قال أو كتب الأستاذ خالد الجامعي على صفحات جريدة هسبريس في 9 نونبر 2013: "إن ذاكرة المخزن لا تعرف داء النسيان، وأنها بالتالي تأخذ كل وقتها وتعرف كيف ترد الصرف " في الوقت المناسب دون تسرع أو تردد ".وبطبيعة الحال، يكون رد "الصرف" هذا، كاويا لاذعا ومقرونا دائما بالتنكيل والتحقير والإهانة، و انتقامه طبق لا يأكل إلا باردا". استنسخ بعضهم، من الناس المقربين الذين يريدون لي كل الخير حقيقة و ليس نفاقا، هذا المقطع و جاؤوا يحذرونني من انتقام "المخزن" مني لمّا يحين الأوان، و اقترحوا علي الحل ألا و هو الكف عن الكتابة نهائيا مع القيام ب"مراجعات ضرورية"، و بسرعة، لتفادي ضربة "المخزن" المهلكة، خاصة و أن لدي طفلين صغيرين ما زالا في حاجة إليّ لتلبية متطلبات نموهما من تربية و تعليم و تتبع إلى آخره...، و أب بلغ من الكبر عتيا أصيب بمرض جعله في حاجة للعناية، و أم لا يجب أن أتسبب في حزنها، حسب هؤلاء الأفاضل من الناس المقربين الذين يريدون لي كل الخير حقيقة و ليس نفاقا. ذهلت من كلام المقربين هؤلاء لأنني أحسب -أو كنت أحسب؟- أن قضيتي طويت بعد انتصار "المخزن" الذي أجبرني على تقبل كل قراراته، بدءا من حرماني من مزاولة مهنتي منذ سنة 2002 و انتهاء بإحالتي على عمالة الرباط دون مكتب و لا مهمة، مرورا بإحالتي على المصالح المركزية بوزارة الداخلية دون مكتب و لا مهمة أيضا. التفاصيل طويلة جدا لا داعي لسردها، فلقد دفنّا الماضي. ذهلت فسألت عن الداعي لهذا التحذير، و بإلحاح شديد، من الاستمرار في الكتابة في هذا الوقت تحديدا، فكان الجواب بأن الرسالة التي وجهتها إلى رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب هو السبب لأنها جعلتني "أفقد مساندة هيئة من المجتمع المدني معروفة باعتدالها و عدم تجاوزها للخطوط الحمراء". استمر الحديث لحوالي ساعة و نصف الساعة تقريبا، تم التطرق فيه لجوانب عدة من لدن المقربين هؤلاء الذين يريدون لي كل الخير حقيقة و ليس نفاقا. فرئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب لم يجب على رسالتي، و السبب حسب هؤلاء المقربين الأفاضل -الذين أفضل أن أحسبهم مخطئين في تقديراتهم- هو أن تلك هي إرادة "المخزن" التي لا ترد، و الدليل، -حسب نفس المصدر-، أن الأستاذ رئيس الهيئة المذكورة خرج مباشرة بعد الرسالة ليتكلم عبر القناة الثانية عن الموظفين الأشباح دون استثنائي منهم كما كان يفعل دائما كلما خاض في موضوع الموظفين الأشباح في الصحافة غير المرئية و غير المؤثرة (؟). كما أن الصحافة الوطنية لا تنشر مقالاتي، و السبب دائما حسب هؤلاء المقربين الأفاضل -الذين أفضل أن أحسبهم مخطئين في تقديراتهم- أنني لا أهادن أحدا في إبداعاتي الأدبية رغم اعتمادي أسلوبا لا يسمي الأشياء بمسمياتها، ناهيك على كون الصحفيين و الكتاب عموما يهتمون بمصالحهم و يحافظون عليها و لا يعرضونها للضياع كما يفعل "كل من لا مستقبل له" (؟). و أما السؤال الذي تردد على مسامعي كثيرا من طرف هؤلاء المقربين الأفاضل، و تخلل مرافعتهم من أجل إقناعي بالقيام ب"المراجعات الضرورية" هو : "ماذا تريد بالضبط؟" حسنا. ماذا أريد بالضبط؟ أريد أن أثبت بأن الإنسان المغربي لا يغير جلده و قناعاته، و لا يتنكر لضميره لتفادي الويلات أو لاسترجاع حق أو لنيل عطاء. أريد أن أثبت بأن الإنسان المغربي لا يفقد حياده الأدبي و موضوعيته بمجرد عدم معاداته للنظام. أريد أن أثبت بأن الإنسان المغربي إنسان مهذب باستطاعته أن يفرّق بين العمل الجاد داخل الإدارة في إطار القوانين التي عليه تطبيقها دون أن يتخلى على مبادئه و أفكاره الثابتة الصحة. أريد أن أثبت بأن الإنسان المغربي لا يفقد روحه و شخصيته إذا تقلد منصبا بعد مرحلة عبور صحراء قاحلة، فلا يكذب و لا ينافق و لا يغير معطفه للحفاظ على منصبه أو لعدم فقدانه مجددا. هذا ما أريد أن أتبته مستقبلا لأني مازلت في انتظار التعيين المنصف. و أما عن سؤال هل أتوقع العودة إلى مهنتي بعد أن وافقت على بيان الكرامة؟ فالجواب هو أن العمل الجاد بكفاءة و وفاء و إخلاص لا يتوقف عند المشاركة في بعض الطقوس بالذات، كما أن دعوات حضورها لا توّجه بالضرورة لجميع مسيري الإدارات و مسؤوليها. الكف عن الكتابة؟ سبق أظن أن قلتها أو كتبتها بالفرنسية في ما مضى، أني أكتب لأن لا مهمة لي في الإدارة تمكنني من تحقيق الذات في سبيل الوطن منذ أن نزعت مني مهنتي. نعم، كانت لدي مهمة إدارية و كنت أعمل و مع ذلك كتبت رواية "علي بابا..."، و لكنها رواية (-كتبتها في ظروف معينة-) لم تجلب سوى الخير للجميع و لم تجلب لي سوى الشر كله. و لا داعي للتفاصيل. أعوذ بالله من تزكية النفس. نعم، لقد فهمت، الكف عن الكتابة هنا يعني الكف عن الكتابة الهادفة، فالكتابات الأخرى ليست بالكتابة و ليست معنية هنا. و لكن ما العمل؟ أنا بشر مغربي موجود لا زلت على قيد الحياة فلابد لي أن أعمل لصالح المغرب. لم تسند لي أية مهمة رسمية بعد في الإدارة، فأسندت لنفسي مهمة الكتابة لصالح المغرب، لأن لا بد لكل مواطن أن يخدم بلده حسب كفاءاته. حرمت من تفعيل كفاءاتي التدبيرية و التسييرية الإدارية المعترف بها من طرف الدولة، ففعّلت كفاءاتي الأدبية، على تواضعها، من أجل الاستمرار في الوجود و للحفاظ على اللياقة الذهنية، هذا كل ما في الأمر. حاول المقربون الأفاضل إقناعي بالقيام ب "مراجعات ضرورية" بكل ما أوتوا من ذكاء و خبرة، و لكنهم لم يفصحوا على معنى المراجعات الضرورية تلك إلا بعد أن طرحت السؤال بإلحاح : ماذا تقصدون ب"المراجعات الضرورية"؟ -و كان هذا كلّ ما قلته-، فكان الجواب مؤلما جدا و إليكم بعض ما جاء فيه فقط حتى لا أطيل: " ألم يخذلك الجميع رغم ليونتك، و رغم تغاضيك و سكوتك على استغلالك من طرف جهات و جهات نصرة للمصلحة العامة، و رغم الكثير من الغدر في حقك و سكوتك عليه مراعاة لظروف الغادرين و ما تسميه بضعفهم الذي له مسببات، و حتى لا تعزل ثانية في المجتمع، و من طرف مقربين، بعد عزلك عن مهنتك...؟ يستدعونك لندوات بمواضيع مزعجة حسب مصلحتهم كموضوع الريع مثلا، فتتفضل بالكلام بصراحة، و هذه طبيعتك، مما يكرس إبعادك من الإدارة التي تنتمي إليها، و لا يستدعونك مثلا لندوات الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة، و هي هيئة رسمية تابعة للدولة، حتى تظل دائما في الهامش مبعدا منبوذا. يحاولون استغلالك لمواجهة شخصيات، فيوجهون لها تهمة نهب المال العام على الملأ، ثم يهادنوها في الخفاء، قبل العودة لتبجيلها ثانية على الملأ، مما يسبب لك القرف و لكنك تصمت ثم تتعمد النسيان فتنسى فعلا. إنهم كلهم يعملون لمصلحتهم الشخصية و مصلحة أسرهم و ذويهم بمكر و ذكاء ثاقب. المراجعات الضرورية، بصراحة، هي أن تعمل أنت أيضا لمصلحتك الشخصية، و تبا للكرامة، و تبا للضمير، و تبا للإنسانية. بصراحة، لا يجب أن تكون أنت وحدك الضحية، فسارع للعمل من أجل مصلحتك الشخصية و كفاك حلما و غباء و سذاجة. استعمل ذكاءك و نل من الحياة حظا. المجتمع لا يأبه لك لأن الجميع يخوض مع الخائضين. الجمعيات المدنية و الحقوقية لا تأبه لك، فهي لا تزيغ عن أجنداتها إن الداخلية أو الخارجية، و أما الصحافة فهي لا تتحرك بعفوية. إفهم يا رجل. ألم تقبل بعقوبتك و بمصيرك، و هادنت و صبرت، و أظهرت بعض السعادة على محياك رغم تعاستك و حزنك المرير، رغم الجحيم الذي تعيشه يوميا، و نحن نعلم أن وضعيتك تقتلك كمدا شيئا فشيئا، فجاء رئيس الحكومة ليبشر بإيقاف ترقية الموظفين في السلالم الإدارية العادية...؟ ألم يتنكر لك رئيس الحكومة و لم يجب عن رسالتك...؟ ألم يوضّب لك بعضهم لقاء مع رئيس الحكومة، فحضرت و لم يحضر أحد، و ظلوا لساعات يطلبون منك عبر المحمول الانتظار في المقاهي المجاورة لمقرات رسمية من أجل التمعين في إهانتك و إذلالك...؟ ألم يمتنع بعض ممن ملئوا الدنيا ضجيجا دفاعا عن قضيتك من إثارة مشكلتك مع رئيس الحكومة و شخصيات أخرى، في مناسبات عدة، أو في استقبال خاص من أجل حل بعض القضايا التجارية الرائجة في المحاكم و هي قضايا خاصة تهم مصالحهم إن بصفة مباشرة أو غير مباشرة ؟ ألم تفهم بعد يا رجل أم أنك تريد المزيد من التوضيح و التفسير...؟ " لم أعلّق في حينه، و لن أعلّق هنا أيضا على هذا المفهوم لمسألة "المراجعات الضرورية" (؟) . من ضمن ما قاله لي إذا بعض المقربين الأفاضل هؤلاء، الذين يريدون لي كل الخير حقيقة و دون نفاق، كما ذكرت سلفا: " الأستاذ رئيس الهيئة المذكورة خرج مباشرة بعد الرسالة ليتكلم عبر القناة الثانية عن الموظفين الأشباح دون استثنائي منهم كما كان يفعل دائما كلما خاض في موضوع الموظفين الأشباح في الصحافة غير المرئية و غير المؤثرة (؟)". على هذه المسألة جوابي كالتالي: لست موظفا شبحا. و أظن أن لا داعي للتفصيل الممل أو للتوضيح الواضح أصلا. أما عن قضية ربط ما جاء في المقطع أعلاه في مقدمة هذا المقال، و هو للتذكير: "إن ذاكرة المخزن لا تعرف داء النسيان، وأنها بالتالي تأخذ كل وقتها وتعرف كيف ترد الصرف " في الوقت المناسب دون تسرع أو تردد ".وبطبيعة الحال، يكون رد "الصرف" هذا، كاويا لاذعا ومقرونا دائما بالتنكيل والتحقير والإهانة، و انتقامه طبق لا يأكل إلا باردا". أقول، إن إسقاط هذه الفقرة على قضيتي، و الخوف على مصيري، و ترقب هلاكي النهائي على يد "المخزن"، هذا شيء مروع و عجيب و غريب. ما علاقتي بكل هذا؟ لست عدوا لأحد و لا أعداء لي. لم أقترف شيئا، و لو في حق "المخزن"، لأنني أتعامل مع الجميع باحترام، فقط أقول لا للرشوة لا غير، و أعبر على بعض الأفكار التي لا تضر أبدا بالدولة بل تساندها، كما لم يسبق لي أن تجاوزت أي خط أحمر. فلما هذا الخوف إذا؟ لماذا؟ لا حول و لا قوة إلا بالله، لقد زرع الخوف و الذعر و الارتباك في نفوس كل الطيبين و في نفوس كل الطيبات. فلم يعد أحد يفهم شيئا، و لم يعد المقربون الطيبون الأفاضل و الناس جميعا يعلمون لأي شيء أي منطق. ملحوظة: عند انتهاء المقابلة، حيث لم أقل شيئا و اكتفيت بالإصغاء ما عدا سؤالي عن القصد ب"المراجعات الضرورية"، قلت للمقربين الأفاضل الطيبين الذين يريدون لي كل الخير حقيقة و ليس نفاقا: - سأنشر هذا الكلام. فكان جوابهم: - لا تفعل، سينكّلون بك مجددا. ألا يكفيك أن مصيرك معلقا، و أن "المخزن" غاضب منك، و أنك لا تعرف ماذا سيحل بك غدا أو بعد غد، و متى ستهطل عليك عصا "المخزن" الغليظة بدون رأفة و لا شفقة و لا رحمة؟ وكان ردي كما يلي: - لا، أنتم مخطؤون. سأنشر هذا الكلام و سترون أنكم مخطؤون. - حتى و لو كنا مخطئين، لا تحلم بمهمّة أو باسترجاع مهنتك، ستظل حياتك عذاب. لقد اختار لك "المخزن" أفضل طريقة لتعذيبك بعد أن درس شخصيتك. (؟) لا تعقيب في حينه و لا تعقيب ها هنا كذلك. فلتنشر إذا جريدة هسبريس الإلكترونية و لها مني مائة تحية، و معذرة على الإزعاج ربما، فأنا لا أريد أن أكون ضيفا ثقيلا... لا للرشوة، و لا لنهب المال العام، و لا لتغيير المعطف، و لا للتنكر للمبادئ، و بالتالي فالدولة معي و ليست ضدي. فلما الخوف على مصيري أيها الأفاضل و أيها الشرفاء؟ و شكرا للجميع مسبقا على سعة الصدر أولا، و على المساندة و تفهم الموقف ثانيا، و على العمل بما تقتضيه المصلحة العامة حقيقة أيضا، و على العمل، كل من موقعه، على إنصاف من يستحق الإنصاف أخيرا. و السلام عليكم و رحمة الله.