يجري المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس، يومي الخميس والجمعة، سلسلة محادثات في مدينة العيون التي وصلها مساء أمس الأربعاء مع فعاليات صحراوية بمقر بعثة الأمم، قبل أن يغادر المدينة يوم السبت المقبل للتوجه إلى مخيمات تندوف. وتنشأ أهمية زيارة روس للمنطقة من كونها الأولى التي يقوم بها روس إلى المنطقة منذ تعيينه في يناير 2009 مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وهي الزيارة التي يتابعها عدد من المراقبين بكثير من الاهتمام، لما قد تترتب عنها من نتائج وتداعيات سياسية تهم مستقبل المفاوضات حول نزاع الصحراء. ومن المرتقب أن تستمر جولة روس إلى شمال إفريقيا وأوربا إلى منتصف شهر نونبر الجاري، ليقدم تقريره في نهاية الشهر ذاته إلى الأممالمتحدة، علما أنه كان من المقرر أن يزور روس المنطقة في شهر ماي المنصرم غير أن سحب المغرب حينها ثقته منه أجّل تلك الزيارة. المس بسيادة المغرب وسألت هسبريس الخبير بنزاع الصحراء والشأن المغاربي عبد الفتاح الفاتحي حول دلالات زيارة روس للمنطقة بعد أن كان المغرب قرر سحب الثقة منه بسبب تقرير له انتقد فيه السلطات المغربية، فقال الفاتحي إن زيارة روس للصحراء تمس برمزية السيادة المغربية على الصحراء. ويشرح المحلل بأن روس يريدها منطقة نزاع دولي، وهو ما يجعل من زيارته نكسة دبلوماسية حقيقية للموقف التفاوضي المغربي، في وقت كانت الدبلوماسية المغربية تنتشي بالتعاطي للإيجابي لعدد من العواصم الدولية مع مقترح منح الصحراء حكم ذاتيا موسعا، ووفر فترة ارتخاء لم يتطور أثناءها الأداء الدبلوماسي المغربي لمواجهة تحدي الورقة الحقوقية، التي تعدد الشوكة التي ستدمي القدم المغربي أثناء انطلاق المفاوضات في الأمد المنظور. وبالنسبة للفاتحي فإن المغرب يوجد بعد فشله في إزاحة روس أمام خيارات صعبة، منها كيف يتم الاحتفاظ بالدعم الأمريكي للموقف المغربي في ظل الحوار الإستراتيجي الأول الجزائري الأمريكي، والعلاقات الدبلوماسية المغربية مع فرنسا الحليف التقليدي في مجلس الأمن فرنسا، خاصة بعد الشروع في عمليات التطبيع مع الجزائر في عهد هولاند، علاوة على تداعيات زيارة روس للصحراء بعد قرار سحب الثقة منه، وانعكاسات ذلك على التقرير الذي سيقدمه إلى الأممالمتحدة مرفقا بخلاصات وتوصيات تقريري مؤسسة كينيدي ووزارة الخارجية الأمريكية التي أكدت عن "انتهاكات" حقوقية في الصحراء. واسترسل الفاتحي بأنه بعد فشل الفريق الدبلوماسي المغربي في إدارة عدة أزمات؛ مثل أزمة "أميناتو حيدر" وأزمة "مخيم اكديم ايزيك" وأزمة "مجموعة ولد التامك"؛ وبعد فشل المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء في تنفيذ أهدافه، وبعد فشل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالعيون في إصدار تقريره الحقوقي، لكل هذه الاعتبارات فإنه يتوقع حصول تداعيات خطيرة على الموقف المغربي في التقرير الذي سيقدمه روس للأمم المتحدة نهاية هذا الشهر، ذلك أنه سبق أن حمل روس المغرب مسؤولية فشل المفاوضات حول الصحراء، وحمله مسؤولية تراجع أداء بعثة "المينورسو" في القيام بمهامها في الأقاليم الجنوبية. "فشل" الدبلوماسية المغربية؟ وسجل الخبير ما اعتبره "تخلفا" في أداء الدبلوماسية المغربية عن التطورات الإقليمية والمناخ الدولي، حيث لم تُبد أية محاولة لاستثمار نقط قوة تحققت بفضل الربيع العربي والإصلاحات الدستورية التي عرفتها البلاد، فضلا عن انهيار أحد أبرز داعمي جبهة البوليساريو معمر القدافي، ثم فقدان منظمة الاتحاد الإفريقي لثقلها السياسي المؤيد لجبهة البوليساريو بإيعاز جزائري. واستطرد الفاتحي بأن الدبلوماسية المغربية لم تستوعب المحددات الجديدة المؤثرة في الرأي العام الدولي، والتي برزت من خلال تخلفها عن الإجابة على القضايا الحقوقية التي غدت لدى المنتظم الدولي أحد أهم العناصر لممارسة الضغط لتليين مواقف الدول، ومنها ما يريده اليوم كريستوفر روس ببعثة المنورسو حيث يراهن عليها لممارسة ضغوط حقوقية على الأطراف لتليين مواقفها، والتقدم خلال المفاوضات غير الرسمية بينها في أفق المرور نحو مفاوضات رسمية تشرف عليها الأممالمتحدة. وتساءل المحلل ذاته إن كانت الضمانات التي قدمها روس للملك، عقب مكالمة هاتفية بينهما في غشت الماضي، تكفي حول حيادية روس ونزاهته، بعدما كان المغرب قد سمع ذات الضمانات من الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تحفظه عليه لارتباطه بالدبلوماسية الجزائرية حيث عمل سفيرا للولايات المتحدةالأمريكيةبالجزائر. ولفت الفاتحي إلى الضغط الحقوقي على الموقف المغربي يتكاثف بتعزيز الخطاب الانفصالي، والترويج لادعاءات الانتهاكات الحقوقية في الصحراء عبر الإعلام الجزائري وإعلام البوليساريو، حيث تم تتويج هذه الاستراتيجية الدعائية بالإعلان عن انطلاق قناة جزائرية "نوميديا نيوز تي في" مؤيدة لجبهة البوليساريو، تصدر على القمر الاصطناعي "النايل سات" من الولاياتالمتحدةالأمريكية، مشيرا إلى أنه أمام كل هذا الزخم الحقوقي والإعلامي الكثيف "يبقى المغرب في موقف المواجه لإرادة المجتمع الدولي حقوقيا".