يعطي استباق بعض المنظمات الحقوقية لاجتماعات أممية ب"تقارير حقوقية" أو رسائل تتضمن توصيات "مخدومة"، انطباعا قويا بأنها تقارير أو رسائل مصاغة لتلبية الطلب، وهو ما يبرز في حالة منظمة العفو الدولي التي سارعت ببعث رسالة الى مجلس الأمن الدولي قبل إصداره لتقريره حول الحالة عن الصحراء لأبريل 2013 تطالبه فيها "بضرورة تولي قوات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء "المينورسو" مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء". وإن كان من الطبيعي جدا أن ترتفع هذه الأصوات الحقوقية بتقاريرها عند قرب إصدار قرار أممي جديد، إلا أن رسالة "الأمنستي" إلى مجلس الأمن كتبت بيد جزائرية وإن كانت تحمل طابعا منظمة العفو الدولية، رسالة جعلت عمل المنظمة مناسباتيا أكثر منه متواصلا لحماية حقوق الإنسان، وهو ما يهز من مصداقيتها كمنظمة دولية مفروض فيها الحيادية، بأن لا تدخل قضايا حقوقية في نزاعات سياسية. وإن كانت مثل هذه المنظمات تدعو إلى احترام حقوق الإنسان وإشاعتها، فإنه بمطالبها هذه تكون قد عملت على تسييس قضية حقوق الإنسان في قضايا صراع إقليمي قديم بين المغرب والجزائر يتجسد في نزاع الصحراء. وهو الأمر الذي لا يمكن أن تأخذ به الأممالمتحدة لكونها تتفهم هذه الخصوصية في ملف الصحراء. وإن يكن لمنظمة العفو الدولي من تقرير دقيق حقوقي حول الصحراء فالأحرى لها أن تدعو إلى إجبارية إجراء إحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف وفك الأسر المضروب عليهم للعشرات من السنين، أو للتسريع بحل وضعيتهم في إطار اتفاقية جنيف للاجئين لسنة 1951. إن ما يبرر ضعف المزايدة بمطلب حقوقي كهذا، لا يستقيم سيما وأن "لجنة ال34" التابعة للأمم المتحدة سبق لها أن استبعدت خلال اجتماعها الأخير بعثة "المينورسو" من أي تغييرات في المهام التي أسندت لها منذ تأسيسها بقرار أممي لمجلس الأمن الدولي رقم 690 في أبريل 1991. إنه بالنظر إلى مثيل هذه الدعوات الموسمية تخلط الدفاع عن حقوق الإنسان بالنزاعات السياسية، ويفقد هذه المؤسسات مشروعيتها في مراقبة حقوق الإنسان بصورة شمولية ومتواصلة غير موسمية أو وقتية تبرز عند مناسبة من المناسبة أو تصدر تحت الطلب. ولا يستبعد أن تكون جبهة البوليساريو والجزائر قد مولت لوبيات متصلة بمنظمات حقوقية لإثارة قضايا حقوقية غير دقيقة بالمطلق، بل إن سياق هذه الدعوات يجعلها ذات نزعة سياسية منها حقوقية. وتكشف أن نتاج اتصالات لوبيات جزائرية لمحاولة إخفاء خيبتها الدبلوماسية في نزالها للمغرب حول قضية الصحراء، وخاصة بعدما أن أعادت فرنسا التأكيد على قوة ومصداقية الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء. وبعد أن عزز المغرب موقفه التفاوضي بعودته القوية إلى الساحة الإفريقية إذ يتوقع أن يبرز ذلك خلال اجتماع قمة ملوك ورؤساء حكومات تجمع دول (س- ص) بالرباط في القادم من الأيام. ولقد سبق للجزائر والبوليساريو أن فشلتا في منازلتهما للمغرب عبر الورقة الحقوقية في تقرير كريستوفر روس لسنة 2012، وخلال الاجتماع الأخير للجنة 34 للأمم المتحدة التي استبعدت المينورسو من أي تغييرات في المهام التي أسندت لها منذ تأسيسها في أبريل 1991. إن دفوعات الجزائر والبوليساريو على وجود انتهاكات الحقوقية في الصحراء، لا يمكن أن تأخذ على محمل الجد لفظاعة ما يجري من انتهاكات حقوقية بالجزائر وداخل مخيمات تندوف، فضلا إلى أن المغرب قدم للمنتظم الدولي سيرورة متواصلة من تطوير منظومة حقوق الإنسان ومنها الإصلاحات الدستورية، والمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان في مدينتي العيون والداخلة، الأمر الذي أشاد به مجلس الأمن كثيرا في تقريره حول الحالة عن الصحراء لأبريل 2012. ٭متخصص في قضايا الصحراء والشن المغاربي