وُضِعت الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية في موقف حرج أمام الرأي العام الدولي بعد أن تم أخيرا استبعاد بعثة منظمة الأممالمتحدة "المينورسو" من أجل تنظيم استفتاء بالصحراء من التغييرات التدريجية في المهام التي أسندت لعمليات حفظ السلام الأخرى التابعة لمنظمة الأممالمتحدة. ولم تقف الجزائر مكتوفة الأيدي أمام هذا المعطى حيث حاولت جاهدة أن تؤثر على قرار الاستبعاد بدعوى أن عمليات حفظ السلام قد تطورت بشكل معتبر خلال العشريتين الأخيرتين، لكونها "انتقلت من قوات تدخل كلاسيكية إلى بعثات متعددة الأبعاد تنشط غالبا في بنيات معقدة". وتسعى الجزائر إلى أن تتسع مهام حفظ السلام من طرف بعثة المينورسو في الصحراء المغربية لتشمل أيضا مراقبة حقوق الإنسان في هذه المنطقة، غير أن استبعاد بعثة منظمة الأممالمتحدة منذ أيام خلت جعلت الجزائر تبدو كمن تلقت ضربة مؤلمة بمعية البوليساريو. الورقة الحقوقية في مهب الريح ويعلق عبد الفتاح الفاتحي، الخبير المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، على هذا الموضوع بالقول إن جبهة البوليساريو والجزائر فشلتا في المناورة بالورقة الحقوقية، وتبين بأنه لا يمكن الارتهان على مسألة حقوق الإنسان لحل النزاع في الصحراء. وأردف الفاتحي بأنه على الرغم من التحرك القوي لدبلوماسية الجزائر والبوليساريو في الأممالمتحدة لتوسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء، إلا أن "لجنة ال34" المتحدة استبعدت البعثة من أي تغييرات في المهام التي أسندت لها منذ تأسيسها بقرار أممي لمجلس الأمن الدولي رقم 690 في أبريل 1991. واستطرد الباحث بأن هذا القرار كان متوقعا، بعدما كسب المغرب قرار سحب الثقة من روس دون أن يعدل عن قراره إلا بعد ضمانات تجسدت واضحة في تقرير روس الأخير، كالالتزام بمبدأ الحيادية والتراجع عن توجه توسيع اختصاصات بعثة المينورسو، وإخراج المسألة الحقوقية من دائرة اهتمامات روس. ولاحظ الفاتحي بأن اعتبار روس نزاع الصحراء لا يقل خطورة عن التوتر في منطقة الساحل والصحراء في تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، يستبعد حل نزاع الصحراء على أساس حقوق الإنسان، مما يفيد بأن المنتظم الدولي غير منزعج من الوضع الحقوقي في جنوب المغرب، خلافا لما تريد البوليساريو والجزائر ايهام المجتمع الدولي بذلك، بل إن الرأي العام الدولي مقتنع اليوم بأن قضايا حقوق الانسان في المغرب والصحراء أحسن بكثير منه في الجزائر ومخيمات تندوف وفي كل دول المغاربية والعربية. وحول تداعيات فشل رهان الجزائر والبوليساريو على الورقة الحقوقية في الأقاليم الصحراوية، أفاد الفاتحي بأن ذلك سيزيد من تحجيم انفصالي الداخل المرتبطين بأجندة البوليساريو والجزائر، ولاسيما أولئك الدين يتلقون تدريبات في الجزائر لتحريك الشارع داخل الأقاليم الجنوبية في شبه تظاهرات واحتجاجات، تعمل جبهة البوليساريو والجزائر الترويج لها دعائيا بأنها مطالب سياسية وحقوقية. واستطرد المتحدث بأن هذه القناعة الأممية ستدعم محاصرة تحرك انفصالي الداخل، بعد أن تأكد محدودية تعبئتهم للشارع الصحراوي رغم دعواتهم إلى تأجيج الأوضاع في الأقاليم الجنوبية عند زيارة روس وزيارات وفد مؤسسة كينيدي لحقوق الإنسان والعديد من الوفود الأخرى.