دراسة: 45 بالمائة من أرباب المقاولات يعتبرون أن الفساد زاد خلال العامين الماضيين    مجموعة بريد المغرب والبريد البرتغالي « CTT كوريوس» يطلقان إصداراً مشتركاً لطابعين بريديين    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول يرجح ارتفاع سعر الغازوال إلى 15 درهما    تساؤلات حول غياب زياش عن قائمة المنتخب الوطني    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    اليونسكو: الرباط عاصمة عالمية للكتاب    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة المشاركة في مسابقة "Pitch"    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    ذكرى 7 أكتوبر… مسيرات ووقفات بعدة مدن مغربية للمطالبة بوقف العدوان وإسقاط التطبيع (صور)    "دوكفوكس" تكشف تورط مقاولات جنوب إفريقيا في عمليات غسيل أموال    ألمانيا تجدد التأكيد على "الأهمية الكبرى" التي توليها للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    دياز يعود للتدريبات الفردية ويستعد للعودة إلى التشكيلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مجلس جماعة اكزناية يستعرض حصيلة نصف ولايته.. ويصادق بالإجماع على ميزانية 2025    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    الرجاء البيضاوي يتفق مع البرتغالي ريكاردو سابينتوظ لتدريب الفريق خلفا لروسمير سفيكو المقال    وفاة متسابق فرنسي في "رالي المغرب"    شعبوية الرئيس تبون و سقطته الجديدة في قعر التفاهة    فلوريدا تستعد لوصول الإعصار ميلتون "الخطير للغاية"    اتفاقيات شراكة وتعاون بين جهة مراكش آسفي وكينيا لتعزيز التنمية والتبادل الخبراتي    الدار البيضاء: توقيف 4 أشخاص بتهم سرقة السيارات والتزوير واستعماله والنصب والاحتيال    القضاء الفرنسي يحدد 15 أكتوبر موعدا لإصدار قراره حول طلب الإفراج المشروط عن اللبناني جورج عبد الله    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يخوض مبارتين وديتين أمام فرنسا بمركز كليرفونتين        أخنوش: ارتفاع مداخيل جماعة أكادير بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات    بورصة الدارالبيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    وقفة احتجاجية لأرباب المخابز الأسبوع القادم بالرباط    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    المنتخب الوطني يخوض أول حصة تدريبية استعدادا لملاقاة إفريقيا الوسطى    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    مباريات مشوقة في الجولة الثالثة من منافسات كأس التميز    ماسك يؤكد تأييد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية    بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي        إدارة سجن العرجات توضح حقيقة تعرض محمد زيان لنوبات قلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يتفوق على الدول المغاربية في البنية التحتية ويتقدم 6 درجات عالميا    قطاع الانتقال الطاقي سيحدث أزيد من 400 ألف منصب شغل بحلول سنة 2040    اختراع نبات صناعي يولد الكهرباء لشحن الهاتف    القضاء يلزم "غوغل" بفتح المتجر الإلكتروني أمام المنافسة    النفط يرتفع لأكثر من 80 دولارا للبرميل مدفوعا بالتوترات في الشرق الأوسط    أنقرة تتحرك لإجلاء الأتراك من لبنان    تطوان تحيي ذكرى 7 أكتوبر بالدعوة إلى التراجع عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    تعليقاً على قرار محكمة العدل الأوروبية، وما بعده!!    اسئلة وملاحظات على هامش قرار المحكمة الاوروبية    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما حاربت السلفية التقدمية الخرافة والاستعمار في المغرب
نشر في هسبريس يوم 08 - 08 - 2013

السلفيون ‬جماعة ‬مخيفة ‬ومدانة ‬من ‬قبل ‬السلطة، ‬السلفيون ‬متشددون ‬ويحرضون ‬على ‬التكفير والجهاد وإقامة ‬الحدود، ‬السلفيون ‬في ‬السجون ‬وهم ‬ضد ‬أمن ‬البلاد.. ‬تبدو ‬هذه ‬الأحكام ‬مناسبة ‬للتراكم ‬الذي خلفته الحركة ‬السلفية ‬المغربية ‬في ‬العقدين ‬الأخيرين، ‬لكن ‬عن ‬أي ‬سلفية ‬نتحدث.‬
الكثير ‬من ‬المغاربة ‬لا ‬يعرفون ‬أن ‬الحركة ‬الوطنية ‬وأقطاب ‬المقاومة ‬كانوا ‬في ‬عمقهم ‬سلفيين، ‬أو ‬على ‬الأقل ‬تتلمذوا ‬على ‬أيدي ‬رواد ‬السلفية ‬المغربية ‬منذ ‬أزيد ‬من ‬قرن، ‬في ‬وقت ‬كانت ‬فيه ‬السلفية ‬رمزا ‬تنويريا ‬وفكرا ‬تقدميا ‬بامتياز، ‬جعل ‬الوعي ‬المغربي ‬في ‬أقصى ‬درجات ‬مقاومته ‬ومناعته.‬
ضد ‬الخرافة ‬والاستعمار
مطلع ‬القرن ‬19 ‬حاول ‬السلطان ‬المولى ‬سليمان ‬مجابهة ‬عدد ‬من ‬الزوايا ‬والطرق، ‬معتبرا ‬إياها ‬مغرقة ‬في ‬البدع، ‬ومغالية ‬في ‬الانحراف ‬عن ‬منهج ‬السلف ‬الصالح، ‬ومما ‬زاد ‬في ‬انتعاش ‬الوعي ‬السلفي ‬القائم ‬آنذاك ‬على ‬العودة ‬إلى ‬الدين ‬الصحيح، ‬بدايات ‬المطامع ‬الاستعمارية ‬في ‬المملكة ‬الشريفة، ‬وهو ‬ما ‬قوى ‬جبهة ‬من ‬العلماء ‬الذين ‬حاولوا ‬التحصين ‬بالعقيدة ‬الإسلامية ‬والسنة ‬النبوية.‬
أول ‬من ‬صرح ‬علانية ‬بضرورة ‬اللجوء ‬إلى ‬المنهج ‬السلفي ‬كان ‬الفقيه ‬محمد ‬كنون، ‬الذي ‬جاهر ‬في ‬دروسه ‬بتعسف ‬الحاكم، ‬وفساد ‬الطرق ‬والزوايا، ‬وبالرجوع ‬إلى ‬كتاب ‬‮"‬الاستقصا‮"‬ ‬لصاحبه ‬المؤرخ ‬الكبير ‬أحمد ‬بن ‬خالد ‬الناصري ‬السلاوي، ‬نجد ‬نفحات ‬من ‬الفكر ‬السلفي ‬الذي ‬ينتقد ‬الوضع ‬العام ‬في ‬المغرب ‬سياسيا ‬وأخلاقيا ‬خالصا ‬إلى ‬أن ‬العودة ‬إلى ‬السلف ‬هي ‬الحل. ‬
لكن ‬مؤتمر ‬الجزيرة ‬الخضراء ‬سيفرز ‬مطلع ‬القرن ‬العشرين ‬جيلا ‬جديدا ‬من ‬السلفيين ‬الذين ‬سيقتادون ‬بسلفية ‬الشرق ‬الإسلامي، ‬وسيصبح ‬وجودهم ‬قويا ‬داخل ‬المجتمع، ‬وأصبح ‬لهم ‬أتباع ‬وتلامذة ‬ينشرون ‬مقولاتهم، ‬ومن ‬أبرزهم ‬الشيخ ‬محمد ‬بن ‬عبد ‬الكبير ‬الكتاني ‬الذي ‬جمع ‬بين ‬زعامته ‬للطريقة ‬الكتانية، ‬ومساهمته ‬الأصيلة ‬في ‬المطالبة ‬بدستور ‬مغربي ‬ينتقل ‬بالمغرب ‬من ‬نظام ‬تقليدي ‬بدائي ‬إلى ‬ملكية ‬دستورية.
وتبقى ‬النسخ ‬الأولى ‬التي ‬كانت ‬تصل ‬المغرب ‬من ‬جريدة ‬‮"‬المنار‮"‬ ‬هي ‬أول ‬مرجعية ‬سيتأثر ‬بها ‬السلفيون ‬المغاربة ‬الأوائل، ‬إذ ‬كانت ‬هذه ‬الجريدة ‬التي ‬أصدرها ‬اللبناني ‬محمد ‬رشيد ‬رضا ‬أحد ‬أساتذة ‬الفكر ‬السلفي ‬والمعلم ‬المباشر ‬للشيخ ‬حسن ‬البنا ‬مرجعا ‬لهم، ‬وكان ‬الهدف ‬منها ‬هو ‬الإصلاح ‬الديني ‬والاجتماعي ‬للأمة، ‬وبيان ‬أن ‬الإسلام ‬يتفق ‬والعقل ‬والعلم ‬ومصالح ‬البشر، ‬وإبطال ‬الشبهات ‬الواردة ‬على ‬الإسلام، ‬وتفنيد ‬ما ‬يعزى ‬إليه ‬من ‬الخرافات.‬
أفردت ‬المجلة ‬إلى ‬جانب ‬المقالات ‬التي ‬تعالج ‬الإصلاح ‬في ‬ميادينه ‬المختلفة ‬بابًا ‬لنشر ‬تفسير ‬الشيخ ‬محمد ‬عبده، ‬ومقالات ‬لجمال ‬الدين ‬الأفغاني، ‬فظهرت ‬بالمغرب ‬أسماء ‬تتبنى ‬أطروحات ‬الأفغاني ‬وعبده ‬وتدعو ‬إلى ‬الاعتماد ‬الكلي ‬على ‬الإسلام ‬الصافي ‬من ‬أجل ‬التحرر ‬من ‬التغريب ‬والاستعمار، ‬ويقصدون ‬بالإسلام ‬الصافي ‬ذلك ‬الذي ‬ينبذ ‬الطرقية ‬وما ‬وصفوه ‬بالدجل ‬والشعوذة، ‬وإشاعة ‬الروح ‬الخرافية ‬في ‬المجتمع، ‬فقامت ‬الحركة ‬السلفية ‬بالمغرب ‬بالتجند ‬للدفاع ‬عن ‬الإسلام ‬ومحاولة ‬تفسيره ‬عقلانيا، ‬وبشكل ‬يساير ‬روح ‬العصر ‬آنذاك، ‬ويقاوم ‬الآثار ‬المتفشية ‬للثقافة ‬الأوروبية، ‬التي ‬كانت ‬آخذة ‬في ‬اكتساح ‬أجيال ‬صاعدة ‬في ‬البلاد.‬
منابر ‬السلفية
كان ‬الحفاظ ‬على ‬الهوية ‬الاعتقادية ‬والوطنية ‬للمغاربة، ‬السبب ‬المباشر ‬لبزوغ ‬أقطاب ‬السلفية ‬المغربية، ‬وكانت ‬أسماء ‬من ‬قبيل ‬العلامة ‬أبي ‬شعيب ‬الدكالي ‬ومحمد ‬بن ‬العربي ‬العلوي ‬والمختار ‬السوس ‬وعبد ‬الله ‬كنون، ‬تحمل ‬هذا ‬اللواء ‬وتعبأ ‬من ‬أجله، ‬جاعلة ‬السلف ‬الصالح ‬منبع ‬كل ‬إصلاح ‬فردي ‬أو ‬جماعي.‬
فكان ‬الشيخ ‬أبي ‬شعيب ‬الدكالي ‬الذي ‬سافر ‬إلى ‬بلاد ‬المشرق ‬طلبا ‬للمعرفة ‬منارة، ‬يعود ‬إليها ‬طلاب ‬العلم ‬وأتباع ‬الحركة ‬السلفية، ‬ويحكى ‬عنه ‬أنه ‬تتلمذ ‬على ‬أيدي ‬علماء ‬وهابيين ‬كبار ‬عرفوا ‬بتشددهم، ‬قال ‬عنه ‬الشيخ ‬عبد ‬السلام ‬بن ‬سودة ‬في ‬معلمته ‬‮"‬إتحاف ‬المطالع‮"‬، (‬آخر ‬من ‬رأينا ‬على ‬طريق ‬الحفاظ ‬المتقدمين، ‬الذين ‬بلغنا ‬وصفهم، ‬ولولا ‬أني ‬رأيته ‬يملي، ‬لداخلني ‬الشك ‬في ‬وصفهم). ‬كان ‬أبو ‬شعيب ‬الدكالي ‬خطيبا ‬في ‬مكة ‬والأزهر ‬الشريف، ‬ولما ‬عاد ‬اجتمع ‬عليه ‬عدد ‬كبير ‬من ‬الطلاب، ‬يقول ‬المؤرخ ‬محمد ‬زنيبر، ‬‮"‬..‬وأما ‬الدروس ‬التي ‬كان ‬يلقيها ‬بالمساجد ‬الكبرى ‬فإنها ‬كانت ‬تصادف ‬إقبالا ‬كبيرا ‬من ‬الجمهور، ‬ووقع ‬عليه ‬الاختيار ‬في ‬بداية ‬الحماية ‬ليكون ‬وزيرا ‬للعدل، ‬فكانت ‬لديه ‬فرصة ‬لاستعمال ‬سلطته ‬المعنوية ‬في ‬التأثير ‬على ‬عدد ‬كبير ‬من ‬فقهاء ‬المغرب، ‬والإشعاع ‬الفكري ‬لدى ‬جيل ‬من ‬الشباب ‬المتنور ‬في ‬عصره..‬وهذا ‬التجاوب ‬الذي ‬حصل ‬بينه ‬وبين ‬نخبة ‬من ‬المثقفين ‬جعله ‬يحمل ‬اللواء ‬ضد ‬الطرقية، ‬وكان ‬لذلك ‬الصراع ‬بين ‬الاتجاهين، ‬الاتجاه ‬السلفي ‬والاتجاه ‬الطرقي، ‬أصداؤه ‬في ‬الصحافة ‬العربية‮"‬.‬
قطب ‬آخر ‬كان ‬له ‬عظيم ‬الأثر ‬في ‬الوعي ‬السائد، ‬وهو ‬الشيخ ‬السلفي ‬محمد ‬بن ‬العربي ‬العلوي، ‬الذي ‬بزغ ‬نجمه ‬في ‬القرويين، ‬فعين ‬وزيرا ‬للعدل، ‬واستمر ‬في ‬الخطابة ‬وإلقاء ‬الدروس ‬التي ‬تعبر ‬عن ‬فكر ‬سلفي ‬جديد ‬على ‬المغاربة، ‬وتوجه ‬بموقفه ‬الشهير ‬حينما ‬ساند ‬بشراسة ‬وثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال، ‬سنة ‬1944، ‬ودخل ‬في ‬صراع ‬مباشر ‬مع ‬سلطات ‬الحماية ‬وتخلى ‬عن ‬منصبه ‬الحكومي. ‬عنه ‬يكتب ‬الباحث ‬خالد ‬بن ‬عمر ‬الموساوي، ‬‮"‬..‬
كان ‬الشيخ ‬محمد ‬بن ‬العربي ‬العلوي ‬يواجه ‬في ‬مجالسه ‬العلمية ‬العلماء ‬برئاسة ‬السلطان ‬بآرائه ‬الجريئة ‬التي ‬كانت ‬تبلغ ‬حد ‬الصدمة ‬للعلماء ‬المتزمتين. ‬كان ‬مع ‬الحركة ‬الوهابية ‬في ‬الحض ‬على ‬إفراد ‬الذات ‬الإلهية ‬بالتوحيد، ‬وتجريد ‬غير ‬الله ‬من ‬التقديس، ‬سواء ‬أن ‬كان ‬رسولا ‬أو ‬نبيا ‬أو ‬وليا، ‬تضايقتْ ‬من ‬جُرأة ‬هذا ‬الفقيه ‬المدرسة ‬ُ ‬الفقهية ‬التقليدية، ‬وكادت ‬له ‬وتآمرت ‬عليه ‬مع ‬سلطات ‬الحماية، ‬خاصة ‬بعد ‬إعلانه ‬التضامن ‬مع ‬حركة ‬الاستقلال ‬في ‬يناير ‬1944 ‬، ‬فنُفي ‬من ‬الرباط ‬إلى ‬صحراء ‬تافيلالت ‬وعُزل ‬من ‬منصبه ‬في ‬حكومة ‬السلطان. ‬
وإذا ‬كان ‬الفقيه ‬العلوي ‬الثائر ‬قد ‬خاض ‬غمرات ‬السياسة، ‬فإنه ‬لم ‬يتورط ‬في ‬العراك ‬السياسي ‬الحزبي، ‬ولم ‬ينحز ‬إلى ‬فريق ‬عندما ‬انقسمت ‬الحركة ‬الوطنية ‬إلى ‬حزب ‬الاستقلال ‬وحزب ‬الشورى ‬والاستقلال، ‬إثر ‬رجوع ‬الزعيمين ‬الوطنيين (‬علال ‬الفاسي ‬ومحمد ‬بن ‬الحسن ‬الوزاني) ‬من ‬منفاهما، ‬وقد ‬غابا ‬فيه ‬تسع ‬سنوات‮"‬.‬
ولم ‬يكن ‬مستغربا ‬أن ‬يعرف ‬المغرب ‬حركة ‬تعادي ‬السلفية، ‬إما ‬بسبب ‬تضارب ‬المصالح ‬ومحاولة ‬إبراز ‬الولاء ‬للمستعمر ‬بدافع ‬الغطرسة ‬والمكيدة، ‬خصوصا ‬وأن ‬بعض ‬الزوايا ‬في ‬المغرب ‬كانت ‬موالية ‬في ‬السر ‬والعلن ‬لسلطات ‬الحماية، ‬بل ‬منها ‬من ‬كانت ‬تتلقى ‬منحا ‬من ‬فرنسا، ‬أو ‬من ‬وصفتهم ‬من ‬حاربوها ‬عن ‬نية ‬حسنة ‬ورأوا ‬فيها ‬حركة ‬ترجع ‬القهقرى ‬بالتطور ‬الفقهي ‬والعقيدي ‬والعمل ‬على ‬عدم ‬مزج ‬التصوف ‬بالعقيدة، ‬ووصفت ‬مجلة ‬دعوة ‬الحق ‬في ‬عددها ‬الثاني ‬سنة ‬1957، ‬‮"‬إن ‬مهمة ‬الحركة ‬السلفية ‬قبل ‬الاستقلال: ‬مقاومة ‬المستعمرين، ‬وتطهير ‬الفكر، ‬والرجوع ‬بالإسلام ‬إلى ‬عذوبة ‬ينابيعه ‬الأولى‮"‬.‬
في ‬ندوة ‬تحت ‬عنوان ‬‮"‬الحركة ‬السلفية ‬بالمغرب: ‬النشأة، ‬التأثير ‬والحضور‮"‬ ‬في ‬السنة ‬الماضية، ‬وصف ‬أحد ‬شيوخ ‬السلفية ‬المعاصرة ‬بالمغرب ‬محمد ‬الفيزازي، ‬حزبي ‬الاستقلال ‬والعدالة ‬والتنمية ‬بالحزبين ‬السلفيين، ‬وأشار ‬إلى ‬أن ‬مؤسس ‬حزب ‬الاستقلال ‬ورمزه ‬علال ‬الفاسي ‬كان ‬سلفيا.‬
فالسلفية ‬في ‬فجرها ‬بالمغرب ‬عرفت ‬تداعيات ‬كبرى ‬وسط ‬الحركة ‬الوطنية، ‬وكانت ‬مدخلا ‬بالنسبة ‬للكثير ‬من ‬المفكرين ‬والنخب ‬المغربية، ‬من ‬أجيال ‬ما ‬بعد ‬أبي ‬شعيب ‬الدكالي، ‬كالمختار ‬السوسي ‬صاحب ‬كتاب ‬‮"‬المعسول‮"‬ ‬مؤرخا ‬وأديبا ‬وكاتب ‬مقال، ‬فأظهرت ‬الدعوة ‬السلفية، ‬آثارها ‬في ‬مؤلفاته، ‬وعلال ‬الفاسي ‬الذي ‬أراد ‬أن ‬يخط ‬رؤيته ‬الخاصة ‬للسلفية، ‬بشكل ‬منفتح ‬وتدعو ‬إلى ‬الاستفادة ‬من ‬الغرب ‬منهجا ‬ومعرفة، ‬واستعمل ‬في ‬دعوته ‬التحررية ‬الخطاب ‬السلفي ‬لبث ‬روح ‬الوطنية ‬والهوية. ‬
اليوم ‬بين ‬السلفية ‬والسلفية ‬بون ‬شاسع ‬وهوة ‬سحيقة ‬مردها ‬أن ‬سلفية ‬الدكالي ‬والعلوي ‬وعلال ‬الفاسي، ‬كانت ‬تمتح ‬من ‬قضية ‬متجذرة ‬في ‬عمق ‬المغاربة ‬وهي ‬معركة ‬الكرامة ‬والهوية ‬والبلاد، ‬فأخضعوا ‬مبادئها ‬لمغربيتهم ‬وفصلوها ‬على ‬نول ‬خصوصيتهم، ‬أما ‬سلفية ‬اليوم ‬فيبدو ‬أنه ‬لا ‬هوية ‬لها، ‬ولم ‬تنضج ‬بعد ‬أسئلتها ‬وآلياتها، ‬فاستبدلت ‬المغرب ‬بالمشرق.‬ ‬
كتاب ‬‮"‬النقد ‬الذاتي‮"‬ ‬لعلال ‬الفاسي
في ‬كتاب ‬‮"‬النقد ‬الذاتي‮"‬، ‬يستشهد ‬علال ‬الفاسي ‬برواد ‬الفكر ‬الغربي، ‬وفي ‬الوقت ‬نفسه ‬يقارن ‬الفكر ‬الإسلامي ‬بالفكر ‬الغربي، ‬محاولا ‬إيجاد ‬صيغة ‬مثالية ‬للجمع ‬بين ‬تقدم ‬الفكر ‬الغربي ‬وأصالة ‬الإسلام ‬وروحه، ‬فيحاول ‬أن ‬يبين ‬مثلا ‬أن ‬ابن ‬خلدون ‬سبق ‬الغرب ‬في ‬بعض ‬المسائل ‬العلمية . ‬يقول ‬عن ‬كتاب ‬‮"‬النقد ‬الذاتي‮"‬ ‬هشام ‬عابد ‬المفكر ‬الإصلاحي،) ‬‮"‬وفي ‬موقفه ‬من ‬النظرية ‬فهي ‬عنده ‬ليست ‬أكثر ‬من ‬العقيدة ‬في ‬أكبر ‬تجلياتها (‬وهنا ‬يبدو ‬الارتباط ‬الوثيق ‬بين ‬السلفية ‬والوطنية.
(""فالنظرية ‬والإيدولوجيا ‬عند ‬علال ‬الفاسي ‬هي ‬شحن ‬المواطن ‬بالعقيدة ‬والروح ‬الإسلامية ‬حتى ‬لا ‬تتسرب ‬إليه ‬المبادئ ‬الهدامة، ‬بواسطة ‬المتآمرين ‬من ‬الأعاجم ‬في ‬النفوس ‬ك(‬الليبرالية، ‬الاشتراكية)‬، ‬وقد ‬عبر ‬الفاسي ‬بوضوح ‬عن ‬كون ‬الفكر ‬الإسلامي- ‬الديني ‬لا ‬يتعارض ‬أبدا ‬مع ‬الفكر ‬الوطني، ‬بل ‬أكد ‬على ‬ضرورة ‬إعمال ‬الدين ‬في ‬الاقتصاد ‬والإدارة ‬والسياسة ‬والقضاء... ‬باعتبار ‬أن ‬ذلك ‬يصبو ‬بنا ‬إلى ‬الوصول إلى ‬أصلح ‬نظام‮"‬.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.