ذكر تقرير حديث لشركة "إرنست آند يونغ" للاستشارات المالية والاستراتيجية، أن المغرب يواجه عام 2025 بتطلعات متفائلة مدعومة بسياسات نقدية ومالية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي. وفقاً للتقرير، يُتوقع أن يستفيد الاقتصاد المغربي من انخفاض معدلات التضخم واستقرار الأسواق الإقليمية، لكن التحديات المرتبطة بالاعتماد على العوامل الخارجية، مثل الاستثمارات الأجنبية وأسعار النفط العالمية، تظل قائمة. التقرير الصادر تحت عنون "التوقعات الاقتصادية العالمية: التنقل عبر تيارات متقاطعة في عام 2025″، حمل إشارات إيجابية حول توقعات أداء الاقتصاد المغربي ضمن نظرة شاملة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأظهر تسارعاً ملحوظاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمنطقة ككل، حيث يُتوقع أن يرتفع من 1.9 بالمائة في 2024 إلى 3.7 بالمائة في 2025، مستفيداً من تخفيف مجموعة "أوبك+" للقيود المفروضة على الإنتاج اعتباراً من الربع الثاني من العام الحالي، وهو ما يعزز استقرار أسعار النفط.
وأشار التقرير بوضوح إلى انخفاض التضخم عبر اقتصادات المنطقة، حيث يُتوقع أن يتراجع المعدل العام للتضخم من 6.5 بالمائة في 2024 إلى 5.1 بالمائة في 2025. في هذا السياق، يُعد المغرب أحد الدول التي بادرت بخفض أسعار الفائدة في دجنبر 2024 بمقدار 25 نقطة أساس، وهو إجراء يهدف إلى تحفيز النشاط الاقتصادي وتخفيف أعباء الاقتراض. وبالرغم من الضغوط التضخمية العالمية التي أثرت بشدة على بعض دول المنطقة، مثل مصر التي سجلت معدل تضخم مرتفع بلغ 28.4 بالمائة ، إلا أن المغرب استطاع الحفاظ على استقرار نسبي في الأسعار بفضل سياسات مالية ونقدية فعالة. وأبرز التقرير أن المغرب يحتاج إلى مواصلة جهوده في تنويع اقتصاده وتطوير قطاعات استراتيجية لضمان تحقيق نمو مستدام في مواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي. وأشار إلى القطاعات الواعدة مثل الطاقة المتجددة، السياحة، والصناعات التحويلية التي تستفيد من استقرار أسعار الفائدة وانخفاض معدلات التضخم. كما يُتوقع أن تلعب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر دوراً محورياً في دعم النمو الاقتصادي، خصوصاً مع تحسن أسعار النفط الذي يمكن أن يعزز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات. بالإضافة إلى ذلك، يُشير التقرير إلى أن معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها الإمارات والسعودية، سيشهد ارتفاعاً طفيفاً من 1.7 بالمائة في 2024 إلى 2.3 بالمائة في 2025 نتيجة لزيادة أسعار الإيجارات. وقد يؤثر هذا التطور على حركة الاستثمارات الإقليمية بين المغرب ودول الخليج، مما يُبرز أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك لمواجهة هذه المتغيرات. رغم التوقعات الإيجابية، لا يخلو المشهد الاقتصادي من تحديات، حيث حذر التقرير من أن الضغوط الجيوسياسية وتقلبات الأسواق العالمية قد تؤثر على اقتصادات المنطقة، بما في ذلك المغرب. لذلك، أوصى بضرورة تعزيز السياسات الحكومية التي تستهدف استقرار المالية العامة وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي، بهدف مواجهة أي صدمات خارجية محتملة. من جهة أخرى، يُتوقع أن تُساهم السياسات النقدية التوسعية، مثل خفض أسعار الفائدة، في تحفيز الاستهلاك المحلي والاستثمار، مما يعزز فرص تحقيق نمو اقتصادي مستدام في 2025. كما أن الجهود الحكومية لتعزيز الشراكات الدولية، خاصة مع دول الاتحاد الأوروبي، تُمثل عامل قوة يُساعد المغرب على تجاوز التحديات الاقتصادية الإقليمية. ولفت التقرير إلى أهمية استمرار الحكومة المغربية في تعزيز استقرارها المالي وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي لمواجهة أي صدمات خارجية محتملة، سواء كانت مرتبطة بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة أو بتقلبات الأسواق العالمية. وأشار إلى أن مبادرات الحكومة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي مع دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في دعم الاقتصاد الوطني خلال هذا العام.