تشابكت لحيتاهما اللتان غزاهما الشيب وهما يتبادلان التحية على أرضية مطار الرباطسلا، رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران يستقبل نظيره الاسباني ماريانو راخوي أمس، في أول زيارة للمسؤول الاسباني التي قادته إلى المغرب جريا على العادة التي ترسخت بين البلدين الجارين، أن يزور رئيس الحكومة الاسبانية المغرب كمحطة أولى بعد انتخابه. هي زيارة ليست كغيرها من الزيارات المتبادلة بين المغرب وإسبانيا، إنها تأتي في سياق صعود التوجه المحافظ في البلدين، واستناد الحزب الحاكم في كل من مدريدوالرباط خلفيات دينية. غير أن لحيتا بنكيران ونظيره راخوي، وإن كانتا يرمزان إلى الجانب المحافظ لدى المسؤولين، فإن مرجعياتهما الدينية مختلفة، فالأول تلقى تكوينه الديني داخل تنظيم الشبيبة الاسلامية، ثم حركة التوحيد والاصلاح في ما بعد، أما الثاني فيعد من أشد المؤمنين بأفكار الكنيسة والمقربين إليها بعد تجرية الموت التي عاشها بعد نجاته من حادث سقوط طائرة مروحية كانت تقله في مدريد، لكن أمام محافظة الرجلين يبقى التساؤل الذي يطرح نفسه، هو هل تدفع هذه الصورة المحافظة والملتحية الجاران المغرب وإسبانيا إلى التوتر من جديد؟، هذا في الوقت الذي كان فيه وجود المحافظين في اسبانيا وحده يكفي لإثارة الأزمات، فمابالك بالمحافظين في الضفتين. لكن لاشىء من هذا يلوح في أفق العلاقات الثنائية بين الجاران، فإن الوافد الجديد لقصر المونكلوا بمدريد مهتم أكثر من سلفه بتنمية هذه العلاقات، كما أن تصريحاته تؤكد رغبته المحلة لتطويرها، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بدول جنوب أروبا، ومن بينها الجارة الايبيرية، كما أن اسبانيا تعد ثاني مستثمر في المغرب بعد فرنسا وتسعى الشركات الصغرى والمتوسطة الاسبانية للاستثمار فيه تجذبها في ذلك نسبة نمو بنحو 5 بالمئة في 2011 في الوقت الذي تمر فيه اسبانيا على حافة الانكماش وبمقابل تصريحات رئيس الحكومة الاسبانية التي تصب في خانة تطوير العلاقات بين البلدين تنتصب من الجانب المغربي تصريحات مماثلة لمسؤولين في حكومة عبد الاله بنكيران، فوزير الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني، أوضح في تصريح أول أمس أن زيارة راخوي للمغرب «تشكل فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية»، في الوقت الذي أشار فيه إلي أن اختيار راخوي المغرب لأول زيارة رسمية إلى الخارج يعتبر «مبادرة جيدة». وإذا كان العثماني، قد اعتبر في تصريحاته زيارة المسؤول الاسباني للمغرب، تعد مبادرة جيدة، فإن رفيقه في الحكومة مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، فقد رأى في هذه الزيارة «رسالة قوية وإيجابية تعكس العلاقات الوثيقة التي تجمع بين البلدين» معتبرا أن إسبانيا «شريك اجتماعي واقتصادي مهم بالنسبة للمغرب». ومهما يكن من أمر، تبقى مجرد زيارة بروتوكولية، يجس فيها الرجلان نبض بعضهما البعض في قضايا الصحراء والصيد البحري وسبتة ومليلية المحتلتين والهجرة وغيرهما من قضايا التعاون وحتي التنافر المشترك. لكن، في المغرب كما في إسبانيا، يريد السياسيون للعلاقات بين البلدين أن تحافظ علي الدفئ الذي راكمته في عهد الحكومة الاشتراكية، بل إن المغرب حرص من أعلى مستوى في السلطة علي تقدير زيارة رئيس الحكومة الإسباني، وذلك حين خصه، أمس جلالة الملك محمد السادس باستقبال ملكي بالقصر الملكي بالرباط،وأجرى معه خلاله مباحثات. بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني