بعد أن مر حفل الولاء الخاص بتجديد البيعة لأمير المؤمنين بأمن وسلام في مشهده الحضاري المغربي الجامع بين فضائل الأدب وذاكرة التاريخ ووحدة الجغرافيا ومسالك الشريعة ومعالم الأخلاق وأعراف السياسة ومقتضيات الحداثة، خرجت بعض الأقلام التي كانت تجمع في عباراتها بين الحجاب والنقاب وهي تطعن في مراسيم تجديد البيعة، كما أطلت أقلام أخرى ظلت متخفية في السطوح وهي تترقب المشهد من النوافذ والثقوب، فإن هو مر بسلام هللت وأعلنت ولاءها، وإن هو غاب أو غيب – لا قدر الله- رفعت الشعارات معتبرة ذلك نصرا من إنجازاتها، ولذلك اعتمدنا منذ البدء في ردنا على الالتقاطيين الذين كانت لهم مقاصد الغدر السياسوي واضحة في إثارة التشويش تجاه مسألة تجديد البيعة- اعتمدنا – على تعددية منهجية بدءا بالرد العلمي والشرعي على اللغط الريسوني، لأن الأخير خرج مرتديا الجبة العلمية المتفيقهة في إثارته لمقاصد الغدر السياسوي، الذي ظل يمارس القفز على الحبال بين منطلق وهابي يتحدث عن الركوع، ليعطي للمشهد دلالة الشرك بالله في إطار الركوع لغير الله، وبين منطلق حداثي يتحدث عن الإهانة، وقد عبر الدكتور عبد الله حمودي في تعليقه بأن " الركوع والإهانة أصبح موضوعا ينتهزه الدعويون لتمرير دعايتهم السياسية تحت شعار لا ركوع إلا لله."، وقد أكدنا في ردنا السابق على أن مشروع الأصولية الوهابية تعد أكبر إهانة ومذلة لأنها أكبر قاتل لقيم العدالة والحرية والديمقراطية ولأنها تستهدف إبادة الشخصية المغربية، وهذا نفسه ما نلتقي فيه مع الدكتور عبد الله حمودي في قوله: " إن الأهم في نظري هو بناء المؤسسات الديمقراطية مع فصل السلط وبناء الدولة المدنية التي تحترم الحقوق الفردية والجماعية وتحميها قانونيا واخترت أن أدافع عن نظام الملكية بمؤسسة بنتها الأجيال وتجسد الاستمرارية....، إن الإهانة الحقيقية تكمن في ممارسة الإكراه والعنف ، أي سلب الحرية، هذه هي الإهخانة التي علينا رفضها..."، لكن ما يثير الدهشة والاستغراب هو أن نجد الأستاذ ادريس بنعلي يروج للإصولية من حيث لا يدري بقوله في مقاله: ما جدوى البيعة ؟ " ...لقد سخرت البيعة من قبل المستعمر من أجل مواجهة الحركة الوطنية وقطع الطريق على الحداثيين والتقدميين..."، في حين أن بيعة بنعرفة كانت لضرب البيعة الشرعية، في الوقت الذي كان فيه الوطنيون والحداثيون إلى جانب البيعة الشرعية ضد البيعة المصطنعة ، ولذلك قلنا ونؤكد القول إن تشكيك الريسوني ورجال العدالة والتنمية في البيعة الشرعية كان من أجل ضرب البيعة الشرعية ببيعة أصولية التقاطية ، كما أن مقاصدها الاستراتيجية هي قطع الطريق على الحداثيين والتقدميين المعارضين للأصولية، والذين دافعوا عن البيعة من منطلق معاصر حينما استدلوا بتجارب الملكية في إنجلترا واليابان وتمسكها بموروثها التاريخي وعدم تعارضه مع الخيار الديمقراطي، في الوقت الذي هاجم فيه المتأسلمون البيعة إما علنا وإما سكوتا،وفي جوابنا عن سؤال الأستاذ بنعلي( ما جدوى البيعة ؟) نقول إن جدواها واستراتيجيتها هي تحصين الشخصيةالمغربية في أبعادها الفكرية والسياسية والحضارية من الوباء الأصولي المتأسلم الذي حينما باءت تجاربه في تخريب المغربة من الخارج يعمل الآن على طبخ مشاريع لتخريب الدولة المغربية من الداخل، ولذلك عملنا في تعقب خطابات الريسوني على تتبع دقيق، فكشفنا في منهجنا هذا عن خواءه العلمي الذي جعل إثارته للمسألة أقرب من الفكاهة منها إلى الفقاهة، لتصل إلى فقاعة ينتهي مفعولها ووجودها بانفجارها، كما اعتمدنا التحقيب التاريخي لنجد أن الريسوني لا يؤمن بخصوصية التاريخ المغربي وذاكرة علمائه المجيدة ودور كل ذلك الثقل في التدبير السياسي المعاصر، كما وظفنا أيضا في تعريتنا للبهتان الريسوني المقاربة السياسية، ما دام هو نفسه وجدناه يركب عبارات من قبيل " الربيع العربي والديمقراطية والحرية..."، فكشفنا حينها عن مخالبه وأنيابه الديكتاتورية التي سنها وشحذها بمطارق ديكتاتورية الدولار السعودي، وبتوجيه من غرفة العمليات الوهابية التي وفرت له الإقامة الناعمة هناك طيلة ست سنوات، ليقوم بتزويقها وإخفاء معالم أنيابها بعكار الربيع الديمقراطي، وقد تصدينا للمسألة من منطلق خطورة القضية وجلالة قدرها ضدا على بعض الأصوات التي اعتبرت أن الخوض في النقاش مسألة تافهة ولا تتطلب كل ذلك، فحقا كانت إثارة الريسوني وزملائه من وزراء بنكيران وبرلمانييه إثارة تافهة، لكن أبعاد القضية ومراميها الإستراتيجية كانت خطيرة للغاية، وكانت تتطلب مواجهة شاملة من العلماء والباحثين والسياسيين وفعاليات المجتمع المدني، لأن الأمر كان بمثابة انقلاب عسكري في ثوب ديني يستهدف أمن الدولة السياسي والمدني والحضاري، لقد أرادوا أن يجربوا انقلابهم عبر المس بقضية نعتبرها نواة وطنية مركزية، وأمام خطورة الأمر وجلالة القدر وجدنا أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما : فإما الانخراط في اللعبة والموافقة على الدسيسة القذرة التي دبرها الأصوليون بين الداخل والخارج(حزب العدالة والسعودية) وهيهات لهم ذلك، وإما التصدي لها ومعارضتها وتعرية أخطبوط مكرها ومقاصد غدرها السياسوي والانقلابي، ولذلك اعتبرنا أن السكوت هو موافقة غير معلنة وانخراط في اللعبة القذرة، بل إننا اعتبرنا أن جواب الدكتور يسف أيضا مخجلا وباهتا ، فإذا كان قد اعتبر أن مثيري التشويش هم خارج الإجماع- إشارة للريسوني- فماذا يمكنه القول عن مثيري التشويش من وزراء الحزب الأصولي وبرلمانييه من داخل الحكومة التي يشتغل إلى جانبها؟ وماذا يمكنه القول عن الاستقبال البطولي الذي نظمته حركة التوحيد والتجديد للريسوني مدافعة عنه وعن مواقفه بحرارة بمشاركة مسؤولي الحزب وممثليه؟ ولعل هؤلاء بسلوكهم هذا إما يستبلدون المغاربة ونخبته السياسية، وإما يصرحون بسلوكاتهم الملتوية هذه بأنهم يراوغون من أجل هدم الدولة من الداخل ويعتبرون ذلك تحديا للجميع، كما يقومون بالتخفيف والتبريد بالخطابات الشفوية الفارغة من المضامين في إطار توزيع الأدوار، وفي هذا المسار نجد الحمداوي يطل بقول غريب مستفز متدثر بضلالة عمياء وجهالة جهلاء وغي مؤدي إلى الفتنة وهو يمجد ويرحب في مقر الحركة في استقبالها البطولي لرائد مقاصد الغدر السياسوي المتدثر بدثار الوهابية، ومما جاء في قول الحمداوي:" ...لقد كنت أريد أن يترأس الدكتور الريسوني الحركة حتى لا أترأسها لولاية ثانية، وعكس ما يردده البعض من أن الريسوني قد تأثر بالوهابية ، فهو الذي أثر في السعودية وفي الوهابية بفكره المقاصدي...". أما الدكتور الريسوني فلما واجهناه في تشويشه وفعلته التي يعمل بها وعبرها بنقل الوهابية المأجورة بالدولار من السعودية إلى بلادنا أصبح صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء، فقد سجل خرجة صوتية حركية في هسبريس تحت عنوان " بين المغرب والسعودية" قال فيها : " ...إني لم أعرف المجتمع السعودي، لقد كنت أخالط وأعاشر الأجانب فقط ...، لكن إذا ما قارنا بين المغرب والسعودية فهناك التدين أكثر من هنا ، والفساد هناك أقل من هنا عندنا...." هكذا يبدو لنا من خلال كلام الريسوني وخرجاته ذات مقاصد المكر السياسوي كيف استطاع –وحسب تخريجة الحمداوي- أن يؤثر في السعودية وفي الوهابية، هذا الرجل المقاصدي إذن الذي عاش في كنف البيعة أزيد من ستين سنة ولم تظهر له مقاصدها من أنها كسروية أو قيصرية وغير شرعية (حسب قوله) حتى ذهب إلى السعودية –ولعل هذا مظهر عظيم من تأثير الريسوني المقلوب في الوهابية حسب التخريجة الحمداوية- والريسوني نفسه يصرح بعظمة لسانه في جريدة المساء أنه كانت توجه له أسئلة من لدن السعوديين حول شرعية تجديد البيعة فيقول : " ولا أجد جوابا"، فأين هو بالله عليك تأثير الريسوني في الوهابية السعودية يا سعادة الحمداوي؟ هكذا يحول هؤلاء الفقاهة إلى فكاهة للضحك على المغاربة، وهنا يتكرر السؤال : أين هي مظاهر تأثير الريسوني ومقاصديته في الوهابية؟ أم أن هذه التخريجة الحمداوية ربما تكون معولا جديدا من معاول الهدم الريسوني للحضارة المغربية؟ ولو انتبه لها الريسوني فحتما كان سيوظفها في خرجته في هيسبريس وهو يجيب بلسان متعثر عن مقارنته بين السعودية والمغرب، وهو يقول بأنه مكث ست سنوات في السعودية ولم يعرف المجتمع السعودي، ربما كنا سنصدق هذه الفكاهة لو كان الريسوني هناك في معسكر مغلق مع فيالق طالبان ، لكنه يعود في خرجته نفسها ليطل علينا بفكاهة أخرى يقول فيها: بأن التدين في السعودية أكثر منه في المغرب، ولم يقل لنا كيف أنه لم يعرف المجتمع السعودي لكنه عرف معدل تدينه الفائق معدله على المغرب ، ولم يقل لنا ما معيار هذا التدين الذي يحكم له بحيث وجد مقياسه هناك أعلى منه هنا عندنا ؟هل هو في معدل المنافقة الصورية؟ أم أن قوته في الاستعراضات العضلية والصورية والصوتية و في العيون الدامعة والحناجر الشاخرة بكاء وعويلا إبان قراءة القرآن أثناء الصلوات ، أم هو في عقاب الجلد وتغطية المرأة من النقاب إلى قفازات الأصابع ، وتحريم سياقة السيارة عليها؟ أم هو في أرطال الشعور المكدسة على وجوه تتجاوز تدليها الصدور إلى البطون فوق العباءات الصينية وأنصاف السراويل العارية سيقانها تطبيقا للسنة ؟؟ كما أننا ننتظر من الريسوني أن يحلل لنا ويعلل ما ذهب إليه في أن الفساد لدينا أكثر نسبة منه مما هو موجود في السعودية؟ وحبذا لو قدم لنا الريسوني منطلقاته ومرتكزاته ومعاييره ومناهجه التي بنا عليها هذا الحكم الأعرج، وهو الحكم نفسه الذي كان قد أطلقه طارق رمضان في ندوة في وجدة حينما استضافه مصطفى بنحمزة فيما يسمى ب"مركز الدراسات"، ولما سأله أحد الأساتذة المتدخلين بعلمية صارمة حول ما لديه من إحصائيات وأرقام ومعايير أوصلته إلى هذا الحكم، سحبت من المتدخل الكلمة تفاديا لإحراج المتدخل وبنحمزة مستضيفه، هكذا إذن عودنا الأصوليون المتفيقهون، إنهم يطئون حرمة المناهج العلمية والقواعد الشرعية ليطلقوا أحكاما سياسوية خبط عشواء فمن تصب تمته ومن تخطىء تدخله الفتنة باسم الدين، ولا يحق لأحد مساءلتها ولا مناقشتها لأنها تملك الحقائق المطلقة في الدنيا والآخرة، ولذلك قلنا للريسوني ونكرر له القول: من منطلق ادعائكم الأعلمية والفقاهة اكتبوا بحثا علميا موثقا ومدققا ومحققا في الأمر لأن التخفي خلف الخرجات الصوتية المقتضبة لن يفيدكم في شيء، ونرشدكم من باب التذكير إلى مناهج علمائنا المغاربة الأبرار وهم يفندون الادعاءات الوهابية في بحوثهم المخطوطة ويمكنكم الاطلاع على سبيل المثال لا الحصر على بحوث علمائنا في الصحراء ومنهم سيدي محمد الأمين الشنقيطي في رده على الوهابية والموسوم ب "نثر الورود على مراقي السعود "، وكذا بحوث سيدي عبد الله بن الشيخ الولاتي (ت1330ه) كما عليكم الاطلاع أيضا في الفكر الأصولي ومنهج البحث فيه على كتاب مناهج التحصيل للفقيه سيدي علي بن سعيد الرجراجي الجزولي ( ت633 ه ) ومن أهم ما يمكنكم الاستفادة منه وهو يعوزكم المنهج الفقهي المقارن، في تعقبه لأقوال الفقهاء داخل المذهب المالكي نفسه ومن خارجه أيضا، كما نلمس فيه معالجة أصولية لبعض نصوص المدونة، عن طريق المنطوق والمفهوم والعموم والخصوص.... كما أن تأصيله للخلاف المذهبي والاستدلال له بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصلحة المرسلة ومذهب الصحابي والقواعد الأصولية وغيرها من الأدلة الشرعية، كما يمكنكم قراءة الأعمال المخطوطة لسيدي عبد الرحمن الشنقيطي الذي كان مدرسا بفاس العليا وإماما جليلا في كافة العلوم، كما أنه سيطل سؤال آخر من هذه الاستطرادات ومفاده: هل استحضرتم هذا المورث من هذه الكنوز وأنتم تدونون ما سميتموه" موسوعة قواعد الفقه الإسلامي" والتي أنفقت عليها وزارة الداخلية السعودية ملايين الدولارات لسنوات ونلتم نعيمكم ونعمتكم منها؟ وهلا أجبتمونا عن مقاصد وزارة الداخلية السعودية من هذه الموسوعة؟ مع العلم أن الجواب لم يعد سرا ولم يعد خافيا، بعد أن أكده العلماء الأشراف الذين رفضوا الانخراط في هذه المهزلة من علماء الأزهر والزيتونة ومن المغاربة أيضا لأنهم أدركوا أن مقاصد هذه الموسوعة التي قال عنها بنحمزة رغم أنه لم يرها بأنها سوف تحدث انقلابا في تصريحه للتجديد، فقد كانت مقاصد الداخلية السعودية منها هي العمل على شحذ ونجر ومسخ قواعد الفقه الإسلامي في مذاهبه الأربعة من أجل إزالة كل النتوءات الناسفة والمعرية للوهابية من هذه المذاهب ، والعمل على تطبيع وتكييف قواعد الفقه الإسلامي في مالكيته وشافعيته وحنفيته وحنبليته مع الخروقات التكفيرية الوهابية، وجعل هذه الأخيرة مقبولة ومستأنس بها بعد أن كانت المذاهب الأربعة قد اتفقت على رفض خرافات الوهابية التي ترمي المسلمين بالكفر والشرك والبدع والضلال، فهذه المقاصد إذن أنفقت عليها الداخلية السعودية ملايين الدولارات، وهي التي سنكشف عنها في بحث تفصيلي تشريحي في قراءتنا لما يسمى ب " موسوعة قواعد الفقه الإسلامي" التي رفض العلماء الأبرار الانخراط فيها ، في الوقت الذي حصد منها الريسوني وزملاؤه أكياسا من الدولارات، وتعيينه في جائزة الملك الفيصل، وجلبه دعما ماليا من مجلة " البيان " الوهابية السعودية لعقد ندوة بشراكة مع الحركة تخت عنوان " ربيع القيم" ، ثم القيام بتعبئته من غرفة العمليات هناك ليثير اللغط هنا على مسألة تجديد البيعة، وهنا يتكرر السؤال: ما الذي جعل الريسوني تحت عنوان علمي وفقهي يثير النقاش الجاحد بمسألة تجديد البيعة؟ ويا ليته أثار نقاشا علميا وفقهيا مؤصلا، لأنه اعتمد التهديد والطرق الصوتية السياسوية المتذبذبة، الغريب في الأمر هو أنه حينما كان فيما مضى بعض اليساريين يثيرون النقاش حول المسألة من منطلق علماني، كان يواجهه الريسوني وبنكيران وأفتاتي وبنحمزة وغيرهم من الأصوليين بالقول :" إن هذه الإثارة تستهدف ضرب الشرعية الدينية للدولة المغربية التي يهددها الملحدون والعلمانيون"، لكن الغريب الآن هو أن يثير الريسوني التشكيك في تجديد البيعة لضربها واستهدافها من منطلق ديني فيؤيده في هذا الضرب وزراء بنكيران وبرلمانييه، ويسكت عنه تأييدا مبطنا مصطفى بنحمزه وأصولييه في المجالس العلمية ، ويجب أن نعلم أن هذا السكوت الاحترافي من بنحمزة وأفتاتي ليس جديدا ، بل إنه عريق في تاريخ مقاصد المكر السياسوي الإخواني، ومثال ذلك أنه لما كان القتال يشتد في الساحة الجامعية فيدوم لأسابيع بين فصائل اليسار وميليشيات الإسلامويين فتسيل الدماء وتتكسر العظام، ومن هذه الميليشيات الإسلاموية من كان يجالس بنحمزة في دروسه السبتية في مسجد حمزة، ولم يفت حينها بنحمزة لمجالسيه بأن ما يقومون به من ضرب وجرح تم تتويجه بقتل المعطي بوملي حرام شرعا، ولا يجوز ذلك شرعا ولا من أي باب من الأبواب، وهكذا تتحرك بالسكوت وتتصرف مقاصد المكر السياسوي، وهكذا تنطلق مدافع السيد أفتاتي تحت عنوان محاربة الفساد من الرباط، في حين تسكت فيه مدافعه عن الفساد المتعفن الذي يزكم الأنوف في وجدة، ليزكي في حواره صاحب فتاوي القتل النهاري قائلا " إنه إنسان طيب" لأنه أعانه وحزبه في الانتخابات، كما ظل أفتاتي ساكتا أمام فساد الوالي السابق الإبراهيمي الذي كان ظلا ظليلا لبنحمزة وداعما لحزب العدالة لسكوته عن سرقاته التي كانت بالجملة في تحالفه مع بنحمزة ، فهذا الفساد يقفز عليه أفتاتي من وجدة ليطلق صيحاته في الرباط ، هذه الصيحات التي تقدم له لمعانا وظهورا بارزا لا يقدمه له تصديه للفساد وجدة، وهو ما يبين أن محاربة الفساد في خطاب أفتاتي ما هو إلا رسم تجاري وانتخابي لإشهار مجاني وتوظيف سياسوي، فلماذا لا يحارب أفتاتي الفساد العقاري بدءا بالجامعة التي يشتغل بها، ذلك أن الكل يتحدث عن الاختلالات المالية بتجزئة المنار بسيدي معافة بوجدة التابعة للجمعية الاجتماعية بكلية الآداب بوجدة، فلماذا يسكت أفتاتي عن سرقات أعضاء المكتب وتجاوزاتها التي لم تعد خافية على أحد(سبق للجريدة أن نشرتها بتفصيل) ولعل الجواب واضح أيضا ، وهو لأن أعضاء المكتب ورئيس الجمعية من زملائه الأصوليين الداعمين لحزبه ومن مريدي شيخه مصطفى بنحمزة والذي فوتت له بدوره 6000 متر من أراضي الحبوس لبناء ما سمي بمركز الدراسات وبأموال وقفية وتفويته لجمعية تحت تدبيره ونفوذه لنشر الفكر الأصولي بقوة أكبر. ولدعمه الانتخابي لحزب العداالة والتنمية بأساليب غير مباشرة وإستراتيجية، وكان هو ومركزه من الساكتين المؤيدين للطعون الريسونية والأفتاتية الموجهة لتجديد البيعة، وصدق الله العظيم في كتابه العزيز إذ قال: " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"