بالنظر إلى ماراكمه الوضع السياسي بالصحراء من توثرات إجتماعية وصل إلى حد الاحتقان السياسي و انسداد الأفق بالنسبة لغالبية ساكنة الأقاليم الجنوبية كنتيجة لسوء التدبير و غياب حكامة جيدة من جهة و الاستغلال السياسوي للنزاع حول قضية الصحراء ، أصبح من اللازم على الدولة مراجعة النموذج التنموي الاقتصادي المتبع في الصحراء منذ 1975 و القائم على الاعانات الريعية و تدخل الدولة الكبير خاصة في مجال الاستثمار العمومي و التوظيف بمؤسسات الدولة . هذا النموذج أبان عن فشله بالنظر إلى النتائج المقدمة و لعل من أهمها إستمرار التوثر الاجتماعي و غياب إندماج حقيقي بين ساكنة الصحراء و الوافدين من الشمال . و لتدارك مكامن الخلل يقترح المشروع الجديد ، و كما تنص على ذلك الورقة الاطار لنموذج تنمية الأقاليم الجنوبية ، إلى تشجيع الاختلاط و تقوية روابط التعاون و غرس الثقة بين مختلف الشرائح الاجتماعية ذات الأصول المختلفة و التوصل بذلك للوقاية من التوثرات الاجتماعية، و تقترح في هذا الاطار ضرورة نهج نموذج قائم على فلسفة الادماج بدل المساعدة و الاعانة مما يشجع على إستقلالية القرار و يحفظ كرامة الأشخاص ، هذا على مستوى التصور العام ، أما من الناحية المنهجية فيقترح المجلس إعتماد مقاربة تشاركية عبر تنظيم جلسات إستماع بعين المكان حيث ستشمل مختلف مدن و أقاليم الصحراء يشارك فيها كل المؤسسات و الفاعلين في مختلف القطاعات. و نظرا للمسؤلية الملقاة على عاتقنا كنواب للأمة و مساهمة منا في إغناء النقاش العمومي السياسي الدائر حول نموذج التنمية بأقاليمنا الجنوبية إرتأينا أن نقدم مجموعة ملاحظات نعتبرها جوهرية لإنجاح المشروع المقترح : 1- إذاكانت الورقة التأطيرية تنص على إعتماد المقاربة التشاركية كمرتكز لتنزيل نموذج التنمية المقترح فإننا نود التنبية على ضرورة الحرص على أن تكون مشاركة حقيقية لمختلف الأطياف الصحراوية لا مجرد مشاركة شكلية صورية بعيدا عن وصاية الدولة و سقف النقاش حتى لا يتم الحجر على مقترحات الساكنة. 2- إن جلسات الاستماع ينبغي أن تراعي حضور النخبة المثقفة و المناضلين السياسيين و النقابيين و الفاعلين المدنيين و مسؤولي الادارات المحلية و أن توفر الضمانات القانونية لحرية التعبير و الإدلاء بالرأي مع ضرورة تضمين ذلك في تقارير معدة من طرف أشخاص يتمتعون بالثقة و الخبرة و الكفاءة. 3- إبعاد كل المشوشات و المعوقات التي قد تحول دون التواصل مع الساكنة محليا من قبيل المزايدات السياسية ، المبالغة في حضور المقاربة الأمنية ، تبسيط فحوى المبادرة و توضيح أهدافها و التركيز على مقترحات و صيغ عملية تخص النهوض بالجانب الاقتصادي و الاجتماعي . 4- الوفاء بالوعود ، فالصحراء تعيش دائما على لغة الأماني من قبيل سنحقق...، سنقوم ...، و التي قد لا يتحقق منها إلا الشيء القليل ، فكثيرة هي الأوراش و المشاريع التي إقترحت من طرف مسؤولين و لم ينفد منها شيء و الأمثلة على ذلك كثيرة ، لذلك لابد من الحرص على الوفاء بالالتزمات و تحديد المسؤوليات بشكل دقيق كضمانة لحسن تنزيل نموذج التنمية المقترح. و تعزيزا للنقاش العمومي و إغناءا للورقة التأطيرية نقترح مدخلين نعتبرهما أساسين للحوار أو التواصل مع ساكنة الأقاليم الجنوبية : 1- إن أي مشروع تنموي بالأقاليم الجنوبية لابد أن يمر عبر تمكين الإنسان من حريته و التعبير عن آرائه بشكل واضح وصريح و تفعيل الديموقراطية كمنهج لدعم خيار المشاركة السياسية و تخليق الشأن العام في إطار تنزيل مفهوم التنمية في بعدها الشامل الذي ينطلق من الانسان و يعود إليه لبناء المواطنة الحقة و ضمان كرامة المواطن و كل حقوقه في العيش الكريم و لتحقيق ذلك لابد من رفع حالة الاستثناء و تطبيق القانون ومحاربة الفساد و المفسدين ومظاهر الاستبداد و اقتصاد الريع و إستغلال النفوذ و التسلط على المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروة و إعمال القانون ودولة المؤسسات. 2- إن نجاح المبادرة مرتبط بشكل أساسي بوجود أبناء الصحراء جميعا في كل مراحل المشروع : تخطيطا و تدبيرا و تقريرا و خاصة منهم أولئك المشهود لهم بالكفاءة العلمية و العملية و بالثقة و حسن السيرة و السلوك. على سبيل الختام : نتمنى أن تجد ورقة الإطار لنموذج التنمية بالأقاليم الجنوبية فضاء مريحا ليتطور النقاش العمومي و تتفاعل ساكنة الأقاليم الجنوبية مع روح وجوهر المبادرة في إتجاه إقتراح بدائل و حلول تكون نابعة من القاعدة الشعبية لمنطقة الصحراء. *نائبة برلمانية حزب العدالة والتنمية جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء