأرملة أو (الهجالة) -كما يصطلح المجتمع على تسميتها في حداد على الزوج وعلى حياتها العادية والجنسية، حداد على أنوثثها أيضا.وتصبح في نظر المجتمع وبخاصة في نظر أسرة الزوج الثاني، إن هي تزوجت، مسؤولة عن وفاة زوجها الأول «جلبت له النحس ملي شافها ما شاف النهار الأبيض» أما إذا كان المرض سببا للوفاة، فهذه الزوجة هي التي قتلته «بالفقايس». وإذا توفي بعد شيخوخة، «فقد عجلت بموته، لأنه قبل الزوج بها كان صلبا، قويا». في جميع الحالات، ترى أسرة الزوج الثاني أن على الأرملة أن لاتسعى للزواج ثانية لأنها سبق وأن كانت زوجة لرجل وإن قضى، فيجب أن تكتفي بذكراه، وتبقى وفية لها، حيث يتحول الفقيد لشخص مقدس لايصح لأي رجل على هذه الأرض أن يأخذ مكانه.وكأننا بالمجتمع هنا يتبنى النموذج الهندي ويبتعد عن النموذج الإسلامي الذي يبيح زواج المطلقة والأرملة ويمنحها الحق في أن بناء حياة زوجية ثانية، بل يسعى (المجتمع) الى قتل أنوثتها ويعتبر أن حياتها انتهت بانتهاء حياة الزوج، احتراما للفقيد ولأسرته. وتتعقد الوضعية أكثر إذا ترك الفقيد إرثا، حيث تصبح أسرته أكثر عدوانية تجاه أرملته إن هي تزوجت «سيخسر لها كل نقودها، لماذا تعتقد أنه سيتزوجها، لجمالها أو لشبابها؟». وقد جرت العادة في هذه الحالة أن يعمد أخ الفقيد للزواج من أرملة أخيه طمعا في ضم الثروة إليه تحت غطاء حماية أبناء أخيه من ظلم رجل دخيل، لكن هاجس الإرث في أيامنا هذه أخذ يتضاءل لعدم رغبة المرأة في الزواج بأخ زوجها أو العكس. الأبناء بدورهم يشكلون عائقا أساسيا أمام زواج الأرملة، الذي قد يهون إذا كانوا صغارا، حيث تتحكم الأم في اختياراتهم وتدبر الشنآن اليومي بينهم وبين زوجها الثاني.أما إذا كانوا كبارا فإنهم يقفون لها بالمرصاد «مستحيل أن يشاركني رجل غريب أمي» يجيب (ع) طالب 17 سنة، عندما سئل - « لقد كان والدك أيضا يشاركك فيها؟» أجاب «إنه أبي» و-»إذا كانت أمك هي المتوفية هل تقبل أن يتزوج أبوك»؟ رد «بطبيعة الحال، الرجل دائما يحتاج الى المرأة، إن الأمر يختلف،الأم تعطي الحنان، لذا يجب أن تحافظ عليه لأبنائها خاصة إذا فقدوا أباهم». أما عائلة الأرملة فترى أن ابنتها غُصبت في حياتها (تْغْصْبَتْ) لذا تجدها ترحب بأي عريس يعوض خسارة ابنتها، خاصة إذا كانت الأسرة معوزة، وكان للمطلقة أطفال. فتضحى عبءا ثقيلا لايخفف من وطأته إلا الزواج ثانية. أما إذا كانت الأسرة ميسورة الحال، فتسعى لتزويج ابنتها الأرملة كي تحافظ على وضعها الاعتباري داخل المجتمع. عموما ترى أسرة الأرملة في الزواج حماية لسمعة ابنتها، حمايتها من الضياع ومن الوحدة.أما أسرة الزوج والمجتمع فيرى في زواج الأرملة «رذيلة» حيث يكون السبب أساسا هو هاجس الجنس وأنها تريد الزواج لتعويض المتعة التي فقدتها بفقدان زوجها ، وكأن الزواج هو عقد نكاح فقط. في مجتمعنا يسود الاتفاق على أن الرجل في حاجة دائمة لامرأة بجانبه وقد يتزوج في أي فترة من عمره، حتى في أرذله، ويشترط أن تكون نساؤه صغيرات السن، فهل سأل أحد الأرملة هل هي في حاجة إلى رجل، ولماذا؟ يحتاج الرجل لامرأة تهتم به، بالبيت، وأيضا للمعاشرة الجنسية، فهل تستطيع الأرامل الاستغناء عن هذه المعاشرة وبالتالي البقاء دون زوج. إن مقولة أن المرأة ترغب في الجنس أمر حقيقي ووارد، لا الإسلام ولا القانون يمنعان حق الرغبة والمتعة عن المرأة.لكن المجتمع يقف في وجه هذا الحق حيث يعتبرهاوهي في سن الأربعين قد أصابت الشيخوخة ،أما في 45 سنة و 50 فينعتها بالحمقاء، (ويلي ويلي، في سنها خصها تفكر في الله وفي يوم القيامة) لكن الله لم يأمر بالحرمان الجنسي على المرأة المؤمنة!». هي التقاليد اذن، أقوى وقعا من العقيدة ، وقد تكالبت فأطلقت عليها مصطلح « هجالة» وهي المرأة السهلة، كما يطلقون مصطلح (ولد الهجالة) على ابنها ،الذي يعيش تحت كفالة امرأة لا الرجل وقد يفيد في بعض الحالات أنه ولد غير شرعي. «لقد تزوجت برجل عاطل عن العمل، تقول (ع) أصرف عليه، فقط لكي لايعاني أبنائي من كلمة ولد الهجالة، أنا الأن أعاني مع هذا الزوج ولكني أصبر من أجل سمعة أبنائي» لذا غالبا ما تلتجئ الأرامل للحجاب «بعد انتهاء العدة ستفتح الأفواه، لقد ارتديت الحجاب لكي أحافظ على سمعة بناتي» العديد من النساء يعمدن للحجاب لسد الأفواه ولتجنب القيل والقال. حينما تصبح الأرملة فألا سيئا يتطير بعض الأزواج من الأرملة، لأنها حسب رأيهم تحمل شؤم الموت «لقد قررت قطع علاقتي مع أعز صديقاتي، لأنها كانت تكثر من التنهدات عندما كان زوجي يقترب مني ويحدثني- تقول سيدة -اعطيك نصيحة لله ،تجنبي صداقة الأرامل. إنهن يحسدنك على كل شيء». يضاف لمعاناة الأرملة داخل المجتمع، عامل آخر ..الوحدة، صعب أن تعيش المرأة وحيدة هي التي تعودت على حضور رجولي في حياتها، كيف ما كانت طبيعة العلاقة معه، فإن فقدانه يخلق بالتأكيد فراغا مستحيلا. «رشيدة 46 سنة، موظفة «عندما توفي زوجي، كان بيتي مليئا بالناس لمدة 40 يوما، شيئا فشيئا أخذ الصمت يعم أرجاءه حتى أصبح فارغا، مصاريف الجنازة أدت بي الى الافلاس، سنتان الآن بعد الوفاة، عائلتي هي التي تساعدني على تحمل المتاعب، أما الأصدقاء فقد اختفوا، لم يعد أحد يدعوني لحفل أو لمأدبة». الإحساس بعدم الاهتمام أمر واقع، فالمرأة عندما تصبح أرملة تصبح أيضا، مهملة، مقصية من عالم لايمكنها ولوجه إلا في حضرة رجل. «صديقاتي هربن مني، يخفن أن أكون نحسا عليهن، أخريات لديهن تخوف آخر من أن أسرق لهن زوجهن .»رهيب أن تجد نفسك وحيدا، بلا رجل، لا أذن تهمس لها فتسمعك، ولا أحد في كتافك». حضور رجل أمر مرغوب فيه في مجتمعنا الذي لايمنح اعتبارا للمرأة إلا إذا كانت متزوجة «الجيران غيروا عاداتهم معي. لأنه ليس لي أحد يحميني» أحيانا تسبب وفاة الزوج مأساة حقيقية للمرأة: «كنا نعيش في جو عائلي مع الجيران، بعد وفاة زوجي، اشتكوا مني لمالك العمارة بتهمة الدعارة، كل رجل كان يزورني كانوا يعتبرونه عشيقا لي» أرامل يبحن بالحرمان الجنسي لكل امرأة رغبة جنسية لاتتوقف، بل فهي قائمة ومستمرة، يجب أن نتوقف عن الكذب والاعتراف بالعكس. «إنها أول امرأة أبوح فيها بذلك. افتقد للعلاقة الجنسية، إني أرملة منذ 24 سنة، عمري الآن 49 سنة، منذ 25 سنة لم أعش متعة لقاء مع رجل يضمني بين ذراعيه، إن هذا ينقصني بشكل رهيب» الرغبة شيء ثابت ولكنها تكبت وتقتل من أجل أن تعيش النساء سنوات طويلة من الحرمان باسم الفضيلة المفروضة من طرف النموذج الاجتماعي، إن اللواتي يردن الافصاح عن رغبتهن الجنسية قليلات، فهم على الخصوص الشابات، المثقفات حبث يبحن بسهولة وتلقائية، في حين تجد المتقدمات في السن حرجا وخجلا في الحديث عن ذلك. «لا أكذب على الله يا بنيتي، كايجيني ذاك الاحساس» تقول يامنة 68 سنة في قالب فكاهي وهي تضحك. أما عائشة 70 سنة فتقول «نعم منذ سنين وأنا أشعر بالرغبة في ممارسة الجنس ، ولم أشبعها أبدا، أحاول فقط أن أهدئ نفسي» أرملة منذ 39 عاما لم يزر جسدها يوما رجل تبكي الليالي التي عاشتها وحيدة،» لكني مؤمنة بالله، حلمت عدة مرات بالزواج ثانية، لكن لا أحد يرغب في أرملة مفلسة بخمسة أبناء، عانيت كثيرا لا أحد اطلق له ظفائري، واكشف له عن جسدي. لا أحد غير الله أتوجه إليه كي يرزقني الصبر». العديد من النساء الأرامل يمارسن الجنس في الحلم. «أحلم أني أمارس الجنس أحيانا استيقظ وسط الحلم لأجدني وحيدة، هذا يجعلني حزينة ويضاعف معاناتي» تبوح (نذيرة، 43 سنة، ممرضة) لكنهن رغم الحلم لم يستطعن أن يعشن نشوتهن «غالبا ما استيقظ وأنا أرتعش، أحلم أني أمارس الجنس، لكني أشعر بالنقص وبالحرمان وأقضي اليوم كله مكتئبة، فهل تعي ما معنى أن تستيقظي وتجدي نفسك وحيدة دون ذاك الرجل الذي كان يمنحك المتعة في الحلم». بعض الأرامل يشعرن بالخزي والعار من هذه الأحلام «إني استيقظ وأنا في غاية الخجل من نفسي، أقوم واغتسل كي أصلي، لست أدري هل يجب أن أتطهر من هذا الحلم أم لا، لم أجد في نفسي الشجاعة كي أطرح السؤال على ممن حولي خوفا من أن يتهمونني بالشذوذ». إنهن نساء، ويردن أن يشعرن كذلك، مغريات ومرغوب فيهن، أن يشعرن برعشة عندما يلامسهن جسد رجل، يحلمن أن يعشن متعتهن الجنسية ويتقاسمنها مع الآخر. «الوحدة في السرير صعبة جدا على أن تحتمل، شيء مرعب أن لاتجد غير الجدار بجانبك، أكره اللحظات التي أذهب فيها للنوم، أحلم دوما بكوابيس تقول( حورية 47 سنة، بائعة، أرملة منذ 4 سنوات ) بالرغم من أنها تعترف بأن لها علاقة جنسية مع عشيقها، فهي تشعر مع ذلك بالوحدة في السرير «عشيقي لاينام معي في البيت بسبب الأطفال والجيران، اذهب أنا عنده، لكن عندما أكون وحيدة في سريري أحس برغبة في البكاء». غياب حرارة الجسد الذكوري تخلق الحزن والشجن «لا أحد يدفئني أيام البرد، في الشتاء أشعر برجلي مثلجتين. من قبل كنت أدفئهما بالاحتكاك بجسد زوجي عندما مات اشتريت «قربة» أضع فيها الماء الساخن حقا هي تدفئني، ولكن لاتؤنسني» تقول بأسف أرمله في الستين من عمرها. «نعم، أصرخ بملء صوتي (ن. طبيبة 54سنة) أنا بحاجة لدفء رجل في سريري، أن أشم رائحته، أن يضمني بين ذراعيه القويتين وأن يضغط بقوة على جسدي، في حاجة ليداعبني، أن أحس بأنفاسه خلف أذني، ليس الجنس هو ما ينقصني، بل هو هذا الاحساس، الذي لاتستطيع امرأة أن تعيش من دونه». غالبا ما يكون الزواج الثاني للأرملة غير موفق ولايلبي طموحاتها ولارغباتها ولكنه يجنبها الكثير من المشاكل. فالأرملة غالبا ما تضحي، تضحي بكل أحلامها، فقد تقبل أن تتزوج رجلا مسنا، وقد تلعب دور الممرضة بجانب رجل مريض أو معاق وغالبا لاتحظى بالحنان وقد لاتحظى حتى بحياة جنسية، حين يكون الزوج المسن عاجزا جنسيا، فيحكم عليها بقبول الوضع، إنه الثمن مقابل أن تحتمي ببيت وتعيش في كنف رجل. أما بالنسبة للميسورات ماديا، فإنهن يقبلن بأي زوج لايناسبهن ولا يناسب أحلامهن، فقط من أجل الزواج . بهذا يكون الزواج الثاني في الحالتين نادرا ما يحقق المتعة والسعادة المفقودتين، هناك من الأرامل من يفضلن التضحية بحياتهن من أجل أبنائهن، لكن هذه التضحية قد تجلب العديد من الندم «لم أفكر يوما في الزواج بسبب أبنائي، أتأسف اليوم على ذلك. لقد كبر الأبناء وكل واحد يعيش حياته بعيدا عني، لقد ضحيت بحياتي ولم يعترف لي أحد بذلك». من الأرامل من أتيحت لهن فرصة الزواج فأجلن الموضوع حتى يكبر الأبناء، فلم يجدن أحدا فيما بعد «كانت لدي ثلاثة عروض للزواج، أجلت الأمر حتى أتمم مهمتي كأم على أحسن وجه ثم أفكر في الأمر. كنت مخطئة، لم يفكر في أحد من بعد، أتأسف لذلك كثيرا». هل للأرامل الحق في السعادة؟ مثقلة بالمهام، تجد الأرملة نفسها طيلة حياتها في خدمة الآخر دون أن يكون لها الحق في الرفض كأم أولا ثم كجدة ثم كفرد من أفراد العائلة المتفرغ والذي بإمكانه انجاز كل المهام الصعبة «لقد اغتصب أهلي حقي في الحياة. قدمت الكثير، حتى أصبح أدنى رفض مني يسبب الكثير من المشاكل، لكن هناك من الأرامل من هن أذكى من هؤلاء، رسمن هدفا لحياتهن وهربن من أسر الأسر وشنآن أفرادها «لقد أدركت أنني إذا سايرتهم سأشيخ قبل الوقت فقررت أن اهتم بنفسي، أن أوفر لنفسي أسباب الراحة. أن أقرأ، أمارس الرياضة، ملأت جدول زمني كي لا أتقيد بالآخرين حاولت أن أخلق توازنا في حياتي، أشعر بالارتياح، لكن أحلم دائما بزوج. حقا لاشيء يعادل حضور رجل في حياة امرأة، لكن عبثا أن تظل المرأة أسيرة ذلك، بل يجب الاهتمام بالنفس ومنحها فرصا للاستمتاع وإلا فإنها تصاب بالانهيار العصبي، لقد عانيت من الاكتئاب كثيرا قبل الوصول إلى هذه القناعة». عندما يقال أن المغاربة متفهمون منفحتون على الحداثة، فإنني أقول أنه في المجتمعات المنفتحة والحداثية لايشكل عامل السن وعامل الترمل حاجزا في وجه السعادة الجنسية ..إن مجتمعنا رهيب!!