تجدد النقاش العام بشأن تشبيب المناصب الوزارية في ظل انطلاق المشاورات السياسية البيْنية لتشكيل الحكومة، حيث دعت العديد من الفعاليات المتتبعة للمشهد الحزبي إلى دمج الشباب في العمل السياسي الرسمي، بغية تشجيع هذه الفئة العمرية المهمة على المشاركة في الحياة السياسية. ولطالما طالبت الهيئات والحركات المهتمّة بالمشهد السياسي في المغرب بتفعيل بنود الوثيقة الدستورية لسنة 2011، خاصة ما يتعلق بتوفير آليات تمكين الشباب من المشاركة السياسية، اعتبارا لتنامي ظاهرة فقدان الثقة في التنظيمات الحزبية، وهو ما يؤدي بدوره إلى مفاقمة عزوف الشباب عن الممارسة السياسية. وركزت مختلف البرامج الانتخابية المتعلقة ب"تشريعيات 2021′′ على مطلب تشبيب النخب الحزبية بالمغرب، ما دفع أغلب الأحزاب السياسية إلى ترشيح كفاءات شابة بعدد من الدوائر الترابية، إلى جانب استقطاب بعض النخب النسائية التي ظفرت بمقاعد برلمانية مهمة في الانتخابات الجهوية. رهان الثقة وبالنسبة إلى أمين السعيد، أستاذ جامعي متخصص في القانون الدستوري والعلوم السياسية، فإن "هذا المطلب برز بقوة سنة 2011 في إطار الدينامية التي عرفتها حركة عشرين فبراير، حيث كان الرهان على تشبيب جميع المسؤوليات السياسية، سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان أو الجماعات الترابية بكل أصنافها". وأبرز السعيد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الولاية الحكومية الأولى عرفت حضورا شبابيا محتشما، إلا أنه بعد نهاية تلك الولاية الحكومية طغى نقاش المناصفة على المشهد السياسي، عوض التركيز على حضور الشباب في العمل السياسي، وهو المطلب الذي تعزز بقوة النسيج الجمعوي والحركة النسائية". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "الحركة النسائية، بمعية النسيج المدني، ساهما في تعزيز مكانة المرأة بالمشهد السياسي، حيث لمسنا ذلك بقوة في النقاش المواكب للتعديلات القانونية التي همت القانون التنظيمي لمجلس النواب والجماعات الترابية، حيث أُلغيت لائحة الشباب، ليتم تعويضها باللوائح الجهوية، والتخلي بصفة ضمنية عن الكوطا الشبابية". وخلص الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية إلى أنه "ينبغي إعادة الثقة للعمل الحكومي والبرلماني، وتعزيزه بكفاءات شابة، لا سيما على مستوى المناصب الوزارية، لكن ذلك يبقى رهينا بقيادات الأحزاب السياسية التي لها الكلمة النهائية في إفراز تلك النخب الشابة". "بروفايلات" جديدة العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، لفت إلى أن "المرحلة الآنية تفرض توجه تشبيب النخب الحزبية، لأن المطلب لحظي وليس اختيارا بيد الأحزاب السياسية، بل تمليه انتظارات المواطنين والمواطنات الذين يراهنون على تشبيب المرافق الوزارية". وأورد الوردي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "صوت الشباب أصبح حاضرا في المشهد السياسي، والدليل على ذلك هو رقم المليونين الذي انضاف إلى عدد المسجلين في الانتخابات، ذلك أن أغلبهم نساء وشباب. وبالتالي، فإن هذه الفئة حسمت في ظهور أحزاب دون أخرى". وشدد الباحث الجامعي على أن "الأحزاب السياسية يجب أن تأخذ بهذا التوجه، وتتجاوز عقلية الوجوه المستهلكة، حتى توصل إلى الناخب رسالة مفادها أن التداول سياسة ومنهاج داخل المشهد السياسي، من خلال ترجمة هذا التوجه على شاكلة بروفايلات قادرة على تنزيل النموذج التنموي الجديد". وأكد المتحدث أن "الوضع الوبائي يستدعي كذلك تشبيب النخب السياسية، وهو ما وعد به رئيس الحكومة المعين من طرف الملك عزيز أخنوش. ومن ثم، لا أعتقد أن الأحزاب المتحالفة مع التجمع الوطني للأحرار ستخرج عن هذا التوجه، نظرا إلى تعالي مطالب الشباب بخصوص قيادة سفينة التدبير التنظيمي والترابي". وتابع الوردي بأن "الأحزاب المصطفة في المعارضة عليها كذلك أن تعيد بناء بيتها الداخلي بسواعد شابّة من أجل القطع مع الماضي، حتى تؤكد للناخب أن الدرس جرى استيعابه، وستتم الاستجابة لانتظارات المواطنين في التشريعيات المقبلة، وهو ما من شأنه أن يعيدها إلى الخريطة السياسية إن أحسنت التفاعل مع انشغالات الشباب".