بما أن الشباب هو "دينامو" ومحرك الحراكات الاحتجاجية في كل بقاع العالم، قصد المطالبة بالتغيير على مختلف المستويات، وتحسين الأوضاع في كافة مناحي الحياة؛ فإن حضوره ضروري، أيضا، في المشهد السياسي لتخليقه والنهوض به بعيدا عن قيادات النشأة. إن تشبيب العمل السياسي وانخراط الشباب في الأحزاب أمران ضروريان لتخليق الحياة السياسية وضخ دماء جديدة في شرايينها، شريطة أن تتوفر الشروط الموضوعية لنجاح الشباب في المهمة التي ستسند إليهم عقب تولي مهمة تسيير الشأن العام. ولاحظ مراقبون، بعد نتائج انتخابات 8 شتنبر، نجاح شباب في العشرينيات أو أقل من العمر في الاقتراع المذكور، بل وظفر بعضهم بمسؤولية تدبير الشأن العام، لاسيما على مستوى الجماعات الترابية الكائنة بمناطق قروية. هذا المستجد السياسي حظي باهتمام نشطاء سلطوا الضوء على هذه الخلاصة التي بلغها مطلب تشبيب النخب السياسية و"التخلص" من المؤسسين، من أجل المضي قدما بالعمل السياسي وإتاحة الفرص للشباب لتولي مناصب المسؤولية. المسؤولية كما هو متعارف تكليفٌ وليست تشريفًا، وتدبير الشأن العام للسنوات الخمس المقبلة ليس من السهولة بمكان، على اعتبار أن المسؤولية ليست ترفا سياسيا؛ بل إنها تقتضي الحنكة والممارسة والتجربة والمعرفة، قصد الرسو بالجماعة ومواردها البشرية والمالية في بر الأمان. وفي هذا الصدد، تساءل إدريس قصوري، أستاذ جامعي ومحلل سياسي، عن المؤسسات والأحزاب التي عملت على تشبيب النخب، وما هي البرامج التي تلقتها هذه النخب في التكوين والسياسية، وما هي الإطارات الحزبية التي سهرت على تكوين النخب وتأهيلها. وزاد قصوري، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "كل المعطيات تُظهر أن الأحزاب لم تشتغل في هذا الإطار"، مشيرا إلى أن "الأحزاب آلة انتخابية ولا تشتغل بالحراك الاجتماعي ولا تؤمن به، وبالتالي لم تفتح أفقا للشباب"، موردا أن "الشباب حتى إن وجد فإنه يستثمر في لحظة من اللحظات وليوضع في الواجهة فقط". الأستاذ الجامعي تابع أن "انتخاب شباب يفتقرون إلى الكفاءة ولا تتوفر فيهم شروط تحمل المسؤولية ضرب للعمل السياسي"، مستطردا أن "الأمور ينبغي أن تكون مؤسسة ومعقلنة ومنهجية ومبنية على تراكمات سنوات من العمل والدربة في مضمار السياسة". المحلل السياسي أضاف أنه "لا يمكن الحديث عن مخرج دون مداخل"، مشيرا إلى "الشباب اليوم موجود لتأثيث العمل السياسي والحزبي ولا علاقة له كقوة لصنع القرار"، متأسفا ل"وجود شباب لا يعرف الدستور ولا فصوله ولا عمل البرلمان بغرفتيه واختصاصات الحكومة وغيرها من أسس العمل السياسي والحزبي".
هذا وأنهى قصوري تصريحه بالقول إن "مشاركة الشباب من هذه الطينة في الاقتراع لن يضيف للمشهد السياسي أية إضافة بقدر ما سيخربه".