حل وفد وزاري هام يترأسه رئيس الحكومة الأسباني ماريانو راخوي و سبعون مستثمرا إسبانيا يوم الأربعاء الماضي بالرباط في إطار أشغال الاجتماع العاشر بين البلدين، فإسبانيا كما أوردت ABC اليمينية التوجه، ستسهل لجارتها حوالي 400 مليون أورو في شكل قروض على دفعات لتعزيز وتوطيد استثمارات الشركات الإسبانية في المغرب، راخوي أعطى استمرارية للنهج المتبع منذ 2008 والذي كان من ثماره تسهيل قرض بحوالي 500 مليون أورو في الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012، إلا أن الجديد في سياسة الحزب الشعبي هو انفراد الدعم للشركات المستثمرة بالمغرب، ويرى المحللون أن هذا التخصيص نابع من الأزمة الخانقة للاقتصاد الإسباني. شهر العسل الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا -كما قالت EL País - سيؤسس لا محالة لشراكة استراتيجية متينة بين الجارين في مجالات مختلفة. فإسبانيا أصبحت الشريك التجاري الأول للمغرب منذ يناير، وبحارة الأندلس وغاليسيا يستفيدون من اتفاقية الصيد مع السوق الأوروبية بحكم قربهما من المغرب. والجارة الشمالية لازالت تفوز بالصفقات الكبرى بالمغرب في مجال تجديد الطاقة، والمستثمرون الأسبان وضعوا استراتيجية للتعاون الاقتصادي مع المغرب على المدى المتوسط. الصحافة الإسبانية ركزت على الزيارة الهامة لراخوي وأعطتها صبغة الزيارة الاقتصادية بامتياز، أما النزاعات والملفات الشائكة بين البلدين فعليها أن تتجمد إلى حين عودة دفئ الاقتصاد إلى البلدين. اللقاء الثالث بين ابن كيران وراخوي، قبل متم السنة الأولى من ولايتهما، قد يدخل بعض هذا الدفئ للعلاقات بين البلدين وينسي المغاربة سياسة اليمين تجاه المغرب وقضية الصحراء المغربية. في المجال الاجتماعي اغتنم الوفد الأسباني الرفيع فرصة تواجده بأرض التسامح ليخطب ود وزير العدل المغربي للسماح للعائلات الأسبانية بكفالة الأطفال المغاربة المتخلى عنهم، وقد أوردت EL Mundo بأن مذكرة لوزارة العدل المغربي - صدرت بعد طلبات العائلات الإسبانية لكفالة الأطفال- تسمح فقط للمسلمين المقيمين بالمغرب بكفالة المتخلى عنهم، وقد أوردت الصحيفة أن هناك 44 عائلة إسبانية تنتظر الضوء الأخضر لاستكمال كفالة الأطفال، وبالتالي ستكون الزيارة الحالية متنفسا للعائلات لإيصال تظلماتهم إلى وزارة العدل المغربية. الغائب الكبير عن أجندة الاجتماع العاشر هو المهاجر المغربي المقيم بأسبانيا، فأكثر من نصف مليون مهاجر يعاني من البطالة، وقد خرج بعضهم إلى شوارع مدريد في 25 من شتنبر للتنديد بواقعهم المر. بقرة المهاجرين لم تعد حلوبا كما كانت بفعل مرضها العضال، لذا على السلطات المغربية أن تفكر في علاج لعللها، لأنها –كانت حلوبا أم لم تكن- فهي تنتمي لجسد المغرب الحبيب، ومثل هذه الاجتماعات كفيلة بوضع الأصبع على الداء –كما يقول الأسبان-. شجرة الاقتصاد الكبيرة تخفي وراءها غابة من المشاكل العالقة بين البلدين، أهمها ملف الصحراء المغربية الذي لازال بملعب الأممالمتحدة، وإسبانيا لاعب هجومي أساسي على رقعة الملعب، إلا أن الإصابات الأخيرة التي لحقت بها جعلتها تتراجع إلى الوراء، فالاقتصاد الاسباني لا يسمح بالسخاء الحاتمي للانفصاليين، والنزعة الانفصالية الجديدة في كاطالونيا وقبلها إقليم الباسك تنذر الأسبان بويلات دعم الفكر الانفصالية، وبالتالي فربما تكتوي الجارة الشمالية للمغرب بنيران مضادة تدخلها في متاهات قد تعصف بحاضرها ومستقبلها، فحل مشكلة الصحراء المغربية قد يساعدها على حل مشاكل النزعات الانفصالية بها. أضف إلى هذا مشاكل الصيد البحري، والهجرة المتدفقة من جنوب الصحراء، ومشكل الإرهاب، ومشكل سبتة ومليلية، فكلها جبهات ذات إرث تاريخي لا ينسى. فالعلاقات المغربية الإسبانية تنتظرها عقبات كؤود لا بد للعقل أن ينتصر فيها على الأفكار الهدامة ، فالأزمة الاقتصادية قد تكون بمثابة "استراحة المحارب"، فعلى العقلاء من البلدين النظر العميق في طبيعة العلاقة بين الجارين، للتشخيص الدقيق للواقع، والتخطيط الممنهج للمستقبل، فالبلدان يمران بأزمة اقتصادية خانقة والتعاون فيما بينهما سيفيد البلدان كثيرا، خاصة إسبانيا التي فقدت بريقها العالمي وتنتظرها عقود لتحريك اقتصادها الجامد.