زيارة راخوي الثانية للمغرب تختلف عن زيارته الأولى؛ ففي المرة السابقة جاء راخوي إلى المغرب لأن الأعراف الدبلوماسية في إسبانيا، التي تكرست زمن الاشتراكيين، تقتضي أن يقوم رئيس الحكومة الإسباني المنتخب بأول زيارة خارج إسبانيا، وبالضبط خارج بلدان الاتحاد الأوربي، للمغرب. هكذا، مرت الزيارة الأولى كما لو أنها زيارة مجاملة عادية بين الجيران، ولم يكلف أي من الطرفين، المغربي والإسباني، نفسه عناء طرح القضايا الشائكة العالقة بين البلدين. اليوم، يأتي إلينا راخوي مرفوقا بنصف أعضاء حكومته تقريبا، وبينهم مسؤولون يرتبطون ارتباطا وثيقا بالآلة الاقتصادية في بلادهم، وهذا شيء طبيعي لأن إسبانيا تبحث اليوم عن أية قشة تساهم في إنقاذها من الغرق في بحر الأزمة متلاطم الأمواج. لكن المغرب، الذي يمكن أن يكون مساهما في توازن إسبانيا الاقتصادي، عليه أن يضع فوق الطاولة القضايا الحساسة التي توتر العلاقات الإسبانية المغربية على مر الزمن؛ فقبل بضعة أيام طالب راخوي بريطانيا بإعادة صخرة جبل طارق إلى إسبانيا، لكنه صمت بالمطلق عن قضية سبتة ومليلية المحتلتين. وقبل ذلك، كرمت إسبانيا الفيلق العسكري الذي شارك في الحرب على شمال المغرب، وبالضبط الفيلق المشارك في معركة «أنوال» الشهيرة، التي ألحق فيها مقاومو شمال المغرب بالجيش الإسباني هزيمة نكراء. فوق الطاولة أيضا قضايا كثيرة شائكة، مثل قضية الصحراء التي تلعب فيها إسبانيا دورا محوريا، لكنه دور غامض. وهناك أيضا قضية معاناة مئات الآلاف من المهاجرين المغاربة في إسبانيا في ظل الأزمة الخانقة التي تعيشها، وقضايا الصيد البحري والمخدرات والهجرة السرية وأشياء كثيرة أخرى، لأن المغرب لا يجب أن يستمر في لعب دور الدركي الدائم لإسبانيا. إنها قضايا حان وقت طرحها، لأنه لا يجب سلك نظرية «كم حاجة قضيناها بتركها».